ما هو القاسم المشترك بين وأد البنات في عصر الجاهلية ووأد المجتمع في عصر التكنولوجيا والصحوة الجغرافية، ما الفرق بين وأد أفكار منيرة مستقبلية مضيئة، وبين رجوع عصر الظلمات واللجوء إلى فتاوى لا تمت للإسلام بصلة، ما هو السر العظيم الذي لا نعرف له مصدر لا في الفقه ولا الحديث ، قد قيل لي من قبل ما سر هجومك على ذوي الذقون والثوب القصير الذين يلاحقون المجتمع على كل صغيرة ولا يلاحقون الكبير، يسألون ما هي الأسباب التي يخطه قلمي، عتبى على جهازنا القضائي، وشيوخنا الأفاضل، ونسوا الحديث الشريف أن من كل ثلاث قضاة اثنين في النار وواحد في الجنة، قد قرأت عشرات المرات قرآننا الحنيف، ولن أقول المبين، حتى لا يتصارع الفقهاء بتفسير كلماتي ويتركون الجوهر من المعنى والحديث، فلم أجد بعقليتي ومفهوميتي المحدودة وكما لم أجد في تفاسير الفقهاء المفسرين للقرآن، كلمة اختلاط ولا كلمة قيادة سيارات الحريم، ولا سجن من له رأي لا يخدش كلمات القرآن ، ولا يحرف معاني الآيات ، ويطالب ما جاء به رسولنا الكريم، وأقول هنا إنني لا أهاجم ، ولكن أسلط الأضواء على أخطاء فقهائنا المبجلون عن النقد وعن إطلاعهم عما لهم من دور عظيم في إصلاح ما خربوا بأيديهم وشوهوا صورة دينهم بانحرافهم عن الصراط المستقيم الذي أمرنا به الله في آياته العظيمة التي افتتح بها الله كتابه الكريم الذي نقلنا به من عصر الجاهلية إلى عصر القلم وما يكتبون، والعلم وما يسطرون، والفنون وما يرسمون، والحقوق وما تشتهي الصدور إلى انفراج وكسر حاجز العبودية والطبقية على مر العصور، فما كان الإسلام إلا خلاصة الأديان، وما كان محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم إلا متمم مكارم الأخلاق، وما كانت حياته وسيرته إلا شعلة أبدية للحقوق والواجبات الإنسانية وإحلال الميزان في العقوبات ووضع أسس مجتمعات تندد بوأد البنات، وكذلك بوأد كل من يحارب حرية الإنسان وأفكاره ، وعندما احتد وغضب عليه السلام لرأي معاكس ومشاكس أمره الله بأن لا يكون فظ القلب حتى لا ينتفضوا فأمره الله باللين في المعاملة وحسن الجيرة والكلام والمعاشرة، والحوار والإقناع والمباشرة، لحفظ الكرامة والاستغناء عن المحاربة ووضع في السجون من له وجهة نظر مغايرة لأعظم إنسان عليه السلام خلق على الأرض مر العصور وابتداء الخلق ، فكان يستمع وجها لوجه ويحاول بسريرة ووجه باسم أن يلقي برأيه ويستمع لآراء حتى من جعله يخسر وينهزم في أكبر ملحمة تاريخية في عصر الإسلام ، فلم يستشيط من الغضب، بل حارب واستخدم وسيلة الخداع ، وأثبت للجميع أنه أروع وأشجع محارب وأعظم رسول ، ولم يختبئ وراء لا خيام، وواجه بشجاعة مجريات النصر والهزيمة، أما هيئتنا الدينية بكل أطرافها وجذورها وفروعها، فلديها جيوش من الخويا أو بالمعنى الحديث "بودي جارد"، ويا ليته كان واحدا بل عشرات من الرجال والجنود المجندين لحماية الشيوخ، فهل يعقل أيها الحضور والمشاهدين أن يحتمي شيوخنا في سياراتهم الفارهة والجنود، وهنا السؤال يحتمون ممن؟ وهم على حق؟ والرب هو المسئول عن الحماية، إن كان يوجد يقين واتكال وصلة وثيقة بينهم وبين خالقهم ، لقالوا لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.
ولكننا نرى يا للهول والمصيبة، قصورا بأسوار عالية يقطنون فيها وسيارات مفخخة تقيهم، وحقوق وأموال بلا حدود أعطيت لهم، فصاروا سلطة ذات سطوة ونتيجتها وأد مجتمع بأكمله ، والرجوع به إلى ما قبل الجاهلية.
إنني مع كل معتدل ووسطي، ومن يتكلم بلغة القرآن الصحيحة ، وبسيرة نبينا المضيئة التي أنارت الطرق الملتوية، لتصبح مستقيمة وسوية، مع من يمسك بالعدل كدستور، ويواجه الظلم على من يكون، ولا يصاب بداء المال والبنون، والقصور والمناصب والنفوذ، مع من يحارب واد المجتمع ويحارب كل متسلط أثيم يريد أن يحكم بالفساد كلغة ودستور، ومنهاج عقيم، أنا مع كل قاض يحكم بالعدل والقرآن، ويسارع برفع الظلم عن الإنسان، أنا مع كل شيخ وسطي يتكلم بلغة رسولنا الأمي، أنا مع كل جهة دينية تتصرف بعقل وحكمة ومصداقية، أنا مع من يتكلم عن وطنه وغيرة على ترابه الوطني، أنا مع كل ذي رأي منفتح على العالم الخارجي، يرى ويستفيد ويعطي لوطنه المختصر المفيد، أنا مع كل من يرسم فنونا تصدر للعالم رسالة محبة ، وتمحو عنا صبغة الإرهاب والتشدد العقيم الذي نتائجه معروفة وواضحة للعيان من أسامه بن لادن والظواهري، إلى الفقيه والمسعري.
الاتجاه المعاكس للتيار العالمي ، سيلقي بنا في مجاهل أمثال جهيمان، الذي غير بأيام معدودة ما بناه عبدالعزيز وسعود رحمهما الله من رحابة صدر وسعة في الدين، إلى تزمت وخوف مما هو جلي وواضح للعيان، بان الدين هو المحبة والنور والبيان والعلم، ومن فنونه الجمال و العدل والحقوق التي لا تسعها صفحاتي، لأنها ليست كلمات وصفحات، بل حقوق وسيرة ومنهج حياة، فلماذا يا وطني وأد مجتمع هو في الأصل خانع ولا يعرف من دينه إلا كلمات الاختلاط والقيادة، ووأد الأفكار والنساء، وكلمة لا يجوز، وقلة الحلال و كثرة الحرام، ويرى الفساد وجوه الشباب وعدم تغطية وجوه الفتيات، ولا يرى الفساد الأعظم على وجوه الوزراء وأجهزتهم ، ولا يرى المنكر في مرآة سيارته التي اعتادت على السير جنونية وراء سيارة عائلة غيرمحظوظة، فعشنا في خوف مستمر فالآن نعيش في رعب مما سيكون بعد إعطائهم سلطة بلا حدود لأجهزة لم توجد في عهد الرسول ولا في عهد خلفائه الراشدين، ومن يقول عمر بن الخطاب فقد أخطأ الخطاب، فالصحابي الجليل لم ولن يكون حجة لكل متشدد، ويا ليته يكون عبرة لكل حاكم ومتسلط ذي مال وبنين وقصور وعيون.
همسة الأسبوع :
لن نتقدم إلى الأمام كما أراد لنا نبي الأنام إلا بالعلم والوسطية، ونبذ الألقاب والقبلية، فهل يستوي الذي يعلم مع الذي لا يعلم وهل يستوي الظالم والمظلوم، وهل سيبقى الدين هو الوسيلة والألعوبة الأبدية للعب على أوتار الأمة المحمدية؟
No comments:
Post a Comment