Thursday 6 October 2011

التباس أم تلبس


بسمة بنت سعود بن عبدالعزيز *
حان وقت إماطة اللثام بما إنني أصبحت موضع اتهام، فلابد من قول الحقيقة وإجلاء الالتباس الذي يحيط بكتاباتي الثورية، فإنني سأوضح لقرائي الوفيين وقرائي الذين لا يفهمون ويكيلون إلي الشتائم بعنصرية ولا مفهومية  لأبسط قواعد الأخلاق الإسلامية ، لأنني لا أنتمي إلى أية طائفة دينية ولا إلى جهات خارجية، ولا إلى أي مذهب من المذاهب لا الشيعية ولا الصوفية، ولا إلى الأشعرية ، بل إنني سنية حنفية تتبع وبدقة ما جاء به رب البرية في قرآنه وسيرة حياة نبي الأمة الإسلامية ، ففي اليوم الواحد أجر ذات اليمين لأصبح مناصرة لإيران، ألم يكن مليكنا الحبيب قد مد يده لإيران منذ توليه السلطة حتى تصبح المنطقة خالية من الصدامات الإقليمية، وببصيرة حادة وسياسة مقدامة أصبح لدينا ممثلية في  إيران، فما الغريب أن أكون في قناة إيرانية أدافع عن سوء فهم لدى جيراننا عن أسبابنا الشرعية في شرح منهج حكامنا وولاة أمرنا ، أم إزالة اللبس أصبح تهمة شرعية، فالرسول أوصى بسابع جار،  ونحن لازلنا ماضين في رؤيتنا الضبابية، بأنه لا يوجد وجهة نظر صحيحة إلا المحلية، أما ما تبقى من العالم كله فسائر في اتجاه معاكس، أما آن الأوان لنا أن نمد أيدينا للوحدة الإسلامية بشتى أطيافها ابتداء من الأزهر الشريف الذي يرأسه العلامة الدكتور أحمد الطيب الذي ترجع أصوله إلى مكة الشريفة، برؤيته الحيادية ومنهجه الوسطي في احتضان كل المذاهب والديانات السماوية لتطويعها من غير حروب أو شتائم أو أدعية بدائية، مرورا بالدول المجاورة لبقعتنا الجغرافية من لبنان وتركيا إلى سوريا وحتى إيران الشيعية ، ففي الأخير كلنا يشهد بأن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ونلقي بهذه الخلافات ونصبح يدا واحدة قاهرة جبارة، تلقي بثقلها على كل من يحاول التفرقة وزعزعة الأمن وبيع الأسلحة لمواجهة جيراننا الذين يدينون بالإسلام ، ولنوجه أنظارنا إلى من يريد أن يمحونا عن الكرة الأرضية  وهي جارتنا "إسرائيل" التي باتت تلعب بالعالم كلعبة الشطرنج وتمسك بحبال صناع القرار خلال استيلائها على كل البنوك الدولية ووضع يدها على الاقتصاد العالمي خلال تجارتها التي سيطرت على كل الشركات الدولية منها الترفيهية والإعلامية ، وأكبر مثال هو وجود مقهى "ستاربكس" في كل مدننا العربية حتى وصلت إلى مكة والمدينة، وكل مدننا المحلية وغيرها من العلامات التجارية التي لا تحصى ولا تعد، أما نحن فنحارب بعضنا العض لمجرد أن يكون باسنا بيننا ، فلا نجتمع ولا حتى على عملة محلية ولا سياسة إقليمية ، تقينا من شر القوات الأجنبية وتدخلاتها المستمرة في سياستنا الداخلية، وأصبحت ترسي في عقولنا تفاهتهم الهوليودية حتى بتنا نعيش ليلا نهارا مع ما تجود به أنفسهم من تعليقات يومية عبر القنوات الفضائية  والإلكترونية ونحن ننساق كالأنعام بلا هوية.
هذا غير تجارنا الذين أصبحوا لا يرون بأسا بأن يضعوا أيديهم في أيدي التجار غير عابئين بهويتهم المستترة التي تساعد الإسرائيليين بتبرعات سخية لدعم ترسانتهم الحربية.   
فعندما تسلط الأضواء على مشاكلنا المحلية منها السكنية والبنية التحتية والهدر للمال العام والثروات الوطنية عبر أشخاص استغلوا مناصبهم التنفيذية وأسمائهم العلوية وأنا أذكر هنا كل الشخصيات المحلية بأطيافها وأجناسها وانتماءاتها القبلية والجغرافية وكائن من كان من الشخصيات التي تعتبر نفسها فوق المسائلة المحلية والقضائية، أوصف بأنني معارضة وثورية، ولم أوصف بالوطنية لأنني تجرأت بأن أميط اللثام عن جميع الممارسات إعلاميا، داخليا وخارجيا، وأضيء الطريق لحكومتنا لكي ترى بوضوح وشفافية كل ما يجري على الساحة المحلية ، ومن غير زيف ولا نفاق ولا تحويل مسارات ، لكي أرضي هذا أو ذاك، بل أردت أن أكون بمثابة مصباح يحترق لكي يضيء الزوايا والأنفاق المظلمة التي نعيش فيه، لمساعدة من لا يملك إلا الدعاء ويستدين من الجار والقريب لسداد إيجار سكنه وفاتورته الصحية والكهربائية ، ولا يملك ما يسند طوله أو ما تقتات به عائلته لوجبتهم اليومية، غير المناطق البدائية التي يعيش بها تعداد سكان ليس بالقليل تحت مستوى المعيشة الإنسانية من غير بنية تحتية، بينما نقرأ صرف مئات الملايين والبلايين لبناء ساعة أو محلات وفنادق ترفيهية، وتحسين شعاراتهم الإعلامية، وبناء ركام فوق ركام لإحداث صور وهمية لإقناع المواطنين بان الحلول آتية لمشاكلهم المستعصية، ولكن في الأخير لا يصح إلا الصحيح ، ونرى بعد مدة بان الدائرة تدور وعقارب الساعة تمضي ببطء ولا نرى عند انتهاء المدة إلا زيادة القصور وارتفاع المحصول وأرصدة البنوك لأصحاب تنفيذ المشاريع، مع زيادة في البطالة والجوع والموت من  البرد والزمهرير، وتردي الأوضاع المعيشية وارتفاع الأسعار المحلية، وجشع بلا حدود، وتفرقة عنصرية، وأكل ما تبقى للمواطن في انتظاره في المحاكم، لأحكام مضى عليها الدهر وذهبت الرياح بأموال كانت المفروض أن تكون قد حكم فيها لأصحابها منذ أمد، ولكنها لا تزال حبيسة دفاتر القضاة الذين تزداد أعدادهم يوميا بالمئات، ولكن أحكامهم وتقاليدهم المعهودة بتأجيل الحكم لأيام معدودة، لتنتهي في طيات الأرشيف ويضيع الحق العام، ولكنه لن يضيع عند رب الأنام،  فأساس كل المجتمعات العدل، وإن ضاع ضاعت معه شعوبا وأنظمة تهالكت لأنها آثرت الالتفاف على الحقيقة، فغابت عنهم أضواء الشمس الساطعة، وباتوا يعيشون في ظلمات حالكة لن يضيئها إلا ضوء الحرية والمساواة الوطنية.
ففي الأخير أحب أن يعرف الجميع بأنني لست معارضة أو ضد أي نظام ، بل إنني جزء لا يتجزأ من هذه الأسرة العظيمة من موحدها عبدالعزيز إلى مليكنا ملك الإنسانية عبدالله بن عبد العزيز، وكل فرد من أفرادها الذين يسعون لاستقرارها ، ولكني أريد إماطة اللثام كواجب أي مواطن أو مواطنة وفية عن الممارسات الخاطئة لأجزاء من الأنظمة التنفيذية التي وضعت طبقات عديدة  من الظلام والأكاذيب المستحكمة حتى لا يراها صاحب القرار، وبالتالي يهرب من العقاب وتضيع الحقيقة في غياهب ظلمات سجون الفساد والتستر، وترجع عقارب الساعة إلى دقتها المعهودة من ظلم للعباد حتى في أبسط حقوقهم الإنسانية من توصيل ما أمر به ملك الإنسانية من إصلاحات اقتصادية واجتماعية، ولكن لن أتوقف عن الكتابة وقول الحقيقة مهما اشتد الصقيع والضغوط الاجتماعية، لأنني وببساطة لا انتمي لأحد إلا لرب العدل والإنسانية صانع هذا الكون والمتصرف بعباده ، فهو الوحيد الذي يملك وضع الروح ونزعها ، ولن أخاف في الله لومة لائم، وما أنا إلا إنسانة بسيطة لديها حلم بان تكون السعودية مثال حقيقي لحقوق الإنسان، بدل أن نكون ممثلين على مسارح الإعلام  نقول ما لا نفعل ولا نطبق إلا ما ندر ونحتمي خلف منشتات الخصوصية والتعاليم الإسلامية التي وللأسف لا نعرفها إلا عند ارتفاع صوت الأذان وفي مناسباتنا السنوية ونتركها في باقي الأوقات ونستمر في الأنظومة التي أصبحت كأغلال على رقبة كل من يريد الحقيقة ولكنها غطاء لكل من يريد الاستمرار في الاستغلال والكذب على الخلائق.
همسة الأسبوع
لن أترك أحدا يلبسني ثوب المعارضة ، ولا أريد من أحد أن تتلبس عليه مكنونات كتاباتي ، فما أنا إلا حمامة سلام تحمل رسائل الحقيقة لمن تاهوا في أدراج المسؤولية فأصبحوا بعيدين عن تلمس الأحوال الزلزالية للكرة الأرضية.

*كاتبة سعودية





No comments:

Post a Comment