Friday, 18 November 2011

بلا اسم


بحثت في قاموسي العقلي عن اسم يليق بمقال هذا الأسبوع فلم أجد ، لما يوجد على الساحة من أحداث لا تعد ولا تحصى ، فبت لا اعرف علام أركز، الأخبار العالمية الساخنة، أم على قضايانا الوطنية والمحلية النائمة، فنحن في معزل عن العالم إلا عبر جهازين هما الشريان لتفاعلاتنا اليومية، أما ما يخصنا من تراكم المشاكل مع أن مليكنا حفظه الله قد أمر كما العادة بمبالغ خيالية لإصلاح الأوضاع المحلية المعقدة، العنكبوتية، التي لم ولن يكون لها تأثير إلا إذا اقتلعنا الأشجار  وقلبنا الأتربة، وخلطناها بالأسمدة المثمرة، ثم زرعنا البذور الجديدة التي لم تلوث بعد، والتي توجد في الساحة بأرقام مذهلة، وعقول مثمرة متعلمة ولا ينقص إلا قطافها، ووضعها في الأمكنة التي تنتظرها بصبر ولكن بكل إصرار لبلوغ الأهداف المرجوة.
إصلاحات مهولة أمر بها مليكنا الحبيب وإعلانات صريحة وجهها ولي عهده الأمين ، ولكن للأسف لا نرى منها ما ينفذ إلا القليل، ولا زلنا نسير بسرعة السلحفاة التي خلقها الله لأسباب خلقية وخلقية بسبب بطئها وبشاعتها ، ولكن لديها وجهة معروفة وبيئة ترعى فيها وعمر مديد لإنجاز مهمتها فأعجبت أجهزتنا التنفيذية بهذه المخلوقة، فحذو حذوها وأخذوها كعبرة ومثال لإنجاز أعمالهم ، وطريقة تنفيذ مشروعاتهم وصرف ما يجب صرفه بعد أن تموت أجيال وتحيى أجيال ولا يبقى إلا ذو الجلال والإكرام.
 ثلاثة وتسعون مليون دولار أضربوها في ثلاثة وخمسة وسبعين ، فيذهلك الرقم ليس لكبره، ولكن لعدم رؤية نتيجة على أرض الواقع إلا في جيوب ذوي المناصب ، ولا احد لديه تعليق إلا كما العادة المطلوب هو التفعيل، واجترار الفساد من القصور والجذور، وليس قصصه الأغصان، وتجميل الأشكال، وتحسين الكلام، والتركيز على الإعلام والأناشيد التي سئمنا من سماعها، ونريد أن نرى أفعالها ونتائجها الفورية، لأن الوضع لم يعد يحتمل التأجيل ولا إخلاء المسؤولية، فالكل يجب عليه التحرك بجرأة وشجاعة أخلاقية، لتحريك الأمور بالاتجاه الذي يجب أن يكون عليه كل مشروع ، وكل أمر ملكي من تنفيذ وأمانة ومسؤولية وطنية، فنحن نرى التغيير السريع في كل مكان، والتفعيل الأسرع في البلاد المجاورة مثل قطر والكويت والمغرب، الذين يتسابقون لإرضاء المواطنين قل فوات الأوان، بل أصبحوا يبادرون بالالتزامات والتغييرات حتى قبل الإنذارات والطلبات ، في المقابل نرى بعض تصريحات الخبراء السعوديين كما الأخ عبدالعزيز تركي في جريدة المصري اليوم – القاهرية- وهو أخبر واعلم في الشؤون المصرية، بأن مصر لا تحتاج إلى معونات ولكن الحكم الرشيد، وهنا أسأله إن كان هذا صحيحا ، أفلا تعتبر المعونات هي شاملة من الاقتصاد إلى التنفيذ والحكم الرشيد لا يتفاعل ويصبح رشيدا إلا عندما يكون حلا للثورات، وليس وجها آخر لنفس "الحكومات الرشيدة" التي من أجلها قامت الثورات وسالت الدماء، فالحال هو نفسه في كل البلاد التي نراها تريد التغيير فأنصح كل الخبراء السعوديين أن يضعوا خبراتهم تحت تصرف الوزراء المحليين لأننا بأمس الحاجة لخبراتهم التي يوزعونها يمينا وشمالا على البلاد المجاورة ، ولا نسمع لهم صوتا في الأمكنة التي تحتاج أصواتهم، وهي البيروقراطية المحلية التي أصبحت عملة وطنية ، فنحن في أمس الحاجة لخبراتهم العالمية في الحلول الجذرية لمشاكلنا الاجتماعية لننهض معا يدا بيد إلى العالمية ونترك الحلول العالمية لأهلها، ونحل مشاكلنا التي هي أولى باهتمامنا ودراساتنا، ونحتاج إلى كل خبير موجود في الساحة الخارجية والداخلية لحل مشاكلنا البيروقراطية في كل أجهزة الدولة المعطلة من قبل وزاراتنا العدلية، والعمل ، والاجتماعية، التي تحمل عبء ووزر كل ما يحصل وما حصل في الساحة المحلية، وكل المعاناة الشخصية للمواطنين الذين لا يجدون إلا المساجد للدعاء على من هم  المسببون الرئيسيون في المصائب التي تنزل على رؤوسهم، وتؤثر على عائلاتهم ومستقبل أبنائهم، وتأخذ من أدميتهم ، واحترامهم الكثير، باسم من هم بلا اسم، وتعطل مسيرة حياتهم والقافلة تسير ، ولا شيء يتغير إلا اليسير.
معارك نسمع عنها في كل مكان، قرارات تؤخذ بحق هذا أو ذاك من قبل الشرطي العالمي، ويتفوه بها الجهاز العربي، باسم الجامعة العربية، أخطار محدقة بنا من كل صوب، باسم وبلا اسم ، وأكيد بلا عنوان، ولا هوية ولا استقرار، يريدون إشعال المنطقة بأسرها ، عنونت جريدة الأخبار المصرية عن مصادر بريطانية :"الضربة الإسرائيلية ضد إيران الشهر القادم" ، من سيربح بالمقابل؟ من وراء الفوضى التي تحدث في مصر الشقيقة الغالية على قلوبنا وعلى كل الأمة العربية، من وراء التفجير السابع لخط الغاز؟ من وراء المحاولة الحثيثة لخلق مشكلات وحرب أهلية، وتفرقة دينية وعنصرية؟ من وراء الانفلات الأمني في كل البلاد من الصعيد إلى الوجه القبلي والمواجهات القبلية والاقتحامات الأمنية؟
من هي الجهة التي هي بلا اسم ولا هوية، تريد سقوط الثورة المصرية حتى لا تؤخذ كمثال للشعوب العربية ، لتأتي بنتائج فعلية وحضارية لمستقبل الديمقراطية في هذه البقعة الجغرافية، من هو المستفيد من هذه الفوضى الدولية؟ إن كانت الرؤية ضبابية للذين لا يملكون النظرة العميقة لما يجري في المنطقة العربية والأسرة الدولية ، فليسأل نفسه: ألم نمر بحالة مماثلة من قبيل الحرب العراقية، والإطاحة بنظام صدام الطاغية ، ولكن الآن ننظر ونستمع للأغنية المعهودة للأخطار المحدقة بنا، والظلم والقهر الذي تعودنا على تجرعه في قهوتنا الصباحية ، لبيع مخزون الأسلحة الموجود في البلدان التي تنتج هذه التجارة لتمويل بلادها التي أصبح اقتصادها من الأفعال الماضية للرفاهية، "بلا اسم" هذه هي حالتنا أيتها الشعوب العربية ، فقد أصبحنا كما كنا ألعوبة دولية لإشباع نهم الدول المسيطرة عليها القوة الخفية التي كنا نعرفها ولكن نخاف أن نضع لها اسما وهوية.



همسة الأسبوع

لن يتغير شيئا في هذه اللحظات التاريخية لشعوب الأمم العربية، إلا إذا استيقظت ودقت طبول الحرب ضد الفساد والفوضى الجماعية، والتحدت باسم القومية والهوية الجغرافية التي أصبحت في مهب الريح منذ نهاية الدولة العثمانية.

*كاتبة سعودية
b.saoud@hotmail.com

3 comments:

  1. بيض الله وجهك

    كلامك في محله

    يعطيك الف عافية

    ReplyDelete
  2. تحية طيبه لكِ ..
    أحببنا ان نضع اعجاباً بقلمكِ
    مع العلم هذا المقال الثاني الذي اطلع عليه فقط

    ReplyDelete
  3. تحياتي فاضلتي بسمة

    حقا لمست لب الحقيقه
    كم نحتاج لأمثالك في العرب

    مع التقدير والحب
    آدم

    ReplyDelete