Sunday 24 November 2013

ضياع الربيع العربي بين الفصول الأربعة

الإثنين ،25 نوفمبر/ تشرين الثاني،2013

ضياع الربيع العربي بين الفصول الأربعة

بسمة بنت سعود بن عبدالعزيز آل سعود*
©جميع حقوق التأليف و النشر محفوظة للأميرة بسمة

يضيق صدري ولا ينطلق لساني، وضاعت بوصلتي بين الفصول الأربعة، أم أقول المآسي التي لم تعد لها فصولا ولا بيئة معينة كي تهطل فيها الأمطار السنوية، أطلق على الفوضى والدمار اسم "ربيع"، وأطلقوا رصاصة الضمير في غير وقتها، فأصبح الجميع يتصرف من غير عقل ومنطق ولا رؤية مستقبلية، بل باتجاه معاكس لانتصار الأمة العربية، قالوا عنه "ربيع" ففرحنا، ولكننا لم نر الزهور ولا النسيم العليل، بل أصبح بصرنا من حديد لا يرى إلا الدماء والجليد والثأر واللهيب في وسط فصل الزهور وبداية السنة الميلادية، ضاعت حقوق ، ضاعت آمال، ضاعت سنين عجاف، ضاعت أجيال وأجيال ومنها آثار دمرت بدقائق ما بنته الحضارات، وما زلنا نقول "ربيع".
هل أصلا يوجد في المنطقة العربية فصل الربيع؟ أم هو حلم نراه فقط في عيون أطفالنا الذين لم يفقدوا الأمل بعد على قارعة الطريق.
يسألوني عن مشاكل وطني، وأقول لهم لا نعرف الربيع، بل فصل دائم لا يتغير فيه المناخ إلا حسب المزاج المحلي.
دارت الفصول الأربعة الدنيا وعجزت عن الاستقرار في بلادنا، وطن الرسل والأنبياء، وطن الحضارات والتراث والأخلاقيات المحمدية، فأصبحت رمادا قبل أن تحترق، ونثرناه على جثث أطفالنا.
حوصرنا من جميع الجهات، ومن جميع الفصول في بلادنا، فأصبحنا فصلا جديدا يتندر عليه العالم ويذكره كما تًذكر الأمراض المستعصية.
أصبحنا أرجوحة وأضحوكة، لأننا دخلنا معترك لم يكن لنا فيه لا ناقة ولا حصان ولا حتى ثأر، فقط من أجل انتماءات وأجندات شخصية ليس لها رؤية ربيعية بكل ما تعني هذه الكلمة من معانٍ، فأضاعونا في متاهات حروب وألوف الأرواح ومليارات من الدولارات صرفت لعزل هذا أو ذاك ، ونسينا شعوبنا كما العادة التي اعتدنا أن يقتات على القات، واخترعنا كل أنواع السحر والشعوذة، والخمر المصنع محليا لتسكين وظائف المخ العربي والمحلي.
الكل ينظر ويتساءل عن "مسار القانون الرابع" ، وأقول لهم قدمته للسلطات لكي تدرسه، لكي لا آتي بفصل الشتاء قبل الخريف.
مسار قانون كامل الأركان يناسب جميع الفصول، ولا يفضل فصلا عن آخر، فهو حيادي يتمتع بحس مرهف  فوق العادة، يتحول ويتقلب ويتقولب على أصوات الموسيقى المحلية من غير نشاز ولا تعدٍ على تراث أو دين أو مذهب محلي.
قانون لا شبيه له، لأنه مدني، استقيته من القرآن والسيرة النبوية، كتبته من حرقة في قلبي على كل السنين الماضية التي فَجر فيها الإنسان وطغى، كتبته من عين دامعة على شباب الوطن وثرواته التي ذهبت من غير رجعة إلى بلاد اقتاتت على جثث مئات من ملايين البشر وقوتهم اليومي، وشاركتهم حتى في طريقة نوعية أكلهم، وحولتهم إلى آكلي لحوم البشر واخوانهم وما يجرون.
كتبته وانا في حالة دوران وضياع بين كل الفصول والسنين، حائرة أبحث عن الربيع، فلم أجده إلا في كتب التاريخ.
كتبته من كثرة ما قرأت عن مآسي البطالة وبشاعة منظر الاستجداء والتحدي.
كتبته لأني رفضت أن يكون شعبي مقيدا بسلاسل من صنع يده.
كتبته من أجل مشاكل البطالة، وخريجات عاطلات، وشباب سلبت حقوقهم جهرا، وبنات لم يعطوا حقوقهن بالدراسة كما غيرهن من العائلات النخبوية، من أجل شيب أصبحوا قاب قوسين أو أدنى من الموت ولم يجدوا حتى سكنا يتركوه لبناتهم لكي يستروا عوراتهن، كتبته من أجل لقطة عن امرأة تجاوزت الثمانين تبكي والبلدية  تهدم فوق رأسها عشها وحلمها وسترها في بقعة جغرافية ما في هذا الوطن الكبير، كتبته من مناظر اقشعرت لها مسامي الرقيقة، وارتعشت منها مفاصلي عندما أخذت أولادي في رحلة تقصي عما يجري في بلادي وهجرها وقراها، كتبته بكل أمانة وصدق للأجيال القادمة، كتبته لأولادي وأولادهم وأولادكم، كتبته من أجل الأمن الوظيفي والسكني والتعليمي والبيئي والصحي لجميع أبناء وطني، الذين يستحقون لولائهم ليس فقط أن نبني لهم بنية تحية تقيهم من الغرق في المواسم الممطرة التي ضاعت بين الفصول الأربعة، بل يبنى لهم قصورا من ذهب وهمسة شكر ليسمعها القاصي والداني من كل حدب وصوب في هذا العالم الذي أصبح قرية تتنصت حتى على أنفاسك.
كتبته  لكي أحرر الجنس البشري من تولي قساة  القلوب وعديمي الضمير الذين سمحوا لأنفسهم بسجن الإنسان قبل أن يقول الحق قوله، كتبته من أجل تحرير عبودية امرأة أعطاها الله حقوقها كلها في قرآنه وسلبناها إياه باسم الدين والفقه والحديث، كتبته من أجل تحرير الأقلام والإعلام والتفكير من غير تكفير.
كتبته لمساواة الغني والفقير أمام الله في حرمه وعند كعبته ومدينة رسوله، من غير أن يدفعوا ما جنوه في سنة هجرية كاملة لأجل زيارة رسول الأمة أو الحج أو العمرة، لأن الحرمين أصبحا فقط للقادرين على دفع الفاتورة وتجارة الرقيق، من يقدر أن يدفع عشرة آلاف ريال لغرفة أمام الحرم؟، والآخر لا يعطى حتى تأشيرة دخول بيت الله الحرام! وكأنه سجين قيود النظام.
كتبته لتعليم الأجيال الحاضرة والقادمة  لكي لا تسافر وتدفع المليارات لكي يعودوا أو لا يعودوا وعقولهم غُسلت بأجندات وأفكار لا تمت للسلام والأمان، والمساواة، والحقوق، والعدل بشيء ، إلا كلمة ديمقراطية التي أصبحت ديانة بحد ذاتها، يكفر من لا يتبعها، أو يحني لها رأسه، ولو من بعيد.
كتبته من أجل تعليم شعوبنا حقوقهم، وأننا قادرين أن نكتب لهم ويقرأون لنا، بدلا من استعباد حتى علومنا واقناعنا أننا لن نستطيع أن نبدل عالمنا لأنهم استحوذوا على عقولنا بتقنياتهم التي باتت مادة تحرير وتجسس ورقيب عتيد، ونحن أخذناها كحرية تعبير، ولم ننتبه انه ساهر على كل كلمة نقولها وكل همسة تدور بين الخاص والعام على تويتر والفيس بوك، ولم نجعل له من قوانين تحكمه لكي يندسوا بين صفوف العباد كالثعابين التي حذر منها الله في  بيانه وكرهها النبي.
أخذوا منا إسلامنا وأخلاقنا وتركونا لعبة بين أيدي أحزابنا السياسية التي اتخذت الدين تجارة علنية.
أين الربيع؟ وأين الهوية؟ وهي ضائعة! ليست فقط بين الفصول الأربعة بل ضاعت في عصور ماضية رحلت، ولن ترجع إلا بإحلال قانون مدني يراعي كل ما كتبته في سنين نضالي وإصراري الشعبي على أن أرى هويتنا وشعبنا يأخذ بزمام الأمور، وننفض الغبار عن ملاحمنا التاريخية لنبدأ عهدا جديدا يرجع الاحترام والهيبة للأمم العربية وليحرر الإنسانية قاطبة من عبودية الأنظمة البالية التي أفسدتها أجندات سياسية ودينية عبر الأزمنة، فتقرحت وأنتجت سموما باتت جزءا من أجسامنا وثقافتنا المحلية.
ببساطة من غير إعلان .."مسار القانون الرابع" إن أعلن سيحل كل المشاكل المستعصية، ولكني ابنة بارة ووفية، ولن أجعله وسيلة ولا قذيفة في وجه من رباني واعطاني ، بل سيف عدالة أريده أن يحل ويسود مجتمعنا وذلك بالحوار وباتفاق الأغلبية، لأن القانون إذا أصبح أداة فوضى ودمار زالت عنه صبغة القانون ليصبح أداة حرب وانهيار.
تحررت من القيود وبلغت الرسالة وما على الرسول إلا البلاغ، أمن وطني ووحدة شعبه هو ما أخفق عجلة كتابتي للدستور منذ أجيال،  وأمن ووحدة الوطن هي ما دفعتني لكتابة مسار القانون الرابع الآن كدستور وقائي للحفاظ على أمن بلادي.

*كاتبة سعودية

You tube:  http://goo.gl/e8tpD 

PrincessBasmah @

BasmahPrincess @

خاص بموقع سمو الأميرة بسمةhttp://basmahbintsaud.com/arabic/
 نسمح باعادة النشر شرط ذكر المصدر تحت طائلة الملاحقة القانونية




No comments:

Post a Comment