وجبات دسمة أمام جهاز التلفزة، من رئيس مخلوع يحاكم عبر الأقمار الصناعية العالمية على طاولة العدل الإلهية، إلى رئيس آخر يحارب باستثماراته للحصول على تسوية مع الهيئات الغربية التي وضعته بالأصل في هذا المقعد الذي استوى عليه مدة طويلة من الزمن واخترع كتابا أخضرا، وهنا لاحظوا لون الكتاب، فلا هو أحمر يبشر بسفك الدماء ولا هو أصفر يبشر بالجلوس على السلطة إلى أرذل العمر، بل اختاره أخضرا، وهو لون الجنة ، وشعار مملكتنا، ولون أرضنا، وهو لون جميل، ولكنه استعمله ليقلب الآيات، ويفسر الديانات بأنها تجلب الصراعات، فأسس قواعد للكتاب، وهنا أقول اللعبة، ليسير عليها شعب لمدة أربعين عاما أو أكثر، فقدت الحساب بعد السنة العشرون، وهكذا يحصل لي عندما أبدأ بالعد التنازلي لكل الزعماء العرب، وكأنهم يتنافسون على من يجلس على الكرسي أكثر ، ومن يستطيع أن يمسك بالسلطة أكثر، ومن يستطيع الصمود أكثر أمام التغييرات الجغرافية، والمنهجية العالمية لتاريخ نسطره بأيدينا وننسج خيوطه بأناملنا، ولكن القبيل يأخذ الدفة والمصداقية والثناء لبلوغ عنان السماء، ثم ينظر حوليه ليرى مفعول عمله بكلتا يديه، هل أصابت الهدف، أم ما زال أمامه الكثير من الأهداف للوصول إلى رقم قياسي في البنوك الأجنبية التي باتت تشتكي من حسابات الرؤساء العرب لنفاد كميات الحسابات في شتى البلدان، لأنها امتلأت حتى الثمالة من أموال الشعوب المسروقة، والمهربة عبر قنوات رسمية، لقولبتها بإطار شرعي حتى لا أحد يستطيع المساس بها إن طاحت الأنظمة وطارت العناق من على المقصلة ، وبعد هذا يصدرون قوانين غسل الأموال ليصطادوا بها ضعاف النفوس الذين جوعوا أمام أعين الأغنياء، ليجبروهم على السرقة حتى يستطيعون منافسة أبنائهم بسياراتهم الفارهة وعقولهم الفارغة، وذقونهم التي تنبت عند اشتداد الأمور، وتحلق عند استتباب الأمن في الزنقات والبيوت، فسبحان من لا يتغير، وسبحان من يغير بقلمه وفكره وشكله ، كلما جرت الأمور بما لا تشتهيه النفوس، فتارة يلبسون حلة إسلامية وذقون طويلة ويمسكون القرآن ويهتفون بالشريعة الإسلامية، وتارة يلبسون القبعة الغربية والنظارات الفرنسية ويسكنون القصور المبنية، ويقودون السيارات المفخخة البنية، وتارة يخلعون برقع الاستحياء ويقفون بكل بجاحة وقوة أمام القضاء ويرفعون السبابة، ويحركون الدول بالخنصر والسبحة وأشعار منثورة، وكلمات ووعود دقيقة موزونة، ونحن صائمين نتفرج فرجة الجائع الذي تبطر وقت الفطور ليأكل ولو وجبة فول بالخلطة السرية مع رغيف تميز مصنوع من الدقيق الذي نستورده من الدول الغربية، مع أن بلادنا عامرة بمصانع الدقيق، وأراض أعدت وصرف عليها الملايين حتى تصبح مثمرة، ولكن كالعادة ، وضعنا كل هذا في الجيوب، وأقفلنا الصوامع والمصانع والبيوت التي تترزق على هذه الصناعة ، لنستبدلها بدقيق من الخارج حتى نرضي الآخرين.
برامج عربية في قنواتنا التلفزيونية لا تنم إلا عن إحساس توقف عند رؤية الرجل للمرأة بأنها قطعة حلوى شهية لا تمثل إلا الحب، والولادة، والخادمة والساحرة والمؤذية، ورجال من سكر يذوبون عند ابتداء هطول أمطار العيون السحرية من هذه المرأة الشهوانية، فقد أصبحت برامجنا العربية تستهدف غرائزنا الحيوانية، وتركنا الساحة الأدبية والثقافية للبلاد الغربية، للذين شغلوا العالم بسلطتهم التي بتنا ننام ونقوم ونتحرك بأوامرهم ، من أولانا إلى أخر عنقود عربي، فصرنا نئن من عدم حرية التعبير، وعدم حرية التنقل والعمل إلا تحت وصاية، خلفوها لكي تلون أسوارا عالية لا احد يستطيع تخطيها إلا عند أجهزتهم وراداراتهم السماوية، فلا يخفى على احد ما تقوله إسرائيل عن محاكمة مبارك، ولا يخفى على احد أن الرؤساء الآخرين سيفلتون من العقاب مقابل السكوت عما يعرفون، وإلا سنواجه ويكيليكس عالمي لن يستطيع أحد أن يحتويه لأنه سيطال الكبير قبل الصغير.
لنعود إلى سفرتنا الرمضانية وإلى وجباتنا التي أصبحت مكوناتها حكرا على الأغنياء، فأسعار السلع تصعد في اتجاه مستقيم إلى الأعلى، ولن ينتظروا أحدا أن يعلق ، لأن الجميع خائفين أن يوصفوا بالعلمانيين أو المعارضين حتى لو عارضوا على سعر كيلو اللحمة أو كيس الرز، أو حتى الدقيق والحليب، ولا ننسى هنا الجريش والحب، لأن أسعاره أصبحت من ذهب، فويل للمساكين وويل للمعارضين إن وسموا في هذه الأوقات بأعداء الدولة إن احتجوا على سعر الفول والوجبة.
سفرة رمضانية مليئة بأنواع الأطايب والمآسي العالمية ، ولكن أكثرها وللأسف في منطقتنا العربية والإفريقية التي تدين بالإسلام دين السلام والعدل والمساواة والحرية.
فالتوازن غير موجود، والثقافة تغيرت وأصبحت من غير لون ولا قيم، واختل الميزان، فأصبحنا نعاني من تلبك في الأمعاء ستزيده كثرة الوجبات والأصناف التي يجب أن نفطر عليها في هذا الشهر الفضيل ، فالموت والفتن والفساد ولد لدينا حالة إحباط إقليمية تحتار لها العقول البشرية.
همسة الأسبوع
لا أعرف هل أهنئ المسلمين بقدوم رمضان الكريم، أم أواسيهم وأعزيهم لفقدان روح الإسلام الذي كان في أمسية قمرية على رأس قمة الجبل في حوار الأديان الذي أرساه نبي مختار من بين كل الأمم وأعطي البيان.
*كاتبة سعودية
سيدتي :
ReplyDeleteنعم انه الاستخفاف في عقولنا ،، وفي افضل الاشهر
غزو فكري عنيف من كل الاتجاهات
ابنك ( عبدالعزيز الجهني )
شكرا يا صاحبه العقل المستنير
ReplyDeleteواعانك الله على حربك للتغير .