إيران أم “أرجو” همزة أم لمزة
بسمة بنت سعود بن عبدالعزيز آل سعود*
©جميع حقوق التأليف و النشر محفوظة للأميرة بسمة
لمن لا يعرف ما هو ” أرجوArgo / “ إنه فيلم من إنتاج” بين أفليك” Ben Affleck وجورج كلوني، وهو فيلم مأخوذة قصته عن كيفية تحرير مواطنين من السفارة الأمريكية عند إندلاع الثورة الإيرانية، وخلع شاه إيران، وتحول إيران من ملكية إلى جمهورية إسلامية، بقيادة آية الله الخميني، الذي استطاع بواسطة أشرطة تسجيل كاسيت من فرنسا أن يقلب الحكم، امبراطور وامبراطورية الشمس التي دامت تقريبا 3000 سنة، واستطاعت أمريكا استغلال حتى الثورة الإيرانية لصالحها بعد تحرير الرهائن الست بواسطة جهازها الأكثر شهرة في العالم” السي آي إيه” ، وهو المسؤول عن أمن العالم ومواطنيه حول العالم، ويضحي بالغالي والثمين لنجدة أية مصلحة أمريكية في أية بقعة أو زاوية مظلمة في العالم، وقد فاقت سيرته كل الأجهزة العالمية، ليس لأنه الأقوى، بل لأنه الأوفى لمواطنيه، وبلده، وبنيه، وأصحابه، والذين يديرون خططه الجهنمية لمصلحة وطنه ثم شعبه الأمريكي.
وفي نفس السنة 1980 قادت أمريكا حربا ضد الاتحاد السوفيتي في أفغانستان، ودخلت بلادنا مع أمريكا وبلاد الإخوان المسلمين في حرب ضد الشيوعية، ولكن ورغم انهزام السوفيات الشيوعية، فقد انتصرت و أنجبت القاعدة، و أسست في أفغانستان أول منظمة عالمية إسلامية أحدثت فوبيا عالمية، قادها أسامة بن لادن، وأصبحت أفغانستان منبرا ومكانا لتفريخ الإرهابيين، إلى العالم، ومرتعا للمتشددين الذين شوهوا الإسلام أفضل الأديان، وبدأت رحلة التيهان بين سُنة القاعدة الطالبانية، وتأسيس إيران الشيعية، فأصبحنا قوتين عظيمتين، اتحدتا في هدفين، أحدهما تدمير أمريكا، والمعاكس لتدمير المنطقة العربية ، والآخر تشويه أشرف وأكمل الديانات السماوية وهو الإسلام، الذي جاء به خير الأنام، تشابه لا يمكن أن يكون صدفةً، أو من غير تخطيط ، حيث يكون الحدثان في نفس السنة، وبنفس الطريقة ، ونفس الهدف، أين بصائرنا، وتحليل ساستنا، وقممنا العربية من هذه الأجندة المبرمجة الإلكترونية الدولية ، وتستمر الرواية، تصبح العراق، وهي الجزء الثاني من الرواية، وتتزلزل الأرض، ويخرج صدام كما الشاه، والاتحاد السوفيتي، والحزب البعثي إلى الهاوية، وتنتصر فيه أمريكا على القيصرية الروسية، وتحرر بلد من شعاراته الثورية الشيوعية القومية، ولا تزال الأحداث والدماء جارية.
أما الجزء الثالث من الرواية فهي الثورات الربيعية، في مصر الأبية، فحتى تشاهد الفيلم، تلاحظ فورا القاسم المشترك في المشاهد، ما بين إيران الشاه والثورة الخمينية، مرورا بالعراق الصدامية، ومصر المباركية الإخوانية، والآن سوريا الأسدية والمجهولة للآن مسمى الخلافة الرئاسية، وترى الشوارع مكتظة بشعوب هذه الإخوانية المناطق من كل الجذور العرقية، تهتف بإسقاط النظام، ثم إنهياره ثم دمار البنية التحتية، ومن ثم الفوضى الإقليمية، كما رأينا في اليمن، وليبيا، وسنراها في بلدان أخرى مثل لبنان وغيرها، ومن يظن أنهم بمنأى عن العواصف العاتية التي بدأت من إيران وأفغانستان ولا نعلم دمارها الشامل سيؤدي إلى أي هدف أو حل قضية ، فجغرافية أوطاننا تتغير مع عقارب الساعة على توقيت البلاد الغربية.
فيلم سينمائي أم رسالة موجهة، أم ببساطة واقع وأجراس تقرع، ولكن من غير أصوات وضجيج وتمر مرور الكرام على الجميع.
الآن أصبح لدينا ” تويتر” ، و فيس بوك، وفرق مجهولة الهوية تبرمج الأحداث الدولية وتنفذها، بدقيقة تويترية.
والشيء الذي أتساءل عنه: متى نزرع حب الوطن والمواطن في قلب الإنسان الغريب، ونصبح كلنا “السي آي إيه” لأوطاننا العربية، وندافع ونحذر شعوبنا بواسطة انتمائنا العربي والجغرافي، ونتخلى عمن يفرق بواسطة الدين، ويشوه أجمل الديانات السماوية، وأكثرها رحمة وسلاما ورأفة.
متى نستيقظ من غفلتنا ونصبح كلنا وطن، ونصنع مجدنا وعملنا الذي سنسأل عنه أمام خالقنا ذات يوم، ليس لناظره ببعيد.
متى كلنا يصبح جهازا ليس فقط استخبارات، بل دفاع إنساني عن إنسانيتنا، ويبني للأجيال القادمة، فالغرب فقد ماله وإنسانيته، ولكنه لم يفقد انتماءه لبلده ووطنه، لماذا ؟، لأن لديهم قاعدة مشتركة، وهي إعلاء المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، وهذا هو صلب الإسلام الذي بدأ غريبا، ونراه الآن أصبح غريبا، والأغرب ما نراه على ساحتنا، من حرب عشوائية على المثلثات الذهبية، سنية أو شيعية، ولا نرى أننا فقدنا إسلامنا بانقسامنا إلى أجزاء وعقليات ومذاهب، ليس لها رادع إلا رب الخلائق.
هل سنكون مثالا كإيران، والعراق، ومصر ، وسوريا، واليمن، وليبيا؟، وتأتي على الباقي إلى أن تصل النار وتصبح هشيما من اليمن إلى الشام العريق؟
أم سننتفض ونكون” أرجو” ، وننتصر لشعوبنا بواسطة أبنائنا، وللأجيال القادمة، ونبني قاعدة اسمها “القانون الرابع”، ونكون مثالا يحتذى به بدلا من أن نكون مثل باقي المدن، والدول ، وتمتد النار وتصبح رمادا، ولا نبقي لأولادنا حتى دين ورجال ونساء، يحتذى بهم، وسيصبحون مثل السابقين، أجندات تفرخ الإرهاب وننهب ثروات بعضنا البعض، ويصبح العالم ضد العالم، وتنتهي القصة والقضية، نهاية مأساوية، ولا يربح في النهاية لا الشيعة ولا السُنة، بل ستنتهي في قاع محيط من غير هوية، الإسلام أصبح مرادفا للإرهاب عالميا، فأين ستنتهي القضية؟؟
همسة الأسبوع
أكتب وقلمي يأبى أن يطاوعني في رسم صورة عما يجري في دمائنا من تدمير للذات والهوية، ويجف قبل أن تجف صحفنا، وتنتهي بسرعة الضوء ما بناه الرسل عبر آلاف السنين الشمسية.
عتب الأسبوع
“ما قل ودل”.. العالم يحتضر ونحن نطبل على تويتر، مهمة مستحيلة، أم سنصبح رواية، أم أصبحنا، ولم ندرك بعد أن فقدنا إنسانيتنا، ونلعق ما تبقى من كرامتنا على مرأى من عالم أصبح يرى ويصور ما في داخل غرف نومنا، ونحن في عالم خيالي، ونطير فوق سجادة علاء الدين إلى ما وراء جدران سجون جوانتينامو وأبو غريب،
في سجون بلادنا ، سجناء من غير سجون من حديد.
بلاد الواق الواق مأوى وملجأ من لا ملجأ له، فاحذروا أن تكونوا من ساكنيها!
*كاتبة سعودية