Tuesday 13 October 2009

حماية مجتمع

منذ أن وصلتني دعوة لحضور حفل الأمسية الرمضانية لجمعية “حماية”، التي كانت تحت رعاية صاحبة السمو الأميرة العنود حرم صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، ومعرفتي بأنه سيتم توقيع اتفاقية تعاون مشترك بين جمعية “حماية” وبرنامج الأمان الأسري الوطني التي وقّعتها صاحبة السمو الملكي الأميرة عادلة بنت عبدالله، وأنا في ترقّب لما ستحتويه هذه الأمسية من خطوة كبيرة للأمام، في أدق وأهم المواضيع في مجتمعنا، وهو موضوع كان يعتبر موضوعًا لا يُثار في العلن، ولا يجرؤ أحد أن يتطرّق إليه. وعند حضوري للحفل شاهدتُ نساءً من مختلف أطياف المجتمع، كدعم لهذه المؤسسة التي كانت بصيصًا من الأمل لمجتمع اعتاد إخفاء كل ما هو غير لائق، والسكوت على كل ما يمس سمعة العائلة، وفي نصف الحفل شاهدنا أوبريت أبطاله من المعنّفات جسديًّا ومعنويًّا يحكين قصصًا تقشعر منها الأبدان، ولا يرضاها الله سبحانه وتعالى، ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا أيّ من الأديان السماوية، ثم تلاها عرض لمشروع مركز «حنون» وهو مركز لإيواء ومعالجة الأطفال والنساء الذين يعانون بصمت في مجتمع لا يرحم.عندها شعرتُ أننا خطونا ألف ميل لتحقيق أمانة تبرّأت منها الجبال، وارتحت نفسيًّا عندما تيقّنتُ أن المشرفين عليها من الأطباء والمختصين، لذا أصابني إحباط عظيم عندما قرأتُ في الصحف هذا الأسبوع طلب هذه الجمعية من الإعفاء من الإشراف على دار الحماية، وأصابني غضب شديد عندما نقلت صحيفة (الاقتصادية) بقلم الزميل يحيى الحجيري خبرًا مفاده أن الشؤون الاجتماعية سحبت صلاحيات حماية الأسرة، وهو خبر مخالف لما نشرته جريدة (عكاظ) يوم الثلاثاء 17 شوال حول نفس الموضوع، كما تضمّن الخبر نقل 700 فتاة إلى مقر 25جمعية خيرية في جدة، وجاء في المقال أن سحب الصلاحيات تم لأن الجمعية مهتمة بالجوانب الدعائية، والشدة في بعض الحالات، وتدليل البعض الآخر، حتى أصبح لدى الفتيات الرغبة في العودة لأهلهنّ، ما سبب نزاعًا كبيرًا بين الوزارة وأهالي الأسر والجمعية، وبالمقابل أعلن وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة في عدد الخميس 19 شوال في جريدة (عكاظ) عن وجود 38 مركزًا لحماية الطفل، واعتبر الوزير أن العنف الأسري لا يشكل ظاهرة في المملكة، مقارنة ببعض الدول الكبرى، كما أعلن أن السجل الوطني لم يرصد إلاَّ 94 حالة. ألا يوجد تناقضات بين كل خبر؟ فوزير الصحة يعطي رقمًا، والدكتور علي الحناكي مدير الشؤون الاجتماعية يعطي رقمًا آخر في جريدة (الاقتصادية)، وخبر بسحب الصلاحيات، وخبر أن الجمعية طلبت الإعفاء، ما هذا التناقض؟ ألا ينم هذا التخبّط في التصريحات على أن لا الشؤون الاجتماعية، ولا وزارة الصحة عندها إحصاءات ومعلومات عن هذه المشكلة إلاَّ كمعرفة سطحية عندما أُثير هذا الموضوع، فكيف سنعالج هذه المشاكل وهي تتعدّى كونها مشاكل بل جرائم نقرأها يوميًّا في الصحف، ألم يقرأ وزير الصحة والدكتور الحناكي عن القصص المؤلمة التي أدّت إلى مقتل أطفال بعمر الزهور؟ ألم يسمعوا بالأرقام المخيفة للطلاق نتيجة العنف الأسري وغيرها من جرائم الضرب حتى الموت لنساء وقد تشوّهت وجوههنّ وأجسادهنّ، ألم يسمعوا بالأعداد الهائلة للتحرش الجنسي من المحارم؟ أم همهم تغطية هذا الوباء والاختباء وراء عباءة العيب؟ فلم تسلم من هذه الجرائم، وأقول جرائم لأنها تعدي على كل ما علمنا إياه رسولنا الكريم، وبما أنزل الله في القرآن الكريم، حتى الطبقات الميسورة والمثقفة، فقد شاهدتُ وسمعتُ في المستشفيات بنفسي كمهتمة بحقوق الطفل والمرأة والإنسان ما لا يرضي لا الله ولا رسوله، ففي حديث نبوي “مَنْ وقع على محرم فاقتلوه»، وبآية من القرآن «وإذا الموءودة سُئلت بأي ذنب قتلت»، وبعد كل هذا نستكثر على المعنفين دارًا تؤويهم، وتحتويهم، وتدليلاً ينسيهم، ونريدهم أن يرجعوا إلى نفس البؤرة التي أحدثت لهم الإيذاء، فأيّ أبٍ يستحق الأبوة إن كان هو الجاني؟ وأيّ أمٍ تستحق الأمومة إن كانت هي الجانية؟ أو أخٍ، أو عمٍ، أو خال فلا للعنف، ولا للاعتداء الجنسي، ولا للإيذاء المعنوي.أتمنّى من الله، ثم وزارة الصحة والشؤون الاجتماعية، وحقوق الإنسان أن يقفوا وراء جمعية حماية لا ضدها، ودعمها، وليس إحباط مساعيها. كما أرجو من علماء الدّين والشرع، والأجهزة الحكومية أن يصدروا ويطبقوا قوانين رادعة لكلِّ مَن تسوّل له نفسه بإيذاء طفل، أو امرأة، أو أيّ مستضعف في الأرض. وللحديث بقية..
همسة الأسبوع
“كان الله بعون العبد مادام العبد بعون أخيه”.

No comments:

Post a Comment