Monday 25 May 2009

الفساد والإفساد

عندما أتحدث عن الفساد عامة ، فإنني أتطرق إلى عالم بأكمله، فلا يوجد على وجه هذه المعمورة منطقة لا يوجد بها هذا الداء . فهو موجود في حياتنا في كافة مجالات التعامل الشخصية والاجتماعية والإدارية .منذ بدء الخليقة ونحن نحارب الفساد ، فها هو أبونا آدم عليه السلام قد سمح للشيطان أن يفسد عليه عيشته الرضية في الجنة ، وبها بدأت قصة كفاح طويل بين بني آدم وبني الشيطان . لننظر لواقعنا الأليم ، هل توجد في مؤسساتنا ( إلا ما رحم الله ) جهة لم يستشرِ فيها الفساد ؟ هل يوجد بيت لم تتغلغل به خيوط الشيطان من فتن داخلية وخارجية ؟ فهذا واقع ولا بد من رؤيته بكل وضوح، والاعتراف به بكل صدق.أما الإفساد فهذا موضوع آخر وأخطر من الأول ، فالإفساد هو وجود النية للتخريب المقصود للآخر ، وهم الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في المجتمع ، وهم المفسدون .وهنا الحديث يطول ويتشعب ، وأعني وبكل صراحة قنوات التلفزة العربية التي بعضها تبث من قبل بعض أبناء وطننا لإفساد أبناء الوطن العربي وعولمتهم ، عندما أتأمل هذه القنوات أشعر وكأنهم يتسابقون على من يقدم الأقبح ، والأفظع ، والأجرأ .ونحن لا نحرك ساكنا نتشرب الفساد مثل إسفنج البحر بدون تعليق . . . من المسؤول عن إفساد مجتمعاتنا الإسلامية والعربية؟فها هنا يوجد فارق شاسع بين أن تبث أفلاما خليعة وبرامج سفيهة ، ومسلسلات فاسقة عبر قنوات أصحابها مسلمون متعلمون ، معروفون اجتماعيا ، لهم مواقعهم في المجتمع الدولي ، ويتحملون مسؤولية فساد مجتمعات إسلامية بأكملها وأجيال ناشئة وصاعدة حول العالم ، بل أجيال سابقة لم تكن ترى وتسمع وتعي بأن يوجد في هذا العالم فساد أكبر من استيعابهم للأمور ، فهي مفسدة للدين والدنيا ، وبين قنوات يهودية أمريكية مبدأها وعيشتها وواقعها هو الفساد بكل ألوانه وأطيافه .تخيل عزيزي القارئ أن رجلا في أعلى جبال تهامة ، لا يعرف من الدنيا إلا جبله وربه وعمله . . في الخلاء يتعرض لمشاهدة ما تبثه هذه القنوات من أفلام ومسلسلات وبرامج تهيج شهوات لم تكن لديه ولم يعرف بوجودها ، تخيلي عزيزتي القارئة الزوجة والأم والأخت أو الابنة أن تتعلم مبادئ حياتها من المشاهد الساخنة والمبادئ المبتذلة والعادات الفاجرة ومشاهداتها البذيئة لهذه القنوات ، التي تعتبر في مجتمعاتنا الآن شرا لا بد من وجوده، تخيل أن بكبسة زر تنتقل من رقص وخلاعة إلى قناة دين تابعة لنفس المالك ؟ فهذا دليل على الازدواجية وتمرير رسائل إفسادية للمسلمين بان تقدر أن تكون فاسدا ومفسدا ومتدينا في وقت واحد. صدق الرسول الكريم حين قال: إن الإسلام بدأ غريبا ، وسينتهي غريبا . للأسف يوجد انفصام بين قناعاتنا وأفعالنا ، فقناعتنا هي بالدار الآخرة، لكن أفعالنا أكثرها للدنيا ، ولم يكن عند أسلافنا هذا الانفصام ، فقناعاتهم كانت للآخرة وعملهم كان لها، ويرون أن ذلك عين العقل والحكمة ، قال مالك بن دينار: لو كانت الدنيا ذهبا يفنى، وكانت الآخرة خزفا يبقى لوجب على العاقل أن يختار الخزف الباقي على الذهب الفاني ، كيف إذا كانت الدنيا هي الخزف الفاني والآخرة هي الذهب الباقي ، بهذه النظرة الصحيحة إلى الدنيا والآخرة صلح حال أسلافنا فصلحت لهم الدنيا وانقادت لهم الأمم .
همسة الأسبوع:
القابض على دينه كالقابض على جمر.

Monday 18 May 2009

الوزير والقبعة

طالعتنا الصحف منذ أسبوعين بصورة لمعالي وزير العمل الدكتور! الشاعر! الدبلوماسي! الروائي! والمؤلف السعودي المعروف، كما وصفته جريدة الشرق الأوسط في مقابلة مع «أبي يارا» كما يحب أن يسمي نفسه في يوم الخميس 7/5/ 2009 وهو يرتدي قبعة ماكدونالدز فوق غترة معاليه، كأنه في إعلان لمطاعم ماكدونالدز، كما تفضل أيضًا أبو سهيل بالعمل لدى فرع فدركرز في جدة العام المنصرم لابسا ثياب العاملين في هذه السلسلة الأمريكية من المطاعم، كما تشرفنا برؤية وسماع معالي الوزير في اليونسكو في تعليقات عن السعودة والعمل، كما تفضل أيضًا معاليه بمقابلة صحفية عن عدم رضاه أو بالأحرى تمنياته بأن السعودي لا يجب أن يمسك إلاَّ أعلى المراتب في سلم الوظائف.إشارات مختلفة يبثها معالي الوزير عبر وسائل الإعلام، فتارة ينادي بالسعودة، وتارة يرثي أحوال السعوديين والأمة العربية، وتارة يسوق لبعض الشركات الأجنبية بارتدائه القبعة والمريول، فأين المعادلة الصحيحة يا معالي الوزير؟وما معنى تصريح الوزير في جريدة الشرق الأوسط أن الأدباء الموظفين أنتجوا أضعاف ما أنتجه الأدباء المتفرغون، وأين هذه الإحصائية؟ وقد تطرق معاليه في نفس المقابلة لسياسات الدول العربية والقضية الفلسطينية وانتقد «العقول العربية المتحجرة» بقوله لعلهم بانتظار تأنيث المحلات النسوية، كما رشحت يا معالي الوزير العاصمة الصومالية مقديشو كأقوى العواصم العربية التي يمكن أن تعطي للعروبة شكلها في هذا الزمن الذي وصفته بالزمن العربي المرهون، ساخرًا من العرب (الذين أنت منهم) معتبرًا أنهم ربما ينتظرون تأنيث المحلات النسوية حتى يمكنهم تغطية عروسهم القدس، على ذمة المحاور!فأين عاصمتك يا معالي الوزير الرياض لم تخترها؟ ومبادرات الملك عبدالله التي لم يسبق لها أي رئيس أو ملك في هذا الزمن؟ والحلول والإصلاحات التي أرساها الملك منذ بداية حكمه؟ والنجاة من الأحوال العالمية التي طالت كل بلد عربي؟ فبفضل الله ثم حكمة مليكنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، وولي عهده، والنائب الثاني، انتصرنا على الإرهاب، وكنا قدوة تطلب فيها الدول جمعاء بما فيها الولايات المتحدة الخبرة والمساعدة والنصيحة التي طبقناها في بلادنا، ألم يكن من الطبيعي والإنصاف والولاء والحقيقة أن ترشح عاصمتنا ودولتنا وقائدنا؟ المشكلة أن الوزير انشغل بالإعلام وانشغل الإعلام به، فلا يكاد يمر أسبوع إلاَّ وهو متصدر الصحف بلقاء أو تصريح أو حوار أو قرار، فهل يبقى لدى الوزير وقت للتخطيط أو للدراسة؟ أم لديه فريق عمل متكامل ينفذ ويعمل ولكن لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم؟واقعنا لا يحتمل التأجيل، وأعمال المواطن متعطلة، والبعض يعيش ويرى ويتنفس الشعر والثقافة.أتمنى أن تخطو خطوة كبيرة في مجال العمل، كما في الشقيقة البحرين حيث أقر وزير العمل البحريني نظام العمل الجديد، وهو نظام يدرس منذ العام 2004 بين وزراء العمل في الخليج، وهو إلغاء نظام الكفيل، إنفاذًا لتوصيات مجلس حقوق الإنسان، وذلك لإلغاء السيطرة على العمالة ومعاملتهم كمقتنيات شخصية، وإلغاء ظاهرة العمالة السائبة، وإلغاء المتاجرة بالتأشيرات، وإلغاء تحكم وزارة العمل في العباد. فهذه خطوة جريئة تحقق بها المصالح الوطنية أهدافها وتلغي بها المصالح الشخصية للمتاجرين بالفيز والبشر، فيوجد في طيات ملفات حقوق الإنسان يا معالي الوزير تقارير مخزية عن حالة العمال في هذه المنطقة، فكيف بحال المواطن الذي لا يوجد له تقرير إلاَّ في أدراج الوزارات إلى أجل غير مسمّى؟ فالسعودة والمواطنة والعمل لا تتم إلاَّ بجهود الجميع، لا بكلمة أو سبق صحفي أو بقصيدة شاعرية.

Monday 11 May 2009

المرأة

عندما خلق الله تعالى المرأة خلقها من ضلع أعوج لتوأمها أبينا آدم عليه السلام، فإن جئت لتصلح هذا الضلع كسرته، وإن تركته فمن اللازم قبوله على ما خلقه الله تعالى عليه. المرأة وشجونها، وقضاياها، ومسؤولياتها، ودورها كلها مسائل كانت دائمًا طريقًا شائكًا في كافة العصور، لا يسلكها إلاَّ كلُّ شجاع مقدام. وأفضل مَن فهم المرأة وتكوينها هو رسولنا المصطفى صلى الله عليه وسلم، فقد أوفى كرجل ونبي صلى الله عليه وسلم بشرح مفصل لما عليه المرأة من خلق وتكوين ومشاعر. فمن أقوال الرسول عليه السلام «رفقًا بالقوارير»، و«خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي»، وفي حديثه صلى الله عليه وسلم عن مبشرات الجنة ونعيمها النساء، كما أن من أفضل نعم الله سبحانه وتعالى في الجنة النساء، فقد وعد الله الصالحين بالفوز بأفضل نساء من الحور العين، ونساء الدنيا الصالحات في عدة مواضع من القرآن: (وعندهم قاصرات الطرف أتراب)، (وزوجناهم بحور عين). فقد سألت أم سلمة يا رسول الله، أنساء الدنيا أفضل أم الحور العين؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل نساء الدنيا أفضل من الحور العين كفضل الظهارة على البطانة. فقالت أم سلمة: يا رسول الله وبمَ ذلك؟فقال صلى الله عليه وسلم: (بصلاتهن وصيامهن وعبادتهن الله ألبس الله وجوههن النور، وأجسادهن الحرير، بيض الألوان، خضر الثياب، صفر الحلي، مجامرهن الدر، وأمشاطهن الذهب، يقلن نحن الخالدات، فلا نموت، ونحن الناعمات، فلا نبأس أبدًا، ونحن المقيمات فلا نظعن أبدًا، ألا ونحن الراضيات فلا نسخط أبدًا، وطوبى لمن كنا له وكان لنا) قالت أم سلمة: يا رسول الله، المرأة منا قد تتزوج الزوجين والثلاثة والأربعة، فتموت فتدخل الجنة، ويدخلون معها، فمن يكون زوجها؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: يا أم سلمة إنها تتخيّر، فتختار أحسنهم خلقًا، فتقول: يا رب، إن هذا كان أحسن معي خلقًا في دار الدنيا، فزوجنيه. يا أم سلمة إن حسن الخلق، بخير الدنيا والآخرة. ذكره الطبراني في المعجم الكبير الحديث 23 /870 مأخوذ من النهاية في الفتن والملاحم ص 280 للإمام الحافظ ابن كثير الدمشقي. فلنقرأ ونتمعن ونتدبر هذه المعاني الرائعة، ولتستيقظ كل امرأة مؤمنة على هذه الأرض، وتعرف أنها الجائزة الكبرى في الحياة الخالدة، إن أحسنت مسيرتها بما يرضي الله تعالى لا بما يرضيها، وليفهم كل رجل مؤمن قيمة أمه وزوجته وابنته وأخته وزميلته في العمل، إنها أخت له في الإسلام، ومكانتها في الجنة، فقد أعطاها الله أن تختار من أحسن الرجال عندها خلقًا، ورعاية لها في الدنيا أن يبقيا معًا في جنة الخلد. وهنا فليتسابق المتسابقون لإرضاء المرأة حسنة الخلق ولتتسابق الأمهات في تربية بناتهن على تقوى الله عز وجل، وأبنائهن على صيانة وحفظ زوجاتهم ومعاملتهن كدرر ووسائط للوصول إلى الجنة، والآباء ليكونوا خير مثال لأبنائهم وبناتهم في حسن المعاشرة الزوجية، وأن يكونوا مسؤولين مسؤولية تامة عن مسيرة فلذات أكبادهم، فالكل مسؤول أمام الله عز وجل عن هذه المسؤولية، حيث ستشهد أيدينا وأرجلنا وجلودنا وأسماعنا وأبصارنا عمّا كنا نعمله في هذه الدنيا، فليعمل العاملون، فالجنة ستقول هل من مزيد، والنار ستقول هل من مزيد؟
همسة الأسبوع“كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته”.

Monday 4 May 2009

إرضاء الناس غاية لا تدرك

تطالعنا الصحف اليومية والوسائل المرئية والشبكة العنكبوتية بمشاكل محلية وعالمية لا تشبه بعضها البعض البتة . فما عند حضارة وشعب ذي ملامح معينة وديانات متعددة وأصول مختلفة ، تتراوح مشاكلهم واحتياجاتهم وقابليتهم لتفهم مشكلة دون أخرى أو قبول وضع دون آخر .«وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا « صدق الله العظيم،
فلماذا نحاول ونجاهد يوميا أن نكون الأفضل شهرة عند الناس بما يرى الناس ويتقبلون ويريدوننا أن نكون نسخة مطابقة لما يشتهون أن نكون عليه وكما يفكرون وننظر بنظرتهم للخير والشر والحلال والحرام ؟
فحتى في ديننا الحنيف نرى تصادما عنيفا بين تطبيق وفهم هذه الآية من تلك من قبل المذاهب المتعددة والأطياف المختلفة من المدارس الفقهية . نعود مرة أخرى بأننا خلقنا لنكون مختلفين عن الآخر لتتلون الدنيا وتشبع رغبة ونفسية الإنسان الذي خلق عجولا ، فهنا لنستعد للعودة إلى الوراء أو للبداية ، فعندما بدأ الله سبحانه خلق الكون لم يخلق شيئا واحدا ولكن أشياء لا تتشابه بالشكل أو بالصفة ، فقد خلق الله كل شيء حي من أصل واحد هو الماء ، ومع ذلك تنوع خلقه فهذا إنسان وذاك حيوان وتلك شجرة ولا تتشابه المخلوقات حتى في التوائم الذين يخلقون متشابهين فلابد من الاختلاف ، فلماذا نسعى أن نتشابه ؟ لماذا نسعى إذا في هذا العصر أن نكون كالإنسان في الغرب أو الشرق ؟ أن تكون قصات شعرنا متشابهة ؟ ونريد لهندامنا أن يكون مطابقا لما تطلقه مؤسسات الموضة العالمية ؟ ماكياجنا يجب أن يكون بلون معين لهذا الصيف؟ سياراتنا المفروض أن تكون موديلا معينا لأكون من هذه الطبقة أو تلك ؟ بيوتنا مصممة لهذا الفصل بهذه الألوان وهذا التصميم ؟ طبقاتنا نريدها متساوية لا نرضى بواقعنا ؟ نريد أن نكون مثل هذا أو ذاك ، تكون أصواتنا جميلة مثل هذه المغنية ، تكون صورتنا وملبسنا مثل هذا العارض ووسامته ، بل نريد واقعنا مثل هذا المسلسل التركي أو ذاك المسلسل الأمريكي . أن تكون صحافتنا مثل تلك الصحافة الصفراء أو هذه الصحافة الرصينة ، أن تكون حكومتنا مثل تلك الحكومة الغربية أو تلك الحكومة الشرقية ، أن تكون مؤسساتنا وتعليمنا وتجارتنا مثل هذا المثال أو تلك التجربة ؟ فإلى متى سننجر إلى هاوية إرضاء الآخر ؟ وهنا نطرح السؤال من هو ذاك الآخر ؟ أهي تلك الحكومة الغربية؟ أو ذاك المثال الأمريكي؟ أو تلك التجربة الماليزية؟ فكل حضارة لها تجاربها وخصوصيتها ، ولكن مع العولمة وانفتاح الاقتصاد العالمي وتجربة الإعلام المفتوح فالكل يحاول جاهدا أن يصبح مثل الآخر ، باللون والصورة والمنهاج والمثال ، هنا تضيع الهوية وتتلاشى الفروقات التي جبلنا عليها خالقنا ، فقد خلقنا طبقات ودرجات ، فلماذا لا نرضى بالفطرة ؟ والاقتناع بهويتنا والحفاظ عليها والتمسك بأعظم هبة أعطانا الله إياها في هذا العالم وهي الإسلام والقرآن ونرضي ربنا أولا ثم أنفسنا ثانيا؟
همسة الأسبوع
لنختلف بالاجتهاد .. ولنتشابه بالعمل الصالح.