Monday 18 May 2009

الوزير والقبعة

طالعتنا الصحف منذ أسبوعين بصورة لمعالي وزير العمل الدكتور! الشاعر! الدبلوماسي! الروائي! والمؤلف السعودي المعروف، كما وصفته جريدة الشرق الأوسط في مقابلة مع «أبي يارا» كما يحب أن يسمي نفسه في يوم الخميس 7/5/ 2009 وهو يرتدي قبعة ماكدونالدز فوق غترة معاليه، كأنه في إعلان لمطاعم ماكدونالدز، كما تفضل أيضًا أبو سهيل بالعمل لدى فرع فدركرز في جدة العام المنصرم لابسا ثياب العاملين في هذه السلسلة الأمريكية من المطاعم، كما تشرفنا برؤية وسماع معالي الوزير في اليونسكو في تعليقات عن السعودة والعمل، كما تفضل أيضًا معاليه بمقابلة صحفية عن عدم رضاه أو بالأحرى تمنياته بأن السعودي لا يجب أن يمسك إلاَّ أعلى المراتب في سلم الوظائف.إشارات مختلفة يبثها معالي الوزير عبر وسائل الإعلام، فتارة ينادي بالسعودة، وتارة يرثي أحوال السعوديين والأمة العربية، وتارة يسوق لبعض الشركات الأجنبية بارتدائه القبعة والمريول، فأين المعادلة الصحيحة يا معالي الوزير؟وما معنى تصريح الوزير في جريدة الشرق الأوسط أن الأدباء الموظفين أنتجوا أضعاف ما أنتجه الأدباء المتفرغون، وأين هذه الإحصائية؟ وقد تطرق معاليه في نفس المقابلة لسياسات الدول العربية والقضية الفلسطينية وانتقد «العقول العربية المتحجرة» بقوله لعلهم بانتظار تأنيث المحلات النسوية، كما رشحت يا معالي الوزير العاصمة الصومالية مقديشو كأقوى العواصم العربية التي يمكن أن تعطي للعروبة شكلها في هذا الزمن الذي وصفته بالزمن العربي المرهون، ساخرًا من العرب (الذين أنت منهم) معتبرًا أنهم ربما ينتظرون تأنيث المحلات النسوية حتى يمكنهم تغطية عروسهم القدس، على ذمة المحاور!فأين عاصمتك يا معالي الوزير الرياض لم تخترها؟ ومبادرات الملك عبدالله التي لم يسبق لها أي رئيس أو ملك في هذا الزمن؟ والحلول والإصلاحات التي أرساها الملك منذ بداية حكمه؟ والنجاة من الأحوال العالمية التي طالت كل بلد عربي؟ فبفضل الله ثم حكمة مليكنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، وولي عهده، والنائب الثاني، انتصرنا على الإرهاب، وكنا قدوة تطلب فيها الدول جمعاء بما فيها الولايات المتحدة الخبرة والمساعدة والنصيحة التي طبقناها في بلادنا، ألم يكن من الطبيعي والإنصاف والولاء والحقيقة أن ترشح عاصمتنا ودولتنا وقائدنا؟ المشكلة أن الوزير انشغل بالإعلام وانشغل الإعلام به، فلا يكاد يمر أسبوع إلاَّ وهو متصدر الصحف بلقاء أو تصريح أو حوار أو قرار، فهل يبقى لدى الوزير وقت للتخطيط أو للدراسة؟ أم لديه فريق عمل متكامل ينفذ ويعمل ولكن لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم؟واقعنا لا يحتمل التأجيل، وأعمال المواطن متعطلة، والبعض يعيش ويرى ويتنفس الشعر والثقافة.أتمنى أن تخطو خطوة كبيرة في مجال العمل، كما في الشقيقة البحرين حيث أقر وزير العمل البحريني نظام العمل الجديد، وهو نظام يدرس منذ العام 2004 بين وزراء العمل في الخليج، وهو إلغاء نظام الكفيل، إنفاذًا لتوصيات مجلس حقوق الإنسان، وذلك لإلغاء السيطرة على العمالة ومعاملتهم كمقتنيات شخصية، وإلغاء ظاهرة العمالة السائبة، وإلغاء المتاجرة بالتأشيرات، وإلغاء تحكم وزارة العمل في العباد. فهذه خطوة جريئة تحقق بها المصالح الوطنية أهدافها وتلغي بها المصالح الشخصية للمتاجرين بالفيز والبشر، فيوجد في طيات ملفات حقوق الإنسان يا معالي الوزير تقارير مخزية عن حالة العمال في هذه المنطقة، فكيف بحال المواطن الذي لا يوجد له تقرير إلاَّ في أدراج الوزارات إلى أجل غير مسمّى؟ فالسعودة والمواطنة والعمل لا تتم إلاَّ بجهود الجميع، لا بكلمة أو سبق صحفي أو بقصيدة شاعرية.

No comments:

Post a Comment