بدأ الخبر على الإنترنت، حيث أُرسل إليّ عبر البريد الإلكتروني رسالة عنوانها “اللهم أحسن لنا خاتمتنا”، ففتحتُ الرسالة مثل العادة، وأنا متوقعة أن أقرأ خبرًا مؤسفًا عن أحد الأغنياء، أو أحد المشهورين من المغنين، أو الشعراء، أو النجوم، وإذا بي أمام صورة الشيخ عائض القرني بنظارة فرنسية، بإطار أبيض من أحدث الموديلات الشبابية، وبجانبها صورة لمحمد عبده، فلم أستطع أن أربط بين الصورتين بخبر، إلاَّ أن محمد عبده قد فعل شيئًا عظيمًا ممّا حتّم على الشيخ عائض القرني أن ينبهه عن آخرته، وحرمة الغناء العاطفي، والغناء في حفلات داخلية وخارجية، منها العامة والخاصة، وبما فيها من الموسيقى الصاخبة، والكلمات التي تثير الشجون والشهوات العاطفية، وما إليها من محرّمات معروفة. وإذا بي بخبر نصّه أن شيخنا عائض القرني قد أوكل المطرب المعروف محمد عبده بإنشاد قصيدة دعائية تهليلية له، فقد أحزنني هذا الخبر، كما أحزن كثيرًا من الناس الذين يتابعون الكتب الرائعة التي كتبها شيخنا القرني عبر السنين من إنتاج روحي، وغناء فكري، وإشباع للمعرفة. كما في كتاب «لا تحزن» فهو كان لي ولملايين من المسلمين مصدر تثبيت وإلهام.أخطأ الشيخ في نظري، باختياره، فلا المقام، ولا الكلام يليق بأن يُغنّى من قِبل أي أحد، مع كل احترامي للمغنّي السعودي محمد عبده، بل هذه أدعية، وتهليل، وتبجيل للخالق سبحانه وتعالى، فبهذا تُعطى مكانتها لأحد الشيوخ المعروفين بأصواتهم الشجيّة التي تنقاد لها الأرواح، وتخضع لها المشاعر عبر مشايخنا الأفاضل، مع الحفاظ على مكانتها، لا أن تصبح كختام مسك في إحدى الحفلات، ولو بدون معازف تُغنّى لجمهور بعيد جدًا عمّا تقتضيه هذه الكلمات من خشوع وتفكّر؟سؤال آخر للشيخ عائض القرني: كيف ترضى بأن تفعل ما يفعله العامّة من رصد جائزة مليونية للشعر؟! حتّى لو كان لشعر ابتهالي، وكيف توصلت إلى هذه المرحلة من الكبر حينما قلت لا أحد في تاريخ البشرية قد أرسى جائزة بهذا الحجم، وهذه الدلالة قبلك، فأين التواضع الذي أمرنا الله سبحانه وتعالى به؟ أين أنت يا شيخنا من مؤلفاتك التي تنبذ الكبر، والخيلاء، ووضع الشيء في غير محله؟ بل أين الفقراء الذين يحتاجون مثل هذه الأموال؟ يا شيخنا ألا يوجد آلاف من المشرّدين في العيص، والحرّة الشرقية لا يوجد لهم مأوى أو دخل؟ ألا توجد مشاريع يمكن أن تؤوي المشرّدين، والأيتام، والفقراء، والمحتاجين؟ على أن تنفقها على الكلمات! وإن كانت ذكرًا لله سبحانه وتعالى، فتوجد أولويات والكل يعرفها، ومَن يشرف على هذه الجائزة؟ قناة معروفة لدى الجميع بإفسادها للعباد، وجنوحها عن المعتاد!لا أستطيع إلاَّ أن أقول: لا حول ولا قوة إلاَّ بالله، اللهم أحسن لنا آخرتنا، ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا.همسة الأسبوع
قال صلى الله عليه وسلم: “الدِّين النصيحة..لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم». رواه الترمذي
No comments:
Post a Comment