Monday, 28 April 2014

"لا"... الـقـانـون الـرابـــع "من مقالات سمو الأميرة نشرت الاثنين، 22 أكتوبر، 2012"

من مقالات سمو الأميرة نشرت الاثنين، 22 أكتوبر، 2012

"لا"... الـقـانـون الـرابـــع

بسمة بنت سعود بن عبدالعزيز آل سعود*
©جميع حقوق التأليف و النشر محفوظة للأميرة بسمة
قالت الشعوب "لا" في كل أقطار الدنيا في هذا الأسبوع، للطغيان، والسياسات القامعة لفئة الفقراء والشباب، كلمة "لا " امتدت من قارة ما يسمى بالربيع العربي، إلى قارة ما تسمى ببلاد الحريات والمساواة والحكم الديمقراطي.
كلمة "لا " نهضت بها الشعوب إلى مستويات لم تكن بالأمس إلا أصوات هنا وهناك، تذبح على مقصلة الحكومات ويزج بها في متاهات السجون والاعتقالات.
كلمة "لا " قالها رئيس النيابة العامة في مصر عبدالمجيد محمود ، ليسجل بها واقعة في تاريخ الأمة العربية المعاصرة للظلم والاستبداد والتوحد ,والأنفراد بالسلطة التي تضرب بعرض الحائط كل الدساتير المكتوبة للشعوب والحكام، وبهذا أعطى مثالا يجب أن يحذو حذوه كل من لديه سلطة ويقول الحق ويرفض الخنوع والاستسلام لطغيان فرعون هذه الأزمنة وعلى أختلاف البقعة والزمان، بغض النظر عن الخلفية وتاريخ هذا الإنسان.
كلمة "لا" كانت حاضرة هنا في لندن منذ يومين حيث إجتمع الإنسان مع الإنسان على اختلاف دياناتهم ومذاهبهم وأعراقهم ، وتظاهروا كنقابات ومؤسسات وأطفال ونساء وكهول لنصرة الإنسان على ما يسمى بميزانية التقشف التي باتت ظاهرة للعيان في كل بلدان ما يسمى بالاتحادالأوروبي، الذي بدأ ينهار في هذه القارة التي كانت تعتبر مهد التراث الأوروبي العريق، والتقدم في كل المجالات ، ثم إنحرفت حتى تصبح قوة اقتصادية عظمى على حساب الإنسان الفقير، وانحازت إلى طبقة الأغنياء، فانهارت وإنهار معها اقتصادها عند فتح حدودها من غير دراسة عميقة وبعيدة المدى، وتطورت في دفع ديون بلدان كانت بالأمس بلدان مسيطر عليها الحكم الشيوعي لعدة عقود، وفتحت أبوابها من غير أسس مدروسة لقضايا تلك البلدان.
والآن تجني ثمار ..، هذه السياسات، وانهارت اقتصاداتها في كل مكان، ولكن على حساب الشعوب التي أعطت زمام الأمور لقادتها ، ولكنهم انحازوا للقلة النخبوية، فأصبح الغني أغنى، والفقير أكثر  أفقر، وبدأت الطبقة الوسطى بالتلاشي واختل الميزان، ودخل الفساد الإداري من أوسع أبوابه، وأصبحوا لا يقلون عن مناطقنا بالفساد الجماعي، ولكن الفرق هنا أن الدساتير حمت الإنسان الفقير من أن يقول لا ويمشي في  درب الضغط على الحكومات والأفراد لإصلاح ما أفسدوه، بالرغم من صعوبة بناء ما قد أفسدوه.
ولكن بالأمل والسيادة الشعبية ستكون بداية مشرقة من  غير إراقة الدماء، وتبادل الاتهامات، فهنا السلطة تزال بدقائق من قبل الشعوب مستندة على الدساتير والقوانين من غير المساس بالسيادة للقانون والسلطة ورؤوس القيادات ، ولكن بسلاسة وانسياب تام مع المحافظة على المكاسب العامة الوطنية.
"لا" قالها الشعب البارحة في بلدنا الشقيق الكويت عند حل البرلمان وتجمع المواطنون اليوم لأول مرة أمام قصر الحكم والديوان حتى يقولون كلمة "لا" لما باتت عليه الأحوال في هذا البلد العريق الذي كان ولا يزال أكثر البلدان العربية تحضرا في العملية السياسية والديمقراطية منذ القدم، ففيه زرعت الفكرة الإسلامية للشورى، وطبقت لعقود بسلاسة، وأنشأوا الدواوين لمعالجة القضايا المحلية من غير خوف ولا استعباد من السلطات المحلية ، بل كان كثير من الساسة الكويتيين يشاركون الدواوين في اختيار الحلول التي كانت تنفذ على ارض الواقع فورا، بعد دراسة معمقة، فكانت هذه البلدة قدوة كان يجب أن تحتذو  حذوها البلدان الأخرى، وحتى هذا لم يعد كافيا بعد أن استولى بعض من لهم السلطة على العملية الإسلامية في الشورى لمصلحتهم الشخصية، وبدأ التخصيص للمشاريع، وهنا دخلت الأيادي العابثة لتخرب كل ما بناه هذا الشعب منذ القدم، فالآن يواجهون نفس مصير البلدان الأخرى حتى قال الشعب مع الشورى كلمة "لا"، واتحدوا لقمع الفساد ودرء البلاد من الرجوع إلى الوراء، وبدأت المسيرة الآن.
كذلك في كل البلدان العالمية والمحلية، فالواقع أينما اتجهت انظارنا وفي كل محطة إخبارية نرى الثورات على شتى أشكالها في كل مكان، من أمريكا إلى أوروبا، أفريقيا، أمريكا اللاتينية، والشرق الأوسط والأقصى، الشعوب نهضت لتقول "لا"، يدا بيد مع  كل من له ضمير من الطبقات العليا، ولكن هنا أتوقف للحظة وأقول :" أين البديل"؟
كلمة "لا" بسيطة ، ولكن أين الخطط الواضحة التي يمكن تطبيقها على أرض الواقع لتعم الوسطية، وتقسيم الثروات، على مختلف الطبقات الشعبية، وضمان حقوق الإنسانية، والقاعدة التي يمكن أن ننطلق منها وتناسب كل مكان وإنسان في هذه القرية العالمية.
الأنظمة على مدى الزمان ومنذ بداية نظام الديمقراطية في عهد اليونانيين، وهذا قبل آلاف السنين ونحن نستعرض ونجرب على شعوبنا أنظمة بديلة، لكي يصبح الإنسان تجربة في معمل السياسات الدولية.
ما هو الحل إن فشلت كل الحلول والأنظمة التي أصبحت ليست فقط لا تصلح وهرمت وانهارت ، بل لا تصلح لهذا الزمان والمكان الذي أصبح لا يشابه أي قرن من القرون بالتركيبة الاجتماعية والاقتصادية والعلمية.
هنا أتوقف ، وأقول لابد من استحداث قانون جديد عالمي ودستور جديد كقاعدة أساسية يرتكز عليها الإنسان في كل مكان لضمان حقوقه الإلهية الأساسية الإنسانية التي أمر الله بها في كل الأديان السماوية، وكان الإنسان جهولا واختار ما لا يناسبه كما العادة، لتعم الفوضى ويعيد التاريخ نفسه كدورة إجبارية، وتبرز أمم وامبراطوريات وتظهر أخرى على الساحة، ولكن ما هو الفرق ، فالتاريخ سيصبح بعد قرن تاريخا ونعيد الكرة، ونخوض الحروب ، ونتاجر بالإنسان والعبودية.
إنني أرى من وجهة نظري أن نبدأ في ابتكار نظام جديد عالمي يرتكز على خمس نقاط رئيسية وهي:

1)                       حرية التفكير والتعبير  المصونة وفي جميع المجالات، مع وضع قوانين وضوابط عالمية وليست عالمية.

2)                       الحقوق المدنية من: التأمين الصحي والتعليمي والاجتماعي من الدولة.

3)                       إستقلالية القضاء في كل مكان قولا وفعلا .

4)                       دستور ينظم التطبيق والعقاب في شتى  الميادين

5)                       إعادة السلطة للحكومات  المستمدة من الشعب لتنفيذ المشاريع الأساسية لأي بلد في العالم ، لكي تكون الحكومات مسؤولة مسؤولية تامة عن كل ما يختص بالإدارة والإعمار لكي تحاسب شعبيا من قبل البرلمانات على أي تقصير في بناء الأوطان.
هذه هي أفكار في بداية طريقي لكتابة ميثاق الأمم للقانون الرابع للقرن الواحد والعشرين، حيث أثبت أن كل الأنظمة انهارت بسبب الفساد، والفساد جاء من السلطة المطلقة، والسلطة المطلقة حاسبت من قبل من تاجر بالأديان والإنسان في كل مكان.
السلطة المطلقة تفسد الإنسان، والفساد يعم المجتمع إن كان موجود في أعلى السلطة، فقد حان الأوان لأقول كلمة لا ، لكل ما هو موجود على الساحة بهدوء وبصيرة، لنقدر أن نتبنى البديل في وقت سلام لا حروب، ونبني ولا نهدم، ونغير ولا نثور، ونحاور ولا نلجأ للحروب، فالأرض ومن عليها كافية أن تحتضن الجميع على أرضية متساوية، ولكن مع الاحتفاظ بالخصوصية والاعتراف بالتقاليد والأخلاقيات لكل مكان.
ولكن يجب أن نجتمع على أول خطوة ، وهي أن نقول "لا" للفساد والحروب والفرقة وإراقة الدماء، والفتنة، وفي أولها نقول "لا" للذي يرفض الحق والمساواة والعدل، ونقول "لا" لفساد العقول، نقول "لا" لمن يريد للإنسان العبودية والخنوع، نقول "لا" لعدم توزيع الثروات التي تنتجها الأوطان والاستئثار بالأموال للنخبة وليست الشعوب.
نقول "لا" كما قلنا نعم لأجيال، كانت بالأمس خير أمة أخرجت للناس، فلنثبت للعالم أننا قادرون على استحداث قانون عالمي جديد يراعي كل القوانين والاختراعات العالمية، التي لم يعد يحكمها إلا ضمير الإنسان الذي ذهب بلا عودة، لأنه لم يعد لديه حسيب ولا رقيب، ولا من يحاسب على ما يوجب عليه الحساب، بل أصبح الإنسان يثاب على الفساد ويعاقب على قول الحق، ويزج  بغياهب السجون فقط لأنه قال "لا للفساد".
همسة الأسبوع
كلمة "لا" هي كلمة الحق ضد الطغيان.
عتاب الأسبوع
لكل من يزور الأخبار وينشر الفتنة في كل مكان بواسطة جرة قلم، أو تويت، أو تقرير، أو فيلم، إلى كل من يريد السلطة والفساد على حساب الشعوب مضحيا بكل الأخلاقيات، خاصة لمن في يدهم السلطة، ولكل من يصدق الخديعة، ويمشي مع القطيع لمقصلة التاريخ.
كلمة..
سأستمر في طريقي ولن استسلم، ولن أسمح لأحد بأن يقطع ويفسر منهاجي بالعقوق والسفور، والمعارضة، لأنني وبكل بساطة أدافع عن حقوق الإنسانية في كل مكان، وللأجيال القادمة، فإن الفتنة أشد من القتل.
كلمتي هي لا لن استسلم ، وسأمضي في طريقي بثبات وعزيمة لا تلين .. عزيمة الشباب  صلبة قوية للوصول إلى حل عالمي يحقق المكاسب، ويقضي على الأوبئة والأمراض المستعصية في هذه الأنظمة الحالية في كل مكان، حتى نبدأ رحلة الميل بثبات وتخطيط وعدل ومساواة.
*كاتبة سعودية


You tube:  http://goo.gl/e8tpD 

PrincessBasmah @

BasmahPrincess @

خاص بموقع سمو الأميرة بسمة http://basmahbintsaud.com/arabic/
 نسمح باعادة النشر شرط ذكر المصدر تحت طائلة الملاحقة القانونية


No comments:

Post a Comment