Monday 23 April 2012

العصا أم الجزرة


منذ الآن فصاعدا سينتقل مقالي من يوم الجمعة إلى يوم الاثنين ، وذلك للأسباب التالية: أن يوم الجمعة أصبح علامة فارقة في هذه الفترة الزمنية، منذ الثورات العربية، والأفلام الهندية، والمسلسلات التركية، وتسمية الجمعات في كل الدول التي أصبحت جميعها تسمى بمسمى نتابع من خلاله ماذا سيحصل في المراحل القادمة، من تقدم أو سفك دماء أو مواجهة عسكرية، لذا رأيت أن أنتظر كل جمعة ما ستسفر عنه هذه الجمعة من تحولات جغرافية، أو إقليمية، وحكومية في البلاد العربية.
فكل جمعة نفاجأ بالقرارات الحكومية باستعمال العصا أم الجزرة في احتواء الشارع الذي أصبح "أوتوستراد" وطريق متفرع لشتى الانتماءات الحزبية والمذهبية والطائفية، والصراع على مستوى التمثيل العددي لهذه الفئات، فتارة مليونية ضد العسكر، وتارة تتعدى الأرقام الفلكية ضد الأحزاب الإسلامية، ولكننا وللعجب ، نقول :"الشعب يريد"، ونحن نرى العكس في الطريق.
ففي صفحة جريدة الحياة اللندنية، ليوم الجمعة الشهيرة من هذا الأسبوع، لاحظت أن كل العناوين مبنية على الحشود الثورية، والإعلانات المدوية، والحروب لا أعرف ماذا أسميها إلا بالطائفية، والإخلال بالموازين الدولية، لمنطقتنا العربية والإفريقية، غير صورة مليكنا أطال الله بعمره، مع سعد الحريري في لقطة لا أعرف ما القصد من ورائها، لأنها غريبة بين هذه العناوين الثورية، وهو يتكئ على عكاز، وسعد الحريري على عكازين، ما هو القصد من نشر هذه اللقطة الغريبة التي لا تنم إلا عن مقاصد مخفية لرؤساء هذه الجريدة الغريبة، التي تارة تفاجئنا بكتابات جريئة وكتاب لهم تاريخ في كتابة المقالات المدوية، وتارة تختبئ تحت غطاء الخطوط غير المرئية وتمرر لنا رسائل ضبابية من غير كتابة ولا سطر واحد، ولكن من خلال صور تعبر من غير تعليق على ما يدور خلف الأسوار العالية الذهبية.
سياسات تدور خلف الأسوار، والجمل ، والكلمات، والعبر، تارة العصا وتارة الجزرة، فلم نعد نعرف كيف نتصرف، كيف نطالب بالحلول الدائمة الفورية، لأننا نغتر بالتلبية للمطالب، وننسى أن مشاكلنا  جذرية ، وليست مؤقتة وعابرة وسحابة صيفية، بل يجب أن يكون لها حلول وبناء للبنية التحتية، وقولبة الأتربة الموجودة على الساحة حتى تزرع بذور خالية من الشوائب الكيميائية ، التي أصبحت سرطانية في جسم الأمة العربية.
هذا ما تعودنا عليه "العصا والجزرة" ،وهذا ما يسكتنا، تارة العصا، وتارة الجزرة، ثقافة زرعت وأنبتت أشجارا ونباتات من الصعب اقتلاعها، ولكن إن أصرينا على نيل المطالب، فلابد من الاستمرار في كشف الحقائق، ولابد لشعبنا أن يتطور ليصبح شعبا ذو هوية وصوت ووطنية، واضح الهوية، بان كل المشاكل التي نعاني منها من تدني الأجور، وارتفاع في سعر السلع، وعدم حصول المواطن على المسكن، ورداءة التعليم ومبانيه، والصحة، وما أدراك ما الصحة، واللعب على أوتار الخدمة الاجتماعية، والعنف في الأسر الذي هو نتيجة الفقر والعوز والقهر، فلا مفر إلا العذاب والتعذيب.
عدالتنا ليست إلهية، كما يجب  أن تكون، بل في أيادي  قضاة لم يستوعبوا الدروس، الأمة كلها تخوض مخاض عسير، فلماذا نحن نسير على وتيرة بطيئة لتحسين الأوضاع العسيرة، يجب على وزرائنا إتباع ما يقي الوطن، فلا يوجد مانع واحد من تغيير السياسات البيروقراطية، ومحاسبة الفاسد، حتى لو كان من كان، لا يوجد عائق واحد أراه في الأفق إلا فساد هذه الأجهزة ، لأن مليكنا وولي عهده والمسؤولين في المراكز الحساسة لم يقصروا، بل التقصير كما  رددته بالأرقام هو من خلال انعدام الجاذبية لبعض أمراء المناطق الذين يعيشون في فضاء مختلف والوزراء الذين يتبعون سياسة العصا والجزرة، ومجتمع غير مدني يضع اللوم كله على الحكومة، ولا يحاول إنشاء مؤسسات مدنية شريفة من خلالها يصبح له قوة وسلطة لا يستهان بها، ولكننا تعودنا وأدمنا ضرب العصا أو شرب عصير الجزر ممزوج بالطمع والاستعباد والاستبعاد، لكل ما هو لا ينطبق للهوى، وأصبحنا نردد عبارات ونفسر تقاعسنا ونحتمي وراء دين، كان بالأمس حضارة وشجاعة وحقوق وتوازن ، ووسطية، فأصبح الآن لكل من له أجندة سياسية.
لابد من الاستمرار في الجهاد الأدبي لكل من له العقل والتدبر والحكمة، لابد من ترك سياسة العصا والجزرة، حتى نصبح أمماً متحضرة ، لابد من استبدال العصا بالعلم، والجزرة بالحوار، لابد من تكافؤ الأدوار حتى يصبح للإنسان كرامة وحقوق، لابد من كتابة دستور يضمن للمرأة والرجل الحقوق كاملة من غير أهواء وانتماءات مجحفة لكل ما هو كان بالأمس دين محبة ورحمة فأصبح الآن دين إرهاب وتطرف، ومعارك بائسة، لأنها في النهاية، أصبحت أداة سادية للأمة العربية.

همسة الأسبوع
أتركوا العصا أيها الحكام، ولا تلعبوا بالجزرة ارجعوا إلى سنة نبيكم الذي أرسل بالحكمة والرحمة ، فهو للعالمين ولكل الأزمان والأراضين ، وهذا يشمل الجن والناس أجمعين.

*كاتبة سعودية
twitter@TherealBASMAALS

3 comments:

  1. غير معرف24 April 2012 at 09:32

    مساء الخير سمو الاميره
    وارجو منكي بأن لا تتعدو
    خارج الدين وتفت أبواب لطامعين فهم يتمنون هذه اللحظات
    ابنكي ابن الوطن
    mosad_155@hotmail.com

    ReplyDelete
  2. مدونة مميزة ... بموضوعاتها المتنوعة :)

    ReplyDelete
  3. غير معرف25 April 2012 at 06:03

    من الأول الدجاجه ام البيظة. ........ وعد الشمال

    ReplyDelete