أما باريس العاصمة التي لا تنام ، فها هنا تكتمل الصورة وتنتهي إجازة الخليجيين والعرب، وكأنهم جميعا على موعد ، فإنك ترى كل الوجوه التي رأيتها في جنيف موجودة في شارع الشانزلزيه، فمن بعد الساعة الثامنة مساءً ترى مواطنينا وقد تحولوا إلى خفافيش الليل يتناولون الوجبة الأولى في مقاهي ومطاعم هذا الشارع المعروف دوليا بجماله ومعالمه التاريخية.ومعروف لدينا كأكبر مركز لتعارف الجنسين والتباهي بأفخم السيارات الموجودة عالميا وعليها لوحات سعودية وخليجية مصفوفة أمام المقاهي والمطاعم التي يبلغ إيجار توقيفها في هذا الشارع عشرات الألوف في اليوم .ومعروف أيضا لدينا بـأكبر شارع تسوق ننهي به إجازة الصيف. فلا نعرف من باريس إلا هذا الشارع، وشارعين إضافيين للتسوق والمطاعم والملاهي.
أما أمام المتاحف ومناطق المناظر الخلابة فلا نكاد نرى مواطناً فيها إلا من رحم ربي. منذ أصبحنا أمة شراء وتبذير .
لا نفهم من السياحة إلا الشراء والمباهاة بماذا رجعنا به هذه السنة من موديلات عالمية من هذا البلد أو من تلك المدينة.وقد حملنا أنفسنا أعباء لن نستطيع أن نحملها بعيدا، فقد اقتربت الساعة واقترب الحساب. وكثرت الذنوب ، وقل الحياء، ولم نعد نلتفت إلى المعنى والكيف ومازلنا ننحدر سنة بعد سنة في هاوية الاستهتار وعدم الاكتراث إلى التنبيهات العالمية ولا الغيرة الإلهية، أين الحل والمفر من حياتنا البوهيمية؟
همسة الأسبوع
عن علي بن أبي طالب في فوائد السفر:
تَغَرَّبْ عَنِ الأَوْطَانِ فِيْ طَلَبِ العُلَى
وسافِرْ ففي الأَسْفَارِ خَمْسُ فَوَائِدِتَفَرُّجُ هَـمٍّ،
واكتِسَـابُ مَعِيْشَـةٍ
وَعِلْمٌ ، وآدابٌ،
وصُحْبَـةُ مَاجِـدِ
فإن قيلَ في الأَسفارِ ذُلٌّ ومِحْنَـةٌ
وَقَطْعُ الفيافي وارتكاب الشَّدائِـدِ
فَمَوْتُ الفتى خيْرٌ له مِـنْ قِيامِـهِ
بِدَارِ هَوَانٍ بيـن واشٍ وَحَاسِـد
No comments:
Post a Comment