Saturday 26 January 2013

حقوق المرأة السعودية تتناثر بين فتاوى التحريم والتحليل


(موقع الأميرة  غير مسؤول عن النص ومضمونه)
حقوق المرأة السعودية تتناثر بين فتاوى التحريموالتحليل
تعيين ثلاثين امرأة في مجلس الشورى كان من ضرب الخيال قبل سنوات، لكنه أصبح حقيقة بقرار ملكي ودعم من رجال الدين والاعلام.
"ميدل ايست أونلاين" First Published: 2013-01-26
لندن - أصدر الملك عبد الله بن عبد العزيز قراراً اعتبر تاريخياً في تاريخ المملكة العربية السعودية بخصوص المرأة، وتمثيلها في السياسة، مع أنها مازالت ممنوعة عرفياً، وبالتالي دينياً، من قيادة السيارة!
فقد عُينت ثلاثون امرأة في مجلس الشورى، وهنَّ من ذوات الثقافة والاختصاص، ومن مختلف شرائح المجتمع السعودي، أي ان التنوع روعي إلى حدٍ ما، فبينهن شيعية مِن المنطقة الشرقية، وهي صاحبة اختصاص أيضاً، وكذلك روعيت المناطق.
صحيح أن مجلس الشورى ليس صاحب قرار أو تشريع، إنما تأسس للمشورة وما زال كذلك، ولكن بالنسبة للمرأة أن تحتل ثلاثين معقداً من بين 150 مقعداً أمر يُنسي مهام هذا المجلس، إنما ينظر إلى محاولة مساواتها بالرجل، فالحديث النبوي الخاص بالولاية، رغم ضعفه من ناحية مناسبة قوله وقصته لأنه قيل عند تحرك أم المؤمنين عائشة إلى البصرة، إلا أنه معتمد عند رجال الدين وبقوة عندما يتعلق الأمر باشراك النساء في السياسة، كونه مرحلة إلى الولاية، وعلى الخصوص أن الملك عبد الله قد أصدر قراراً سابقاً أجاز فيه مشاركة المرأة في المجالس المحلية.
غضباً من قرار مشاركة النساء في مجلس الشورة تجمع عدد محدود من السلفيين، من شباب وكهول وهم رجال دين، أمام الديوان الملكي، محتجين على هذه الخطوة على أنها ضد الدين، ولا يجوز ولاية المرأة لشأن عام، غنما لها بيتها وأولادها، وطلبوا مقابلة رئيس الديوان الملكي خالد التويجري، لكن طلبهم رفض، ووقفوا لساعات حتى تركوا المكان بلا عنف ضدهم.
لهذا سعت الصحافة السعودية إلى أخذ رأي علماء الدين بشكل واسع، وليدلوا بدلوهم في هذا القرار، وجاءت التصريحات مؤيدة، وتحدثوا عن السيدة خديجة وكيف كان النبي يأخذ رأيها ويشاركها في أمر الدعوة، وأنها كانت وراء شد أزره في الدعوة وشاركته فيها. وآخرون تحدثوا عن دور المرأة في الإسلام وأتوا بأحاديث وروايات اعتماد النبي والخلفاء من بعده على النساء في أمور الحسبة وغيرها.
إن اختلاف مواقف علماء الدين في شأن المرأة ينطلق من الدين، في الرفض والتأييد، فهناك أحاديث ووصايا وآيات تمنع المرأة من أن تكون جزءا من الشورى أو القرار السياسي، وهناك ما يمكن إجازة ذلك، بمعنى أن الموقف الديني تجاه العديد من القضايا له وجهان، وبذلك تكون الظروف والقرب والبعد من السلطة هو الذي يتحكم في الأمر.
من الممكن أن رجال الدين أنفسهم الذين أيدوا القرار، في لحظة سابقة لم تكن فيها السلطة جاهزة لإعلان مثل هذا القرار، سيلجأون إلى الأحاديث والآيات التي تؤكد قوامة الرجل على المرأة، ويأتون بنصوص وممارسات تلجأ إليها السلفية للمنع أو التأييد.
هذا ما يتحدث به السعوديون في منظار أن يكون الدين في قيادة المجتمع، لكن دولة مثل المملكة العربية السعودية نشأت على أساس الدين، في مراحلها الثلاث، وهو التفاهم بين آل الشيخ وآل سعود فكانت الدولة، وأن المذهب الحنبلي هو المعتمد بصيغته الوهابية السلفية، فمن الصعوبة التقدم بقرارات مثيرة، إذا لم يؤخذ فيها التدرج، أو محاولة تحييد السلفيين التقليديين والحركين.
وبذلك تزامنت مع هذا القرار تغييرات في هيئة الإفتاء العليا للدولة السعودية، لأن هناك مَن لا ينسجم مع مثل هذا القرار، فالموقف من المرأة يعتبر موقفاً حرجاً عند رجال الدين، وبعد نحو قرن من الزمان، لم يُسمح بظهور وجه المرأة في وسائل الإعلام أو في الأماكن العامة، وإذا بقرار يفاجئ السلفية المتشددة بدخول النساء إلى مجلس الشورى، ونيابة الوزارة، والسماح بالحديث عن المطالبة بقيادة السيارة.
يرى مراقبون أن الدولة السعودية تقف موقفاً حرجاً وتاريخياً بين أرثها السلفي والتطور الإقليمي والدولي بل والداخلي أيضاً، فمن غير المعقول، أن يكون هذا العدد الكبير من النساء في المؤسسات العلمية والأكاديمية، ومبتعثات للدراسة في الخارج، وهنَّ لا يساهمن في القرار السياسي، ويُمنعن من قيادة السيارة، تحت مبرر هناك أحاديث ووصايا تميز النساء بقلة العقل وضعف الدين، وتحت تأثير أشد لمقولة مشهورة في السعودية، وتُقال بتهكم "سداً للذرائع"، وهي أن مشاركة المرأة السياسية يعني خروجها من بيتها، مثلها مثل قيادة السيارة، ستكون باباً للمفاسد، بينما المجتمع يتحرك ويتصل بما حوله من المجتمعات، وهنا لرجال الدين كلمة، لكنهم عندما يريدون تحقيق أمر ما يظهرون مرونة الدين، بينما يظهرونه صلباً متشدداً إذا أرادوا أمراً آخر!

No comments:

Post a Comment