Thursday, 7 July 2011

طائر بلا جناحين


هل من المعقول أن يطير طائر بلا جناحين؟ هل من المنطقي أن نواجه العواصف من غير التحام وطني يضم الجناحين؟ هل من الصواب أن نثور كلما سمعنا كلمة مذاهب، ولا نرضى إلا بالواحد ؟ هل من الحكمة أن نعرف بقدوم أعاصير ولا نغلق الأبواب ونحصنها بالصلب والحديد لمنع التدمير؟ هل شربنا حتى الثمالة كلمة نحن على حق والعالم كله لا يعني لنا شيئا، لا كعبرة ولا مثال؟ فالرؤية الضبابية موحدة ضد كل من يتجرأ على حمل قنديل لإنارة الطريق.
مثقفون بلا حدود، أصبحوا يلقبون بالعلمانيين لمجرد أنهم اختاروا الضوء على الظلام، والمجابهة على السكون والناس نيام، اختاروا قرع أجراس الاستيقاظ وتجرؤا على اقتحام الأسوار ، وقالوا: "فداك يا وطني دمي ومستقبلي"، سألوني لماذا تؤججين قلوب شبابنا وشاباتنا، وتحثين التمرد على الفساد والبطالة والعصيان، سألوني شتى الأسئلة، حتى عن أصولي لأني تجرأت وقلت الحقيقة ، ما هي الحقيقة ؟ الحقيقة هي العدل والمساواة والحرية، هي إنقاذ وطن من عاصفة صحراوية، وإعصار يتجه إلى منطقتنا الجغرافية، فقلت يا وطن ضم أبناء وبنات وطنك، ووحد صفوفك لمواجهة رياح التغيير، بقلب قوي لا يخاف إلا الواحد الأحد، ولا يشهد إلا برسول واحد، أهذا هو الذنب الذي لا يغتفر يا وطن، أن نقول الوحدة، والعدل والمساواة، أم هذه الكلمات أصبحت خطرا على كل المستويات.
كيف أؤجج صدور جيل قلبه على الوطن، كيف أشعل النار في موقد حطب، ألا نسأل أنفسنا كيف نقبل على أولادنا أن يستمر مستقبلهم على نفس وتيرة اللامساواة والفساد، وانعدام الفرص، ولا نجنبهم نفس القدر، كيف نسكت عن الحق، ونتهم الآخر بأنه هو سبب الفرقة والألم، ألم تكن القشة هي التي كسرت ظهر الجمل، أم لم نعي أنها  نتيجة تراكمات منهاج وغسل العقول لمدة طويلة من الزمن، حتى أصبحنا ذوي ثقافة تأخذ ما تريد من الإسلام وتحور ما تريد من الحديث والفقه والبيان، وننتقي بدقة كل ما يعكر صفوة الجمع ويختار الفرقة والشتات.
ألم يحن وقت ننزع الأقنعة، وفتح باب الحوار من غير مناظرات تعلمناها من ثقافة لا تمت لنا بصلة، بل حوار بناء ليعبر بنا مرحلة ضياع الهوية إلى مرحلة إثبات وتثبيت القضية، أجندات تكتب من تحت الطاولات،  وأولادنا يدفعون ثمن الفديات.
ألم يعوا أن القضية أصبحت أكبر من القالب، وأن القلوب أصبحت متأججة من الداخل وما بين الصلب والترائب، ألم يحن وقت سماع الكلمة التي تصرخ بالحق، حتى لا تهدر الدماء على صخور شواطئ بحور الظلمات ومحيطات انتحرت على شطآنها معاني الرجولة وأخذت مكانها قروش مبدأها التسلط على الضعيف، والتهامها كل من تنزف دمائه لمجرد قول الحق، قصت أجنحتنا ، لكي لا نطير في سماء الحرية، لكي نستمر بالعبودية.
الإنسانية كلمة تئن من الأوجاع في بلادنا العربية، وتصرخ بأعلى صوتها: أين أنت ايها الإنسان في غابة النسيان، ألم يحن الوقت أيها العربي أن تخلع رداء الضعف من غير تسلط وتدخل خارجي.
ألم يحن وقت الراحة لاستئصال الداء، من غير خوف من العلاج؟ حروب أهلية قادمة ، وبراكين مشتعلة غاضبة، ونحن لا زلنا نقول بربوع عربية آتية، ونحن في وسط نيران صيف ساخن ذو زمهرير بارد، يحوم من حولنا، ونحن نائمون، غارقون في سبات شتوي عميق، نحلم بأحلام وردية، والواقع أننا وسط واقع رمادي اللون عديم الرائحة، ولكنه ذو أبعاد ثلاثية، كما نراها الآن على مسارح السينما العالمية، فمن سيربح في المعركة القادمة ، فهي ستكون الفاصلة بين طيور بلا أجنحة، وصقور ذات مخالب منمنمة، ستصطاد في الماء العكرة، وتنتصر على مخلوقات أنتجتها سياسات الظلام التي أعدت وتحاك وراء أسوار مغلقة.

همسة الأسبوع
لن تفلح مخلوقات الظلام في القضاء على الإنسانية والإنسان
لأن صقور وجيوش النور موعودة بالنصر في كتب لم يكتبها إنسان

   *كاتبة سعودية

1 comment: