Monday 18 August 2014

دوام الحال من المحال “الإثنين، 18 يونيو/ حزيران،2014″

دوام الحال من المحال “الإثنين، 18 يونيو/ حزيران،2014″

بسمة بنت سعود بن عبدالعزيز آل سعود*
©جميع حقوق التأليف والنشر محفوظة للأميرة بسمة
باتت عيني تراقب كل شىء منذ نزول الطائرة في مطار الملك عبدالعزيز، منذ أن دخلت غرفتي في فندق بكورنيش جدة غير.
لاحظت التغيير منذ دخولي السيارة، نظرت بنظرة ثاقبة إلى الشوارع، حللت الأتربة، والأرصفة، تجولت عيني بين الإشارات، والجسور، والمحلات التجارية. راقبت حركة السير، والخطوط المرورية، لاحظت عدم وجود رجال الأمن في الشوارع كما أعتدت على رؤيتهم، فتذكرت لندن وشوارعها وقارنت، وشعرت أن العالم كله تغير، فأصبحت العولمة حتى في شوارعنا واضحة وشفافة، لأنه حتى المطار وخدمات رجال الأعمال أصبحت غير حكومية، وأخذتها شركة محلية ليس لها علاقة بالضيافة الجوية، كما لندن الشوارع تراقبها ساهر التلفزيونية، وغابت الهيبة المرورية من شوارعنا كما غابت الملاحظات الفردية التي كانت تحد من جموح بعض الشباب والأفراد في الشوارع الجانبية من تصرفات غير أخلاقية، في قيادة سياراتهم ووقوفهم في كل الأماكن المكتوب عليها “ممنوع الوقوف”، وكأنها تناديهم للوقوف أمام القانون.
دخلت الفندق، كما الحال في المطار رجال استقبال لا يمتون للسياحة بشىء، وكأني تركت جدة عروسا والآن أصبحت عجوزا وأرملة، بل مطلقة طلقة واحدة من الخدمات السياحية وتطليق الثلاث مما كانت عليه مع الخدمات الحكومية، متعوب عليها مدعومة وليست تجارية مخصخصة، فقلت في نفسي: لندن لا تملك الأموال لدعم البنية التحتية والفندقية، ولكن لا أعرف لماذا نحن أعطيناها لتجار العطور والجلود، ليغيروا معالم مدينة لطالما كانت مع كل شوائبها أنظف، ولديها خدمات مميزة غير, وما أراه الآن هو إنهيار شبه تام لكل ما كانت عليه قبل سفري منذ أربعة اعوام.
مع أني أعرف في داخلي أن دوام الحال من المحال لكن توقعت أن يكون للأفضل وليس فقط لتحصيل المال وبيع ما كان يجب أن يبقى مرافق حكومية إلى تجار الأموال.
لم أستسيغ ما رأيت ولكن أرتأيت أن الخير ممكن أن يكون على يد الأمير الشاب الذي أبني عليه الكثير من الآمال لتحقيق ما أزيل في هذه الأعوام أو ما ترك ليصبح رمادا أو شبه جثة هامدة بعد أن كانت الحياة تدب في كل أعضائها وجمال كانت تحظى به عروس البحر في سابق الأيام.
أما مكة فهذا الذي لم يكن يخطر على بالي،  مبانٍ شاهقة تطل على ما يسمى الآن “بانوراما الحرم” وثمن الغرفة مبني على إطلالتها على بيت الله الذي أصبح وجهة سياحية وليست إلهية.
أما البيت فله الله كما كان منذ سابق الزمان، لم أشعر بروحانيات وإمتداد للطاقة الإيجابية الذي كنت أحس بها عند طوافي بالبيت العتيق من الأدوار فقدت الإتصال وبها فقدت شعور الهيبة التي كنت أحس بها كلما ذهب نظري الى الأعلى والسماء وفضاء لا تشوبه شائبة إلى حمام وجراد الحرم , فكانت السماء والحرم المكي هما الأساسيان في المنظر الإلهي كما كان عندما رأه الامير الشاب سلطان بن سلمان في رحلته المشهورة الى الفضاء, أما الآن فأنا متأكدة أنهم سيرون الساعة قبل رؤية الحرم المكي.
خطأ معماري أم تجاري، هذا ما أرجو من الأمير الشاب أن يسعى إلى تنظيمه مع إدارة الحرمين لكي تعود الأمور ولو قليلها إلى سابق عهدها من تميز معماري وفضاء واسع في صحن الحرم وتيسير العمرة للجميع مع الإحتفاظ بأهم نقطة وهى روحانيات ما بنيت له وعليه.
أنتقل الآن إلى نجد وما حولها فرأيت مناطق أشدت بها وبتميزها وعاصمة بدأت تنفض عنها تاريخ أجداد وبيوت كانت شهادة وإستمارة بحضارة زالت وأزيلت وستزال لكي تصبح مثل دبي وهذا ما أخافه فالرياض هى عاصمة العالم العربي وأسم تهتز له كثير من الدول كعاصمة صنع القرار القارة الآسيوية ومحور شرق أوسطي وحلف إفريقي وثقل دولي يجب أن تمتاز بالطابع المحلي والحفاظ عليه.
البنية التحيتة وإزالة العشوائيات كما أمر خادم الحرمين عند توليه قبل أن تبنى مناطق أخرى تعانق السحاب.
في مجمل رحلة العودة هو نتيجة دوام الحال من المحال إلا في مجال يشكر عليه الأمير محمد بن نايف وهو الأمن الذي يحظى ويتمتع به الوطن وهذا لا يشترى بمال ولا بكنوز سليمان.
العالم العربي وما حوله تتغير خارطته الحدودية يوميا ويخضع ويئن تحت ضغط دولي بإحداث تغيرات جذرية بتغير إدارة البلاد، وهذا لا يخص منطقة أو أخرى بل في كل الحزام الأمنى العربي والأوردي والغربي حيث تتفاوت الأحدث حسب الهوية المحلية فالتغيير قادم لا محالة والجميع عليه أن يتيقن أن ما تحظى به بلادنا من أمن وإستقرار وولاة أمور من مليك غيور على شعبه الى أمراء يعون المسؤولية الملقاة على عاتقهم، تعطى إشارة أننا أفضل حالا من بلاد الواق الواق، وبلاد العم سام، وجلالة الملكة، فلا زلنا ننعم بالطيبة وكلمة الحمدلله، وهذا ما لا يعرفه الغرب لا في قانونهم ولا أساسه.
العالم يتغير ومهمتنا كوطن وأسرة واحدة أن نراعي هذا التغيير ونستخدم أفضل الأساليب وأرقاها للنهضة ببلاد الحرمين إلى ما كانت عليه منذ عقود، ولتعود الحكومة لدعم القطاعات المحورية لكي تعود البشرى للمواطن ويعم الخير على الجميع بالفعل والحرص على ما قاله المليك في كلمته التي ستدخل التاريخ التي حملت عنوان:
خيرتكم فأختاروا، والسلام على من اتبع الهدى.
*كاتبة سعودية
b.saoud@hotmail.com

الأميرة بسمة

Twitter @PrincessBasmah

No comments:

Post a Comment