Friday 22 October 2010

رؤساء دول أم رؤساء تحرير؟

السلطــة الرابعـــة ، هكذا يسمون الصحافة في الإعلام الغربي، فالإعلامي يملك ما لا يملك غيره من سلطة لتغيير سير الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وحقوقه مكفولة بالكامل بواسطة مؤسسات لجان مخصصة للحفاظ على حقوق الإعلامي والكاتب مهما بلغ حجمه أو نجمه أو اسمه من علو أو هبوط في سلم الوظيفة أو المسؤولية.
أما في وطننا الحبيب فالمعادلة مقلوبة كما في معظم الأمور الإدارية، فالإعلامي والكاتب، لا يوجد له مدافع ولا مطالب ولا لجان ولا مؤسسات، وبالتالي لا حقوق ولا أهداف دنيوية، فالمفروض على إعلاميينا من ذكور وإناث أن يعيشوا متصوفين زاهدين راضين بما يغدق عليهم من معظم رؤساء التحرير، بما فيها المجلات والصحف اليومية، ضمن سياسة لا توجد أصلا إلا عند ذوي العقول المستبدة الطاغية، فالديكتاتورية هي السياسة المحلية لمعظم رؤساء دول الصحافة والإعلام المحلي، فالكل أصبح مردوخا، والكل أصبح ذا سلطة بدون نهاية، فيفصلون ويعينون ويصرفون لمن يريدون بدون قوانين مكتوبة أو مدونة، ضمن أشراط وضعت من قبل وزارة الإعلام المفروض أن تكون هي المتصرفة والمسؤولة بتطبيق القوانين المحلية المتعلقة بالكتاب والإعلاميين في وطننا الحبيب والحفاظ على حقوقهم على شتى أطيافهم وجنسياتهم وأجناسهم، وتأسيس لجان ترعى وتسهر على حقوقهم مثل أي دولة متطورة في العالم، يجب أن تكون الأولويات لدى وزارة الإعلام حقوق أبنائها وبناتها الكتاب والإعلاميين لصيانة وحفظ كل ما يتعلق بالحقوق المدنية، فما جدوى الصحف والمجلات ومحطات التلفزة إن كانت مبنية على كوادر مقهورة، لا تستطيع أن تقول لا لرئيسها، ولا تستطيع أن ترفض، ولا أن تستنكر، ولا أن تطالب بحقوقها المسلوبة والمسلّم بها في جميع دول العالم، ما فائدة كتاب تسلب كل يوم أفكارهم بدون حفظ أو مطالبة لحقوقهم الأدبية والمعنوية والمادية، ما الجدوى المعلنة لإعلاميين يصلون النهار بالليل ليسطع نجمهم، ولكن يأفل بجرة قلم ليحذفوا من تاريخ الصحافة، بدون مبررات ولا إنذارات، ولا تعويضات؟ ما فائدة كلمة لا، إن لم يستطيعوا أن يطبقوها في كتاباتهم وأفكارهم المبدعة، ليطفئوا أفكارهم ومواهبهم بمجرد تصنيف رؤساء التحرير لهم بالثوار والمجاهدين، وأقل الاعتبار كلمة «بدون موهبة» ليحل مكانه كاتب المزاجية والحزبية والمصلحة الرئاسية التي تحكمه بدون تفكير، ولا تدبير، ولا ضمير، إنما بتلقائية وعشوائية وكأنهم آلات روبوتية تعمل بالريموت كنترول أو بالطاقة الذرية، ليكتبوا ما يمليه عليهم مزاج تلك الشخصية أو هوية تحرير صحيفته النخبوية، أو الحلف بالوطنية والانتماء بعدم التعرض لتلك القضية أو هذه المشكلة التي أصبحت مستعصية، والعزوف عن كل ما يغضب الرئيس أو نائبه أو حتى رئيس الصفحة المحلية وبذلك يصبح مثال المصداقية في سياسة كلها استبدادية، أين الحقوق الإعلامية والضمانات واللجان الحقوقية للدفاع عن حقوق الإعلاميين والكتاب والعاملين في شتى مجالات الإعلام، أين القوانين المكتوبة الشرعية؟ أين يتظلم العباد ممن كتب عليهم العمل في هذا المجال الحيوي، وكيف يدافعون بدورهم كإعلاميين عن القضايا الإنسانية، وهم بأشد الحاجة لها، ولأن تسلط الأضواء على حقوقهم الضائعة لدى من يملكون القرار على رقاب الأحرار، من يستطيع أن يقف في وجه القرارات التعسفية ويطالب بحقوقه العمالية.
فالمطالبة بالحقوق لمن يعمل في مجال الإعلام الذين نرى معاناتهم يوميا، من هضم حقوق وسلب للإرادة، والقرارات الفجائية لتنهي مسار رجال ونساء بذلوا وأعطوا لمهنتهم من تضحيات مجهولة للقراء الذين يقرأون ولا يعرفون أن من وراء هذه الأخبار والمقالات مأساة إنسان، يتبعها معاناة أسر بأكملها لا تستطيع الاعتراض على أي من الشروط الفردية لكل مؤسسة إعلامية، فلا توحيد للقوانين، ولا للإجازات ولا البدلات، ولا الحقوق المدنية، بل ساحة للعشوائية والشروط التعجيزية لمن يريد أن يمضي قدما في هذا المجال المجهول النتيجة والهوية ودهاليزه السوداوية.
أنا إنسانة في المقام الأول ومواطنة وأهوى الإعلام، فقد وجدت في هذا التجمع غابة تملؤها الوحوش الكاسرة بدون نظم ولا بروتوكول، ولا حتى دستور، بل غابة استوائية، فيها من كل أنواع المخلوقات البدائية بنظام لا ينتمي إلى عالم أي حضارة ولا حتى إلى القوانين الغربية التي أصبحت قدوتنا في كل أمورنا الدنيوية، فلماذا لا نقتبس ونفصل لنا ثوبا يلائمنا مما يوجد لديهم من تقدم في مجالات الاقتصاد والتعليم والإعلام والتقنيات، والدفاع عن حقوق الآخر في كل المجالات وخاصة الإعلامية، لما عرفوا ما لدى هذه الجهة من دور أولي وأساسي في نشر الثقافة العالمية، وهي إما أن تكون علوية أو سفلية أو وسطية، فأسسوا لها لجانا وأعطوا للعاملين فيها أكثر مما أعطيت لكل المجالات الأخرى من دوافع وامتيازات، فأصبحوا الرائدين في هذا المجال، وإعلاميوهم تغشاهم سمة الوقار والاحترام، أما نحن فسيمانا تعبر عما فينا من ذل واستعباد حتى لو وضعنا أقنعتنا الذهبية.

همسة الأسبوع
إعلاميون بلا حدود هكذا أريد صحافتنا
فلن يسطع نجم إعلاميينا إلا عند بزوغ فجر الحقوق الإنسانية.

No comments:

Post a Comment