Monday, 27 October 2014

المـــــعـــــارج



الإثنين/ 3/  محرم 1436 الموافق /27/ آكتوبر (تشرين الأول) 2014

المـــــعـــــارج

بسمة بنت سعود بن عبدالعزيز آل سعود*
©جميع حقوق التأليف و النشر محفوظة للأميرة بسمة
في ليلة قمرية ذهبت في رحلة جوية، واكتشفت أن طائراتنا بلا جناحين، وان مادة ما تتسرب إلى جهازنا التنفسي، فسألت وتساءلت ما هو "اللغز والسالفة" ؟
عرجت على أخبار الدنيا وأنا في الطائرة، فرأيتها صغيرة جدا بالنسبة للعلو الشاهق، فكلما ارتفعت الطائرة أحسست أنني اعرج إلى السماء وأجاور البروج والكواكب المضيئة.
سموم تتسلسل في أعماقي تمر عبر جهازي التنفسي وتدخل مجرى الدم بسهولة و تيسير من جهازنا الملاحي.
مكافحة الإرهاب لحماية الإسلام الوسطي ، عنوان قرأته، وأقول مكافحة الإسلام لحماية الإرهاب المتطرف، هذا هو عنوان كل من يعرج على صفحات الصحف المحلية، والأبواق التلفزيونية، والأجهزة الإلكترونية.
أصبحنا نشك أننا في قانون الجاذبية، بل نسبح في فضاء ونعرج يوميا ونطفو في سماء المعارج خلال أجهزتنا ، وقنواتنا ، فلم نعد نعرف هل نحن مخيرون أم مسيرون من خلال أجهزة مغناطيسية تعرج بنا يومياً، ونصدق أين نعيش :
في عالم الإرهاب الفكري والديني والنفسي، وهنا اتوقف وأقول لنفسي وكل من يرى ويشاهد الحروب والقتل والدمار والفساد من خلال جهاز التلفاز:
من هو حقيقي ومن هو يمثل الحقيقة ,حتى باتت أن تكون حلماً يسري بناً يومياً ويعرج بنا إلى سماء وفضاء من غير هوية.
اجهزة تتساقط مثل رمال البحر وتتبعثر من غير حلول لا على الأرض ولا على الورق.
إعمار ثم تهديم، إعادة تدوير لكل ما بنيناه في قرون مضت وأرست قواعد تاريخية، لم تمحى مع الزمن ولا التفاعل الطبيعي مع الأنسجة الصخرية، وبقدرة قادر ما بني خلال قرون هدم في سويعات جنون.
ما بني على التقوي أصبح فتوى في أيدي من يدير هذه الجماعات التي ظهرت على سطح كرة لا تشبه الأرض إلا من خلال نافذة طائرة في سماء تعرج منها الملائكة والإنسان ليوم مفاده خمسون ألف سنة مما تعدون، ونحن أفنينا ما بناه الأجداد والرسل في ثقافات ذهبت ولن تعود.
لماذا أقول نحن؟
لأننا كلنا مسؤولون، وكل منا مسؤول عن رعيته ، صفة السكوت والإهمال والتسليم ، ثقافة دخلت في عقولنا خلال أجهزة التكييف، فتكيفنا مع ثقافة الدمار والتنكيل وبتنا نتلذذ بالتدمير.
بلاد العالم تتكيف مع دوران الأرض ونحن ندور عكس اتجاه الساعة والدورة اليومية ، نستيقظ على لغة السياسة وننام على لغة الفساد , نعرج في اليوم مليون مرة على سماء وفضائيات الدنيا العربية، والغرب يتسابق على البقاء على أرض الواقع ويعمر ما نحن نحلم به الآن، ومنذ زمان، اصبح لديهم واقع, ولدينا سماء, وحلم يتبدد كلما ابتعدنا عن الواقع وسماء الدنيا.
نشاهد ونتفرج، ولم نعي أننا نحن الظاهرة العالمية, التي تبث يوميا، لآلاف الساعات التسويقية ويتفرج علينا العالم بواسطة جهاز مكبر لما نقوم به في أروقة بلادنا العربية.
نحطم ذواتنا ونهمش أجسادنا، أصبحنا لا نحب إلا تراث الحلم العربي بإزالة الجوار، لنرتع في تربة خصبة لا تزرع فيها إلا الأشواك.
نقتات  من بعضنا  لنزيل الشوائب العالقة، لا نفرح، ولا نحزن، بل فاقدي الدهشة حتى في مناهجنا.
ندور في آفاق ، دورة كاملة ، ونسبح في فضاء بلا حدود، فراغ وضجة، هذه ميزة الحروب.
الجميع خائف وحاجز الأمل يتخطى الحروف , ليرسم لوحة الإنسان في متاهات الزمان، لغتنا الآن: لا تفرح، أنظر حولك وستعرف أن السجن أصبح خارج السجون.
منطقة الحظر الوحيدة هي طائرة بلا جناحين، منطقة محايدة , تقترب من البروج المشيدة، والنجوم اللإنسانية لتكتمل المسرحية.
ندخل الحياة بصرخة ونعرج إلى السماء بهدوء، رحلة المعراج درس لا يجب أن ينسى مهما تعاقبت الأجيال والحضارات والحروب.
*كاتبة سعودية


You tube:  http://goo.gl/e8tpD 

PrincessBasmah @

خاص بموقع سمو الأميرة بسمةhttp://basmahbintsaud.com/arabic/
 نسمح باعادة النشر شرط ذكر المصدر تحت طائلة الملاحقة القانونية

No comments:

Post a Comment