بسمة بنت سعود بن عبدالعزيز آل سعود*
جلست أتأمل الأخبار عبر نافذة العالم، وهو التلفاز، ثم وبملل شديد فتحت جهاز المحمول الصغير، الذي أصبح من ضمن محتويات حقيبتي ، وحتى لابد من وجوده مع جهاز الأيفون ، الذي طغى حتى عند النوم، فما أن أحس بوحدة في تصوراتي وآمالي الوطنية، والإقليمية ، والعالمية، إلا وتمتد يدي إلى هذا الجهاز الخطير لأترجم رؤيتي بواسطة "تويت" ، ومن ثم يبدأ النقاش مع أسماء مجهولة الهوية والصورة والانتماء، وكأنك في عالم افتراضي لا ينتمي إلا في سماء خاوية لا ترى لها نهاية.كل يوم وأنا على هذه الحال إلى أن أصبحت في حال لا يحسد عليه لا غريب ولا قريب، وبدأت اشعر بإرهاق نفسي وترجمه جسدي إلى نوبات من القشعريرة نتيجة ما أقرأه يوميا من مشاجرات وقذف من غير أي احساس وإنصاف وأخلاقيات، إلا من رحم ربي.
فقال لي ولدي: " يا أمي لماذا ترهقي نفسك؟ ، وتنادي بواد لا يسمع فيه أحد نداءك، وبلاد لا يفهم فيها احد لغتك، وفي أراضٍ لن تحققي فيها أمالك"؟، فنظرت إليه وسرحت بعيدا وتذكرت أبي رحمه الله الذي مسك السيف بيده وحقق مع جدي حلماً لم يكن ليتحقق لأحد غيرهما، وذلك لإيمانهما بحلمهما الذي تحقق بواسطة تلاحم أسرة، كتب لها الله أن توجد في بقعة مترامية الأطراف ، ذات جغرافية حادة ومناخ قاسٍ، وشعوب متنافرة، وقبائل متعادية ، ولكنهم وبأصرارهم استطاعوا ان يحققوا انتصاراً عالمياً لم يتحقق في هذا القرن أبداً، وفوق كل هذا أسموها باسم العائلة نفسها، ولم يجرؤ على اعتراضها أحد، ومات الجد ، وورث الابن ، وحاول أن يجعل هذه البقعة منطقة مركزية للأمة الإسلامية والعربية، وجاب العالم طولاً وعرضاً ، وصلى بالقدس الشريف، وتحدث في الكونجرس الأمريكي، وكسر البروتوكول، وأجبر رئيس أمريكا على استقباله عند سلم الطائرة، وتكلم في الأمم المتحدة، وكان الأول في كل المبادرات العربية، وتصدرت زياراته الصحف العالمية، وأنشئت في زمانه كل البنية التحتية السياسية، والقانونية، والتعليمية، والديمقراطية الإسلامية، والوسطية، وأم المسلمين في الصلاة في المدينة المنورة، ومكة المكرمة، وهذه الأحداث جميعها موثقة بأفلام في وزارة الإعلام لكل من يريد أن يتأكد من هذه الحقائق التاريخية، وفكر بالدستورية الملكية، وكان كرمه حاتمياً، ولقب بأبو الخيرين، فنظرت إلى ولدي ، وقلت له: "بعد كل هذا التاريخ المشرف لوالدي، تريدني أن أكون شيطان أخرس، وانسى ما ورثته من حكمة وعقل مستنير لرجل ألقيت عليه التهم من كل حدب وصوب ليكتب عنه في كتب المقررات صفحة واحدة اختصرت كل انجازاته، لتخدم بها مصالح أخرى "، فوقفت على قدمي ، وقد ذهب عني الإرهاق والتعب، وأخذت القلم لأسطر هذه الكلمات والمعاني، التي من أجلها أحيا وأتنفس.
حقوق المواطن، أم عقوق لأسرتي، أهي هذه المعادلة التي ينظرون بها على ما أكتبه وأنشره؟
وأعمل جاهدة لأجوب القفار والبلاد، والسجون، والمؤسسات، باحثة عن الحقيقة ، وأركب قطار الصعاب للوصول إلى قرى لم يصل إليها لا العمران ولا يد إنسان ، وأتلكم مع القاصي والداني، من غير استحياء ولا ألقاب ولا تعالٍ، أتواصل على تويتر مع الجميع، وأتحمل ما لا يتحمله أي أمير من شتائم وقذف وتجريح، وأنا لا أبالي ، ولكني انتفض عندما يطالبون بإسكاتي، بواسطة كُتاب مدفوعي الأجر، وشيوخ لا يعجبهم حديثي ومعرفتي وبحثي الدؤوب عن العلم والدين الصحيح، وليس ما هو أجندات معروفة للجميع، وأنتقد الوزراء المقصرين بشدة، وقلبي مع مليكي، لأنه يعاني ما أعاني ، صحيح أن بيده القرار ، ولكن من الصعب الحكم قبل الجلوس على كرسي الحكم، لأن الثقل كبير، والبطانة من حرير، والرؤية قزحية، لمن يريد الدمار للوطن، ولهذه الأسرة العريقة التي كانت ولا تزال تريد كل الخير للشعب العريق، ولكن الأجندات رصدت لها رجالها لتجعل من المستحيل مسك زمام الأمور، وإرساء العدل، والشورى، وإعطاء الحقوق لأصحابها.
لأن الفساد قد أغلق الطريق، وحفر بأعماق الأرض طريق من صلب وحديد، فلم تعد تنفع أوامر العطاء والإنفاق، بما أنه يوجد مسؤولين اجنداتهم هي إبطاء كل أمر ذو فائدة للشعب، لأنهم المستفيدون مما يوجد في خزائن الدولة، ووزرائنا أصبحوا الآمرين والمتصرفين، حتى بالقوانين، ولم يعد يكفيهم القليل بل كل يريد أن يضع يديه على ما يقدر عليه، استباقا لما هو حاصل في كل البلاد المجاورة، فلا حسيب ولا رقيب، وكل الأصوات التي تنادي بالإصلاح من داخل العائلة في الإعلام والغربي سكتت لأنها أعطيت ما تريد ، كما حصل في الإعلام منذ قريب، ما هي إلا للحصول على مال الدولة التي هي من حق الشعب، لحل مشاكل البطالة، والتعليم، والإسكان، والصحة، وغيرها من حقوق الإنسانية التي تعاني منها وبشدة، وخاصة حقوق المرأة في الأمور العدلية.
وبعد كل هذا أليس من حقي أن أكتب عن الحقوق الوطنية، أم هو عقوق كما يحلو للمنتفعين تسميته إن تكلمت؟
همسة الأسبوع
اختصرت هذا الأسبوع لأن همستي أصبحت مطالبة بالحقوق
عتاب الأسبوع
عتبي على كل من يصف ظهوري الإعلامي وكتاباتي بالعقوق لأسرتي ووطني وشعب بلادي.
وفي الأخير ما يحصل على الساحة من انتهاك لكل الحقوق الإنسانية في كل الميادين الوطنية ما هو إلا صرخة ترتفع وتيرتها ، ورويدا رويدا على ان الظلم لا يدوم ، ولابد أن ترجع الحقوق لأصحابها، والعدل لميزانه، لأن الله سبحانه وتعالى حلف بنصرة المظلوم ولو بعد حين.
كلمة الأسبوع
ركائز الإسلام بنيت على خمس:
حق الحياة، حق الحرية، حق العلم، حق الكرامة، حق التملك
وهذا ما سأظل أسعى إليه وأناضل لأجله حتى آخر قطرة من دمي.
* كاتبة سعودية
twitter@TherealBASMAALS
No comments:
Post a Comment