Thursday 5 January 2012

الملحمة


ما نراه الآن على الساحة الدولية، وخاصة الساحة المحلية ليست فقط مخططات دولية لإرساء قواعد اقتصادية لها ، لتغطي بها انهياراتها المالية وسوء إدارتها للأزمات العالمية، فبعد تدهور الاتحاد الأوروبي نراه ينهار تحت عين الدول الفقيرة منها، وسوء دراسة السوق لهذه الكميات البشرية التي انفتحت لها الحدود لتأخذ محل المواطن الأصلي لهذه البلد أو تلك، لذا ينبغي علينا الحذر ثم الحذر قبل أن نستخدم نفس الأنظومة لمحاولة ضم الدول الخليجية تحت جهاز واحد مثلما فعل الاتحاد الأوربي، والآن تحاول كل بلد أن ترجع استقلال اقتصادها كل على حدا، بالرغم من التصريحات المالية لشتى المستشارين الاقتصاديين العالميين، فلا يخفى على احد مدى تورط الاقتصاد العالمي بما فيه السوق الأوربي من مشاكل وعدم فعالية اقتصاده واثبات أن المحور الذي بنوا عليه اقتصادهم أثبت فشله على كل الأصعدة، فأتمنى من المجلس الخليجي أن لا يقع في نفس المشكلة ، مع أن كل دول الخليج لم تتفق على سياسة موحدة إلا عند اندلاع ما يسمى بالربيع العربي، ووصوله للحدود، فنسينا سبب هذا الاتحاد، هو بالنسبة لهم قوة سلطاوية لا اقتصادية، ولكني أرى أن هذا الاتحاد سيقودهم إلى السقوط في هاوية من سقط الأول في وادي الانقلابات، وسيجرهم الواحد تلو الآخر في وادي المتاهات.
ومع كل هذا لابد من الاعتراف أن الأمور تسير بقدرة قادر ، وهو الله الذي بدأ بتغيير شامل وجذري لكل الأنظمة الحالية، حتى لو حاليا أطلقوا عليه اسم وعنونوا عليه الربيع، ولكنه سيكون في الآخرة خريف الاتحادات وانهيار الدول والدويلات.
وعندما نستعجل بالتصريحات المدوية بالإصلاحات الجذرية وننسى سنين ضعفت فيها قوتنا وأصواتنا من أن الإصلاح يوجد له خطط جذرية لا وقتية، وهو تغيير عام وليس فقط أسماء وتصريحات.
فعندما نقرأ في صحيفة ما عن تعثر على 555 مشروعا بـ 13 مليارا، وفي سنة واحدة ، وهذا إلا لتغريد من هيئة الرقابة، فإنني أسأل الرقابة أين كتبت خلال هذه السنة الشتوية الطويلة ، أين كنت عند بداية تعثر المشروعات ؟ ثم نقرأ في نفس الصفحة أن التشكيك في القضاء جريمة، وللدولة محاسبة المخربين، من هو الذي سيحدد المخرب وجريمته، هل هو نفس الجهاز الذي من المفروض محاربته ؟ أم الأقلام تجف عند محاسبة  من هو قائم بالقضاء على حقوق الناس وليس لأحد أن يتهمه بالفساد وسرقة المال العام.
من هو الاتحاد الذي سيقوم عليه محاسبة الوزراء والمعينين على رقاب العباد؟
أنا أتكلم هنا عن كل الدول ، وليس فقط بلادنا ، فالكل في ملحمة عالمية بدق أجراس الإنذار قبل حدوث الزلزال.
من دولة تحذرودولة تسرق، ودولة تهتز، ودولة تستقطب إلى أفراد يدقون ناقوس الخطر، وعند نزول المطر،الذي أصبح ينزل علينا في غير موسمه وأوقاته الفعلية.
القمة الخليجية تتعهد ، وإصلاحات عاجلة تنذر بشتاء عاصف، اقتصاديا وواقعيا.
ونحن نسير في هذه الملحمة ، وندير رؤوسنا للمصلحة العامة، ونكتفي بعناوين تشغيل النساء في المحلات العامة، ونركب الموجة العالمية للحقوق النسائية، وننسى في أثنائها أن الإنسانية جزءا لا يتجزأ من الإصلاحات العامة التي يجب أن تكون للجميع ، وليس على حساب نقطة لصالح المرأة في العناوين العالمية لكسب الثقة الدولية، أين الإنسان والمواطن من هذا الإصلاح، وأين المليارات التي يؤجل صرفها من أجل عدم استحقاقاتها لأن الوزير لا يرى صلاحيتها بعكس ما أمر به ولي أمرنا.
نحن نركب موجة عالية، أعلى من مقدرتنا على حل مشاكلنا المحلية، لنغرق في بحر الاتحاد الذي سبق وأن غرق فيه من هم أقوى مننا في الاقتصاد والصناعة والتجارة، ونحن ندخل المضمار مكبلين، عمي، صم، لا نسمع حتى أصوات مواطنينا في حل مشاكلهم إلا إعلاميا، أو احتفاليا.
الكل سمع عن مقابلتي في جريدة الاندبندت البريطانية ، وأنني متبنية حملة للإصلاح في وطننا، وهذا كان من باب المزايدة والمبالغة، ما أنا إلا مواطنة لا أملك ثروة خرافية لإنشاء منظمة عالمية، بل ناقشت آرائي الإنسانية مع عقلاء وأدمغة غربية، فرأوا أن أفكاري ثورية في انتشال الإنسانية من  الدائرة القطبية للفقر والعوز والبطالة في الدول التي تعاني من الشلل الكامل للتضامن والتضافر الإنساني والحكومي والاجتماعي، فقرروا مساعدتي ووضعوا كل الإمكانيات المتاحة لديهم لاكتمال وبلورة هذا المشروع من غير أن أدفع ثروات وميزانية خيالية، لا تنفع لانتشال المجتمع من الدائرة المغلقة للحلول الممكنة لمعالجة الفقر والبطالة والفساد وانتشال الطفولة المبكرة من التعود على فكرة الفساد المتطورة في هذه الدول التي يعتبر الفساد جزء من ثقافتها المحلية، ولم أنشئ هذه المنظمة لأنافس أحدا ولا أن اجلس على كرسي أحد، ولا أن أمسك بميزانية أحد، بل لأساعد مع طاقم مجهول الهوية، في كل بلد يمد لنا يد المعونة بلا ضجة إعلامية، ولا إنفاق على النفاق في احتفالات مدوية، بل لكي نستطيع أن نجتهد ونعمل على تغيير مقاصد وتربية وتوعية شاملة للإنسان على كافة أجناسه وأطيافه العرقية والمذهبية ، إنني لا أتحدى أية سلطة بل أمد يدي لكل إنسان يريد الإنسانية أن تطغى على المادية، ولكل شعب يريد الخروج من عنق الزجاجة الهشة الكريستالية.
عندما نتحد لإخراج الإنسانية من ملحمة مدمرة تاريخية هو الانتصار بحد ذاته، لأن التاريخ يعيد نفسه ، بالانتصار والهزيمة والإنسان لا يزال مقتنع بأن الله لا يغير ما في قوم إلا أن يغيروا ما في أنفسهم.
المحطة الأخيرة في الملحمة التي بدأت شرارتها واستحكمت أجزائها وتكونت ملامحها، واشتدت طقوسها ، في أن نتعلم ونعلم بان الإنسان قد طغى، ولابد من انقشاع الرؤية، ليبرز فجر الحرية ، بانهزام الديكتاتورية، بشتى أشكالها الأسطورية، فالشعوب تقاس تقدمها بحرياتها الفكرية، وليس فقط بأرصدتها البنكية.
الكلمة الأخيرة في هذه السطور التي أعني بها الإنسانية، والرحمة والتخلي عن العصبية والقبلية والمذهبية، والنظر أن خالقنا واحد، ومصيرنا واحد وحسابنا واحد، فلماذا علامات الاستفهام لمن يجرؤ على استخدام كلمة الحق والعدالة والمساواة، ولا يبدي علامات التعجب على من يستخدم كلمة التهديد والتنديد والإنذار والحبس والاستنكار.
لماذا علامة الاستفهام تدور لمن يريد الخير للجميع من غير استثناء، وما بين القوسين تقوم كلمات المال العام والقوات المعادية والمخربة، ولا تقوم على من ورائها وما يصرف لاستقرارها كشراء أسلحة بمبالغ خيالية لانتشال اقتصاد ينهار لأقوى البلاد العالمية سطوة وحربية، ليأمن استقرار اتحاده وقوته الداخلية، وزير يصرح وآخر ينفي والبلاد يجتاحها مصير الله أعلم بخاتمته، والعبرة لمن يعتبر من ملحمته الوطنية التي يحاول الملك أطال الله في عمره أن يزرعها في قلوبنا في مهرجان الجنادرية، ولكننا أصبحنا نعيش كل يوم مهرجان إثبات الوطنية لكل من يزايد على استنكار تسليط الأضواء على المفاسد ليظهر الباطل وليعلو الحق على المنافع والأجندات الشخصية.
همسة الأسبوع
سألني أحد القراء لمدونتي : من أين جئت بالثروة لإنشاء المنظمة ، فقلت له ثروتي الشخصية بنيتها من أفكاري وأعمالي الوطنية، فثروتي الشخصية في البنوك العالمية والمحلية هي هويتي وحبي لوطني ، وليس الأصفار المليونية التي لا أملك منها إلا السمعة والألقاب الملكية.
ويوما ما سأسعى لرفع اسم المملكة العربية السعودية لتنحني له كل الرؤوس والشخصيات العالمية ونكسب هذه المنزلة بكل جدارة وتضحية.

  *كاتبة سعودية

2 comments:

  1. لكل شعب يريد الخروج من عنق الزجاجة
    "لا يمكن حل المشكلة بنفس طريقة التفكير الذي إستعملناها في خلق المشكلة" - ألبرت إينشتاين

    ReplyDelete
  2. رجائي الى الكريمة الاميرة بسمة قراءة المقال الأتي وهو بالتأكيد مستقبل مظلم للمنطقة ويجب التحرك بخطوات متسارعة للسيطرة والتغير لصالح المواطن في الخليج العربي والمملكة

    اختلال الخليج: عن الهجرة والاستيطان والمستقبل الغامض

    ReplyDelete