شهر كريم، وهو رمضان، هَلً علينا ، ولكن هذه المرة ليست ككل المرات ، شهر بدأ بالمتناقضات والانفصامات، وبالتحديات، والمظاهرات، وأجندات لا تليق بهذا الشهر الذي تعودنا أن ننسى فيه كل الخلافات، وننصهر بجسد واحد، هدفه واضح،وهو العبادة والتلاحم، والتفكر بالخالق، ومبادئ القرآن، شهر كانت عاداته لا تزال عالقة بمخيلتي وكأنها سراب في صحراء خالية اعتقدت أني وجدت فيها واحة الأمان من الشهور الباقية، ولكني استيقظت لأجد فيه الصراعات على المناصب واعتلاء العروش ، مهما كانت العواقب، رأيت وسمعت ما ظن الجميع أنه بداية صادقة وشجاعة لفرسان كانوا بالأمس جزءا من الجيوش القادرة على تحدي الصعاب، حتى لو كانت بعض فئات لا تستحق إلا العقاب، تناحرات في العلن، حروب متصاعدة الوتيرة حتى لم يعد لها نتيجة إلا الانقلابات والانفلات والمظاهرات والمؤامرات، وكاننا في حظيرة، وكلنا يعرف من يعيش في هذه الحظيرة، كائنات لا تمت لحضارتنا بشيء حتى خيوطها البراقة الذهبية.
فئات في الخارج تنادي بالديمقراطية والانتخابات والملكية الدستورية، وعندما فشلت استخدمت الطريقة الغربية، بتجارة رق النساء عبر موضة غربية يطلق عليها تقوية النساء وإبرازهن بالمواجهة حتى لو كانت غريبة على الأخلاقيات وأعرافنا العربية والإسلامية، وليست التراثية ولا العرقية إلا طريق جديد لأجندات خارجية، استوفت كل الأساليب التقليدية، ولم يعد لديها إلا الطرق الغربية لإدراج أجنداتهم العالمية، بتجزئة المنطقة بإثارة التفرقة بين الأخ وأخيه وابن عمه وما يليه.
انفصام تام في الرؤية، فمنهم من يظن أن الكتابة عن " الغلط " هو غيرة ومحاربة عائلية علنية، والقليل يفكر ما وراء السطور وما وراء الأهداف، إن وضعتها في تسلسل لاتضحت الأمور. ولكننا كالعادة نسرع الحكم والقرار، وننفصل تماما عن ما هو واضح للعيان.
رفع الحظر عن سعد الفقيه وإزالته من اللائحة السوداء في الأمم المتحدة هو أول إشارة لمن يريد القراءة والاعتبار عما هو قادم من خلف الكواليس، واتحاده باللغة مع بعض الشخصيات التي لها تأثير بواسطة اسمها العريق، وهذا بحد ذاته علامة خطيرة لم يفهمها الجميع، توجد خطوط حمراء للجميع ، وهذا الذي لم يوقره ويحسبه الآخرون، فكما في الدين وعلاقتنا بإلهنا يوجد لها مقادير ومحاذير وخطوط لا يمكن تجاوزها إلا من كل كافر عتيد، لذا وجدت حالة الانفصام والحيرة، لما يراد بهذا الخطاب، الذي كنت أحذر منه منذ زمان، فأحذر من عدوك مرة ومن صديقك ألف مرة.
أما لغة العنف والضرب بيد من حديد لم تعد تجدي، لا مع القريب ولا مع بعيد، لأن التويتر ، والفايبر، وما آلت إليه التقنيات الحديثة لم يعد يجدي معها التهديد والوعيد من قبل كائن من كان حتى لو كان من الشخصيات التي يجب أن تكون الأولى في النظرة الوسطية والتحدث بلغة السلام والإسلام والرقي التي تعودنا عليها من أصحاب القرار، وليس بلغة القوة والوعيد، التي أودت بحياة الشعوب والبلاد التي رأينا فيها ما يسمى بالربيع، وهو شتاء قارس ذو صقيع ، وهنا أتساءل هل جمدت العقول بواسطة هذا الصقيع عن رؤية ما جرى في البلاد المجاورة من تشريد وتهجير وإراقة الدماء على الطريق؟
لذا واجبي كمواطنة وفية أن أحذر من الأيام القادمة، ومن الشخصيات التي تتولى المهمات من غير سابق إنذار ولكن وضعت لتخطيط لقلب الموازين للأسف ليس لصالحنا ولكن لصالح من له أجندة بعيدة المدى، لذا يجب أن نتوحد في رؤية الصديق والقريب والعدو الذي يرتع في حقولنا وعقولنا وعلى شبكة التواصل والمنتديات التي أصبحت منبرا لمن له أجندة، وسباق مع الأخرين باسم الديمراطية والحرية، وأسماء أخرى لم نعد نعرف لها ترجمة.
أما الهيئة وميزان المجتمع في الاستقرار فقد أقحمت نفسها مرة أخرى بتحدي أوامر المليك، مع بروز شخصية جديدة لإدارتها ، فقد قلت في ذاك الوقت إن لم تختلف الآليات والقواعد لن يجدي اختلاف الأسماء في هذا الجهاز، إلى متى ستستمر هذه الهيئة بانفصالها عن السلطة، وبانفصام شخصياتها التي باتت وبائا على الوطن ورمادا يعمي عيون الذين يريدون الحلول ويريدون رؤية مجتمع لا يوجد فيه رقيب يمثل ويساوي ويماثل المخابرات الأسرية، ويعاقب ويمشي باستقلالية رافعا راية الدين كهوية .
ما رأيت وسمعت في بداية هذا الشهر الكريم لا يمت بصلة إلى رمضان شهر الصيام والعبادة والاعتبار.
فقد اكتشفت أنه هذه السنة رمضان فقد رونقه، وأصبح التويتر والمنتديات هي أماكن العبادة والأخبار الانقلابية هي المائدة الرمضانية اليومية ، انفصام وانفصال تام عن واقعية الأمور، حتى في قراءة مقال يراد به حق وإزالة الغطاء عما يراد به شق في الصفوف ، فالعدو أولا هو بين صفوفنا وعلى حدودنا وفي بيوتنا ، ونحن مشغولون بإلصاق التهم في هذا الوقت على صناع القرار، وانشغلنا عمن هو بيننا، والبطانة التي تريد تفريق الصف والهجوم علينا ونحن في حالة انشقاق داخلي بين المذاهب والأسر، والأهم الإيمان بأن هذا الوطن للجميع، يوجد كثير وكثير من الأمور التي لابد أن نعترف بها وأن نحلها، وبأسرع وقت لإحلال التوافق العام والشامل في صفوف المجاهدين الصادقين لإبقاء وطننا بمعزل عما يدور حولنا من انشقاقات في الصفوف والتراشق بالتهم وذلك لن يتم إلا باختيار العقول الجبارة من غير أسماء رنانة التي تملك الحلول السريعة والفعالة لما يمر به وطننا من جهود جبارة للتفرقة والتجزئة، بين شيعة وكما يسمونهم رافضة، وسنة كما يسمونهم بالوهابية، لشد أنظارهم للقضية ، فالأجندة الخارجية هي تجزئة الوطن بهذه المسميات من كل الجهات القطبية وزعزعة ثقة المواطن واحترامه لمن يحارب كل يوم في حرية لوحدة هذا الوطن، ولكن الخطأ كل الخطأ أن نحارب بسرية ويجب أن نكشف للمواطن كل ما يدار على الساحة ليكون جزءا من الدرع البشري الذي يجب أن نكونه من عقليات وشخصيات لا تريد السلطة لمصالحها الشخصية بل لنجدة الوطن من حالة الذهول والانفصام عما يجري في ساحة المعركة من قتال.
أخطائنا كبيرة في هذه المرحلة، وحلولنا يجب أن تكون واقعية وملموسة للجميع، وليست فقط إعلانات مبوبة، وتهديدات ووعيد، وتعيينات جديدة لوجوه قديمة، حتى بتنا نسأل أنفسنا : هل أخطأنا القرارات في كل المجالات، هل زرعت في أرضنا حقول ألغام ونحن لا نراها إلا عند انفجارها؟
أسئلة لابد أن نطرحها للنقاش ونرد عليها بكل صراحة وجرأة وامتثال، لما يجري على الساحة وفي القارة من أمور خطيرة على أراضينا وحدودنا وبعقر الدار، ألم يحن وقت التغيير في تكتيكات التعينات والتعامل مع الشرفاء، والعارفين، بدلا من استبدال أسماء ووجوه لن تزيد الحالة إلا غموضا وتخبطا وإرضاء لبعض صناع القرار.
العالم يغلي ، وشهر كريم أطل علينا، ونحن ليس ككل عام، فهل سنجتاز الامتحان ونعبر الطريق ضمن زحمة الأجندات المرسومة لشق الصفوف في هذا الشهر الكريم، أم سيكون أيقونة يعلقونها باسم الدين والانتماءات للجهاد، واكتساب الأجر في حالة انفصام عما يجري في الساحة وعلى مواقع الشبكات التي لم تعد إلكترونية، بل منابر سياسية لمن يريد التفرقة العنصرية ومساعدة كل من يريد أن يظهر بصورة البطل والواقع الأليم هو أن هذه الأجهزة أصبحت لعبة للجميع ومنبرا للتراشق، عوضا أن تكون منابر شريفة للتواصل والاتحاد.
همسة الأسبوع
كل عام وأنتم بخير، وهذا لن يكون إلا برد الاعتبار لهذا الشهر الذي أراد به الله التوازن والتعادل في إحساس الغني مع الفقير، والرئيس مع المرؤوس، وحبس الغرائز عن ما تشتهيه النفوس من تكالب على الدنيا والكراسي والعروش.
عتاب الأسبوع
عتبي على كل من هو مسؤول في الساحة عن تغطية الأخطاء الجالبة للدمار الشامل في كل مكان.
عتبيعلى من يلون الأذهان بألوان قزحية، وليس بألوان واقعية من غير إضافات ولا أزمات دولية ومحلية لن تجر علينا إلا رياح ومواسم قاتمة شتوية ، لن نعرف مداها إلا إذا استيقظ كل من في الميدان وليستوى الميزان، ونحل العقد من غير تدخلات وننائ بأنفسنا عن الانقسامات .
أين هؤلاء الذين يدًعون الوطنية عن هذه الخلطة السحرية؟؟
*كاتبة سعودية
www.basmasaoud.blogspot.com
twitter@TherealBASMAALS
شهركم وشهر الاسره المالكه بخير وكل عام وانتم بخير:
ReplyDeleteاما المناصب وخاصه في هذه اللأيام صارت لاتعد إلا شخصيه فقط ليس لصالح العام بل للخاص ف تحسين وضع المسول واعتلائه للكراسي وابد والحاصل إنه شل المسؤل وعين تلميذه
رمضان كريم ومبارك للجميع وجعلنا الله من الذين يصومونه إيمانا واحتسابا ونسأله تعالى نصرا عزيزا للإسلام والمسلمين.
ReplyDeleteأن المنطقة تحت فتنة او فتن كثيرة وكبيرة ومع الاسف لا زال الكثير منا وخاصة المسؤولين يتصرفون بصورة تضعف تماسك الامة والمجتمع مما يحاك لها من تمزق وتشرذثم.
انها مسؤولية الجميع بالارتقاء بالوعي للأخطار التي تتعرض لها امة المسلمين عامة والامة العربية خاصة انها فتنة في الصميم بين أضلاعها وابنائها يتطلب من الجميع من اصغر كمواطن الوعي والالتزام بالكلمة الواحدة التي ترص الصفوف وتمنع الاختراق والتفرقة بين ايناء الامة الواحدة.
لفهم ما يجري لنقرأ ما حصل في البحرين من المسك بمبلغ 11 مليون قادمة من امريكا وعند الاستفسار من الجانب الامريكي ادعوا انها رواتب للجنود الامريكيين؟
بالله عليكم اكو دولة في العالم تنقل الرواتب بهذا الشكل بدون استخدام الطرق الطبيعية لتحويل الاموال؟
بالله اسأل أي مسلم لو نقل هذا المبلغ وتم احتجازه في احد المطارات في امريكا ماذا يحدث له؟
اول شيء سوف يقلون انه من القاعدة والباقي اتركه لكم.....
لنقرا المقال الرائع التالي حول الموضوع:
«ربيع عربي».. أم «نهب العرب»؟