هذا الصباح أريد أن أتحدث عن مستقبل أوروبا.
ولكن أولا، دعونا نتذكر الماضي.
سبعون عاما مضت، كانت أوروبا تتمزق إربا بصراعها الكارثية الثاني في جيل واحد، حرب شهدت شوارع المدن الأوروبية تناثر الأنقاض و قد أضاءت سماء لندن ليلا بالنيران ، ومات الملايين في جميع أنحاء العالم في المعركة من أجل السلام والحرية.
ونحن نتذكر تضحياتهم، علينا أيضا أن نتذكر كيف تحولت أوروبا من الحرب إلى السلام الدائم فإنه لم يحدث مثل تغيير في الطقس. لقد حدث ذلك بسبب العمل الدؤوب عبرالأجيال و بالالتزام بالصداقة و العزيمة على عدم العودة لهذا الماضي المظلم – وهو التزام تجسد في معاهدة الاليزيه التى وقعت قبل 50 عاما فى مثل هذا الاسبوع.
لن أنسى أبدا اننى زرت تلك المدينة بعد هدم جدار برلين
نقاط التفتيش المهجورة و الاحساس بالإثارة حول المستقبل و معرفة أن قارة كبيرة تتحد هو شفاء لتلك الجروح فى تاريخنا وهذة هى القصة المركزية للاتحاد الأوروبي.
ما وصفه تشرشل بالتوأم الهائج -الحرب والطغيان – قد تم ابعاده بالكامل تقريبا عن قارتنا. اليوم مئات الملايين يعيشون في حرية،من بحر البلطيق إلى البحر الأدرياتيكي و من المناطق الغربية لبحر إيجة.
وعلى الرغم من أننا يجب أن لا نأخذ هذا كأمرا مفروغا منه، فالغرض الأول للاتحاد الأوروبي – و هو تحقيق السلام- قد تحقق ويجب أن أشيد بجميع العاملين في الاتحاد الأوروبي، إلى جانب حلف شمال الأطلسي، الذي جعل ذلك يحدث .
ولكن اليوم الهدف الرئيسي من الاتحاد الأوروبي مختلف: انه ليس الفوز بالسلام ولكن تأمين الازدهار.
التحديات لا تأتي من داخل هذه القارة ولكن من خارجها ، من الاقتصاديات الصاعدة في الشرق والجنوب. بالطبع تنامي الاقتصاد العالمي فائدة لنا جميعا، ولكننا يجب أن لا نشك في أن سباق عالمي جديد بين الأمم يحدث اليوم.
سباق على الثروات وفرص العمل في المستقبل.
ان خريطة النفوذ العالمي تتغير أمام أعيننا. وبالفعل هذه التغييرات يشعر بها اصحاب المشروعات في هولندا و العامل في ألمانيا والأسرة في بريطانيا.
لذلك أريد أن أتحدث إليكم اليوم بشكل عاجل وصريح عن الاتحاد الأوروبي، وكيف يجب أن يتغير – لتقديم الرخاء والإبقاء على دعم شعوبه على حد سواء.
ولكن أولا، أريد أن احدد كيفية تناول هذه القضايا.
وأنا أعلم أن المملكة المتحدة ينظر اليها فى بعض الأحيان بوصفها عضوا جدلي و عنيد في أسرة الأمم الأوروبية.
وأنه لمن الصحيح أن جغرافيتنا شكلت علم النفس لدينا.
فنحن لدينا طابع دولة جزرية – مستقلة، صريحة، عاطفية في الدفاع عن سيادتنا.
لا يمكننا تغيير هذه الحساسية البريطانية مثل انه لا يمكننا أن نصرف القناة الإنجليزية.
وبسبب هذه الحساسية، نأتي إلى الاتحاد الأوروبي باطار تفكيرعملي أكثر منه عاطفى.
بالنسبة لنا الاتحاد الأوروبي هو وسيلة لتحقيق غاية – الازدهار والاستقرار، و أرساء الحرية والديمقراطية سواء داخل أوروبا اوخارجها – ليس هدفا في حد ذاته.
نطلب بإلحاح: كيف؟ لماذا؟ إلى أي حد؟
ولكن كل هذا لا يعنى اننا لسنا أوروبيين .
والحقيقة هي ان قصتنا ليست مجرد قصة جزيرة – بل أيضا قصة قارة.
لدينا صلات مع جميع أنحاء العالم – والتي نحن فخورون بذلك بحق – كنا دائما قوة أوروبية – وسنكون دوما كذالك.
من جحافل قيصر لحروب نابليون. من الاصلاح و التنوير والثورة الصناعية إلى هزيمة النازية. ساعدنا على كتابة التاريخ الأوروبي و ساعدت أوروبا على كتابة تاريخنا.
على مر السنين، قدمت بريطانيا مساهمة فريدة من نوعها إلى أوروبا. قدمنا ملاذا لأولئك الفارين من الاضطهاد والطغيان. وفي أحلك ساعات أوروبا، ساعدنا على أبقاء شعلة الحرية مشعلة. و يرقد مئات الآلاف من الجنود البريطانيين الذين ضحوا بحياتهم من أجل حرية أوروبا في جميع أنحاء القارة في مقابر صامتة.
في العقود الأخيرة، لعبنا دورنا في هدم الستار الحديدي وناصرنا دخول البلدان التي فقدت لسنوات عديدة بسبب الشيوعية إلى الاتحاد الأوروبي . ويرد في هذا التاريخ النقطة الحاسمة حول بريطانيا وشخصيتنا الوطنية وموقفنا تجاه أوروبا.
وتتميز بريطانيا ليس فقط باستقلالها ولكن قبل كل شيء بانفتاحها.
كنا دائما بلد تمد يدها و تنظر إلى العالم …
و هنا تقود بريطانيا الكفاح من أجل التجارة العالمية وضد القيود الجمركية .
هذه هى بريطانيا اليوم، كما كانت دائما : مستقلة، نعم – ولكنها منفتحة أيضا.
لا أريد ابدآ ان اسحب الجسر المتحرك او ان اتراجع من العالم.
أنا لست بريطاني انعزاليآ .
أنا لا أريد مجرد صفقة أفضل لبريطانيا بل أريد صفقة أفضل لأوروبا أيضا.
لذلك أنا أتكلم بصفتي رئيس الوزراء البريطاني مع رؤية إيجابية لمستقبل الاتحاد الأوروبي. وهومستقبل تريد بريطانيا ان تلعب فيه دورا ملتزم ونشط.
قد يتساءل البعض : لماذا اثير تساؤلات جوهرية حول مستقبل أوروبا بينما أوروبا بالفعل في خضم أزمة عميقة؟
لماذا اثير تساؤلات حول دور بريطانيا بينما دعم بريطانيا هو بالفعل ضعيف جدا.
هناك دائما أصوات تقول “لا تسأل الأسئلة الصعبة.”
ولكن من الضروري لأوروبا – و لبريطانيا – ان نفعل ذلك لأن هناك تحديات رئيسية ثلاثة تواجهنا اليوم.
الأولى: المشاكل في منطقة اليورو التى تدفع الى تغيير جوهري في أوروبا.
الثاني: هناك أزمة القدرة التنافسية الأوروبية، والدول الأخرى في جميع أنحاء العالم تسارع امامنا.
وثالثا: هناك فجوة بين الاتحاد الأوروبي ومواطنيه والتي نمت بشكل كبير في السنوات الأخيرة. والذي يمثل انعدام المساءلة الديمقراطية والموافقة وهذا هو – نعم – شعرت تماما به لا سيما في بريطانيا.
إذا لم نعالج هذه التحديات، فالخطر يكمن في أن أوروبا سوف تفشل والشعب البريطاني سوف ينجرف نحو الخروج.
أنا لا أريد أن يحدث ذلك. أريد نجاح الاتحاد الأوروبي وأريد علاقة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي تبقينا في داخله.
هذا هو سبب وجودى هنا اليوم: لنعترف بطبيعة التحديات التي نواجهها. لتحديد ما أعتقد حول كيفية استجابة الاتحاد الأوروبي و لشرح ما أريد تحقيقه لبريطانيا ومكانتها داخل الاتحاد الأوروبي.
اسمحوا لي أن أبدأ مع طبيعة التحديات التي نواجهها.
أولا، منطقة اليورو.
التي تتم فيها صياغة شكل مستقبل أوروبا. هناك بعض الأسئلة الخطيرة التي ستحدد مستقبل الاتحاد الأوروبي – ومستقبل كل بلد داخله.
الاتحاد يتغير للمساعدة في تثبيت العملة – وهذا له آثار عميقة على كل واحد منا، سواء كنا في العملة الموحدة أم لا.
بريطانيا ليست في العملة الموحدة، و لن تكون. ولكننا في حاجة إلى ان تكون منطقة اليورو لديها التحكم و الامكانات لتأمين عملة ناجحة على المدى الطويل.
و من منا خارج منطقة اليورو يحتاج أيضا لضمانات معينة تكفل له، على سبيل المثال، أن الوصول إلى السوق الموحدة لا يمكن بأي حال من الأحوال المساس به.
و من الصحيح أن نبدأ في معالجة هذه القضايا الآن.
الثانية، في حين أن هناك بعض الدول داخل الاتحاد الأوروبي تبلي بلاء حسنا جدا. لكن ككل من المتوقع ان حصة أوروبا من الناتج العالمي تتجه الى الانخفاض بنسبة الثلث تقريبا في العقدين القادمين. هذا هو التحدي التنافسي – والكثير من ضعفنا في مواجهتة هو باسباب ذاتية.
ان القواعد المعقدة التي تقيد أسواق العمل لدينا ليست ظاهرة تحدث بشكل طبيعي ، فان التنظيم المبالغ فيه ليس بلاء خارجي اصاب أعمالنا.
و هذه المشاكل موجودة منذ فترة طويلة جدا. والتقدم في التعامل معهم ايضآ بطيئ جدا.
وكما قالت المستشارة ميركل – اذا كانت أوروبا اليوم تمثل أكثر من 7 في المائة فقط من سكان العالم، وتنتج نحو 25 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي و لها 50 في المائة من الإنفاق الاجتماعي العالمي، فإنه من الواضح أنه سيكون لديها عمل صعب جدا للحفاظ على ازدهارها و طريقة حياتها.
ثالثا، هناك إحباط متزايد بأن ينظر إلى الاتحاد الأوروبي على أنه شيء يفرض على الناس بدلا من ان يمثلهم. ذاد ذلك بسبب الحلول الملحة جدا في حل المشاكل الاقتصادية
يشعر الناس بالاحباط على نحو متزايد لأن القرارات المتخذة أكثر وأكثر بعدا عنهم و تعني خفض مستوى معيشتهم من خلال التقشف القسري أو أستخدم ضرائبهم لإنقاذ الحكومات على الجانب الآخر من القارة.
بدأنا نرى هذا في مظاهرات في شوارع أثينا ومدريد وروما. ونحن نشهد هذا في برلمانات برلين، ولاهاي و هلسنكي.
ونعم، بطبيعة الحال، نحن نشهد هذا الإحباط مع الاتحاد الأوروبي بشكل كبير جدا في بريطانيا.
يجب على زعماء أوروبا أن يستمعوا لهذه المخاوف. في الواقع يجب علينا التصرف بناء عليها. وليس فقط لإصلاح المشاكل في منطقة اليورو.
مثلما في أي حالة طوارئ يجب أن نخطط لمرحلة ما بعدها وكذلك التعامل مع الأزمة الحالية أيضا و لذلك في خضم التحديات الراهنة يجب علينا التخطيط للمستقبل و ما سيبدو عليه العالم عندما يتم التغلب على الصعوبات في منطقة اليورو .
أكبر خطر على الاتحاد الأوروبي لا يأتي من أولئك الذين ينادون بالتغيير ولكن من هؤلاء الذين
يتهمون الفكر الجديد بالابداع لان أوروبا فى تاريخها الطويل لديها تجارب مع الفكر الجديد و الذى ثبت أنه لديه هدف.
وجهة نظري هو ان المزيد من هذه الاشياء لا يضمن مستقبل طويل الأجل لمنطقة اليورو و لا يدعم وتيرة الاتحاد الأوروبي فى مسايرة قوة الاقتصادات الجديدة و لا يساعد الاتحاد الأوروبي على التقرب إلى مواطنيه ، و المزيد منها سيؤدى الى قدرة تنافسية أقل ونمو أقل و وظائف أقل.
وسوف يجعل بلداننا أضعف و ليس أقوى.
وهذا هو السبب في أننا بحاجة لتغييرات أساسية بعيدة المدى .
لذلك اسمحوا بتوضيح رؤيتي لاتحاد أوروبي جديد، يصلح للقرن 21.
أنها بنيت على خمسة مبادئ.
الأولى: القدرة على المنافسة. يجب في صميم الاتحاد الأوروبي أن يكون، كما هو الآن، سوق واحد. بريطانيا في قلب هذا السوق الموحدة، ويجب أن تظل كذلك.
ولكن عندما تكون السوق الموحدة لا تزال غير مكتملة في مجالات الطاقة والخدمات والرقمية – و هى القطاعات الهامة جدا التي تحرك الاقتصاد الحديث – فبذلك فالسوق الموحدة ليست سوى نصف النجاح الذي يمكن أن يكون.
ومن الهراء أن تجد الناس في التسوق عبر الإنترنت فى بعض أجزاء أوروبا غير قادرين على الوصول إلى أفضل العروض بسبب المكان الذي يعيشون فيه. أريد ان يكون استكمال السوق الموحدة هو مهمتنا الاساسية.
أريد أن نكون في طليعة الصفقات التجارية مع الولايات المتحدة واليابان والهند كجزء من التوجه نحو التجارة الحرة العالمية. وأريد أن نسرع بإعفاء الشركات الأوروبية الصغيرة المشاريع من قيود الاتحاد الأوروبي .
يجب أن تكون هذه المهام هى التي توقظ المسؤولين الأوروبيين في الصباح – و تبقيهم للعمل حتى ساعة متأخرة من الليل. ولذا فإننا في حاجة ماسة إلى معالجة اتخاذ القرار بشكل متصلب و غير فعال و بطريقة تعوق تقدمنا.
وهذا يعني جعل الاتحاد أقل بيروقراطية و أكثر تركزآ على المساعدة المستمرة للبلدان الأعضاء على المنافسة.
هل يمكننا حقا تبرير هذا العدد الهائل من المؤسسات الأوروبية الفرعية المكلفة في ظل هذا السباق العالمي ؟
هل يمكننا تبرير وجود لجنة أكبر من أي وقت مضى ؟
هل يمكننا الاستمرار في منظمة ميزانيتها مليارات الجنيهات ولكن لا تركز بما فيه الكفاية على ضبط الإنفاق واغلاق البرامج التي لم تنجح؟
ولكن أولا، دعونا نتذكر الماضي.
سبعون عاما مضت، كانت أوروبا تتمزق إربا بصراعها الكارثية الثاني في جيل واحد، حرب شهدت شوارع المدن الأوروبية تناثر الأنقاض و قد أضاءت سماء لندن ليلا بالنيران ، ومات الملايين في جميع أنحاء العالم في المعركة من أجل السلام والحرية.
ونحن نتذكر تضحياتهم، علينا أيضا أن نتذكر كيف تحولت أوروبا من الحرب إلى السلام الدائم فإنه لم يحدث مثل تغيير في الطقس. لقد حدث ذلك بسبب العمل الدؤوب عبرالأجيال و بالالتزام بالصداقة و العزيمة على عدم العودة لهذا الماضي المظلم – وهو التزام تجسد في معاهدة الاليزيه التى وقعت قبل 50 عاما فى مثل هذا الاسبوع.
لن أنسى أبدا اننى زرت تلك المدينة بعد هدم جدار برلين
نقاط التفتيش المهجورة و الاحساس بالإثارة حول المستقبل و معرفة أن قارة كبيرة تتحد هو شفاء لتلك الجروح فى تاريخنا وهذة هى القصة المركزية للاتحاد الأوروبي.
ما وصفه تشرشل بالتوأم الهائج -الحرب والطغيان – قد تم ابعاده بالكامل تقريبا عن قارتنا. اليوم مئات الملايين يعيشون في حرية،من بحر البلطيق إلى البحر الأدرياتيكي و من المناطق الغربية لبحر إيجة.
وعلى الرغم من أننا يجب أن لا نأخذ هذا كأمرا مفروغا منه، فالغرض الأول للاتحاد الأوروبي – و هو تحقيق السلام- قد تحقق ويجب أن أشيد بجميع العاملين في الاتحاد الأوروبي، إلى جانب حلف شمال الأطلسي، الذي جعل ذلك يحدث .
ولكن اليوم الهدف الرئيسي من الاتحاد الأوروبي مختلف: انه ليس الفوز بالسلام ولكن تأمين الازدهار.
التحديات لا تأتي من داخل هذه القارة ولكن من خارجها ، من الاقتصاديات الصاعدة في الشرق والجنوب. بالطبع تنامي الاقتصاد العالمي فائدة لنا جميعا، ولكننا يجب أن لا نشك في أن سباق عالمي جديد بين الأمم يحدث اليوم.
سباق على الثروات وفرص العمل في المستقبل.
ان خريطة النفوذ العالمي تتغير أمام أعيننا. وبالفعل هذه التغييرات يشعر بها اصحاب المشروعات في هولندا و العامل في ألمانيا والأسرة في بريطانيا.
لذلك أريد أن أتحدث إليكم اليوم بشكل عاجل وصريح عن الاتحاد الأوروبي، وكيف يجب أن يتغير – لتقديم الرخاء والإبقاء على دعم شعوبه على حد سواء.
ولكن أولا، أريد أن احدد كيفية تناول هذه القضايا.
وأنا أعلم أن المملكة المتحدة ينظر اليها فى بعض الأحيان بوصفها عضوا جدلي و عنيد في أسرة الأمم الأوروبية.
وأنه لمن الصحيح أن جغرافيتنا شكلت علم النفس لدينا.
فنحن لدينا طابع دولة جزرية – مستقلة، صريحة، عاطفية في الدفاع عن سيادتنا.
لا يمكننا تغيير هذه الحساسية البريطانية مثل انه لا يمكننا أن نصرف القناة الإنجليزية.
وبسبب هذه الحساسية، نأتي إلى الاتحاد الأوروبي باطار تفكيرعملي أكثر منه عاطفى.
بالنسبة لنا الاتحاد الأوروبي هو وسيلة لتحقيق غاية – الازدهار والاستقرار، و أرساء الحرية والديمقراطية سواء داخل أوروبا اوخارجها – ليس هدفا في حد ذاته.
نطلب بإلحاح: كيف؟ لماذا؟ إلى أي حد؟
ولكن كل هذا لا يعنى اننا لسنا أوروبيين .
والحقيقة هي ان قصتنا ليست مجرد قصة جزيرة – بل أيضا قصة قارة.
لدينا صلات مع جميع أنحاء العالم – والتي نحن فخورون بذلك بحق – كنا دائما قوة أوروبية – وسنكون دوما كذالك.
من جحافل قيصر لحروب نابليون. من الاصلاح و التنوير والثورة الصناعية إلى هزيمة النازية. ساعدنا على كتابة التاريخ الأوروبي و ساعدت أوروبا على كتابة تاريخنا.
على مر السنين، قدمت بريطانيا مساهمة فريدة من نوعها إلى أوروبا. قدمنا ملاذا لأولئك الفارين من الاضطهاد والطغيان. وفي أحلك ساعات أوروبا، ساعدنا على أبقاء شعلة الحرية مشعلة. و يرقد مئات الآلاف من الجنود البريطانيين الذين ضحوا بحياتهم من أجل حرية أوروبا في جميع أنحاء القارة في مقابر صامتة.
في العقود الأخيرة، لعبنا دورنا في هدم الستار الحديدي وناصرنا دخول البلدان التي فقدت لسنوات عديدة بسبب الشيوعية إلى الاتحاد الأوروبي . ويرد في هذا التاريخ النقطة الحاسمة حول بريطانيا وشخصيتنا الوطنية وموقفنا تجاه أوروبا.
وتتميز بريطانيا ليس فقط باستقلالها ولكن قبل كل شيء بانفتاحها.
كنا دائما بلد تمد يدها و تنظر إلى العالم …
و هنا تقود بريطانيا الكفاح من أجل التجارة العالمية وضد القيود الجمركية .
هذه هى بريطانيا اليوم، كما كانت دائما : مستقلة، نعم – ولكنها منفتحة أيضا.
لا أريد ابدآ ان اسحب الجسر المتحرك او ان اتراجع من العالم.
أنا لست بريطاني انعزاليآ .
أنا لا أريد مجرد صفقة أفضل لبريطانيا بل أريد صفقة أفضل لأوروبا أيضا.
لذلك أنا أتكلم بصفتي رئيس الوزراء البريطاني مع رؤية إيجابية لمستقبل الاتحاد الأوروبي. وهومستقبل تريد بريطانيا ان تلعب فيه دورا ملتزم ونشط.
قد يتساءل البعض : لماذا اثير تساؤلات جوهرية حول مستقبل أوروبا بينما أوروبا بالفعل في خضم أزمة عميقة؟
لماذا اثير تساؤلات حول دور بريطانيا بينما دعم بريطانيا هو بالفعل ضعيف جدا.
هناك دائما أصوات تقول “لا تسأل الأسئلة الصعبة.”
ولكن من الضروري لأوروبا – و لبريطانيا – ان نفعل ذلك لأن هناك تحديات رئيسية ثلاثة تواجهنا اليوم.
الأولى: المشاكل في منطقة اليورو التى تدفع الى تغيير جوهري في أوروبا.
الثاني: هناك أزمة القدرة التنافسية الأوروبية، والدول الأخرى في جميع أنحاء العالم تسارع امامنا.
وثالثا: هناك فجوة بين الاتحاد الأوروبي ومواطنيه والتي نمت بشكل كبير في السنوات الأخيرة. والذي يمثل انعدام المساءلة الديمقراطية والموافقة وهذا هو – نعم – شعرت تماما به لا سيما في بريطانيا.
إذا لم نعالج هذه التحديات، فالخطر يكمن في أن أوروبا سوف تفشل والشعب البريطاني سوف ينجرف نحو الخروج.
أنا لا أريد أن يحدث ذلك. أريد نجاح الاتحاد الأوروبي وأريد علاقة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي تبقينا في داخله.
هذا هو سبب وجودى هنا اليوم: لنعترف بطبيعة التحديات التي نواجهها. لتحديد ما أعتقد حول كيفية استجابة الاتحاد الأوروبي و لشرح ما أريد تحقيقه لبريطانيا ومكانتها داخل الاتحاد الأوروبي.
اسمحوا لي أن أبدأ مع طبيعة التحديات التي نواجهها.
أولا، منطقة اليورو.
التي تتم فيها صياغة شكل مستقبل أوروبا. هناك بعض الأسئلة الخطيرة التي ستحدد مستقبل الاتحاد الأوروبي – ومستقبل كل بلد داخله.
الاتحاد يتغير للمساعدة في تثبيت العملة – وهذا له آثار عميقة على كل واحد منا، سواء كنا في العملة الموحدة أم لا.
بريطانيا ليست في العملة الموحدة، و لن تكون. ولكننا في حاجة إلى ان تكون منطقة اليورو لديها التحكم و الامكانات لتأمين عملة ناجحة على المدى الطويل.
و من منا خارج منطقة اليورو يحتاج أيضا لضمانات معينة تكفل له، على سبيل المثال، أن الوصول إلى السوق الموحدة لا يمكن بأي حال من الأحوال المساس به.
و من الصحيح أن نبدأ في معالجة هذه القضايا الآن.
الثانية، في حين أن هناك بعض الدول داخل الاتحاد الأوروبي تبلي بلاء حسنا جدا. لكن ككل من المتوقع ان حصة أوروبا من الناتج العالمي تتجه الى الانخفاض بنسبة الثلث تقريبا في العقدين القادمين. هذا هو التحدي التنافسي – والكثير من ضعفنا في مواجهتة هو باسباب ذاتية.
ان القواعد المعقدة التي تقيد أسواق العمل لدينا ليست ظاهرة تحدث بشكل طبيعي ، فان التنظيم المبالغ فيه ليس بلاء خارجي اصاب أعمالنا.
و هذه المشاكل موجودة منذ فترة طويلة جدا. والتقدم في التعامل معهم ايضآ بطيئ جدا.
وكما قالت المستشارة ميركل – اذا كانت أوروبا اليوم تمثل أكثر من 7 في المائة فقط من سكان العالم، وتنتج نحو 25 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي و لها 50 في المائة من الإنفاق الاجتماعي العالمي، فإنه من الواضح أنه سيكون لديها عمل صعب جدا للحفاظ على ازدهارها و طريقة حياتها.
ثالثا، هناك إحباط متزايد بأن ينظر إلى الاتحاد الأوروبي على أنه شيء يفرض على الناس بدلا من ان يمثلهم. ذاد ذلك بسبب الحلول الملحة جدا في حل المشاكل الاقتصادية
يشعر الناس بالاحباط على نحو متزايد لأن القرارات المتخذة أكثر وأكثر بعدا عنهم و تعني خفض مستوى معيشتهم من خلال التقشف القسري أو أستخدم ضرائبهم لإنقاذ الحكومات على الجانب الآخر من القارة.
بدأنا نرى هذا في مظاهرات في شوارع أثينا ومدريد وروما. ونحن نشهد هذا في برلمانات برلين، ولاهاي و هلسنكي.
ونعم، بطبيعة الحال، نحن نشهد هذا الإحباط مع الاتحاد الأوروبي بشكل كبير جدا في بريطانيا.
يجب على زعماء أوروبا أن يستمعوا لهذه المخاوف. في الواقع يجب علينا التصرف بناء عليها. وليس فقط لإصلاح المشاكل في منطقة اليورو.
مثلما في أي حالة طوارئ يجب أن نخطط لمرحلة ما بعدها وكذلك التعامل مع الأزمة الحالية أيضا و لذلك في خضم التحديات الراهنة يجب علينا التخطيط للمستقبل و ما سيبدو عليه العالم عندما يتم التغلب على الصعوبات في منطقة اليورو .
أكبر خطر على الاتحاد الأوروبي لا يأتي من أولئك الذين ينادون بالتغيير ولكن من هؤلاء الذين
يتهمون الفكر الجديد بالابداع لان أوروبا فى تاريخها الطويل لديها تجارب مع الفكر الجديد و الذى ثبت أنه لديه هدف.
وجهة نظري هو ان المزيد من هذه الاشياء لا يضمن مستقبل طويل الأجل لمنطقة اليورو و لا يدعم وتيرة الاتحاد الأوروبي فى مسايرة قوة الاقتصادات الجديدة و لا يساعد الاتحاد الأوروبي على التقرب إلى مواطنيه ، و المزيد منها سيؤدى الى قدرة تنافسية أقل ونمو أقل و وظائف أقل.
وسوف يجعل بلداننا أضعف و ليس أقوى.
وهذا هو السبب في أننا بحاجة لتغييرات أساسية بعيدة المدى .
لذلك اسمحوا بتوضيح رؤيتي لاتحاد أوروبي جديد، يصلح للقرن 21.
أنها بنيت على خمسة مبادئ.
الأولى: القدرة على المنافسة. يجب في صميم الاتحاد الأوروبي أن يكون، كما هو الآن، سوق واحد. بريطانيا في قلب هذا السوق الموحدة، ويجب أن تظل كذلك.
ولكن عندما تكون السوق الموحدة لا تزال غير مكتملة في مجالات الطاقة والخدمات والرقمية – و هى القطاعات الهامة جدا التي تحرك الاقتصاد الحديث – فبذلك فالسوق الموحدة ليست سوى نصف النجاح الذي يمكن أن يكون.
ومن الهراء أن تجد الناس في التسوق عبر الإنترنت فى بعض أجزاء أوروبا غير قادرين على الوصول إلى أفضل العروض بسبب المكان الذي يعيشون فيه. أريد ان يكون استكمال السوق الموحدة هو مهمتنا الاساسية.
أريد أن نكون في طليعة الصفقات التجارية مع الولايات المتحدة واليابان والهند كجزء من التوجه نحو التجارة الحرة العالمية. وأريد أن نسرع بإعفاء الشركات الأوروبية الصغيرة المشاريع من قيود الاتحاد الأوروبي .
يجب أن تكون هذه المهام هى التي توقظ المسؤولين الأوروبيين في الصباح – و تبقيهم للعمل حتى ساعة متأخرة من الليل. ولذا فإننا في حاجة ماسة إلى معالجة اتخاذ القرار بشكل متصلب و غير فعال و بطريقة تعوق تقدمنا.
وهذا يعني جعل الاتحاد أقل بيروقراطية و أكثر تركزآ على المساعدة المستمرة للبلدان الأعضاء على المنافسة.
هل يمكننا حقا تبرير هذا العدد الهائل من المؤسسات الأوروبية الفرعية المكلفة في ظل هذا السباق العالمي ؟
هل يمكننا تبرير وجود لجنة أكبر من أي وقت مضى ؟
هل يمكننا الاستمرار في منظمة ميزانيتها مليارات الجنيهات ولكن لا تركز بما فيه الكفاية على ضبط الإنفاق واغلاق البرامج التي لم تنجح؟
No comments:
Post a Comment