Monday, 24 August 2009

السياحة..>2

عندما أفكّر بسويسرا وعاصمة المال جنيف لا أستطيع أن أتذكّر إلاَّ المعاملة الراقية، وجودة الطعام، ودقة النظام، عند إقلاع الطائرة من مطار هيثرو، كنتُ أمنّي نفسي بعدة أيام من الراحة، والسكون والنظام. ولكنني تفاجأتُ منذ نزولي من الطائرة بفوضى وعشوائية. وتساءلتُ منذ اللحظات الأولى، وأنا في المطار: ماذا حلّ بهذه العاصمة الراقية؟ ولكني ذُهلتُ فعلاً عندما دخلتُ إلى الفندق، وسمعتُ من الضجيج وانبعاث الروائح يوحي لك وكأنّك في مقهى من مقاهي جدة، فروائح الشيشة تنبعث من غرف الفندق مخلوطة برائحة العود والكبسة السعودية. عندها وقفتُ وقفة إجلال واحترام للشعب السعودي، الذي استطاع في فترة وجيزة أن يحوّل أفخم فنادق في العالم إلى سوق عكاظ، وكورنيش جنيف الذي يطل على بحيرة اللومان الشهيرة إلى كورنيش جدة والتحلية. فقد رأيتُ هنا ما لم أره في لندن، فقد اصطفت البنات وأمهاتهن على رصيف، والآباء وأولادهم في المقاهي المقابلة لهم، لا يفصل بينهم إلاَّ أمتار قليلة، وكأنّهم في أحد الأفلام الأمريكية المسعودة. والموسيقى الخليجية تصدح في ليل جنيف مع ضجيج ورنين الألعاب على ضفاف النهر وجبال الألب، تنظر إلى الأسفل متسائلة: ماذا حل بمدينة الرقي والمال؟ فقد استنفرت المدينة بأكملها لاستقبال العرب، واستنفرت المحلات التجارية بعروضها، والفنادق بسائقيها وسياراتها الفخمة، ومحلات المجوهرات بمترجميها لتسويق وبيع قطع من المجوهرات بملايين الفرنكات السويسرية إلى سيّاحها العرب. لربما يتساءل القرّاء: كيف اختلف الوضع عن قبل؟مع الركود الاقتصادي، فقد تحوّل العالم إلى التوفير والاقتصاد، إلاَّ نحن، فنحن نصرف المال وكأنّنا لازلنا بطفرة، وليس بكارثة اقتصادية دولية، أو كأنّنا في كوكب يختلف عن كوكبنا الحالي، فلا أنفلونزا الخنازير، ولا كارثة الاقتصاد العالمي، ولا زلازل العيص، غيّر شيئًا من نمطنا وأحوالنا، ولم نتعلّم أيَّ درسٍ من انهيار كل شيء من حولنا، وعلامات اقتراب الساعة تتكاثر من حولنا، فلازلنا في غيبوبة، ولازلنا في العناية المركزة.وللحديث بقية...همسة الأسبوع:}يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ واللهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ{. صدق الله العظيم.قال صلى الله عليه وسلم: “والله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على مَن كان قبلكم؛ فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم”.
24 اغسطس 2009

No comments:

Post a Comment