Thursday 26 May 2011

سبحان من يغير ولا يتغير


عدت بذاكرتي إلى شهور قليلة مضت، وتذكرت كثيرا من الأحداث التي بقدرة قادر واحد أحد تغيرت ، بين طرفة عين وانتباهتها، رأيت الرئيس بشار الأسد وحرمه يتجولون في شوارع باريس والبسمة والفرح تعلو محياهم، واستقبال حافل من قبل الحكومة الفرنسية، وهم يشبهون ممثلي هوليود، ثم رأيت ساركوزي وصديقته يقضون إجازتهم في الأقصر بمصر في ضيافة مبارك ونجليه، ثم في الأردن في بترا في ضيافة ملك الأردن وحرمه، ونحن نرى الصورة الآن، ينتظر مبارك ونجليه تحت المحاكمة الدولية والمحلية، وعلى رأسهم فرنسا، وكذلك الرئيس بشار الأسد، ولا يعلم ما يخبئه القدر للأردن، ثم نرى الرئيسين صالح  والقذافي يتجولون حول العالم، الأول رافعا رأسه متحاور أصلي، والثاني من البدو، الرجل مع خيمته ونسائه المشهورات، يتنزه في وسط حدائق ساركوزي وفي أروقة  شوارع روما مع صاحبه برلسكوني، فهل سنتعلم من هذه الدروس أم سنمضي حقبا ظانين أننا لن نكون مثل هؤلاء الذين ظنوا بالأمس أنهم الناجين  والمخلصين لأوطانهم، ولربهم عابدون، فأصبحنا ذات صباح وتيقنا أن الأمور لا تدوم إلا لله رب العزة سبحانه عما يصفون.
ما هي الدروس التي تعلمناها ، وما هي الأشياء التي غيرناها ، وما هو النمط الذي انتهجناه  للحيلولة دون هذه المآسي التي نراها بأعين غير مبصرة وآذان غير سامعة، وأفعال غير مفعلة.
ها هي أخبار جماعات في الخبر من الجنسين يطالبون برغيف خبر نظيف أمام مكتب العمل، وهنا يطالبون بحقوق عند من عنده الحلول ومن عنده حلول السهل الممنوع، ومنهم من يطالب بحقوق عند رب العمل ونظام يقيهم شر تسلط أرباب العمل تحت ظل قيادة وملك مشهود له بإنسانيته وحرصه على حقوق مواطنيه، ولكن من يستجيب ويسمع وإلى متى سنستمر بالخنوع والتعب للحصول على مطالب حتى من المفروض أن يكون مسلمة بها، من عير تعب ولا نصب، أم نحن أمام سيرة ماضية دائمة  تفرق بين المناطق والقبلية وما إلى هذه السيرة من مواضع لن تنتهي إلا بانتهاء العنصرية.
وبالمقابل نرى الرئيس الأمريكي يقابل الملك الأردني والرئيس الفلسطيني ويصرح بتصريحات ذات طابع ولون منطقي وإنساني ووعود بالصمود مع الشعوب المقهورة، ومساعدتهم للرجوع إلى الحدود الموعودة، وفي اليوم التالي للقضية نسمع لهجة غير سوية كانت بالأمس إنسانية وذات صبغة عادلة ومنصفة ومنطقية ، لتتحول بقدرة قادر إلى سوء فهم منا للخطاب الرئاسي عند التقائه بالرجل الفولاذي المتهم بفضائح محلية ومطلوب للمثول أمام محاكمة محلية، ولكنهم يصفقون له في مجلس الشيوخ الأمريكي بشدة وأحلام وردية بأن فلسطين هي الأرض الموعودة وموطن إبراهيم عليه السلام، ولكنهم لم يعرفوا أن سيدنا إبراهيم مسقط رأسه العراق، وبذلك سيضطرون إلى تغيير مسارهم لجهات أخرى، ويعلنون أن المنطقة بأسرها يهودية، وبذلك سيطالبون باحتلالهم للأراضي العربية، ونحن لازلنا نحلم بالتسوية لبعض الأمتار في فلسطين وهم مخططاتهم تجتاز إدراك عقولنا المشغولة بقص شعور أبنائنا الطويلة ولبسهم الزي الغربي، وإنصاتهم للأغاني الشيطانية، وحبس بناتنا ونسائنا لمجرد سياقاتهم للجمال الحديثة التي كانت بالأمس من المسلمات العربية المسلمة أن تتعلم الفتاة فنون الفروسية والركوب على الجمال، فأصبحنا نطارد النساء والرجال ونعاقبهم على ما هو من النثريات في عالم يتقدم ويغير ويتغير ونحن ماضون في الرجوع إلى عهود ما قبل الجاهلية في التركيز على ما لا يسمن ولا يشبع من جوع، وتركنا ما يجعلنا من الشعوب التي تنتقد ولا يجرؤ أحد أن يذكرها ولا حتى في الأمسيات القمرية ولا الأيام الشمسية، مثل دولة إسرائيل اليهودية، فكلما زار رئيس إسرائيلي أمريكا نرى العالم يصفق وينحاز إلى الحملات الإعلانية المخططة حتى منها التي لا تمضغ ولا تؤكل ولا تستساغ عالميا، ولكنهم يخافونهم ولا يجرئون على مخالفاتهم، لأنهم اهتموا بما هو ثقيل ومعياره من ذهب وسلسبيل، حتى قصصهم المغلوطة ولا يجرؤ احد أن يصححها أو يفضحها، لأنهم استولوا على الإعلام والثقافة وحتى التاريخ غيروه لمصلحتهم الشخصية، أما نحن فانشغلنا وشغلنا العالم بوضع نسائنا في السجون لمجرد قيادة السيارة ، أو ضربنا فتى مراهق حتى الموت، لأنه تجرأ أن يطيل شعره ويلبس ما لا يعجب المشايخ ، وأعطينا الأوامر بمجابهة وعزل ومعاقبة من يجرؤ على طلب الوظائف، أو تجرأ على المطالبة بحقوقه الإنسانية والاجتماعية ، فأصبحنا ألعوبة ومهزلة تلعب بنا القوى الأجنبية لتضعنا في قالب وصورة همجية، لا تمت بصلة إلى نشأتنا الإسلامية، فوقفنا على المنابر نقذف اليهود والعرب بكل الألقاب ، ونسينا أننا نحن من تسبب بهذه المهازل والقالب الذي شوه صورة إسلامنا ، وحتى نبينا لم يسلم من القذف لأنهم رأوا فينا من الأخلاق غير المحمدية فحسبوا أن هذا ما وصانا عليه نبينا، حاشا، ولم يعرفوا أننا نحن من هزمنا وبنينا أسسا على تراث، وليس على إسلام وأخلاق نبينا الذي وصانا بالرقي والمسابقة لنكون أفضل أمة أخرجت للناس في العلوم والثقافة والفنون الإسلامية، لذا أنتجت العصور الماضية ثقافة إسلامية ذات جذور عميقة نراها الآن مسروقة وتتبناها الدول الغربية ، ونحن أضعناها ضمن أروقة الفساد المحلية والجغرافية والإقليمية، ضمن غياهب دين جديد لا يمت للإسلام بشيء إلا الاسم واللحية والأخلاقية المرسومة تحت ثوب قصير وبشكل عجيب ونداءات بأننا شعب لا يشبه الشعوب الأخرى بشيء ، ووجدنا من الخصوصية الغريبة التي لا تمت للإنسانية كما قراناها في قرآننا وسنة نبينا، بل أوجدت وطبقت بصورة طلبانية في مجتمع نشأ على الوسطية، ولكنه بطرفة عين انتقل إلى عصر لا يشبه القرون الماضية لا بالشكل ولا المضمون ولا الأمور التنفيذية، ثورات على شتى الجبهات نخوضها الآن في جغرافيتنا العربية، وضعنا ضمن أطر وضعت لعرقلة مسيرتنا التقدمية، وصرنا مثل الدمى التي صنعت بالصين، هشة معرضة للكسر في كل حين، ولم نرى من حولنا السياسات تمضي إلى الأمام والتغيير يطال كل إنسان، والأعداء يندسون في الصفوف الأمامية ليرجعوا بنا إلى مسافات في الأزمنة الماضية حتى نكون تاريخا وليس مستقبل، وأن نكون غرباء على الدين وليس مسلمين ،  ومن هو محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم إلا مبعوث من رب العالمين ليتمم الأخلاق وأرسي قواعد جديدة للدول والاقتصاد والحكومات ، حتى تصبح فعالة ومعطاءة ، وقد بنى أنظومة إلهية لمعجزته القرآنية، التي عجزنا في هذا الزمان تفسيرها وقرآتها، بأنظومتها الإعرابية التي أعطت لكل مخلوق وخلف دستوره ومنهاج لا يحيد عنه إلا كل منافق.
لذا بدأ الإسلام غريبا وسينتهي غريبا، لأن الإنسان أضاع بنفسه المنهاج والطريق ، ونسى أن الله سبحانه بطرفة عين وانتباهتها يغير من حال إلى حال.
همسة الأسبوع
لكل زمان دول ورجال
ولكل إنسان أجل
فلنحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب من إله حكيم وعادل
يساوي بين الخلائق

  

Thursday 19 May 2011

خيرتكم ..فاختاروا..


خيرتكم .. فاختاروا بين الموت تحت سيف الذل والعبودية أم الحياة بكرامة وحرية، رسائل بالمئات تصلني كل أسبوع عن عدم تطبيق القوانين الموجودة في خزائن وأدراج الوزراء، ولا أعرف تماما عن اسم هذه الحالة المرضية لسلطاتنا التنفيذية ولكنها حالة مزمنة لأجهزتنا العقيمة، التي عفا عليها الدهر ومضى حقبا، والآخرون في البلاد المحيطة ماضون قدما في التقدم إلى الأمام واستشعار الأخطار، فأصبحوا يتنافسون على تطبيق الوعود التي سمعناها منذ عهود، ولكنها الآن بقدرة قادر أصبحت ضمن الأولويات، وهذا من الخوف على المناصب التي احتلوها من عهود ولم يتذكروا واجباتهم إلا عند حدوث الثورات في المناطق، فأصبحوا جميعا يصدرون الأوامر التي لا يصدقها العقل، ولا تستساغ من قبل أجهزتنا التحليلية ولا في أروقة عقولنا التي باتت ضائعة ضمن هذه الأوامر والعطاءات التي بلا حدود ولا منطقية، فخلال مدة زمنية قصيرة، صرفت أموال، وأصدرت قوانين ، لإعطاء،  حقوق كانت بالأمس منسية، داخل أسوار الوزارات المعنية ، فانطلقت بحرية، ولكنها جوبهت بنفس الأنظومة الشعرية من عراقيل بيروقراطية، ولم تنفذ إلا على بعض الأجهزة الحكومية الحساسة، وذلك لضمان الولاء والطاعة، ولكن ماذا عن المواطن المسكين، والأجهزة الأخرى الحيوية، التي تخص المواطن أثناء جهاده اليومي لحصوله على لقمة العيش التي كانت من المفروض بعد الأوامر الجديدة أن تكون لقمة سهلة ذات مكونات أساسية ، لاستمراره بصورة يومية، بالتنفس من عبر أجهزة اصطناعية، حتى يحصل على كرامته المهدرة، من قبل أشخاص استغلوا المناصب للحصول على المكاسب من غير أن ينفذوا الأوامر الجلية من قبل حكومتنا ومليكنا الحبيب الذي لم يبخل بشيء عبر سنين حكمه، وفي خلال الشهور القليلة الماضية أصدر أوامر شديدة الفاعلية ، لو طبقت بمصداقية لأصبحت الحياة للمواطن سهلة ومن أصحاب الأموال الزائدة، ولكن للأسف نرى بعض الوزراء في الأماكن الحساسة المتصلة مباشرة بالمواطن ترجع إلى سيرتها الماضية ، من تجاهل وإصرار كل ما يقدروا عليه من أعذار وبناء سدود عالية لمن يريد أن يحصل على ما أمرت به سلطتنا التشريعية، وهذا غير بعض الأجهزة الحكومية مثل البريد والكهرباء والماء ، فموظفوها يشتكون ليلا نهارا من عدم حصولهم على حقوقهم الطبيعية، وما إلى ذلك من أجهزة لا تزال تعد بحلول هي أبعد ما تكون تتقيد به على ارض الواقع، وهذا غير وزيرنا الكبير صاحب خزانة الدولة التي تصرف على ماذا لا اعرف، ولا أفهم ما يريد، فساعة يصدر تقارير وساعة يصدر تصاريح مدوية عن حالتنا الاقتصادية وساعة يتكلم بلغة غير مفهومة إلا لذوي الخبرات العالمية عن الاقتصاد وكيفية صرف الأموال  الموجودة، وسعيه الدءوب لعرقلة صرف الأموال ذات الأصفار السبعة للمشاريع والأموال الضخمة التي أمر بها مليك الإنسانية، فلم نعد نعرف من يدير الدفة، ومن يقود السفينة، فكلما قلنا انفرجت يا وطن، نشاهد بالمقابل مشاريع تؤجل ، وأموال لا تصرف، وهذا من مصلحة من لا أدري، ولا أفقه ، ربما لأنني لا اعلم كيف تصبح الأمور، عندما نجلس في أعلى البرج وننظر إلى الأسفل معتقدين أن الجميع سيصغر ويطيع، من غير سؤال ولا مجيب، فعندما نتسلق الجبال، ونتربع على منصب لمدة طويلة ننسى الوادي وننسى طبيعة من هم يتسلقون الجبال يوميا للحصول على أدنى الحقوق الإنسانية، هذا غير العمل والعمال والشؤون الاجتماعية، التي أصبحت دولة بحد ذاتها، فأصبحت تتحكم بالأموال، وتتعلل بالبيروقراطية وعدم صرفها الأموال من قبل الخزانة الحكومية، فدرنا بالدائرة المعهودة من غير حلول موجودة، فأصبحنا ذليلين مأسورين تحت مقصلة الوزراء المعنيين، فلا محاسب ولا مجيب إلا رب العالمين، وهذا كله في ركن ووجود قوانين مخبئة في أدراج المستفيدين من دستور قديم ، ولكن لا يزال ساري المفعول، وهو قانون محاسبة الوزراء، ومن هم مسئولون عن رقاب العباد في الأجهزة العامة والخاصة المتصلة مباشرة بالمواطن، من يعرف أنها أصدرت في عهد الملك سعود – رحمه الله- ولا تزال موجودة قيد التوقيف لا التنفيذ المعهودة من قوانين موجودة ، ولكنها مغيبة عن المواطن حتى لا يطالب بحقوقه المسلوبة، فإما أن تختاروا أن تعيشوا أيها الشعب المسالم تحت سيوف الوزراء الذين لا هم لهم إلا الجلوس في مناصبهم من غير أن يبذلوا أي جهد للقيام بالمسؤولية التي عهدت لهم من قبل حكومتنا الحبيبة أو المطالبة بالحقوق الشرعية لمواطنتكم السعودية التي أمنت لكم من الموال والمشاريع والحقوق الإنسانية التي لم تؤمر بها أي من الدول العالمية، والسلطة التشريعية أدت دورها بفاعلية، ولكن إلى متى سننتظر من السلطة التنفيذية أن تنفذ الأوامر الملكية ، إلى متى سيعاني المواطن من تسرب الأموال وجفاف المنابع ، إلى متى سننتظر صرف مئات الملايين على الهيئات والسيارات الفارهة ، وأكل المثلوثة وما تشتهيه النفوس، وفي المقابل يجرون ويعتقلون المواطنون باسم الدين والشبهة، وبعضهم في الأصل أصحاب سوابق ولا يعرفون أصول الدين في المعاملة، والنهي عن المنكر يكون في المطالبة بمحاسبة الذين يأتون به حتى لو كانوا قضاة وذوي مناصب ، وهذا ما أفهمه عن دين محمد الذي كان بالأمس ينادي بالشورى والأمر بالمعروف ، وبالستر ومحاسبة الجميع من غير تفريق وتطبيق السنة النبوية بان لو سرقت فاطمة عليها السلام لقطعت يدها، أسوة ومثال للعدالة والنهي عن المنكر، فاستترت الضمائر بملايين لن تجدي نفعا يوم لا ينفع مال ولا بنون ، فإن العدل هو أساس كل المعاملات، وإن فقد ، اختل الميزان ، فأين العدل أيها الإنسان في عدم محاسبة من هم يخلون بالميزان، ويختبئون وراء الأوامر الجديدة التي أعطتهم سلطة بلا حدود، لم تعطى في عهد صاحب النور الذي امتد إلى بصرة والشام ولا على عهد خلفائه الراشدين.
همسة الأسبوع
إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

Friday 13 May 2011

البداية والنهاية


 البداية كانت مذهلة، عقارب الساعة ترجع  بي إلى الوراء مائة عام، أتأملها واقرأها بعناية، أتحسسها بواسطة أنامل رموشي، التي ابتلت بدموع الحزن، على أمة أعطاها الله سبحانه  وتعالى أكبر مخزون للطاقة في العالم،  وكانت هذه البداية لأول إطلالة  لعبدالعزيز بن عبدالرحمن الذي وحد الجزيرة العربية المترامية الأطراف ذات القبائل المتناحرة، فكانت معجزة القرن العشرين لما كان لها أثر على استقرار المنطقة، ومن ثم ظهور البترول في هذه البقعة القحط الخالية إلا من سماء ورمال ولكنها كانت تحتوي على أهم وأشرف منطقتين في العالم وهما الحرمين الشريفين، فظهرت الخيرات  واستتب الأمن، وازدهرت البلاد ، وتأسست المشاريع وبدأت الرحلة، فأصبحت البادية حاضرة والصحراء بساتين ذات نخل وأشجار باسقة، والحرمين ذا طابع محلي وليس عثماني، كأول توسعة في بداية العهد السعودي التي استمرت عبر جميع ملوكها من سعود وفيصل وخالد ثم فهد وأخيرا عبر عبدالله بن عبدالعزيز الإنسان العزيز، حبيب الشعب ومصدر استقرار بلادنا الحبيبة والبلاد الشقيقة، مرت بلادنا بتغيرات عديدة أهمها الطفرة التي عرفناها في وقت الملك خالد – رحمه الله- وازدهرت  البلاد وأصبح العباد في أحسن حال بل وزاد المدخول عن ما كل ما توقع الخبراء من أموال وقصور وبنين ورحلات مكوكية، وعمارات ومؤسسات مبنية على هذه الطفرة الفورية في بلادنا الغنية.
ثم جاء عهد الملك فهد بما فيه من متناقضات وتجارب وحروب فرضت علينا قلب الموازين، فأصبحنا نعيد حساباتنا ، وكان من المفروض أن نتعلم درسا بأن النعم لا تدوم، ولكننا أمضينا حقبا وجعلنا دنيانا تدور حولنا وانعزلنا عن العالم واخترنا الضبابية في التعامل مع واقع أليم، وأصبحنا نعيش في عالم متقوقع لا يمت لهذه الكرة الأرضية وعشنا في حالة عدم تصديق وتبرير لكل المشاكل التي تواجهنا فهبطنا إلى واد ليس له قرار ولا مفر، وازدادت الأمور تعقيدا مع مرور الزمن، وشحت المصادر لكسب المال الشريف، فأصبحنا في مفترق طرق، ركوب الموضة العالمية من الفساد أو الموت تحت سيف الصدق  والكرامة، فاختار الكثير ركوب سفينة النجاة العالمية، من فساد إداري واجتماعي، للاستمرار في قالب تعودوا عليه من ثراء فاحش وركوب اليخوت وبناء القصور في الخارج،  والآخرون  استغلوا كفريق داعم لهذه الفئات التي أرست قواعد جديدة في عالم كانت مبادئه الحاتمية والشيمة العربية، والتضحية والشجاعة والصدق مهما بلغ الثمن، فاستعاضوا بها بمنومات طبيعية من استيلاء وظلم للخلائق وحتى التمييز العنصري الذي كان فعل ماض فأصبح فعل حاضر ومستقبلي وتحولت مجتمعاتنا إلى أشكال غريبة لا تمت إلى أصولنا العربية، بأية جملة إعرابية، فتفرقت العوائل ونزحت إلى المدن والشواطئ، وبنيت الأسوار ، وفصلت الحجر، وأصبحنا نعاني من تشتت جماعي وانفصام أخلاقي ومبادئ لا تمت إلى مجتمعاتنا بصلة، فانغلقنا على أنفسنا وأصبحت علاقتنا مبنية على المصالح ، وأخوتنا لمن هو يوافق رأينا ، ورحمتنا على من نستفيد منه، وصحبتنا على من يخدم مصلحتنا، فلم يعد الجار يعرف جاره، لأن الحرام أصبح حتى في جلوس الأب مع ابنته، وحلالنا أصبح نادرا، إلا في الحالات الاستثنائية ، وكتابنا أصبحوا ألعوبة محلية، لا تكتب إلا في المشاكل الفنية، فأصبحت أجيالنا متبلدة المشاعر قابعة في بيوتها تنتظر الفرج من رب قادر، والبطالة تتزايد منتظرة المشاريع القادمة، من وزارة العمل التي حيرتنا، واحتارت، ولم تعد تعرف أي طريق  تسلك  لحل هذه المشكلة الرئيسية التي نتائجها ستكون عكسية إن لم تحل بطرق واقعية ومنطقية   من غير أن  نلجأ إلى الوزارات الأخرى ، وتدور عقارب  الساعة إلى نفس المشكلة،  وتزداد الأمور تعقيدا ، وتزداد مشاكل الشباب، من أمور لا يحمد عقباها ولن تحل إلا بقرارات ومشاريع حاسمة لهذه المشكلة الخطيرة التي عفا عليها الزمن، وقد جرب  كل أنواع الأدوية المحلية والمستوردة ولم تنفع ، وقد تعاقب على هذه الوزارة عدة وزراء ولم يستطيعوا أن يحلوا هذه المشكلة العقيمة والتي استشرت في أعماق وجذور هذه الأمة لتصبح مرضا عضال لم يعد له دواء، إلا الاستئصال لنبدأ من جديد، لتنتج حلولا تناسب هذه الأوقات العصيبة وتشغل سواعد أبنائنا بما يبني الوطن، حتى لا ينشغلوا بما ستكون عواقبه وخيمة، وأسبابه واضحة ونتائجه لا تسر عدو ولا صديق.
 بدايتنا كانت معجزة إلهية، وعطاء بلا حدود ، ونهضة مثالية، ولكن ماذا فعلنا بها، لماذا أصبحنا قصة مأسوية من مجتمع قد تفرق، وأصبح كتلا، لا تمت بصلة إلى أخوات إن وكان، حكمة العرب اختفت، واستبدلناها بمغنيات آخر الزمان ، وثقافتنا التاريخية أصبحت مستوردة وليست محلية، حتى مشاكلنا استوردناها وبكميات غير سوية، حتى أصبحنا نعاني من مشاكل لم تكن بالأمس إلا قصصا مروية، عن البطالة والفساد فأصبحوا عملة محلية، والفقر والعوز أصبحوا رموزا جلية، لمن يريد أن ينظر بعين مجردة ، وضمير حي، لهذه الحالة الاستثنائية في مجتمع يحول للعالم مساعدات لا تقدر عليها حتى البلاد الغنية التي تعتبر من القوات العالمية، النهاية هي جلية وواضحة إما القضاء على البطالة، وإما تصدير شباب سيضيعون ما بناه آبائهم، وآبائنا من حضارة واسم تعبوا عليه ليبنوا للأجيال القادمة قاعدة قوية ذات استمرارية، لمملكتنا الحبيبة التي نفخر بانتمائنا لها، ونريد لها التفوق والنجاة من الأبعاد المستقبلية الضبابية.
همسة الأسبوع
البدايات دائما تحمل لنا الآمال
أما النهايات فهي دائما مليئة بالمفاجآت

Thursday 12 May 2011

اعلان هام من صاحبة السمو الملكي الأميرة بسمة بنت سعود بن عبد العزيز آل سعود


اتوجه الى قرائي الأعزاء معتذرة عن نشر مقالاتي المعتادة أسبوعياً في جريدة المدينة نظراً لاتباع الجريدة سياسية جديدة لاتنسجم مع قلمي الحر.
يمكن للقراء الأعزّاء متابعة مقالاتي على الفيس بوك( نادي المعجبين الأميرة بسمة بنت سعود آل سعود)
 (http://basmasaoud.blogspot.com ) و البلوك الخاص بي اسبوعياً
وإلى كل القراء ترقبوا قريباً افتتاح موقع الكتروني خاص بي يتضمن جميع ماهو جديد من مقالاتي باللغة العربية و الإنكليزية و الفرنسية وكما عهدتموني دائماً هادفة و شفّافة و صادقة و وطنية.

Friday 6 May 2011

أفراح قوم عند قوم مصائب


إذا لم تجد عدلا في محكمة الدنيا فأرفع ملفك لمحكمة الآخرة
فإن الشهود ملائكة و الدعوى محفوظة
و القاضي أحكم الحاكمين
اللّهم أغفر لنا و أرحمنا و أدخلنا الجنّة بغير حساب
و والدينا  و ذريتنا و زوجاتنا وجميع المسلمين
الأحياء منهم و الميتّمين


الأسبوع المنصرم الذي مضى كان حافلا بعدة مناسبات عالمية، منها ما كان مفرحا للبعض، ومنها ما كان محزنا للآخر، فخلال دوران الكرة الأرضية حول نفسها لسبعة أيام رأينا ما يقال عنه رحلة المنطاد العالمية التي أرست قواعدها الأخيرة بموت أسامه بن لادن الرئيس التنفيذي والممول التاريخي والاسم الأكثر تداولا و انتشارا ومعرفة في العالم كبصمة عربية إسلامية أصيلة، نسأل عنها الطفل الصغير في بلاد الاسكيمو أو في القطب الجنوبي ، ليهز رأسه بمعرفته للإسلام والعرب من خلال اسمه الذي غلب لعقد كامل رؤساء المخابرات في كل بلد، فوجد ثقافة موحدة لكل العقول المشوهة، لتعبث بالأرض خرابا وفسادا، وتهنا في رحلة التيهان الأبدية كموسى عليه السلام وقومه، ولم نعد نرى غير الأرضية ولا حتى القاعدة الأساسية لفك طلاسم سحر هذا الرجل الذي بواسطته قلب كل المعادلات السابقة بتسجيل تاريخ العرب في عقول الغربيين التي وزنها من ذهب في تهميشها لتاريخ البطولات العربية والانجازات التاريخية لشعوبنا التي تقطن هذه البقع الجغرافية، فأتي أسامه بن لادن كسلاح يلوح ضدنا  كلما أردنا أن نبدي رأينا، وعند كل عملية قاعدية نصلي للأمة الإسلامية والفلسطينية، ونقول أين أنت يا أسامه من اليهود النشامى، الذين لا يتجادلون بالعامة ولا يتقاتلون أمام أنظار العالم قاطبة، بل يتحدون وينجزون ما لم ننجزه منذ قرون، فأتوا على اليابس والأخضر مثل يأجوج ومأجوج، الذين كتبت سيرتهم منذ عهود قديمة قبل البدايات العصرية، وأصبح بعض الناس يتبادلون العزاء، والبعض الآخر يتبادلون التهاني في هذا اليوم الذي سيصبح يوما عالميا يؤرخ  له ، ومن الممكن أن يصبح تقويما جديدا لفئات ضلت الطريق، ومن المصادفات العجيبة أن يكون نفس اليوم هو يوم حرية الصحافة العالمية، وهنا أندب هذا اليوم في بلادنا ، منذ نزول القرارات الجديدة والأنظمة المريحة لبعض المسئولين في بلادنا الوحيدة، التي باتت تتجه بالاتجاه المعاكس للعالم، فبدلا عن حرية الصحافة، فقد كبلت بأنظمة جديدة خلاقة تعكس تفكير ثقافة وحضارة عالمنا ومجتمعنا بطريقة لا يوجد لها مثيل في بلاد الإغريق، فهذه القوانين الجديدة التي تمنع حرية النقد وتسليط الأضواء على بعض الفئات المسئولة في مجتمعنا ما هي إلا احباطات لكل المحاولات التي كانت تهدف لخلق جو جديد، يتسمى بالشفافية والصراحة والعفوية، التي أمرنا بها ديننا الحنيف، ورسمها قرآننا عبر آياته الصريحة بالنصيحة والتذكير، لكل من يضيع الطريق، ولكننا وجدنا ما بين القوانين، قوانين جديدة تكبلنا بسلاسل من حديد، لا يوجد فيها لا فضة ولا زمرد، ولا عقيق، فهي مجردة من كل ما تعلمانه عن قول الحق وإن عز، وأن لا نخاف في الله لومة لائم، فاستخدم هذا القانون من البعض لسجن المواطنين إن سولت لهم أنفسهم أن يتفوهوا بما هو حق، وحتى المحامين لم يسلموا من تبعات هذا القانون، الذي بات كالمقصلة فوق رؤوسنا المعلقة، ما بين سماء رحبة وأرض خصبة لكل من يريد أن يستغل المنصب لتمرير أحكامه كقوانين إلهية، وقرارات جبرية حتى على بعض المؤسسات الحكومية التي ترضخ تحت التهديدات العدلية، فأصبحنا حكايات هزلية، مأخوذة من قصص خرافية، لا تمت بصلة إلى تعاليمنا الإسلامية ولا إلى الإنسانية، ولا يوجد لها مثيل حتى في الأدغال الإفريقية.
فقد فرح الكثيرون المستفيدون من هذه القوانين المستبدة ، وكونت لدى الأكثر مصائب ذات أشكال هرمية، كانت بالأمس تمشي تحت ستار الديمقراطية وأصبحت الآن من ضمن المسميات البيروقراطية.
أما أسامه بن لادن فحكايته تاريخية ذات أصول يمنية ستحكيها أجيال قادمة كأسطورة سعودية عربية إسلامية ، لن نعرف في أي من الإطارات الموجودة على الساحة ستعطيها مكانتها، وكيف سيعرف في التاريخ الحديث، هل هو هتلر ذا لون أسمر معنون إسلاميا وعربيا أم سيؤخذ كمثال صلاح الدين الأيوبي البطل التاريخي ذي السيرة الشجاعة الأبية الذي أعاد للإسلام هيبته بعد سنين طويلة؟
إيننا في الفرح الأسطوري للأمير وليام وكاترين وهما يهبطان من على السلم الملكي في هذه الأوقات العصيبة للعالم أجمع، وبالرغم من ذلك فقد نجحوا في أن يستقطبوا أعلى نسبة مشاهدة تلفزيونية ، وأعلى نسبة في تبادل المعلومات على الشبكة العنكبويتة، ليصبحوا أيقونة للنجاح، وقلب المعادلة ، وهي مصائب قوم عند قوم فوائد، لتصبح أفراح قوم عند قوم مصائب، ويليها ما كتبت بين السطور من وقائع تدمع لها أعين تلبدت وضمائر دفنت وهي حية ولسان مل من ذكر وتكرار فوائد الأحاديث النبوية والعبر الإلهية في وضع القوانين المدنية، ومن تنقيط الحروف وإعراب الجمل بالطريقة الأبجدية العربية التي اندثرت مع قواعد مهازل اللعبة الدولية في أن نصبح دمى تشترى وتباع على أرفف أروقة الأمم المتحدة وفي ملاعب المجالس العربية الإقليمية والعالمية.
همسة الأسبوع
اللبيب بالإشارة يفهم .