كل يوم أتفاجأ مما يسطر بعض علمائنا، فتارة ينددون وتارة يشذبون، وتارة يخالفون، وتارة يسيرون مع الركب ويقولون : أمين، فأصبحت الأهواء على ما يسطر قلمهم وما يشعرون، وليس كما يجب أن يصيروا حتى يتبين الحق من الغي، فالجميع مستعجلون، لبث أرائهم أو سمومهم حسب ما يشعرون، فلهم دائما الكلمة حتى لو كانوا مخطئين، ففتوة هنا أو هناك، ورأي مغاير لما كانوا يكتبون ويتظاهرون، عندهم أقل وأبسط من جرة قلم ويسطرون ما يخلق عند العباد بلبلة لا نحتاجها الآن، بل لم تكن أبدا ما أراد الله بها لعباده الصالحين، وعلمائه العاقلين، وما نرى الآن من شيوخ بارزين كل يوم يأتون بما لا يعقل ولا هو من المنطق ولا من عزم الأمور.
فقد قرأت حديثا لشيخ مشهور، تارة بقميصه الحديث الذي يجاري الزمان، ويطلع لنا بأحاديث تنم عن عقل مستنير، وتارة كما الآن يستنكر تحديث قوانيننا العدلية، التي بالأصل لا يوجد لها قوانين، ويقول عنها أنها مؤامرة للسفور، والثبور، وعظائم الأمور، وأنها كما العادة فكر علماني، ولا يدرك أننا يجب بالأصل أن نكون جميعا علمانيين، لأن الله اختص الإسلام بالعلم والنور، والحكمة، وحث على العلم والتجديد، والبحث الدءوب عن التفكر في الخلق، واستنباط العلم من القرآن، فما هذا التخبط ونحن سائرون ورائهم، بما يفتون أو ينصحون.
وهنا لا أخص فقط علمائنا الدنيويون، بل أوسع الدائرة لمن هم في دائرة الضوء ويمثلون على العباد بما يؤمرون. فتارة يطلع لنا شخصية تثير الجدل عن السياقة النسائية، وتجوب العالم ونتحدث إلى الإعلام الخارجي، وتتحدى القانون، وترفع شكوى ودعوى عند ديوان المظالم، وفجأة نراها تسوق في أمريكا مع مذيعة وقناة شهيرة، وتتحدث عن الإسلام والحقوق النسائية، ونحن ننجر ورائها مثل قطيع الحملان النقية، ونصدق التمثيلية، وهي في الأصل تعمل في إحدى دوائر الأمن في الشركات البترولية التي كلنا يعلم انتماءاتها الفعلية، فكيف تخالف القانون وتحبس، ثم ترفع قضية، ومن ثم تطلع على القنوات الفضائية تحت أعين السلطات المحلية؟، وتكتب على الفيس بوك والتويتر، بكل شفافية، وغيرها يحبس ويحكم عليه بمجرد جملة اسمية؟
ألم يحن لنا أن نعقل ونفهم أن من ورائهم أجندات سياسية تتحكم بعقولنا التي أصبحت تجارة محلية وعالمية ، لمن يريد أن ينفذ أجندة سياسية، ألم يحن لنا أن نستيقظ من ثباتنا العلمي والثقافي والديني ، ونخرج إلى دنيا الوعي والحس المنطقي.
يقولون عنا تارة متطرفين، وتارة متحجرين، وتارة نطلع إليهم بعبارات وأقلام مستوردة، تسطر ما لم يسطر في قصص ألف ليلة وليلة، ونحن سائرون وراء شهر زاد، ونكيل من الزاد الذي نقتاته عند كل صباح من سياسات متضاربة، وعقول مدفوعة الثمن وقابلة للمتاجرة كلما لاح في الأفق زيادة في العطاء، والاستئثار في المزايا اللقبية.
أحد شيوخنا العظام أعطى لقب عظيم ومزايا أعظم منذ أيام، وقد عرف في الماضي القريب عن تغيير أقواله حسب المعطيات، والمؤثرات والأرقام الفلكية، والأراضي والمساحات العقارية، فلمن يريد أن يبحث عن ممتلكاته، فسنضيع من كثرة الحجج، والعطاءات التي يستوحي منها خطبه الساذجة التي يطالعنا بها ويخاطب بها أقواما لا تعرف حتى الأحرف الأبجدية، ولكن المهم عنده ظهوره في القنوات التلفزيونية على أنه حكيم الدولة الإسلامية، والعارفون المتابعون من ورائه خطط شخصية لا تنم إلا عن أغراض دنيوية.
كثير هم على ساحتنا المحلية، والأكثر في الساحات الدولية، وأصبحوا يسطرون بأقلامهم الإسلامية، ما لم يسطره رسول الأمة المحمدية من أحكام قضائية، وأعراف دينية، ورحمة عالمية ، وصورة حقيقة للأديان السماوية، فالكل في مخاض عسير، ونحن الضحية المثالية، لهذه الخطة الجهنمية لأجندات وضعت لتشويه صورة الإسلام والأديان، فبرأيي الشخصي التام أن من يطلق عليه علماني يجب أن يكون فخورا وذكيا، ويتذكر أن الله سبحانه وتعالى أمرنا بالعلم والتنوير والحرية الفكرية، ولذلك أرسلت الرسل عندما عم التطرف في الدين والإباحية، فقد علم الإنسان ما لم يعلم ، لذا كانت عصور الخلفاء والإمبراطورية الإسلامية ، هي جوهر هذا الدين ، حيث صدرنا إلى العالم، علماء دين ودنيا، وفنون وتراث وثقافة باقية للآن آثارها الواضحة للجميع في أنحاء الدنيا، ونحن ماضون على محو الهوية الإسلامية الجميلة والعالمية، بطمس كل ما هو جميل وعلمي وفني ، وباستحياء نذكره، ونختبئ تحت رداء الستر والجهل ، وفي الأخير سلبنا المرأة كل ما أعطيت في عهد النبي الذي جاء بالقرآن ليبدل الجهل وما حُرف في الرسالات الأخرى من حقوق للمرأة والمجتمع، وحرفنا حتى العضل الذي نهى عنه القرآن في عدة آيات مكتوبة ومعروفة للجميع، وخاصة قضاتنا الذين يتناسون ما جاء في كتابنا الذي لم ولن يٌحَرَف، وهذا وعد من القادر القدير الذي سيحاسبهم على كل ما سلبوه وغيروه وتاجروا به من أجل دراهم معدودة وأيام قليلة على هذه الأرض.
وفي الأخير تحية إجلال واحترام وتقدير لمليكنا وولي عهده الأمين في إعفاء من فكر نفسه بعيد المنال بارتداءه رداء الفتوى واللحية والثوب القصير ، ولكن البصير يمهل ولا يهمل وهذا أكبر دليل.
همسة الأسبوع
القلم وما يسطرون، فهم كلهم سيحاسبون، على كل جرة قلم ، وحرف وجنون.
والعاقل منهم سيفهم لا محالة أن الحساب قادم للمنافقين ، فالله شاهد عما يبدلون ويحرفون، ونتائج ما اؤتمنوا عليه وضيعوه ، فبدلا من التهديد والوعيد للعالمين، والنار والزبانية للخاطئين ، الرحمة الإلهية للمذنبين، والتوبة النصوح لمن أتقى وخاف مقام ربه وأفنى حياته في النصيحة وكشف الحقيقة العلمية الإعجازية للناس أجمعين.
*كاتبة سعودية
twitter@TherealBASMAALS
لا فض فوك ...كلمات جميله ..ومعاني اعمق ..!!
ReplyDeleteدمتي أميرتنا ..ودام نبض قلمك