Thursday 11 July 2013

\من مقالاتي التي نشرت بتاريخ \الأربعاء، 30 يونيو، 2010


أسد السلام ورسالة الإسلام

بسمة بنت سعود بن عبدالعزيز آل سعود*
©جميع حقوق التأليف والنشر محفوظة للأميرة بسمة
صيف حار، ملتهب، تتخلله أمور عجيبة تذهل العقول ولا تبلل العروق، بل تجفف المصادر، وتعمي البصائر، صورة خادم الحرمين الشريفين وهو رافع اليدين في بكة، متوجهاً للقبلة مستعيناً برب البرية على المسؤولية التي أولاه إياها إله حكيم ورب رحيم، منظر تخشع له النفوس، وتنقاد له القلوب.
حكيم يسأل أحكم الحكماء، وملك الملوك، بصيرة وتدبيراً، ولساناً يفقه قوله، رسالة سيحملها خادم الحرمين الشريفين ويطير بها كالصقور، ويؤديها كالأسود، في مجتمعات أدارت ظهرها للدين، ولله كمرجع، فأصبحت المادة لغتها، والسيادة هدفها، والعولمة منهجها.
ماذا يريدون، وماذا نريد؟ هل نلتقي عند مفترق الطريق أم هي صور خادعة يظهرون فيها للإعلام، وقرارات أحكمت وقررت منذ زمن بعيد؟
لا يخفى على أحد أن الصهيونية هي العنوان الجديد المعلن لكل نقاش دولي أو قرارات مصيرية، حتى أهم مرجع ديني مسيحي في العالم في الفاتيكان، قد اعتذر من اليهود، وأصبح من جندهم ليمحو سيرة تاريخية أجمع عليها كتاب التاريخ والرسالات الإلهية؛ أن اليهود هم قتلة الأنبياء.
اعتذر أمام الملأ وفي أرض الأنبياء والرسل بأن العالم أخطأ الحساب وحاد عن المسار، وفهم التاريخ والسير خطأ، لذا وجب الاعتذار، لنيل الرضا من القوة الخفية التي بها تدار الدول الكبرى، وتخطط لها المسار، لتبلغ بها هدفها، وهو الاجتياح العالمي المدروس للاستيلاء الكلي على منطقتنا التي يزعمون أنها من حقهم، كما الأرض كلها بجبالها ورواسيها، فهي لهم لأنهم الشعب المختار.
فأشعلوا الفتن في المنطقة بين مذاهبنا المتناحرة وأطيافنا المتعددة، وهوياتنا الضائعة، فوجدوا أرضاً خصبة لزرع سمومهم وتعاليمهم السرية.
فها هي نجمة النجوم الغربية قد أطلقت رسالة عالمية في الثمانينيات من هذا القرن، وهي «مادونا» التي تنتمي إلى أقدم مذهب من الديانة اليهودية وهي الكبالا التي تنتهج السحر ديناً، أسحار اليهود القديمة لهاروت وماروت، فحوى الرسالة قدمتها في حفلة جماعية علنية اسمها «الفتاة المادية»، وقد خلعت ما تبقى من ورقة التوت التي وارت بها سوأتها، وتجلت للعالم بثوب عارٍ من الانحلال الأخلاقي والجسدي، فأصبحت أيقونة، ومثالاً يحتذى به إلى يومنا الحالي، والأمور تسوء يوماً بعد يوم حتى أزيلت الورقة تماماً، وأصبح الجميع بما فيها أمتنا تتسابق لخلع رداء الحياء والتمرد والعصيان الجهور لرب العزة والجلال. وبعد هذا تسألون كيف اليهود يحكمون؟
الإعلام العالمي يملكه اليهود، من مؤسسات هوليوود، إلى مردوخ صاحب أكبر مؤسسة إعلامية في العالم، فيبثون ما يريدون ويزرعون ما يصب في مصلحتهم لبلوغ أهدافهم القديمة، الحديثة، المستقبلية، في أجندتهم التي كتبها أجدادهم وأسلافهم من أمد بعيد بالسيطرة على العالم، سابقاً بالسحر القديم، والآن بالسحر الحديث وهو الإعلام. لذا مهمة خادم الحرمين الشريفين صعبة، وتحيط بها الأسلاك الشائكة، والأسوار العالية التي بناها اليهود منذ أزمنة بعيدة، واستطالوا بالبنيان، ونحن سرنا وراءهم، وأغلفنا قلوبنا، وأعمينا أبصارنا، وكله من أجل المادة التي هي سمة هذا القرن وعنوانه.
ألم يتنبأ بها رسولنا، وأبقى من الأحاديث ما يكفي لتبصير العيون، والقلوب، ولكن لا صوت لمن تنادي. فأصبح الملك عبدالله يمخر عباب البحار، والأمواج العاتية تحيط به من كل مكان، والعواصف الإقليمية تهب رياحها، وتحاول أن تثبط من عزمه، وتحول عن بلوغ هدفه؛ السلام الذي هو قلب الإسلام وأهدافه السامية.
ولكن خادم الحرمين الشريفين بحار وقائد حكيم لسفينة الإسلام والسلام، قدر أن يستنبط حالة الطقس ومكان وزمان هبوب العواصف، فأصبح محنكاً، لجعل العواصف والرياح تدفع السفينة للأمام ولم يجعلها أمام العاصفة الهوجاء لتحطم هيكلها وشراعها.
رحلة بين الأمم خططها الملك عبدالله بروية ورؤية مستقبلية وقراءة عميقة للتاريخ، فسيبدأ بقمة العشرين في كندا، والتي تحكم العالم باقتصادها، ليعلمهم أن الرؤية الإسلامية شاملة وطريقة حياة، لذا استطعنا أن نجتاز الأزمات العالمية، ولم تؤثر فينا كثيراً بإصرار وطننا على انتهاج الإسلام كقانون وشريعة وتعامل، فأصبح صوته عالياً بين الأمم وقوياً رناناً له وزن وشأن. ومن ثم سيبلغ مغرب الشمس في وطن صناع القرار العالمي الحالي الذين باتوا يلعقون خسائرهم، ويعدون مكائدهم لنيل المكاسب وإشعال الحرائق في منطقتنا ليستطيعوا بيع أسلحتهم وإنقاذ اقتصادهم.
وبحكمة وبصيرة الصقور وشجاعة الأسود سيحل أسد الجزيرة العربية عبدالله بن عبدالعزيز ليجادلهم بالتي هي أحسن ويكسب المعركة بأقل خسائر، وسيحاول أن يجعل هذا الصيف أقل حرارة، ومبيعاتهم أقل مكسباً، وأهدافهم أصغر حجماً، فالله معك يا ملك القلوب والإنسانية. فالكل مشغول بفتاوى غريبة، وأحوال مجتمع عصيبة، وبأمور صغيرة، أشغلتها عن الرؤية، والتسابق لجعل صوتها الأعلى بين الأمم من تأييد، ومحاضرات ورسالات دولية بأنهم وراء القائد المغوار ورائد السلام، بكل ما يعنيه هذا المسمى من معانٍ وأهداف.
الأكثر شعبية؛ ملك الإنسانية، هذه الألقاب لم تعطَ من شعبنا التائه بين فتاوى النساء والإرضاع، ومن سيدخل النار، وملاحقة للأحرار، بل أعطيت من شعوب رأت ما لم نرَ، وأعطت ما لم نعطِ لهذا المحارب من دون استراحة ولا هروب بل قائد مسيرة؛ مسيرة النور التي بدأت نتائجها تظهر للعيان، فللأسف لم نعطِ قائدنا حقه من مؤازرة ووطنية ورسالة الإسلام من ولاء وطاعة والتخلي عن الضباب الذي حجب رؤيتنا عن الأمم وهي رسالتنا الكونية رسالة الإسلام ممثلة في النبي الأمي محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم.
ومن بعدها سينهي رحلته بدعوة من الـ«يونسكو» التي تعنى بنشر الثقافات والفنون وعلامات الحضارات، ليخط بيده مقعداً بارزاً لنا في مجال التنافس فيه عظيم لمن يملك الرؤية الواضحة الطريق، والأهداف السامية من نشر ثقافة جديدة ومعلم حضاري، وبصمة تاريخية في مسيرتنا مع الحضارات، فأعطاها حقها، لأنه يعلم برؤيته الثاقبة أنها رسالة عالمية في زمن يحتاج إلى هذه النظرة المستقبلية من نشر لثقافتنا الغنية بدلاً من ثقافة الإرهاب والتشدد والتعصب الديني الذي نهى عنه رسول الأمة، فبهذا تكتمل الصورة بمثلث ذهبي من اقتصاد وسياسة وثقافة، فهذه هي أهداف عبدالله بن عبدالعزيز السابقة لزمانها بدهور، فنلحق بركب أسد الجزيرة العربية، وننشر ثقافة الوعي من دون إسفاف ولا انحلالية، ولا تشدد ولا عصبية، لنكون وحدة متكاملة وراء ملك الإنسانية، ولنظهر للعالم صورة يتمنى المغرب والمشرق الدخول فيها لا النفور منها، كما الحال الآن.
فالحروب بيننا، ومنطقتنا الملتهبة، والمتناحرة، لا يمكن أن نظهر للعالم بالثوب الذي ورثناه عن نبينا وهو الرسالة الأبدية، إلى أن تقوم الساعة وتسجر البحار وتدك الجبال وتستوي الأرض وتطوى السموات، فحينها سيفوت الأوان، ولكن من أصلح وجمع وبلغ سيكون له الفوز بالجنة.
معانٍ وكلمات مزجتها بين الدين والدنيا، ألم تكن هي هذه رسالة الإسلام، فلِمَ النفور عند ذكر الدين في عالم العولمة والتخلي عن الدين كأسلوب حياة وعزله عن الدنيا وكأنهما لا يلتقيان؟ فالعبرة لشعوبنا بأننا لا نزال وسنبقى حاملين الرسالة الإنسانية والسلام، والطريق الحتمي نحو نهاية كل واردها ولكن العبرة لمن يعتبر، فقلوبنا معك يا أسد الجزيرة العربية؛ مهد النبوة، وانبثاق النور وسطوع نجم الحرية والثقافة الكونية، فلنرفع راية التأييد لنصرة اسم مليك قدر الله أن يسميه عبدالله، ولتسمع أصواتنا عبر وسائل الإعلام العالمية بأن وراءه شعباً ذا رؤية إسلامية مسالمة ولكن بقوة، فالمؤمن القوي هو المنصور، لذا وجب علينا لعب أدوارنا ضمن المسارح الدولية بأن الإسلام هو الخلاص وليس اليهودية قاتلة الأنبياء، والولدان، وهدفها محو الحضارات إلا حضارتها المبنية على سفك الدماء.
*كاتبة سعودية
Arabic Twitter:
English Twitter:



1 comment:

  1. نعم كلام رائـــع واختيار مميز يعطيك الف عافيه يارب

    ReplyDelete