أما المناظرة فهي يبدو لي أنها بين مقاليّ في الأسبوعين الماضيين عن جمعية حماية وبين المدير العام للشؤون الاجتماعية في منطقة مكة المكرمة الدكتور علي الحناكي، فقد تفضل الأخ فهد الحسيني المحرر في جريدة المدينة في حديث مطول مع معاليه في اليوم التالي لمقالي – يوم الثلاثاء 1ذو القعدة - وعلى صفحة كاملة تحمل صورة الدكتور معبرا عن أن حماية قد غردت بعيدا عن اللجنة التي يرأسها وقد أعرب سعادته عن بعض الملاحظات عن دار حماية بما فيها لقاء الفتيات بممثلين ولاعبي كرة، ورفضها دخول 3 داعيات أرسلن لحث الفتيات على طاعة أسرهن ثم يقول ستصدر مسودة نظام جديدة تضمن عدم التدخل في الشؤون الداخلية للأسر.وأما الأمانة ، فإنني فور قراءتي لهذا اللقاء اتصلت على المشرفات على دار حماية وهن أكثر المطلعين على ما يجري بالحقيقة والأمانة في هذه الدار، سواء كانت نقطة سلبية أو إيجابية، فأولا لم ينقل لسعادة الدكتور خبر لقاء لاعبي الكرة والممثلين على وجهه الحقيقي بأمانة، فقد تم اللقاء ولكن مع الأطفال المعنفين ، وقد قاموا بتوزيع الهدايا على الأطفال المعنفين في فناء الدار في مبنى الجمعية لرفع معنوياتهم وليس للتحرش بهم، أما الجزء الثاني في العنوان وهو عدم السماح لثلاث داعيات بالدخول ، فهو أيضا خبر لم يبلغ به معاليه بأمانة ، لأنه موضوع يصعب تصديقه أصلا، إلا إذا كانوا قد أرسلوا بدون سابق إنذار وبعد ساعات العمل الرسمية لأنه وكما علمت أن رئيس اللجنة يهمش المسئولات عن الجمعية والدار ولا يتم إعلامهن بأي قرار أو زيارة مع العلم بأن الجمعية والإشراف عليها يكون من مكتب الإشراف النسائي لا الذكوري!أما مضمون اللقاء ككل على لسان سعادة الدكتور المسؤول مباشرة عن لجنة الحماية الاجتماعية، إنما يدل على عدم إلمامه بموضوع العنف الأسري وطرق علاجه. فإن من خصائص المعنف التظاهر بالخنوع والاستجابة لجميع ما يطلب منه عند اكتشافه، ثم عندما ينفرد بالضحية يبدأ بالانتقام . فكيف نطلب صدور قوانين بعدم التدخل في الشؤون الأسرية وهي المبدأ الأساسي لمحاربة العنف داخل الأسرة ، فما هذا إلا ليدل مرة أخرى عن عدم إلمام المسئولين عن هذا الملف بحيثيات الجريمة وعدم استيعابهم للمنظور الطبي والنفسي والديني لهذه الجريمة وعواقبها على المجتمع وما ستفرزه من مشاكل سيصبح من المستحيل السيطرة عليها كما في الغرب، فقد أفرزوا مجتمعا ملؤه المجرمون ، ومدمنو المخدرات والمتحرشون، والمغتصبون، وما إلى هنالك من إفرازات لهذه المعضلة الكبيرة، فالمعنف سيصبح عندما يكبر هو الآخر معنفا، لأنه لا يعرف إلا هذه اللغة. فنصبح في دائرة يصعب الولوج فيها فها هو صدام حسين الطاغية وهتلر أكبر دليل تاريخي على آثار العنف في الصغر من قبل أسرهم وتأثيرها عليهم في الكبر كأكبر مجرمي العصر الحديث ، فهل نحن مستعدون لإفراز مثل هذه العينات في مجتمعنا، ألا يكفينا الإرهاب الذي أصبح ينتشر في مجتمعنا لعدم معرفتنا بكيفية تربية أبنائنا، وعدم تدخل الآخر عندما يرون المآسي لأجل كلمة عيب، أو الستر؟ فالساكت عن الحق شيطان اخرس.أما الجانب الآخر من المشكلة هي أنه لا يخفى على أحد أن لجنة حماية لا تعمل بعد ساعات العمل الرسمية ويستطيع أي أحد تجربة الاتصال باللجنة فأين تذهب الفتاة، فأنا أعرف أن دار حماية لا تتخذ قرارا بإدخال فتاة الدار لإنقاذها إلا بعد أن لا يكون لها ملجأ آخر تلجأ إليه، ومن ثم تتأكد الدار من رواية الفتاة أو المرأة أو الطفل من مختصات ودكتورات لهن باع طويل في هذا المجال قبل اتخاذ القرار والتقرير ثم لا أعرف كيف لمسئول عن الحماية يعتبر أن تدريب الفتيات وتأهيلهن للاعتماد على أنفسهن يعد نقصا في كفاءة القائمين على الدار وهو جزء مهم، وأساسي من التأهيل النفسي والاجتماعي متفق عليه عالميا، فمن الظاهر أن هناك خلطا بين دار الحماية الاجتماعية ودار الأحداث والفتيات ويريد معاملتهن كسجينات يمنعون من الدراسة والعمل ، وما ذكره الدكتور الحناكي من أن اللجنة لا يؤثر عليها اقتصارها على عنصر الذكور فقط فهو يجافي الحقيقة ، فنحن بلد إسلامي وكل له خصوصيات ، أما عندما يتعلق بجهازه فهذا من المستثنيات.فقد اطلعت على النظام الأساس بالجمعية ووجدت أن من صميم عمل الجمعية تلقي البلاغات وإيواء الضحايا ، وإذا لم يكن من مهام عمل الجمعية ومهمتها الدفاع عن ضحايا العنف وتأهيلهم ، فهل يتكرم علينا سعادة الدكتور بإبلاغنا من سيفعل هذا؟ أم التستر على المجرمين وإرجاع الضحايا لمحيطهم هو من مهام اللجنة لكي تظهر للإعلام والمجتمع أننا مجتمع إسلامي متماسك لا يوجد فينا خلل ولا تقصير ولا تعتيم وما يصدره الدكتور هنا أن مناهضة العنف ضد المرأة هي دعوة للانحلال الأخلاقي .
همسة الأسبوع
مفتاح الجنة في كلمة، ودخول النار في كلمة، وقضاء الله هو الكلمة ، الكلمة نور ، وبعض الكلمات قبور، وبعض الكلمات قلاع شامخة يعتصم بها النبل البشري، الكلمة فرقان ما بين نبي وبغي بالكلمة تنكشف الغمة، الكلمة نور ، ودليل تتبعه الأمة، عيسى ما كان سوى كلمة ، الكلمة زلزلت الظالم، الكلمة حصن الحرية، الكلمة مسئولية، إن الرجل هو الكلمة، والكلمة أمانة .
No comments:
Post a Comment