Saturday, 4 September 2010

التلاعب على أوتار الحديد والحق العام

‏قرأت في الصحف هذا الأسبوع من العناوين العريضة ما يوحي أننا نعايش واقعا ‏كله غش وفساد وتلاعب في أسعار الحديد إلى إهدار المال العام،‎ ‎ومن إصدار ‏صكوك مزيفة إلى إيقاف بيع مخططات سكنية غير مزودة بالبنية التحتية، وهل من ‏مزيد. والجواب نعم فكم من الأمور المخفية، والنوايا المزينة ببريق إعلامي خالي ‏الوفاض من القرارات الواقعية، فما نفع التصريحات من الوزارات المعنية بلا ‏قرارات فورية، ووضع خطوط حمراء لا يقدر أن يتعداها ذوي القلوب المريضة ‏والضمائر المنسية؟ أفلا يوجد رادع لهذه الجهات، ولا قضاء يحاكم هذه الفئات؟ ولا ‏أحكام تكبح جماح التجار والاتجار بحياة الناس واقتصاد البلد من مشاريع واتفاقيات ‏دولية جارية تحت التنفيذ معطلة بسبب عدم استقرار السوق المحلية، كيف لنا أن ‏نعمل في أجواء لا تعرف الاستقرار بالأسعار، وكل يوم نحن في شأن ؟ اقتصاد ‏بلدنا مرهون بأهواء التجار، من صعود للأسعار وهبوط للقيم الإنسانية؟ كيف؟ ‏واسأل هنا سؤال تحته خط عريض وعلامة استفهام لا نرى لها فعالية، وكيفية ‏إعطاء الثقة للمستثمر الأجنبي والوكيل المحلي أن يتعامل مع وضع لا يوجد له ‏ضوابط ولا قوانين ثابتة صارمة لا تعطي المجال للتلاعب على أوتار الأهواء ‏والمصالح البشرية ، فالله سبحانه وتعالى خلقنا بقوانين وسيرنا بدقة وتنظيم، وإن ‏اختل احد أعضائنا تداعت له سائر الأعضاء، وهذا حال اقتصادنا، وقوانيننا ، فقد ‏اختل الميزان، وتداعت بعض الأعضاء. وأصبحنا عرضة لتداعي باقي الأعضاء ‏في قوانيننا المحلية والعالمية لنصبح بدون مصداقية، لا في الوعود ولا في استقرار ‏الأسواق المحلية، لا من أسعار حديد، ولا أسهم، ولا حتى الأغذية الإنسانية التي ‏يقتات منها المواطن، وهي من الأساسيات المهمة في حياتنا اليومية، فتارة تقفز ‏أسعار الأرز إلى أرقام وهمية وتارة تشح مادة أساسية كالقمح في أسواقنا المحلية ‏وترتفع الأسعار وكأننا في بلاد منسية، بعيدة عن الإسلام وسنة وفقه خير الأنام، ‏فأين الديمقراطية كقانون لبلادنا الثرية؟ هل سنصبح أداة لكل يد مختلسة ‏محتكرة من التجار بمساعدة بعض من يحملون الصفات اللانسانية والمحاذير الإلهية ‏التي نهانا عنها الرحمن في كتابه وعلى لسان خير البرية، ألم يروي لنا الله سير ‏أقوام أخلوا بالميزان وتلاعبوا على الرحمن فأصبحوا سيرة مروية وعبرة في القرآن ‏لكل معتد أثيم، وأثارهم باقية لمن يريد الصحوة، والتوبة وإعلاء كلمة الله الحق الذي ‏وضع لنا أسس التعامل في حياتنا من الألف إلى الياء ولم يترك لنا الرسول طريقا ‏إلا أكمله، من التعامل التجاري والميزان الإلهي، وقد أتم لنا ديننا وترك لنا سنته ‏لإتباعها فأصبحت قصة منسية ومنهجا لا نسير عليه، إلا عندما يتلائم مع أهوائنا ‏الشيطانية التي أصبحت سمة من سمات قوانيننا المحلية، فنطبقها تارة عندما تلائم ‏أوضاعنا ومكاسبنا التجارية ، ونتركها ونفتي بجواز المحظور ونتلاعب بالكلام ‏لنضع لها قاعدة دينية، ألم يحذرنا الرحمن ثم خير الأنام من التلاعب بالإنسان ‏وقوت يومه، وعدم الإخلال في الميزان، واخذ ولو شبر ارض ليست من حقه، ‏ووعده الحق بأن يحاسبنا أشد حساب على كل مظلمة للعباد، وأنه لن يسامح أو يغفر ‏أبدأ مظلمة العبد للآخر. فتزايد أسعار الحديد الآن تؤخر مشاريع شتى وحيوية في ‏بلادنا وتضع لها مقاييس وميزانيات جديدة، فأصبح الناس في حيرة، من تغير ‏للميزانيات الموضوعة والخطط المحددة بأوقات معلومة، إلى مشاريع لا يعلم إلا الله ‏أخرها، واستكمالها كعادتنا في أمورنا التجارية، فالمشاريع عندنا تبدأ بخطط وأوقات ‏ثم تمتد إلى سنين، تارة لندرة الاسمنت وغلائه، وتارة الحديد، وتارة الله عليم من ‏المواد الأساسية، فكيف لنا أن نتقدم إلى الأمام والجشع يرجعنا إلى الوراء أميال ‏وأميال؟ فلا استقرار في الأسعار ولا ضمانات، فكيف لنا أن نتقدم إلى الأمام ‏ونصبح من الدول المصدرة وندخل بفاعلية مؤكدة لمنظمة التجارة العالمية، وسوقنا ‏المحلية ينقصها القوانين الحازمة الملزمة للجميع ، لنستقر ونزدهر ونتطلع إلى ‏مستقبل مشرق، فلم تتوانى المؤسسة الحاكمة عن إصدار القوانين، ولم يبخل الملك ‏حفظه الله عن إصدار أوامر ملكية لتكفل استقرار السوق المحلية ، فمن المخل في ‏الميزان؟ أين الحلقة المفقودة في الدائرة الكاملة الاستدارة، لابد لوزرائنا المعنيين أن ‏يتابعوا ميدانيا القوانين ويتعاملوا بصرامة، وبحلول جذرية لحالنا المأساوي في ‏بلادنا التي هي مهد الرسالة، وقوانينها مستمدة من القرآن والسنة النبوية وتطبيقها ‏شرعا، وبدون مجاملة لأية جهة سواء كانت محلية أو دولية.‏

همسة الأسبوع ..
(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ‎ ‎فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا ‏الْإِنْسَانُ‎ ‎إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) ‏‎‎الأحزاب: 72‏‎‎

No comments:

Post a Comment