جلست لوهلة أمام شاشة المحمول وبدأت عيناي تذرف الدموع من غير شعور، فقد فاجئني خبر موت إنسانة الذي سيمر مرور الكرام، وذكرى صوتها وصورتها لا تزال أمامي منذ بضعة أيام وهي تسألني عن رأيي في وضع المرأة وبعض مشاكل الأخوات اللاتي تصدرت قضاياهن الصحف والمجلات التي اعتبرها قد أصبحت من المألوف في مجتمعنا الذي أصبح يعاني من التبلد والتطرف والهجوم على كل ما هو يعتبرونه عكس تيار ديننا الحنيف الذي بالأصل أمر بالرحمة ونبذ العنف والتجريح، رحلت بلمح البصر مثل كثير من فتياتنا اللاتي يشتكين في العلن ويختفين بأسرع من سرعة الصوت، ونبحث عنهن فيقولون "إنا لله وإنا إليه راجعون"، أعدنا إلى وأد البنات وهل أصبحنا في عهد وأد الإنسان، فمن يتجرأ على قول الحق في العلن فسيزول عن الأرض بلمح البصر، أهذه قدرة إلهية أم سياسة دولية وكأننا في أفلام تروي حكايات إمبراطورية الاتحاد السوفيتي أو حكاية مكررة على طريقة جهاز مخابرات السي آي إيه أو الإف بي آي المعروف عالميا باستطاعته محو الآثار وافتعال الحوادث ولا أحد يقدر أن يقف بوجه هذا المعسكر وهذه القوة.
والأخرى رسالة وردتني عنوانها "أنقذوني " فهي لأسرة منعت من السفر لأسباب لا أعرفها بالكامل إلا أن صاحبها قال لا للشرطة المحلية لأمور لا أريد الخوض فيها لحساسيتها السياسية، فمنع من السفر هو وزوجته الكندية ولديهم طفلين صغيرين، وعندما أزيل منع السفر بسبب ضغوط خارجية سمح له بالسفر مع زوجته ولكن طفليه منعوا من السفر والسبب لا نعرف ، إلا أنه من الضغوطات التي تجبر الإنسان أن يقول "حسبي الله ونعم الوكيل".
والقصة الثالثة وهي لمبتعث من الحكومة برتبة ضابط إلى بريطانيا وبالتحديد برمنجهام، فقد أصيب بوجع في بطنه ومعه زوجته وطفليه، ومبلغ 500 جنيها شهريا بالكاد يكفيه لسد رمقه وعائلته، وقد جاب البلاد طولا وعرضا عند القنصل الصحي والقائم بالأعمال الطبي ليحصل على التأمين الصحي لمدة سبعة أشهر، كل مرة يقولون له مر علينا في الشهر الآتي لحين وقعت الطامة الكبرى وأصيب ولم تعرف زوجته إلى أين تتجه، إلا إلى سفارتنا الكريمة السخية التي ردت عليها "الملحق الطبي" عندما يقف رجلك على قدميه ، قولي له أن يراجعنا لأخذ 200 جنيها لتغطية تكاليفه الصحية، ودخل الرجل الضابط التابع لجهاز الجيش في غيبوبة وانفجرت الزائدة عنده وأصبحت زوجته وطفليه مشردين في بلاد الغربة، وأحسنوا إليهم الغربيين الذين نقول عنهم كفرة بالمساعدة والإحسان لحين وصول مساعدات السودان، والشراكة مع الصين ، وتغطية النقص في البترول عند انقطاع الإمدادات الإيرانية بعد العقوبات الغربية، ولا ننسى الصفقات السياحية مع الهند وصفقات شراء المعدات من بريطانيا وصفقات الأسلحة مع أمريكا والمساعدات لمحو الأمراض المستعصية في الخارج.
ونسينا شعبنا في الداخل والخارج الذي يعاني من نقص في الأدوية الإنسانية التي تعالج المشاكل الوطنية.
إلى متى ستستمر هذه السياسة المحلية في تهميش المواطن في الداخل والخارج والتركيز على الطائفية والمذهبية والقبلية والعشائرية، والتجول بين أروقة المحافل الدولية والتدخل في السياسات الخارجية، وننسى أن الوطنية هي المساعدات الإنسانية، والحقوق المدنية والمساواة العدلية في المحاسبة بغض النظر عن الانتماءات الأسرية والعلاقات الممتدة في جذور تربتنا الوطنية التي أصبحت كلها مقاعد وراثية.
ونسينا أن الحقوق الوطنية للمواطن هو واجب وليس اختيار أو منحة أو إحسان من هذا أو ذاك المسؤول، فمن ينظر إلى ما نشر عن مجلس أمناء دارة الملك عبدالعزيز، فسيعرف كيف تدار باقي الأجهزة الحكومية من محسوبية، وكأنها شركة أهلية عائلية، لا يديرها إلا من يحمل الأسامي التي تنتهي بمطابقة ويا للمصادفة لنفس القبيلة والمصاهرة.
فإلى متى سنظهر بهذا الرداء الضبابي لتنقشع الرؤيا وتظهر حقيقة المرائي، فمن يقول عن نفسه وطني، لا يشتري الناس بمساعدات مالية، ليسمع من الأشعار مليه، ليهيئ نفسه أن يمتطي الكرسي باسم الإنسانية والديمقراطية واللبرالية، وهو يملك البلايين الغربية، ويدخل وبكل بجاحة ومن غير استحياء مع كل الجهات المسؤولة عن تدمير الهوية العربية، ويهيئ نفسه للدور الوطني بشراء الناس بماله ولا يعرف أنه مكشوف للآخرين، وأنه يذل المواطنين وإن لم يسمعها من الآخرين، فأنا أقولها من يقين أننا لن نقدر على الاستمرار بفرض نفوذنا بأموالنا ، بل سنستقر بحب شعبنا وتحقيق الآمال بالتنفيذ ، وبتر الفساد وإصلاح المجتمع المدني أو حتى أن تكون له الكلمة الحرة في إبداء الرأي، والمساواة بين الخلائق، ومحاسبة من أين لك هذا أيها المطالب بالسجن من أجل الوطنية والأمن، والأمور من الباطن أصبحت مظلمة ولا نكاد نرى أو نفرق بين ما هو واقع وما هو إعلام فاسد، صمت رهيب على ما هو حاصل لأن ببساطة بيعت الضمائر، بأثمان بخسة منها الظاهر ومنها الباطن، وما أذهلني حقا في الأخير وليس بالآخر ظهور بعض من كانوا ينادون بإصلاح المفاسد على شاشات التلفزة يدافعون عن الظالم.
همسة الأسبوع
العيون والأنظار والأخبار كلها متجهة لما سيحصل في المنطقة وصمت رهيب يدور في الأروقة.
ولكن هبوب العاصفة دائما يبدأ بالصمت الرهيب فعلينا أن نبادر في حماية أنفسنا من القادم القريب.
*كاتبة سعودية
twitter@TherealBASMAALS
يتها الأميرة اقرأك منذ القدم ومهما خرجن عن صمتهم فأنت السباقة بالأصلاح وبالأنسانية
ReplyDeleteفأستمري يرعاك الله
اعتقد ن صلاح الامة الاسلامية من هذه المشاكل هيا توحيدها ب دين واحد و مدهب واحد
ReplyDeleteو ادا لا فلا تنتضرو اي اصلاح :)
الله يحمى اهل الحرم يارب
ReplyDelete