Thursday 15 March 2012

مظاهرات أم تظاهرات


بسمة بنت سعود بن عبدالعزيز آل سعود*
ما حصل في عسير فهو عسير، وليس بيسير، ولا يطمئن أبدا، العقول التي يسر لها الله العسير من المفهومية، والحكمة والروية في استخلاص الدروس والعبر والمدروس من الخطط لمواجهة هذا الخطر.

ففي الشبكة العنكبوتية يشيد المهندس عبدالكريم الحنيني وكيل إمارة منطقة عسير بالرقي الفكري والحضاري الذي شاهده أثناء لقائه بطلاب الجامعة التي دخلت التاريخ من أوسع أبوابه في المملكة العربية السعودية، ضاربة بالحائط كل الخطوط المعتادة التي لا يجتازها، بل لم يجرؤ أن يفكر فيها أبدا أحد من قبل، خاصة الطلاب والطالبات في منطقتنا الجغرافية، فإن أشاد المهندس المثقف الواعي بوعي الطلاب، فهذه شهادة منه أنهم على حق، وبالتالي كان لابد من لفت الانتباه ولو بالتظاهر والاعتصام، لأنه من الواضح أنه لم يسمع صوتهم ولم يرد عليهم أحد، فالكل اعتادوا- وخاصة في المناصب العليا- على المقولة المشهورة لدى العرب "إن كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب"، فأصبحوا صم بكم عمي لا يسمعون ولا يرون ولا يريدون أن يسمعوا، لكي تكتمل الصورة النمطية للمثلثات الذهبية التي أصبحت مع الزمان من المسلمات، التي لا يجرؤ أحد على نقدها، فأصبح كتابنا يتكلمون عن منطقة البطحة والأجانب، والطرق والمعابر، وتركوا أهم من الأمور، بل الجذور ولكل أمر مهم لأجيالنا القادمة من التعليم الأساسي إلى التعليم العالي، وشغلونا بالسياقة والألعاب، والكفر، ومعارض الكتاب، ولا يوجد في الأصل من يقرأ في هذا الزمان إلا من تجاوزوا الستين، أو القليل الذين يتاجرون ويعملون في هذا المجال ، لأن هذا الجيل هو جيل القنوات الفضائية والأجهزة الإلكترونية.

مع أنني لست مع المظاهرات المليونية، ولكني مع التجمعات السلمية التي تنظم بشكل سلس ورسالة هادفة مبنية على التحضر والإنسانية، فإن كانت أبواب الأمير مفتوحة للجميع كما قال المهندس الأنيق، فإنني أستغرب أنه لم يسمع بما يجري في أكبر جامعة تحمل اسم والد أمير المنطقة، ولم ير ما يجري  في أروقتها ولم يتكلم مع أحد لحلها قبل أن تصبح خطوطا حمراء كما وصفها أميرها.

فإنني أستغرب من المهندس الوكيل تناقض عباراته وتصريحاته التي إن نمت عن شيء فهي تخبط من قبله، فكيف يصف الطلاب الذين التقاهم بالرقي الفكري والحضاري، وفي آخر تصريحاته يوصيهم بالبعد عن الأساليب غير الحضارية، أم اللغة أصبحت لديه ضبابية.

شئنا أم أبينا فإن الصور التي بثت على اليوتيوب يوم السبت لـ 200 طالب في فرع جامعة الملك خالد للذكور في أبها وهم يتظاهرون فيما يبدو احتجاجا على ضعف الخدمات ويطالبون بإقالة رئيس جامعتها ، وبذلك يتبين لنا أن الخبر ليس محصورا بجامعة البنات كما ورد في الأنباء ، بل في جميع أرجاء الجامعة، ولكن العجب العجاب هو في تصريحات النائب والوكيل لوكالة رويترز :"أن الطلاب لهم الحق في الاحتجاج وأن السلطة المحلية ستشكل لجنة للنظر في مطالبهم، وهنا أقول:" من غير تعليق"!

علما أن المملكة تحمل أكبر ميزانية للتعليم وبناء المدارس والجامعات، وهنا لن أقول كما المعتاد أين تذهب هذه الأموال، لأن الطلاب أصبح لديهم الجرأة لقولها عني، فهي تذهب في جيوب من هم مسؤولون عنها بشكل مباشر وغير مباشر، ولا يوجد حتى علامة استفهام أو تلفيق اتهامات ، فالأمور أصبحت جلية وواضحة للعيان.

لأن الله لهم بالمرصاد، والله يستر من القادم الذي سيكشف المستور الذي حذرت منه منذ دهور.



أما التظاهرات ، وهنا أعني التظاهر في أن المحكمة عادلة والعدل قائم ، في أول حكم في كارثة جدة وهو التظاهر بأنهم حكموا بالسجن لمدة عام واحد مع وقف التنفيذ  والسبب هو أن سن المتهم "50 عاما" وهنا أسأل المحكمة الموقرة ووزير العدل : على أي آية في القرآن استندت وعلى أي حديث أخذت المعايير الفقهية منها ، فليعلمونا حتى نوصي المحتالين والنصابين والمجرمين أن يستعملوا كل من هو فوق سن الخمسين ليقترفوا المجازر ويعيثوا في الأرض فسادا، حتى يبرءوا من المحاكم والأحكام، وينفذون من العقاب، بينما كبار مسؤوليهم يجوبون القفار والصحراء حتى لا يكون قريبا عند صدور الأحكام القضائية حتى لا يكون مسؤولا من قريب أو بعيد عن المآسي المحلية، كما فعل في أول كارثة بجدة، حينما كانت تغرق، كان يطير بجناحيه ليحضر مؤتمر المثقفين والأدباء مجتازا البحار حتى لا يكون مسؤولا عن نتائج الأمطار والسيول ، إلى متى ستستمر هذه المهزلة، حتى بعد ترقية رئيس بلديتها لمرتبة وزير حتى يخرج من عنق الزجاجة، وسم الإبرة حتى لا يحاسب هو ومن معه، وعلى كل حال فهو فوق سن الخمسين وهذا بحد ذاته أصبح منذ الآن قانونا يحمي كل من هم فوق هذه السن ، بل يرقيهم بالمناصب ويكافئ المتواطئ.

للأسف نرى في هذه الظروف من يحسب نفسه فوق القانون ضاربا عرض الحائط المقولة الشهيرة لقائدنا: "محاسبة كائن من كان"التي كانت عنوان مقالي قبل صدور الأمر الملكي بأيام، مليكنا وولي عهده لم ولن يبخلوا علينا بكل ما ينفع المواطن ويشفي الصدور والآلام، ولكن يوجد من هم قادرين على الالتحام وسد الثغور، ليحصلوا على ما تشتهي النفوس، وهي أوامرهم التي لا يريدون لها منافس، ولكن الله لهم بالمرصاد ، فهم يمكرون، والله يمكر وهو خير الماكرين.



همسة الأسبوع

المظاهرات السلمية هي من العلامات الحضارية والتظاهر بأعمال زمن الجاهلية قبل الربوع العربية عفا عليها الزمان، ولابد من الوقوف أمامها بالمعدات الثقيلة ، وهي الشفافية والعدالة الإلهية.

*كاتبة سعودية


twitter@TherealBASMAALS




1 comment:

  1. غير معرف20 March 2012 at 02:10

    أيؤيد ما ذكره السيد عزيز من احتمال "من يندس بين تلك الصفوف ويزين لجهات تريد النيل من وطننا." وهذا حصل وحاصل في الدول العربية التي اطلق عليها الربيع العربي.

    واحب إضاقة كلام اختلف مع السيد عزيز بشأن "الخبير الامريكي" الذي ذكره.

    لعقود مضت ونحن نسمع ان المملكة تدفع بطائل الاموال للخبراء من الغرب وخاصة اريكا، لو تفضل السيد عزيز واوضح اين هم وأين هي إضافاتهم للملكة وخاصة الجامعات والمعاهد وخاصة اللغة الانجليزية؟

    اقص علكم قصة حدثت معي شخصيا، في يزم دق باب البيت رجل وطلب الحديث معي حول كيفية التوفير والتأمين واخذنا الحديث واذا به يذكر انه عمل في المملكة 20 عاما! فسارعت وسألته ماذا كنت تعمل فذكر لي اجهزة التبريد؟ فتعجبت من اجابته واذا بي أسئلة مرة أخرى ما هو الربط بين ما عملت به في المملكة وعملك الحالي؟
    فضحك وذكر لا احد يعرف ماذا كنت اعمل.

    واسفاه ضاعت فلوسك ياصابر.....
    واختم كلامي بالمثل القائل: ما حــك جلــد غيــر ظفـــرك
    الرجاء من كل الاخوة السعوديين انهضوا من نومكم وسباتكم وهيا للعمل وكفاكم النوم

    ReplyDelete