Monday, 20 July 2009

السينما والثقافة السعودية

امتلأت الصحف بعناوين مخجلة حول دور السينما وفيلم «مناحي» كأول فيلم سينمائي سعودي يرفع الرأس بمحتواه ومضمونه، فهل هذه هي ثقافتنا أيُّها السادة الكرام؟ فإنني قد تابعت هذا المسلسل منذ بدايته في شهر رمضان المبارك، منذ ما يقارب العامين، واستمتعتُ به في أولى حلقاته كشيء مُسلٍّ للأولاد، ولا يرقي أن يكون مسلسلاً للكبار، بما فيه من سخرية، وتسخيف لعقولنا كمربّين، ولكن عندما بدأ المسلسل يجنح نحو بذاءة اللسان، والمضمون، باستعماله الكلام البذيء لإضحاك الجمهور في الشهر المبارك، الذي من المفروض أن تكون فيه المسلسلات والأفلام مطابقة بمضمونها لما في هذا الشهر من وقار، وعبادة، وتهذيب للأخلاق، ما بطن منها وما ظهر.أبهذا الفيلم نبدأ مسيرتنا الثقافية أيُّها الشعب الكريم؟
أبهذا المضمون نشقُّ طريقنا نحو العالمية من أفلام المفروض أن تعبّر عن أخلاقيات مجتمع؟
فبغض النظر عن إنشاء دور للسينما من عدمها، ماذا أنجزنا كمجتمع، ومخرجين للسلطة الرابعة في العالم من أفلام نرفع بها جبيننا أمام العالم؛ لتعبّر عن حضارة عالم إسلامي بأكمله؟
أم أصبحنا كمهرّجين نسعى لإضحاك العالم الإسلامي بمصطلحات، ومشاهد لا تمتُّ لأخلاقنا، وواقعنا بشيء؟فما أظن أن دور السينما كانت ستلقى معارضة من قِبل الهيئة، أو الغيورين على دينهم لو ابتدأنا بعرض فيلم عن الرسول، أو الهجرة، أو قصص مشرّفة عن تاريخنا الذي يحفل بمئات من الشخصيات العظيمة على مدار الماضي والحاضر.فحتى بدايتنا بدخول عالم الحضارة والحرية كان خطأً، ومسيئًا لنا ولمجتمعنا كحضارة مسحت معالمها باتّباعها لكل ما يُصدَّر لنا من البلاد المجاورة من أفلام فاسدة، ومضمون بذيء.
وأصبح يُعطى لها الجوائز، وتُقام لها المهرجانات، وكل ذلك باسم الحضارة والحرية.
أين إسلامنا أيُّها السادة؟
أين المحجة البيضاء التي أوصى بها رسول الأمّة، وأن باتّباعها لن نضل أبدًا؟
إن دور السينما شرٌّ لا بد منه، وصناعة السينما خيرٌ لا بد أن نخوضه، فلماذا لا نستعمل هذه الدور لعرض أفلام هادفة ومفيدة؟ لماذا لا نحكي حضارتنا، ونروي قصصنا الرائعة، ونفرض ثقافة سعودية مغايرة للثقافة العالمية الهادفة إلى عولمة البشر، ولحضارة ليس لنا فيها شيء؟
فنحن أصحاب الرسالة، ونحن مَن بُعث فينا المصطفى ليتمم مكارم الأخلاق، فكيف ننجرُّ إلى أرذلها، ونقول عنها إنّها ثقافة جيل؟ فلا أظنُّ أنَّ أحدًا من المتدينين سيقدر أن يقف ليوقف عرض فيلم «الرسالة»، أو «عمر المختار»، أو أيّ عرض لفيلم هادف ونافع! لماذا بدأنا من الأسفل؛ لنفتتح فيها ثقافةً جديدةً في المجتمع؟
فلننظر إلى مبدعينا من مفكرين، ومثقفين مسلمين، ونستثمر هذه المواهب لبداية رسالة جديدة لصناعة قديمة بدأتها هوليود بكل رزانة، فأصبحت فيما بعد فسادًا وإفسادًا؟
فدور السينما ليست جديدة، فقد كانت على عهد الملك فيصل، والملك خالد -رحمهما الله- كما سمعتُ من الأجيال الماضية، ولم يتعرّض لها أحد، فهل كانوا أقل دينًا منّا؟
الجواب هو لا.. ولكن الحرية الزائدة تفرز المتشددين أكثر،
فلِمَ جعلنا الله أمّة وسطًا؟
فلنتحاور جميعًا، ونستفتي الشعب بأكمله على ما يريد في مجتمعه، ولنوجّه السفينة إلى بر الأمان، ولنكن من أوائل المصدِّرين للفن الهادف، لا ثقافة الحوار البذيء؛ لإضحاك الناس، ونخرج على ما أمرنا به المصطفى من إصلاح لساننا، لكي لا ينطق إلاَّ بخير، ولا نستعمل دورنا إلاَّ لعرض أفضل الأفلام الهادفة، بذلك نكون قد استفدنا من شرٍّ لا بد منه! وحوّلناه إلى خير لابد منه.
همسة الأسبوع«إنّما بُعثتُ لأتممَ مكارمَ الأخلاقِ».

No comments:

Post a Comment