Friday, 17 February 2012

استعباد أم استبعاد

أتساءل دائما عن روعة اللغة العربية، كم لها من تأثير في تغيير المعاني بمجرد استبدال حرف أو تقديمه أو تأخيره، فتظهر لك كلمات بعيدة كل البعد عن المعنى الآخر للكلمة، فقد استغلها أصحاب النفوذ والسلطة في التغبير والتطبيق لكل القوانين المقررة.

فنحن نرى الآن على الساحة استعباد للخلق والإنسانية، تارة باسم الدين وتارة باسم السلطة التنفيذية،وتارة بمسمى العلمانية، ونرى تسليط الأضواء على صغائر الأمور، وغض النظر عن كبائر الذنوب، وهي استثمار القوة، سواء الدينية، أو الحكومية، أو المدنية في استعباد الضمائر والنفوس، فأصبح الإنسان في مجتمعاتنا مستعبد بالكامل من قبل أصحاب النفوذ وإلا السجن، والدمار والإبعاد عن الحدود الجغرافية، لأنك بكل بساطة تفوهت بكل انسيابية وشفافية ومصداقية عن الأمور التي يجب أن تكون مخفية مع إنها واضحة للعيان ولكل إنسان حتى الذي لا يملك الشهادات  العلمية ولا يعرف قراءة الألف من الباء، ولكن يبصرون ويسمعون ويعيشون القضية، وهي الفقر والبطالة والفساد في واقعهم المأسوي الذي لا ينشغل به من لديه القدرة والصوت والنفوذ، لأنها لا ترضي من هم على رأس العمل وإلا لن تدخل الملايين في حساباتهم البنكية، فمن ينظر ويسمع وزرائنا الذين أصبحوا ولاة أمورنا لكل شؤون حياتنا اليومية، فسيقول هذه مهزلة وطنية، فالأرقام المذهلة،والأصوات الواضحة الجلية بصرف الميزانية التي من حق كل مواطن أن يعرف ويطالب ويسأل عن مصداقية القضية، من وزير بات قوة وحزب بحد ذاته، يتكلم وكأنه المسؤول عن هذه الأموال، ويصرفها كمال خاص ويتصدق علينا بما تجود به نفسه من الميزانية، كطاووس ينفش ريشه من غير استحياء ولا مرجعية، فتارة ينفي وجود الأموال للمشاريع المعنية والأوامر الملكية، وتارة يتكلم بنبرة قوية عن وجود الأموال وبكل ثقة نفس بأمر بصرفها ويأمر بالأموال النفطية أن توزع على المواطنين ورفع الأجور وإسكان الخلائق "المرمية" في أزقة الطرقات الجانبية.

فإلى متى سنصدق هذه المهزلة في صرف الأموال والأرقام الضخمة التي تعلن كل سنة من غير أن نرى لها نتائج واقعية.

استعباد للخلائق باسم المال والسلطة، والواقع المر، هو التجول في أنحاء المملكة، لنرى بواقعية نتائج هذه الميزانيات التي باتت أغنية كلثومية، لا تزال الأجيال تسمعها عبر كل الأزمنة السابقة والحالية.

فقر مدقع، طائفية، مذهبية، وحتى قبلية، فالتجول الآن عبر القنوات الفضائية، تكشف لك كل الوقائع الحقيقية، لسلب حتى الاحترام من نفوس الناس والإنسانية، فسرقة الأراضي هي من حقوق أصحاب النفوذ، ولكن أن تأخذ صك لأرضك بواسطة القانون أصبح من الأمور المستحيلة واللاواقعية، إلا إذا صرفت عليها أكثر من سعرها للحصول على صكها الذي بات من المستحيلات المعترف بها في كل بيت مواطن، فأصبحت الأزمة السكانية أكبر من حلها في سنوات قريبة، من كبر هذه المشكلة الوطنية، أما إبعاد الخلائق حتى لو كنت مواطنا فأصبح بجرة قلم، لا يحكمها قانون ولا محكمة عدلية، فهي مفتوحة للاجتهادات الاستخباراتية.

ولكن سرعان ما نرد على شاب أخطأ بجرة قلم، أو امرأة تريد قيادة السيارة، أو رئيس فريق كرة قدم محلية، وسرعان ما نرد عن أخطاء الدول الأخرى التي تمارس القمع لشعبها، وتستنفر كل الجهات الإعلامية، لتغطية هذه الأخبار المدوية، وتغض النظر عن المشاكل التي استفحلت وأصبحت واقع أليم من استعباد حتى لأفكارك الداخلية.

حرائق تشتعل من كل الجهات الجغرافية، ونحن لا زلنا  متقوقعين داخل الفقاعة الزجاجية التي ستذوب مع الوقت من شدة حرارة وخطورة المناخات الإقليمية، فالكل يصرح على ليلاه، والخلائق تسيل دماؤها على شطآن الاستعباد والاستبعاد المحلية، والكل مشغول بتحسين صورته العالمية لربما يكون لها دور في المقاعد الأمامية التي ستكون شاغرة ومطمع كل ذي مال ونفوذ وألقاب محلية ودولية، ولكن الواقع الأليم هو أنه ليس فيهم أحد قلبه على الوطن  والمواطن الذي يعيش بواقعية آلامه اليومية باسم الأديان السماوية التي هي بريئة من طغيان أصحاب النفوس الدنيئة التي تستخدم الدين كأداة لأجندتها السياسية.
همسة الأسبوع
نجاح الإسلاميون كأحزاب في كل الدول التي ثارت على أنظمتها المحلية، ما هي إلا رسالة جديدة لاستعباد الخلائق بصورة انتهازية للأرصدة المحلية، والأموال الهائلة، التي تصرف على الأسلحة المدمرة الشاملة لكل المناطق العالمية، هل هذه هي صورة الإسلام الحالية التي نريدها أن تلتصق بمخيلة العالم عن هذه الديانة السماوية الذي كان رسولها ينادي بالرحمة والسلام والعدل والمساواة ونبذ كل تعاليم الجاهلية من فساد وقتل واستعباد وإبعاد لكل من يتولى القضية ويكون مسؤولا عن الإنسانية.

*كاتبة سعودية


twitter

2 comments:

  1. نعم عم الفساد البر والبحر ونطلب من الله الرحمه واليقضة الأسلامية بإيقاض غفلة المسلمين وتوحيد كلمتهم
    وكذالك ارساء القوة للمسلمين لقوله تعالى(وأعدو لهم ما أستطعتم من قوة ومن رباط خيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لاتعلمونهم الله يعلمه,

    صاحبة السمو مسرورة انا بقرائة مدونتك لافص فوك

    ReplyDelete
  2. شكرا ليديك وقلمك.
    الكريمة سمو الاميرة،
    ان مكمن الخلل هو في التربية، نعم التربية التي تبدأ في البيت. لو ان الأم والأب جاهدوا من أجل ان يكبر الصغار على عدم الرشوة او السرقة والتفاني في العمل، ومساعدة الناس والى اخره بما اوصانا به ديننا الحنيف ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم لما وحصلنا على رجال ونساء يؤدون حركات الصلاة ولكنها ليست بصلاة المسلمين، يقولون انهم مسلمون ولكن افعالهم تقول انهم لا.
    وتأتي بعدها مدارسنا ومعلمينا اين هم من تربية الابناء الرجال الصالحين لخدمة الوطن؟
    لقد ساد المجتمع هوس الزواج من اربع نساء ونسوا إن هؤلاء الصبية والبنات يراد لهم الوقت والعناية والمتابعة لحين الكبر ليتشبعوا بالفاضل من الاعمال والأخلاق. وتم رميهم في أحضان الخدم من الفليبينيات والسريلانكيات وهن حائرات أسيرات البيت بين مطالب ساكنيه الذين يعاملوهن كأنهن ليسوا ببشر في بلد ودين يعظم ويدعوا للمساوات بين البشر ولكنهم لم ولن يفقهوا ذلك.
    وهنا امتلأت البيوت بالصغار الذين ذنبهم انه ولدوا لنزوات الرجل الذي يفكر بأربع وليس بواحدة ويشكر الله تعالى على نعمه.
    وكبر الصغار ودخلوا الحياة وهنا ساد الهرج والمرج الكل ينظر أبعد من قدرته وحقه ولكن ولاينظر كيف يتقدم سلم الوظيفة بالمعرفة والتفاني في العمل لخدمة وطنه واناسه وقمنا واستوفدنا الملايين لتخدم الملايين عاطلة كسالى لا يحركون همهم ليس العمل وهنا أعادوا خطوات ابائهم في الحياة.
    اذا اردتم الحياة والتقدم لتكسروا هذه الدائرة من السلوك التي لا تنتهي وهي التي اوقفتكم عن بقية الأمم التي وصلت الى ما هي عليه من خلال العمل والجد ومساعدة الناس.
    ملاحظة للأخ المعلق رقم واحد:
    لو سمحتم لي ان الآية الكريمة واضحة وليس منا لا يفقهها، وباعتقادي لنعد العدة لأنفسنا نحن ونغير أنفسنا من الداخل نحن الأعداء لأنفسنا.

    يقال ان الرئيس تيتو رحمه الله رئيس يوغسلافيا سابقا قيل له ان مساعده او رئيس وزراءه عميل للامريكان! وكان يرد عليهم انه واثق منه وانه ليس بعميل. واستمر التحذير له الى ان جاء يوم وسأل تيتو مساعده هل انت عميل فعلا وكيف؟

    برد عليه بهدوء نعم، ولكن كيف؟
    كل هذه السنين وضعت الرجل الغير مناسب للمكان المناسب.

    ReplyDelete