كما في كل التعيينات الملكية، نبحث دائمًا عن الرجل وراء الثقة الملكية؛ فها قد أصبح صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور منصور بن متعب بن عبدالعزيز وزيرًا للشؤون القروية والبلدية. فلننظر إلى سيرته الذاتية: فسمو الوزير يحمل شهادة دكتوراة من الولايات المتحدة في الإدارة العامة، كما أنه أكاديمي وعضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود، وله عدة بحوث في الإدارات الحكومية، كما أن له خبرة في الوزارة المعنية منذ 14/2/1427هـ. ولننظر لواقع البلديات والأمانات في وطننا: واقع مؤلم، عشوائية، استقلالية تامة عن الوزارة، حيث كل أمين ينظر إلى نفسه على أنه هو المسؤول الأول والأخير.وما هو جلي للعين المجردة وواقع حقيقي “بدون نظارات” لواقع إداراتهم للمدن والقرى والهجر. فللمثال مدينة جدة التي أسكن فيها، واضطر إلى التجوال بسيارتي في شوارعها «حيث إنني لا أملك طائرة هليكوبتر»، فلا يوجد شبر في شوارع جدة إلاّ وهو ضمن مشروع السفلتة أو التكسير أو تصليح حفر بحفْر حفرة أكبر! «أو مشروع جسر، لا نحتاج إليه أصلاً»، إلاّ لعرقلة السير، وصرف الأموال في مشاريع لتغطية الحالة المأسوية المزرية التي وصلت إليها بوابة الحرمين الشريفين. ناهيك عن القصة الأبدية للبنية التحتية: من مجارٍ، مياه، وكهرباء، وتشابك في الخطوط، «يصعب أن أحصر في هذه السطور نوعية الخطوط من كثرتها». عدا الخطط العشوائية للمساكن والمتاجر والشركات، ناهيك عن الشروط المستعصية للمقاولين، وعدم وجود الكفاءات المختصة، والخدمات العالية الجودة مقارنة بالأموال الضخمة التي ترصد لهذه الأمانات. فأين تذهب هذه الأموال مع ما نراه من خراب؟ وبدون مبالغة في كل شارع وحارة. فالجرائد مليئة بالصور والمشاكل التي لم تعد تخفى على أحد. أليس أولى بنا أن نصلح أحياءنا وشوارعنا قبل البدء بأي مشروع لتطوير المناطق في جدة؟ وهي ترزح تحت وطأة مشاكل رئيسية في البنية التحتية؟ ممّا يضر بالمواطن بشكل أساسي ورئيسي حتى طالت صحتنا، فها هي بحيرة الأربعين لم تحل مشاكلها إلى الآن، مع أنه رصد لحل هذه المشكلة مئات الملايين عبر ولاية أمناء جدة على التوالي، ناهيك عن الروائح التي تزكم أنوفنا حال خروجنا من بيوتنا، لنختنق من الأبخرة السامة التي تصدرها، والتلوث الذي نعانيه في كل زاوية من جدة، هذه ما هي إلاّ نقطة في بحر من المشاكل التي تعانيها مدينة جدة، التي يصل إلى مطارها «المجهز الممتاز، الراقي بخدماته!» ملايين من الحجاج والمعتمرين سنويًّا، ونحن نراهم يفترشون الأراضي الطاهرة عند سفرهم من «حسن التنسيق والتدبير»!.نحن مشغولون بمن سيفوز بانتخابات البلدية، ويسطع نجمه في الإعلام والمجتمع، غاضين النظر عمّا سيقدمه لهذه البلدية من خدمات، تساعد في حل بعض “وأقول بعض” لأن مشاكلنا لا تُحصى ولا تُعد. ولا أقدر أن أحصر في هذه السطور القليلة ما يعانيه المواطن من الأمناء والبلديات في كافة مناطق المملكة.ماذا نريد من سمو الدكتور، الأمير، الوزير؟ لقب ثلاثي القوة، فلتكن قوتك يا سمو الوزير في الإصلاح ثلاثية الأبعاد، فإنك من الكفاءات الشابة القليلة في بلادنا التي تملك الصلاحيات لتجعل التغيير والإصلاح واقعًا ملموسًا.لذا نطلب من الله ثم منكم تفعيل دور الوزارة لتصبح وزارة للتنسيق بين الجهات المختلفة لخلق مناخ عام لندخل بها عالمًا مطورًا، مهيأ لاستقبال هذا القرن من مستوى راق بالمعيشة، ونوعية المواصلات، ونوعية الحياة في مدننا. ففي السنوات الأخيرة أصبح الجميع يبحث عن المدن التي تقدم خدمات واتصالات وتقنيات راقية والتسهيلات لرجال الأعمال، والمدن التي توفر الوقت والجهد بتقليص الروتين، والبلد التي تجعل حياة مواطنيها سهلة ومريحة ومنتجة في الوقت نفسه.ملفات ساخنة كثيرة تنتظرك أيُّها الدكتور، وأماني المواطنين تنتظر من الله ثم منك الحلول، والحزم ، والقرارات الصعبة، فالثقة الملكية في محلها، والشخص المناسب موجود في المكان المناسب، لذا آمالنا كثيرة، وثقتنا في الله ثم فيك كبيرة.همسة الأسبوع:عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «القوة في العمل ألا تؤخر عمل اليوم إلى الغد، والأمانة ألا تخالف سريرة علانية، واتقوا الله عز وجل، فإنما التقوى بالتوقيَ، ومن يتق الله يقه»
.كلما ارتفع الإنسان تكاثفت حوله الغيوم والمحن.
No comments:
Post a Comment