الحدود والجغرافية العربية
بسمة بنت سعود بن عبدالعزيز آل سعود*
©جميع حقوق التأليف والنشر محفوظة للأميرة بسمة
واقع يفرض نفسه علينا، شئنا أم أبينا، رياح ربيعية تلفح وجوهنا بنيران جغرافية، فأينما اتجه نظرنا، وفي أي من مواقع الانترنت دخلنا، وعلى كل القنوات التلفزيونية، نرى مظاهرات مدنية، وتغييرات جذرية من حولنا في عالمنا العربي، الذي كان من المستحيل تصوره قبل شهور أنه سيصبح سيركا دوليا، فمن مصر العربية إلى تونس الفينيقية، مرورا بصنعاء أصل الجذور العربية، حتى نصل إلى دمشق التاريخية، وترجع بنا الذاكرة إلى امبراطورية الفرس التي كانت تسيطر منذ القدم على منطقة كبيرة من العالم وتعتبر جزءا من منطقة الخليج لها، وتدور بنا عقارب الساعة إلى الوراء لنرى اليهود في طيبة الطيبة مجاورين للأنصار في أروقة هذه المدينة التي قال عنها رسول الأمة إن الرحمة تجوب الأرض وتمضي الليلة فيها لتنشر شعورا لا يستطيع المرء إلا أن يصفه بأنه شعور الانتماء وشعور بالسلام والإسلام والراحة والطمأنينة من داخل أسوار هذه المدينة، فالمطامع من حولنا أصبحت ليست كثيرة فقط، بل أصبحت واضحة للعيان، والكثير ينتظر الفرصة لينهش جزءا من هذه الكعكة المليئة بالخيرات التي حباها الله، لتصبح مطمعا دوليا ومحليا، وفي المقابل، البعض منا قابعون في بيوتهم ينظرون إلى العالم الخارجي من داخل قوقعة على أنها مسرحية دولية لن تطال وتنال منا، ولدينا حالة من عدم التصديق بأننا مطمع كل صديق، فالمثل يقول احذر عدوك مرة ومن صديقك ألف مرة، وكلنا ماضون في طريق همومنا اليومية، وكأننا خارج التغطية المحلية والدولية، والدائرة النارية التي تعصف من حوالينا وتزيل دولا كانت بالأمس من أعتاها وأغناها وأشدها قوة، وحانت رياح التغيير الإلهية لتزيل أنظمة هالكة، لن يستطيع أحد أن يوقف النيران التي تمتد عبر شوارعها وأزقتها لأنها مليئة بأصناف وأنواع من الطاقة التي تزيد من اشتعال هذه النيران التي تحولت بقدرة قادر إلى قوة شعبية لم يقدر أحد على احتوائها لأنها صادرة من ألم الشعوب المقهورة عبر أزمنة تخللتها قوات سيطرت على شعوبها بواسطة القوة والظلم، فأصبحت الشعوب قطيعا من الحملان، تؤخذ ذات اليمين وذات الشمال، حسب أهواء من هم في السلطة، فدخل الفساد بقوة وأصبح لغة الشارع التي تتداول كعملة محلية معترف بها دوليا، فدخلت الرياح الغربية واستوطنت بلادنا العربية من خلال أجهزة هشة همها الأول والأخير تكثير الأموال والسيطرة من غير رحمة على هذه الشعوب المقهورة من خلال بطانة أفسدت أبطال الحروب، والثورات العربية التي كنا نفخر بها عبر تاريخنا، كإنجازات لرجال ظننا أنهم فوق هذه الأساطير التي نسمعها الآن من فساد وإفساد، هل هي صحوة تاريخية جغرافية لأمتنا العربية، أم هي قوة إلهية لا نملك أمامها إلا أن نهز رؤوسنا ونستقبل قبلتنا المكية وندعو بوجل نابع من القلوب أن يحمينا إلهنا شر النفوس، وشر ما يدور في منطقتنا العربية التي أصبحت من غير حدود جغرافية، لأنها أصبحت ذات قصة موحدة من ثورات إقليمية وعوامل تغيير تاريخية، فتوحدت النيات والقوات المعارضة، وأصبحت الثورات متشابهة، فأزالت الحدود، ونهضت الشعوب من سباتها لتروي ملحمة تاريخية لشعوب أبت أن تستمر بالعبودية لتسترد إنسانيتها التي سلبتها عصور من الاستبداد وأخذ الحقوق من غير استحياء.
منطقة بأسرها على فوهة بركان، فلنكن مستعدين، ونزيل عن عيوننا الحجاب الذي أصبح من المسلمات في مجتمعنا من عدم تصديق بأن ما يجري من حولنا يحتاج إلى أن نحصن أبوابنا، ونحمي أسوارنا ونطليها بألوان مزهرة، ولنرسخ في الأجيال المقبلة عزة الوطن واحترامه، ونزيح الأقنعة، واتخاذ ما يلزم في وطن نضحي له بالأرواح والنفوس، وبالمال والألقاب والنفوذ، ولننس الطبقات والانتماءات التي أزالها رسول الأمة ولكن للأسف يحاول إعادتها من لا يفقه ويفهم ويطبق رسالة الإسلام، بأن الله أرسل النبي رحمة للعالمين، وأرسله لإزالة الفساد وإرساء تعاليم الاحترام الإنسانية، بغض النظر عن اللون، والقبلية والانتماءات الدينية، أين نحن يا عرب من النور الذي أضاء السماء إلى قصور الشام، أين نحن من تعاليمه الأخلاقية التي أزالت تعاليم الجاهلية؟
همسة الأسبوع
همسات أهمسها للشعوب العربية رافعة يدي من البقعة المحمدية لمن تخلصوا من الذل والعبودية لغير الله
*كاتبة سعودية
الأميرة بسمة
twitter @PrincessBasmah
No comments:
Post a Comment