Thursday, 12 August 2010
منطقتنا العربية والقرارات المصيرية
تابعت خلال الأسابيع القليلة الماضية تحركات ورحلات مكوكية بين لبنان وسوريا لبعض المسئولين العرب, وقرأت ما بين السطور في الإعلام ان المنطقة علي وشك الدخول في مرحلة جديدة من المواجهة العسكرية, بين حزب الله وإسرائيل. وبالتالي ستدخل معها من الناحية الاستراتيجية سوريا وإيران كحلفاء, ومؤيدين لهذا الحزب وممولين لكل ما يملك من تعزيزات عسكرية وأسلحة, وخطط استخباراتية, ودعم معنوي ومالي.
تبدو المنطقة علي مفترق طرق نارية, وما أدراك ما هي, حرب بين سلطتين لا تملكان الصفة القانونية. فلا إسرائيل دولة أقيمت علي القانون, ولا حزب الله حزب اتبع القانون, وليس له صفة محلية إلا جزءا من الحكومة اللبنانية. وليس المتصرف بأمره, والحاكم باسمه في منطقة الجنوب, وأفرع في العاصمة بيروت التي احتلت بأسماء دينية وتوجهات سياسية تخدم مصالح دول شقيقة أرادت لها موقع قدم, أو بالأحري خريطة جغرافية في بلد صغير تناحرت عليه الدول لموقعه الاستراتيجي واختلاف المذاهب والأديان فيه ليصبح ساحة للمعارك بين الدول وبلد كان يعرف ببلد السلام والجمال. صراعات إقليمية ودولية علي مناطقنا الجغرافية وثرواتنا الوطنية من نفط ومراكز متميزة في عالم انهارت فيه القدرات الاقتصادية العظمي. فلننظر بشفافية ورؤية واضحة بعيدة عن الانتماءات المذهبية والطائفية والدينية والحزبية إلي مشهد عالمي درامي يخط بيده حربا ومصيرا مأسويا, فالقضاء علي حزب الله ممثلا في نصر الله من المحال لأن الحزب يعمل بطريقة خفية, وجنوده منتشرون في كل مكان بلا أنتماء ظاهر للعيان, فهم متشعبون في كل المناطق الاستراتيجية, بدعم من إيران وسوريا, ويعملون كأشباح وجنود مجهولي الهوية ليدخلوا مناطق محظورة علي الجهات القانونية. كما أن إسرائيل بجنودها في الدول العربية, بدون هوية, ولكن بحكمة استخباراتية وتخطيط جغرافي, ليكون لهم اليد والسلطة, ليحركوا من يريدون, وكيف يريدون ومتي يريدون بطريقة خفية. فلديهم جهاز استخبارات له خبرات دولية متقدمة, فهم متغلغلون في أجهزة الدول الكبري, ويسيرون مجري الدم في قرارات من بيدهم القرارات الدولية.
براكين ستتطاير, وأرواح ستزهق, وأدوار ستلعب, وهنا أسأل من المنتصر؟ وما هي الأهداف المنتظرة؟ وما هي النتائج المتوقعة؟
تدمير للبنية التحتية للدول العربية لأن أية حرب منظمة أو غير منظمة تؤثر وبشكل مباشر علي استقرار مناطقنا العربية, لأن حدودها الجغرافية والإقليمية تسيطر علي كثير من الدول عبر جهازها الديني الذي بات يستعمل لبث التفرقة, والنفور بين الأخوة لتسيطر بشكل مباشر علي مناطق جغرافية, كانت بالأمس بعيدة عن متناول أيديها فأصبحت لديها أياد وقوة في المناطق الشيعية, واستعملتها بحنكة كجذور لسياستها في المنطقة.
فمن الواضح أن حزب الله حليف استراتيجي لإيران, وإسرائيل جزء لا يتجزأ من أمريكا, صراع علي من يأكل الحصة الأكبر في قالب أصبح لا يحتمل التجزئة. فأممنا متفرقة لا تجتمع علي كلمة. لذا أصبحنا أهداف سهلة لمن يريد التغلغل في منطقتنا, لينهب ثرواتنا الوطنية والإنسانية.
لعبة دولية تطل علينا برأسها كل صيف لتجعله حارا, ملتهبا, وكأننا لا تكفينا الحرارة الإلهية بدرجات حرارة يعجز الإنسان فيها عن العلم, فكيف بحروب وتجاذب بين الأمم. علي حافة هاوية, هذه هي حالة منطقتنا, ونحن مشغولون بخطط الصيف والاستراحة السنوية, وتركنا لهم الساحة والمساحة ليلعبوا بأمتنا العربية, وتركناهم يرسمون لنا خططا غير معلنة إلا لذوي البصيرة النافذة, بأن منطقتنا مستهدفة لمحو آثارها عن خريطة العالم الحديثة, حتي تبلغ إسرائيل وعدها وقناعاتها بأن أرضنا هي أرض الميعاد حتي حدودها يثرب, فمن هذا المنطلق, وبإيمان مطلق مصممون علي المضي في سياساتهم الفاشية حتي بلوغ النهاية. أما حزب الله فإنه وللأسف هوالفخ والضحية, لحضارة أوشكت علي الاندثار, ولو أن تعداد سكانها كبيرة. ويعد من أكثر الديانات إتباعا وأكثرهم عددا, فإنها تلعب لعبة المواجهة والخطر, لا تملك الرؤية في النهاية جزء من لعبة الشطرنج العالمية تحرك بدون دراسة من لاعب محترف يعرف قوانين اللعبة ونهايتها.
تسارع الأحداث الدولية ينبيء عن نهايات حتمية لبعض الأنظمة المحلية, وتشتت لحالة الأمة العربية, التي باتت شعاراتها ثورية, وأفعالها مخزية, فلا الشعارات ستنقذنا من السقوط في الهاوية, ولا عدم وضوح الرؤية عند بعض الأحزاب تعتقد أنها ستنقلنا إلي النصر. فاللعبة أكبر من حجمنا. وفي النهاية, كما هي العادة سيكون التأييد العالمي لإسرائيل, والضرب غير الرحيم علي حزب يسمي حزب الله وهو أبعد ما يكون عن هذه الكلمة من معان, لأن حزب الله هم المنتصرون, والفوز في المعارك الصغيرة لا يعمي إلا البصائر التي اختارت شعارات وأسماء إعلامية مؤثرة. فالتحدي هو في المعركة الكبري ما بين الظلام والنور, وبين المسميات والأهداف المبنية علي مصالح إقليمية. فجند الله هم الذين يحاربون لنصرة دينه ومنهجه الذي هو الإسلام والحنكة والتخلي عن المصالح الذاتية لنصرة قضايا وليس قضية, وهي الوطنية والإخاء والاتحاد والأنتماء والولاء وليس الفرقة المذهبية. سيرة نبوية تنبأت بالسلام علي يدي المهدي عليه السلام في عالم يظن الجميع أنهم علي حق لا وربي فقد أخطأوا في منهجهم لأن الله لن ينصر إلا من ليس في قلبه ذرة نفاق ونيته صافية بيضاء. وهذه لا توجد للأسف في عالمنا الافتراضي, عالم السلطة, والظهور الأعلامي, والقصد من ورائها التحكم في الخلائق واحتلال الخرائط, وتوزيع الأدوار, والأفكار الإقليمية التي أصبحت تستعمل في كل حين لأهداف استراتيجية, وليس نصرة الدين.
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment