عدت بذاكرتي إلى شهور قليلة مضت، وتذكرت كثيرا من الأحداث التي بقدرة قادر واحد أحد تغيرت ، بين طرفة عين وانتباهتها، رأيت الرئيس بشار الأسد وحرمه يتجولون في شوارع باريس والبسمة والفرح تعلو محياهم، واستقبال حافل من قبل الحكومة الفرنسية، وهم يشبهون ممثلي هوليود، ثم رأيت ساركوزي وصديقته يقضون إجازتهم في الأقصر بمصر في ضيافة مبارك ونجليه، ثم في الأردن في بترا في ضيافة ملك الأردن وحرمه، ونحن نرى الصورة الآن، ينتظر مبارك ونجليه تحت المحاكمة الدولية والمحلية، وعلى رأسهم فرنسا، وكذلك الرئيس بشار الأسد، ولا يعلم ما يخبئه القدر للأردن، ثم نرى الرئيسين صالح والقذافي يتجولون حول العالم، الأول رافعا رأسه متحاور أصلي، والثاني من البدو، الرجل مع خيمته ونسائه المشهورات، يتنزه في وسط حدائق ساركوزي وفي أروقة شوارع روما مع صاحبه برلسكوني، فهل سنتعلم من هذه الدروس أم سنمضي حقبا ظانين أننا لن نكون مثل هؤلاء الذين ظنوا بالأمس أنهم الناجين والمخلصين لأوطانهم، ولربهم عابدون، فأصبحنا ذات صباح وتيقنا أن الأمور لا تدوم إلا لله رب العزة سبحانه عما يصفون.
ما هي الدروس التي تعلمناها ، وما هي الأشياء التي غيرناها ، وما هو النمط الذي انتهجناه للحيلولة دون هذه المآسي التي نراها بأعين غير مبصرة وآذان غير سامعة، وأفعال غير مفعلة.
ها هي أخبار جماعات في الخبر من الجنسين يطالبون برغيف خبر نظيف أمام مكتب العمل، وهنا يطالبون بحقوق عند من عنده الحلول ومن عنده حلول السهل الممنوع، ومنهم من يطالب بحقوق عند رب العمل ونظام يقيهم شر تسلط أرباب العمل تحت ظل قيادة وملك مشهود له بإنسانيته وحرصه على حقوق مواطنيه، ولكن من يستجيب ويسمع وإلى متى سنستمر بالخنوع والتعب للحصول على مطالب حتى من المفروض أن يكون مسلمة بها، من عير تعب ولا نصب، أم نحن أمام سيرة ماضية دائمة تفرق بين المناطق والقبلية وما إلى هذه السيرة من مواضع لن تنتهي إلا بانتهاء العنصرية.
وبالمقابل نرى الرئيس الأمريكي يقابل الملك الأردني والرئيس الفلسطيني ويصرح بتصريحات ذات طابع ولون منطقي وإنساني ووعود بالصمود مع الشعوب المقهورة، ومساعدتهم للرجوع إلى الحدود الموعودة، وفي اليوم التالي للقضية نسمع لهجة غير سوية كانت بالأمس إنسانية وذات صبغة عادلة ومنصفة ومنطقية ، لتتحول بقدرة قادر إلى سوء فهم منا للخطاب الرئاسي عند التقائه بالرجل الفولاذي المتهم بفضائح محلية ومطلوب للمثول أمام محاكمة محلية، ولكنهم يصفقون له في مجلس الشيوخ الأمريكي بشدة وأحلام وردية بأن فلسطين هي الأرض الموعودة وموطن إبراهيم عليه السلام، ولكنهم لم يعرفوا أن سيدنا إبراهيم مسقط رأسه العراق، وبذلك سيضطرون إلى تغيير مسارهم لجهات أخرى، ويعلنون أن المنطقة بأسرها يهودية، وبذلك سيطالبون باحتلالهم للأراضي العربية، ونحن لازلنا نحلم بالتسوية لبعض الأمتار في فلسطين وهم مخططاتهم تجتاز إدراك عقولنا المشغولة بقص شعور أبنائنا الطويلة ولبسهم الزي الغربي، وإنصاتهم للأغاني الشيطانية، وحبس بناتنا ونسائنا لمجرد سياقاتهم للجمال الحديثة التي كانت بالأمس من المسلمات العربية المسلمة أن تتعلم الفتاة فنون الفروسية والركوب على الجمال، فأصبحنا نطارد النساء والرجال ونعاقبهم على ما هو من النثريات في عالم يتقدم ويغير ويتغير ونحن ماضون في الرجوع إلى عهود ما قبل الجاهلية في التركيز على ما لا يسمن ولا يشبع من جوع، وتركنا ما يجعلنا من الشعوب التي تنتقد ولا يجرؤ أحد أن يذكرها ولا حتى في الأمسيات القمرية ولا الأيام الشمسية، مثل دولة إسرائيل اليهودية، فكلما زار رئيس إسرائيلي أمريكا نرى العالم يصفق وينحاز إلى الحملات الإعلانية المخططة حتى منها التي لا تمضغ ولا تؤكل ولا تستساغ عالميا، ولكنهم يخافونهم ولا يجرئون على مخالفاتهم، لأنهم اهتموا بما هو ثقيل ومعياره من ذهب وسلسبيل، حتى قصصهم المغلوطة ولا يجرؤ احد أن يصححها أو يفضحها، لأنهم استولوا على الإعلام والثقافة وحتى التاريخ غيروه لمصلحتهم الشخصية، أما نحن فانشغلنا وشغلنا العالم بوضع نسائنا في السجون لمجرد قيادة السيارة ، أو ضربنا فتى مراهق حتى الموت، لأنه تجرأ أن يطيل شعره ويلبس ما لا يعجب المشايخ ، وأعطينا الأوامر بمجابهة وعزل ومعاقبة من يجرؤ على طلب الوظائف، أو تجرأ على المطالبة بحقوقه الإنسانية والاجتماعية ، فأصبحنا ألعوبة ومهزلة تلعب بنا القوى الأجنبية لتضعنا في قالب وصورة همجية، لا تمت بصلة إلى نشأتنا الإسلامية، فوقفنا على المنابر نقذف اليهود والعرب بكل الألقاب ، ونسينا أننا نحن من تسبب بهذه المهازل والقالب الذي شوه صورة إسلامنا ، وحتى نبينا لم يسلم من القذف لأنهم رأوا فينا من الأخلاق غير المحمدية فحسبوا أن هذا ما وصانا عليه نبينا، حاشا، ولم يعرفوا أننا نحن من هزمنا وبنينا أسسا على تراث، وليس على إسلام وأخلاق نبينا الذي وصانا بالرقي والمسابقة لنكون أفضل أمة أخرجت للناس في العلوم والثقافة والفنون الإسلامية، لذا أنتجت العصور الماضية ثقافة إسلامية ذات جذور عميقة نراها الآن مسروقة وتتبناها الدول الغربية ، ونحن أضعناها ضمن أروقة الفساد المحلية والجغرافية والإقليمية، ضمن غياهب دين جديد لا يمت للإسلام بشيء إلا الاسم واللحية والأخلاقية المرسومة تحت ثوب قصير وبشكل عجيب ونداءات بأننا شعب لا يشبه الشعوب الأخرى بشيء ، ووجدنا من الخصوصية الغريبة التي لا تمت للإنسانية كما قراناها في قرآننا وسنة نبينا، بل أوجدت وطبقت بصورة طلبانية في مجتمع نشأ على الوسطية، ولكنه بطرفة عين انتقل إلى عصر لا يشبه القرون الماضية لا بالشكل ولا المضمون ولا الأمور التنفيذية، ثورات على شتى الجبهات نخوضها الآن في جغرافيتنا العربية، وضعنا ضمن أطر وضعت لعرقلة مسيرتنا التقدمية، وصرنا مثل الدمى التي صنعت بالصين، هشة معرضة للكسر في كل حين، ولم نرى من حولنا السياسات تمضي إلى الأمام والتغيير يطال كل إنسان، والأعداء يندسون في الصفوف الأمامية ليرجعوا بنا إلى مسافات في الأزمنة الماضية حتى نكون تاريخا وليس مستقبل، وأن نكون غرباء على الدين وليس مسلمين ، ومن هو محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم إلا مبعوث من رب العالمين ليتمم الأخلاق وأرسي قواعد جديدة للدول والاقتصاد والحكومات ، حتى تصبح فعالة ومعطاءة ، وقد بنى أنظومة إلهية لمعجزته القرآنية، التي عجزنا في هذا الزمان تفسيرها وقرآتها، بأنظومتها الإعرابية التي أعطت لكل مخلوق وخلف دستوره ومنهاج لا يحيد عنه إلا كل منافق.
لذا بدأ الإسلام غريبا وسينتهي غريبا، لأن الإنسان أضاع بنفسه المنهاج والطريق ، ونسى أن الله سبحانه بطرفة عين وانتباهتها يغير من حال إلى حال.
همسة الأسبوع
لكل زمان دول ورجال
ولكل إنسان أجل
فلنحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب من إله حكيم وعادل
يساوي بين الخلائق
السّلام عليكم الشيخ خالد الراشد مكانه الحقيقي المنبر لا السجن . إن اعتقال الصالحين و الدعاة المخلصين هو نذير شؤم و خراب و فتنة ..
ReplyDeleteاللهم عجل بفك أسر مشايخنا الأفاضل
و كل الدعاة المسجونين ظلما و عدوانا ..
حسبنا الله و نعم الوكيل
اللهم فك أسر شيخنا الشيخ خالد الراشد اللهم بارك لنا فى علمه وثبته على دينك يارب العالمين...و الله المُستعـــــــــــــــــــان
السلام عليكم ورحمة الله | مقال في غاية الروعة والتصوير ونسأل الله أن يستخدمنا لنصرة دينه ونبيه وأن لا يستبدلنا.
ReplyDeleteبالنسبة للشيخ |خالد الراشد نحن معه ومع دعوته , لكنه مٌنع من المنابر ولم يستجب لولاة الأمر, ربما كان سجنة رحمة بنا وبه , ولكل أجل كتاب , والله المٌستعـــــــان