Friday 1 October 2010

الرفاهيـــة والاعتــــدال رسائــــل رجُليــن



شدني بقوة حدثان مهمان في هذا الأسبوع الذي أعتبره أسبوع خير ذو دلالة عظيمة تبشر بعهد جديد من سياسة مستمدة من حكومة رشيدة، ورجلين ذوي رؤية مستقبلية وبصيرة واقعية، فالأول كلمات خادم الحرمين الشريفين بأنه ليس راضيا وقانعا عما أنجز من سياساته وقراراته وتفعيلها عند اجتماعه بوزير المالية ومحافظ مؤسسة النقد السعودي، مبشرا بأيام أكثر إشراقا وخيرا للشعب السعودي من رخاء واستقرار وتكافل الحكومة مع الشعب، وهنا أقرأ ما بين السطور أن القادم أفضل. ولكن مع قراءة للتقارير المؤشرة على نماء الاقتصاد السعودي بنسبة 3.5% ، متجاوزا الأزمة المالية العالمية، بفضل سياسة خادم الحرمين الشريفين وحكومته التي درأت باقتصادنا عن المؤشرات السلبية التي أطاحت بأكبر الدول اقتصادا، أتساءل عن أرقام ارتفاع المعيشة، والغلاء ونسبة التضخم، والقلق الرسمي الذي أبدته السلطات من وصول معدل التضخم إلى 6.1% وصعود المؤشر الأكبر في التضخم باتجاه أسعار السلع الغذائية، فالمقارنة عجيبة والأرقام مخيفة. فكيف يُقدَّم لخادم الحرمين الشريفين تقرير في النمو، وفي المقابل لم يقدم له تقارير التضخم ومغزاها ونتائجها على المواطن. لأن أسعار السلع تتزايد ولا يوجد كابح ولا مسيطر على التجار، والمواد الأولية تباع بأسعار خيالية، وأسعار الإيجارات والبناء تدار بنية غير واقعية ولا سوية، فما الفائدة من أرقام خيالية ونمو على الأوراق الحسابية، والمقابل أسعار بعيدة أن تكون مثالية، فكل نمو ورخاء يكتب على الورق وينشر في الصحف يقابله تضخم في أسعار المعيشة، التي هي أساس ومقومات حياة المواطن غير السوية، فالتضارب في الأرقام يعتبر تلاعبا في الأقوال ولا تنم عن تفعيل الأوامر ولا إظهار للواقع، فالملك حفظه الله لم ولن يبخل على المواطن بكل ما يكفل للمواطن عيشة هنيئة رضية، ولكن التضارب في التقارير لا تتوازن مع النيات الطيبة لمليكنا، وأوامره الحتمية والتي من المفروض أن تكون فورية وقوية وذات فاعلية، فالتضارب هنا يجعلني أتساءل عن الجهة التي ستنجز الرفاهية، والسكن لكل مواطن وهو لا يقدر على أصغر الأمور الحياتية ومسائل مصيرية لاستمرار حياته بكل انسيابية. فالطريق طويل والأمد قصير، ونحن محتاجون كما أقول دائما لتفعيل هذه الأوامر الملكية حتى لا تصبح فقط مانشتات صحفية ارضاءً لجهات معينة، فالثقة موجودة بملك الإنسانية، وحكومته التشريعية، والخلل لا يزال موجودا في الجهات التنفيذية التي تتشابك مثل الخيوط العنكبوتية لمنع وصول وتنفيذ هذه السياسات المثالية من ملك الإنسانية. والتضخم يفوق حجم النمو، وهنا تكمن المشكلة الأساسية، فلابد من تناسق بين الاثنين، حتى نصبح بالفعل والقول مجتمع رخاء وكفاف ليحس به المواطن في شتى الأصعدة وكل الطبقات من اكتفاء ذاتي وحلم أبدي بوجود استقرار فعلي لكل إنسان على هذه الأرض الطيبة وحكومتها المعطاءة.
والحدث الثاني الذي لا يقل أهمية وذو دلالة اجتماعية ثقيلة المحتوى وعظيمة الفحوى، وشديدة اللهجة، على لسان الرجل الذي اتسم بالأخلاق الرفيعة والرؤية السوية والعقلية المحنكة التي بها استطعنا أن ننتصر على القوات الخفية التي تحاول من غير استكانة أن تنال من استقرار هذا البلد الأمين، بطريقة منحرفة من دس للأفكار الثورية لتغيير المفاهيم الأساسية والتعاليم الإسلامية التي بنيت على الاعتدال والأخلاق المحمدية، فاستطاع هذا الأمير أن يقود البلاد بفضل الله ثم حكمة خادم الحرمين الشريفين إلى انتصار جلي وواضح على الجماعات الإرهابية، ومحاولات الاغتيال، لينعم المواطن والمقيم بحياة شعارها الأمن وفعلها الأمان، وهدفها الاستقرار والنمو، وهذا ما تفتقده كثير من الدول التي يوجد لديها قوات أكبر وأجهزة أضخم ولكن لم تصل إلى نفس الهدف ولا ارتقت إلى ذات المستوى، ولا حصلت على النتيجة التي نعيش بها في هذا البلد الأمين بفضل الله ثم ذكاء وحنكة وبصيرة هذا الرجل العظيم. فالرسالة واضحة، والقصد جلي من تصريحات النائب الثاني، وهو الاتجاه الصريح والكلمات التي لا تقبل التسويف ولا التأويل من الحث على الاعتدال في الدين، وإحياء سيرة أجدادنا وأتباع منهج نبينا وتمسكنا بالقيم والأخلاق النبوية، لندرأ عن أنفسنا الهجمات الخارجية، والأفكار المستوردة المتطرفة، التي لا تمت للإسلام في شيء سوى مسمياتها الدينية والتي تختبئ من ورائها رسائل تطرف بلا منهجية، لتعود بنا إلى أزمنة الجاهلية، والمجتمعات الوثنية التي كانت مسمياتها شتى من طالبانية وحوثية وغيرها من الهويات التي تتخذ من الإسلام رسالة وهوية وهي بعيدة كل البعد عن أخلاق ومنهج وسيرة نبينا عليه الصلاة والسلام، ورسالة الأمير القوية والاستثنائية هي تصريحه بأن المرأة هي من أسس المجتمع الإسلامي ولها قيمتها التي أعطاها إياها رب البرية من نشر ثقافة الاعتدال وتربية النشء على الوسطية، لتصبح ذات فاعلية وقوة تنفيذية في مجتمع اعتاد على تهميش المرأة ووضعها في خانة غير سوية، في أنها ناقصة عقل ودين، فبكلمته هذه أرسى لمن لديهم شكوك أن الرؤية والسياسة المحلية بعيدة كل البعد عما نسمعه في إعلامنا وبعض الهيئات الدينية غير الوسطية عن المرأة ووأدها وهي حية، فأزاح الستار عن رؤيته العقلانية واتجاهه لدعم المرأة على كل المستويات والإمكانيات لتصبح أكثر تواجدا واحتراما في مجتمع اعتاد على تهميشها بناءً على عادات وتراث وليس على تفكر وتدبر وامتثال للتعاليم الإسلامية. رجلان عظيمان أعطيا رسالتين مكملتين لمن يريد القراءة بين السطور ولمن لا يستطيع القراءة بين النقط والأفعال المضارعة والسياسة المقبلة من شفافية، وتفعيل ومصداقية لحكومة ملك الإنسانية، ورائد المشاريع الإصلاحية المحلية والعالمية، وإزاء هذا لا أملك نفسي من أن أقول حفظكم الله لنا ولوطننا الحبيب، ووقاكم أصحاب شرار النفوس، وأعانكم على تبليغ الرسالة وأداء الأمانة لنعيش حاضرا ومستقبلا ينبئ عن خير كثير ووطن قوي ، إن نفذت الأوامر وامتثلت المصادر وتوحدت القنوات، وترجمت اللغات لتصبح لغة وطنية ومنهجا تسير عليه الأجيال، وملحمة من التكامل والتكافل الهرمي ليطبق على أرض الواقع ولا يبقى حبيس السطور في دفاتر بعض المسؤولين الذين ائتمنوا وحلفوا على التنفيذ لا التسويف أمام الله ثم أمام أصحاب القرار الذين اختصهم الله للعبور بنا إلى مستقبل مضيء بشموع المعرفة وحاضر يَخطُّونه برسائل الوسطية والعدل لإجلاء الأجواء الضبابية من الأبخرة الكيميائية التي أصبحت كسرطان تستشري في جسد الأمة، فالتحديات كثيرة والأمانة هي التحدي الأكبر لمواجهة الطوفان الأعظم .


همسة الأسبوع
يد الله مع الجماعة، هكذا تعلمنا، وهكذا نريد أن نربي أجيالنا بأن الوسطية رسالتنا والحوار عنواننا والمصداقية منهاجنا.

No comments:

Post a Comment