Friday, 6 August 2010

أنا والرياضة النسائية



اخترت هذا الأسبوع أن أكتب عن نفسي، وفي نفس السياق أنتقد نفسي، لابد وأن الجميع يتساءلون: كيف ولماذا؟
أولا أنني أدعي المعرفة بالسيرة النبوية، واحتلالها في حياتي مساحة شاسعة في طريقتي وأسلوبي في التعامل مع المشاكل بشتى أطيافها، لذلك أحببت من خلال مقالي اليوم أن أشرح بمنطق ومن غير عاطفة وجهة نظري الشاملة للأمور المتعلقة بحياتي كامرأة مسلمة لا تختلف كثيرا عن غيرها في الخلقة، ولكن ممكن أن أكون مختلفة في التفكير والنظرة والفهم، وهنا لا أقول متميزة بل مختلفة، حيث بحكم نشأتي في الخارج ونهلي من كل العلوم العقلية والجسدية استطعت أن أكوّن نظرة شاملة للمجتمعات الغربية والشرقية، والفارق بينهما في التنشئة وفترة المراهقة ومن ثم فترة الزواج والولادة، فلاحظت أن الرياضة علاج طبيعي مثل أي علاج يوصى به من قبل الأطباء على شتى أطيافهم وثقافاتهم.
فلقد وجد الأطباء أن نسبة الهرمونات تتعادل عند مزاولة أي نشاط رياضي، فنلاحظ عند انتهاء الإنسان من نشاطه يكون معتدل المزاج مرتاح النفسية ولا يقوى على القتال ولا العدوان، ويكون في قمة السعادة حيث الأدرينالين يكون فى أعلى مستوياته مما يتيح للإنسان إخراج كل ما لديه من طاقات بطريقة سليمة ورياضية مريحة لكيميائيات العقل، وفيزيائيات الجسم وهو يقارب النتيجة التي تنتج عن الصوم لتهذيب النفس البشرية، وجزء مهم من الطريقة التي أمرنا بها رب العالمين أثناء صلاتنا من وقوف وركوع وسجود، خمس مرات في اليوم، مما ينتج عنها من تفاعل جسدي وعقلي، لتصبح واحدة في الخشوع الذي هو أساس أعلى مناصب العبادة والتقرب من الله عز وجل.
فبهذا نرى أن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته وأمهات المؤمنين كانوا يزاولون الرياضة يوميا من واجبات يومية من مشي في الطرقات للذهاب للتسوق وركوب الخيل لقطع المسافات والقيام بأعباء المنزل، حيث لم يكن لديهم مولينكس للقيام بخلطات الطبخ والفرم وتقطيع وطحن المواد الغذائية، كما لم يكن موجودا مبدأ القلي فكانت النساء يبنين حفرة من الحجارة والرجال يحتطبون، ولم يكن هنالك غسالة ولا مكنسة كهربائية ولا ثلاجات ولا خادمات أسيويات للقيام بالأعمال، ولم تكن هناك جيوش مدربة وأجهزة قتال ميكانيكية، لذا كانت كل حركاتهم وطريقة حياتهم رياضية للناظر والمتدبر، أما الآن فشيوخنا لديهم جيش من الخدم وتراهم يميلون إلى السمنة وزيادة الوزن خلافا للوصية النبوية التي تأمر وتعطي الأمثلة لما كان عليه الرسول من حسن وتناسق في البنية ورشاقة، فكيف شيوخنا يقلدون الرسول باللحية والثوب القصير وليس بطريقة حياته من أكل وهيئة جسدية وفكر مضيء؟ أم آثرنا أن نترك المهم ونتشبث باللمم.
فالرياضة النسائية تحتاج من مشايخنا فهما وتدبرا للسيرة النبوية، عوضا عن فتاوى رضاعة الكبير، وزواج المسيار، والبوي فريند وما إلى ذلك من فتاوى، سيجعلونها في عصرنا تتأقلم مع عصرنا الحالي لإخراج الطاقات الجسدية من محابسها بطريقة شرعية ليجعلوها حلالا، وتركوا الأهم وهي الرياضة التي تحل معظم المشاكل الجسدية للفتاة والولدان والمتزوجين، من حالات طلاق وعنف جسدي ولفظي وأمور يعجز لساني عن نطقها لما فيها من حرمة ونشاز.
فالرياضة سواء للرجل أو للمرأة ما هي إلا حالات طبيعية، فلماذا نترك القضايا الأساسية ويشغلوننا في ما هو لم يذكر في القرآن ولا في السيرة النبوية، لماذا يلجأون للقياس واستحداث فتاوى، بدلا من اتباع معاني القرآن، التي لم تذكر ولو بآية هذه المسألة، أو لم يكن القرآن لكل زمان ومكان؟ لماذا نترك السيرة النبوية كمنهج ونتبع المذاهب؟ نترك الأصل من تعاليم نبينا التي لم يخطها بل انتهجها، كأسلوب حياة لمن يريد الرؤية، لماذا أشغلنا فقهاؤنا بحرمة قيادة المرأة للسيارة، ونسوا خلوتها مع السائق؟، لماذا تناسوا الفقه النبوي ولجأوا لفقه أئمة المذاهب التي خطها رجال وإن كانوا صالحين، فلا يرقون ولو بدرجة إلى المعصوم النبي الأمي، ألم يرسله الله إلى العالمين لكل الأزمان، لماذا نترك التدبر في القرآن ونأخذ من هذه الآية أو تلك ما يناسب أهواءنا الذكورية، ونزرع في عقول نسائنا بأنهم الغواية، حتى لو تستروا تحت العباية، والزي الإسلامي، لم نجعل وجه المرأة حراما وأمرنا أن تكشف في العمرة والحج والصلاة، فالرسالتان لا تتفقان أبدا ولا تلتقيان إلا في عقول الجهلاء. لم جعلوا المرأة هي الطريق إلى النار، ونصف ساكنيها، ولم يسألوا عن النصف الآخر ساكني النار، لماذا لا نتذكر من علم الأحاديث النبوية من بعد رسولنا وخديجة الكبرى التاجرة، وفاطمة الزهراء الخاشعة، لماذا لا نرى أن معظم الحروب وسفك الدماء كانت من الذكور وقراراتهم التعسفية، ولا نذكر إلا واقعة واحدة لعائشة عليها السلام ونضعها نبراسا لحكم المرأة، وتناسينا الحروب والمجازر التي ارتكبت من الرجال، لم جعلنا المرأة ضعيفة وغسلنا عقولنا بأنها المخطئة، لذا يجب عليها الخنوع والاستسلام، أريد نقدا صريحا من فقهائنا، إني جبت البلاد والمعمورة، ورأيت النساء بحشمتهن يزاولن الرياضة، ويقدن السيارة، ويخالطن الرجال، وهم في وقارهن وأدبهن يقتدين بالصحابيات الجليلات وأمهات المؤمنين، وغيرهن من النساء في التاريخ، ونحن سائرون في خط مغاير، ونحسب أننا الفئة الناجون من النار، إنني أريد المحاورة والنقاش والانتقاد، إما أن أقتنع وأقنع بحجج دينية من السيرة النبوية ومعاني القرآن، وإما الاعتراف بالحقيقة، والتخلي عن الرؤية الموحدة، ونجعل الأمر شورى كما هذبنا القرآن، مشايخنا عبر المآذن والمنابر، يحثون ويشجعون الذكور بالتسلط على الإناث ونسوا الوصية النبوية، رفقا بالقوارير، وأنا أحسنكم لأهله وغيرها الكثير من طريقة معاملته وحياته مع النساء، فالشيخ العبيكان ذكر في أحد مقالاته أنه حالما يركب الطائرة يجد النساء يخلعن عباءاتهن ليظهرن ما يخجل منه حتى نساء الغرب، أهذا طبيعي؟ أم نتيجة انقلاب المفاهيم والموازين والتضييق على نسائنا حتى يجوبن الأقطار والأمصار بثوب لا يناسب إسلامنا، ويزاولن الرياضة ويقدن السيارة، ويخلعن رداء الحشمة، أفهذا الذي نريده في حياتنا، ناقشوني وجادلوني، ولكن لا تهاجموني، إلا بكلمة صادقة، واجعلوا الحوار سمتنا لا الهجوم على الآخر بمجرد الاختلاف، قلة منا يعرف أن العباءة وغطاء الوجه أدخل على ثقافتنا من قبل العثمانيين، حتى لون العباءة السوداء وهو اللون العثماني لم يكن أبدا من تراثنا ولا ديننا إلا بعد تثبيته من قبل الأتراك في بلادنا، لأجل أن تسرح النساء متخفيات بين البيوت لأسباب لا أخلاقية، ولا تعرف هويتها عندما تدخل البيوت، وهذا من المحرمات والأهداف غير الأخلاقية.
أليس في سيرة نبينا كفاية للجميع، ومعاني القرآن الكريم تحديدا للحرام والحلال منهجا وسطيا لمن يريد أن يقرأ آيات التحريم والتحليل برؤية ناصعة بيضاء، لماذا نأخذ الذي يستهوينا ونشغل العقول بالذي يرضينا ونترك ما أمر به الله ورسوله.
أهي الرياضة شر مستطير ؟ أم الرضاعة للكبير؟
أكل العالم الإسلامي فاسق فاجر ونحن المنزهون؟ أم انقلبت الموازين، وأصبحنا نحلل الحرام لمسميات فقهية، ونحرم الحلال بقياس وفتاوى لا تمت بصلة إلى السيرة النبوية، ونقول إنها تناسب عصرنا ومجتمعنا، ألم يحذرنا الرسول أن نتبع أهواءنا، والقرآن من السير على مناهج آبائنا، ونترك التدبير.
هل أنا مخطئة أم مصيبة برؤية واضحة وتدبر للأحكام حتى إن لم أدرس الشريعة في الجامعات، أو أقول أحفظ ما يمليه علي الآخر، من غير اعتبار ولا تفكر ولا تدبر لما أحفظه.
لابد من فتح الأبواب الطبيعية الشرعية لنسائنا ورجالنا، لننشئ جيلا صحيح العقل والبدن، ونترك الأعراف والتقاليد، ونتمسك بالسنن والسيرة والقرآن، لنغير المحظورات من الحلال ونفهم الحرام.
من قال إننا الفئة الناجية من النار؟ ألا نتركها إلى رب العزة والجلال؟ اخلعوا عنكم ثوب التدين وارتدوا ثوب التيسير لا التنفير، ارتدوا ثوب الفهم العميق والجلي، والواضح، لمن يريد اتباع الرسول، ولنشجع بناتنا وأولادنا للظهور العلني لا المستتر خلف الأبواب لممارسة حياة طبيعية صحية خالية من التذبذب والفهم الخاطئ للدين، ولنكن خير من مثل الإسلام من كل جوانبه العقلية والجسدية، ألم يكن الإسلام كاملا بمنهج حياة لكل العصور؟ ألم يكن الإسلام طريقة وأسلوب حياة وليس حفظا وتعنتا، آن لنا أن نعيش بهوية وعنوان واحد وألا نكون مزدوجي الشخصية، ونرفع راية الإسلام علانية في كل الميادين قبل أن يصبح غريبا كما بدأ فالعبرة في هذه الكلمات أن الإسلام سيصبح غريبا؛ لأن الناس غيروا تفاسيره ومزاولته واتباع السيرة النبوية، لأنه لم يطبق بحذافيره، فأصبح ألعوبة بيد من يريد السلطة، فلم يعد منهجا بل طريقا للوصول إلى الغايات. فأصبح غريبا لا نعلم تعاليمه لأننا أصبحنا في غابة الفتاوى، وواحة كل يفتي على حسب أهوائه، فضاعت هوية الإسلام في أروقة العلم غير المنشود. «فما نزداد إلا إيمانا ومضيا على الحق، ولكن أصبحنا نختلف مع إخواننا في الإسلام على ما دخل فيه من زيغ واعوجاج وشبهة وتأويل فلنجعل السيرة منهاجنا ونترك التأويل».

همسة الأسبوع
فجر الإسلام يغيب، ومغرب الشمس يدنو، فيسروا ولا تعسروا وحببوا ولا تنفروا، وأظهروا ولا تخفوا وحاوروا ولا تضطهدوا وبنبينا فامتثلوا.

No comments:

Post a Comment