Monday, 30 November 2009

وانهارت جدة في نقطة بحر

لم أتفاجأ عند نزول أول قطرات من المطر في يوم عرفة عن الأخبار التي توالت عليّ من قبل أصدقاء ومعارف في جنوب جدة من الوضع المأساوي الذي تفاجأ به كل من يقطن تلك المناطق وخاصة منطقة الجامعة ، فكما كتبت قبل أسبوعين في مقال وجهت به رسالة إلى صاحب السمو الملكي وزير الشؤون البلدية من خطورة الوضع في هذه المدينة التي تعد من أقدم المدن الساحلية في المنطقة وبوابة الحرمين ، فقد طالعتنا الصحف في اليوم التالي بصور وأخبار عن عدد الوفيات والأضرار التي كانت حصيلة «مطرة» وسقيا رحمة، والتي من المفترض أن لا تكون سقيا عذاب، لو كان وضع أمانتنا ومسؤولينا على قدر من الوعي والتخطيط ، وتصليح ما كان واضحاً للجميع أنه سيقع، فقد رقعت الأمانة ما تقدر أن ترقعه من الشوارع والجسور، وحاولت جاهدة أن تبدي الوجه المضيء للمسؤولين وولاة الأمور لتخفي كل المآسي التي كان لابد أن تظهر لأن الله سبحانه وتعالى يمهل ولا يهمل، عدا عن دور الدفاع المدني الذي تأخر في الوصول إلى مواقع الكارثة إلى أكثر من خمس ساعات لعدم توفر التدريب والمعدات لمواجهة هذا الموقف. من هنا أسأل الجميع، ألم يحن لنا أن نستيقظ من أحلامنا الوردية ونطلب مساءلة المسؤولين عن هذه الكارثة ومحاسبتهم بكل شفافية لا أن نختبئ مثل العادة تحت عباءة «الله قدر»، «جاء يومهم» و «إيش نسوي». فنحن نستعمل إيماننا وديننا وإلهنا هنا كغطاء لأخطائنا وليس كإيمان في قلوبنا، بل مخدر لضمائرنا، هل يعقل أن نسكت عن هذه الصور البشعة من فيضانات وجثث متناثرة هنا وهناك، وسيارات بالجملة محطمة ومدمرة، وشوارع يسبح فيها الناس وكأننا في موقع تسونامي أو كاترينا، وما هي إلا «مطرة»، لا تقارن حتى بأخف الأيام مطراً في أي من البلاد المجاورة البائسة، ووفيات وإصابات بالمئات، وما خفي كان أعظم، هل ستمضي هذه الكارثة بدون محاسبة؟ وتكون كغيرها من الملفات التي تركن على الأرشيف لتقضي باقي أيامها كمنظر فوق مكتب المسؤول إلى أن يرثه الذي بعده؟ أم ستكون هذه الكارثة لحظة استيقاظ وصحوة وفعل ومفعول به وجملة فعلية؟ حبستني عبرتي عن أن أعبر عما يجيش في صدري وما يدور في عقلي إلا أنه لم يخني قلمي في التعبير عن خيبة أملي ولن توجد حلول جذرية ملائمة إلا بوقفة صريحة من الجميع مع الجميع لمواجهة أية تضليل أو تقصير من كائن من كان من المسؤولين عن المواطن مباشرة، الذين تهيأت لهم الموارد والمصادر بأن يكونوا على قدر كبير من المسؤولية والأمانة والتنفيذ ، وليحاسب من يحاسب على مآسي البشر ومعاناتهم، وأرواح ذهبت، وأموال تبخرت مع آمال صغيرة وتطلعات كبيرة لنحو مستقبل يكفل للمواطن آدميته وإنسانيته.همسة الأسبوع{ إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً}
الآية (72) سورة الأحزاب.

No comments:

Post a Comment