جريدة الأهرام العربي
السبت 5 / 2 / 2011
السبت 5 / 2 / 2011
تابعت الأسابيع الماضية تحركات الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر من رحلات مكوكية بين لبنان وسوريا, وقرأت ما بين السطور في الإعلام أن المنطقة علي وشك الدخول في مرحلة جديدة من المواجهة العسكرية, بين حزب الله وإسرائيل, وبالتالي ستدخل معها من الناحية الإستراتيجية سوريا وإيران كحلفاء, ومؤيدين لهذا الحزب وممولين لنصر الله في كل ما يملك من تعزيزات عسكرية وأسلحة تكتلية, وخطط استخباراتية, ودعم معنوي ومالي.
المنطقة علي مفترق طرق نارية, وما أدراك ما هي, حرب بين سلطتين لا نملك الصفة القانونية, فلا إسرائيل دولة أقيمت علي القانون, ولا حزب الله حزب اتبع القانون, وليس له صفة محلية إلا كجزء من الحكومة اللبنانية, وليس المتصرف بأمره, والحاكم باسمه في منطقة الجنوب, وأفرع في العاصمة بيروت التي احتلت بأسماء دينية وتوجهات سياسة تخدم مصالح دول شقيقة أرادت لها موقع قدم أو بالأحري خريطة جغرافية في بلد صغير تناحرت عليه الدول لموقعه الإستراتيجي واختلاف المذاهب والأديان فيه ليصبح مساحة للمعارك بين الدول وبلد كان يعرف ببلد السلام والجمال.
صراعات إقليمية ودولية علي مناطقنا الجغرافية وثرواتنا الوطنية من نفط ومراكز متميزة في عالم انهارت فيه القوات الاقتصادية العظمي.
فلننظر بشفافية ورؤية واضحة بعيدة عن الانتماءات المذهبية والطائفية والدينية والحزبية إلي مشهد عالمي درامي يخط بيده حربا ومصيرا مأساويا, فالقضاء علي حزب الله ممثلا بنصر الله من المحال لأن الحزب يعمل بطريقة خفية, وجنوده منتشرين في كل مكان بلا انتماء ظاهر للعيان, فهم متشعبون في كل المناطق الإستراتيجية, بدعم من إيران وسوريا, ويعملون كأشباح وجنود مجهولين الهوية ليدخلوا مناطق محظورة علي الجهات القانونية, كما إسرائيل بجنودها المجندة في الأمم العربية, بدون هوية, ولكن بحكمة استخباراتية وتخطيط جغرافي, لتكون لهم اليد والسلطة في أروقة الأمم العربية, ليحركوا من يريدون, وكيف يريدون ومتي يريدون بطريقة خفية, فلديهم جهاز استخبارات له خبرات دولية متقدمة, فهم متغلغلون في أجهزة الدول الكبري, ويسيرون مجري الدم في قرارات من بيدهم القرارات الدولية.
براكين ستتطاير, وأرواح ستزهق, وأدوار ستلعب, وهنا أسأل من المنتصر؟ وما الأهداف المنتظرة؟ وما النتائج المتوقعة؟
تدمير للبنية التحتية للأمم العربية لأن أية حرب منظمة أو غير منظمة تؤثر وبشكل مباشر علي استقرار مناطقنا العربية, فإيران بحدودها الجغرافية والإقليمية تسيطر علي كثير من الدول عبر جهازها الديني الذي بات يستعمل لبث التفرقة, والنفور بين الأخوة, لتسيطر بشكل مباشر علي مناطق جغرافية كانت بالأمس بعيدة عن متناول أيديها فأصبحت لديها أيد وقوة في المناطق الشيعية, واستعملتها بحنكة كجذور لسياستها في المنطقة.
فمن الواضح أن حزب الله حليف إستراتيجي لإيران, وإسرائيل جزء لا يتجزأ من أمريكا, صراع علي من يأكل الحصة الأكبر في قالب أصبح لا يحتمل التجزئة, فأمامنا متفرقة لا تجتمع علي كلمة, لذا أصبحنا أهدافا سهلة لمن يريد التغلغل في منطقتنا, لينهبوا ثرواتنا الوطنية والإنسانية.
لعبة دولية تطل علينا برأسها, فكيف بحروب وتجاذب بين الأمم؟
علي حافة هاوية, هذه هي حالة منطقتنا, ونحن مشغولون بخطط وهمية, وتركنا لهم الساحة والمساحة ليلعبوا بأممنا العربية, وتركناهم يرسمون لنا خططا غير معلنة إلا لذوي البصيرة النافذة, بأن منطقتنا مستهدفة لمحو آثارها عن خارطة العالم الحديث, حتي تبلغ إسرائيل وعدها وقناعاتها بأن أرضنا هي أرض الميعاد حتي حدودها يثرب, فمن هذا المنطلق, وبإيمان مطلق مصممون علي المضي في سياساتهم الفاشية حتي بلوغ النهاية, أما حزب الله, ونصر الله فإنهم وللأسف هم الفخ والضحية, لحضارة أوشكت علي الاندثار ولو أن تعداد سكانها كبير, ويعد من أكثر الديانات اتباعا وأكثرهم عددا, فإنها تلعب لعبة المواجهة والخطر, لا تملك الرؤية, وفي النهاية هي جزء من لعبة الشطرنج العالمية تحرك بدون دراية من لاعب محترف يعرف قوانين اللعبة ونهايتها.
تسارع الأحداث الدولية تنبئ عن نهايات حتمية لبعض الأنظمة المحلية, وتشتت لحالة الأمة العربية, التي باتت شعراتها ثورية, وأفعالها مخزية, فلا الشعارات ستنقذنا من السقوط في الهاوية, ولا عدم وضوح الرؤية عند بعض الأحزاب تعتقد أنها ستنقلنا إلي النصر, فاللعبة أكبر من حجمنا, وفي النهاية, كما هي العادة سيكون التأييد العالمي لإسرائيل, والضرب غير الرحيم علي حزب يسمي حزب الله وهو أبعد ما يكون عن هذه الكلمة من معاني, لأن حزب الله هم المنتصرون, والفوز في المعارك الصغيرة لا يعمي إلا البصائر التي اختارت شعارات وأسماء إعلامية مؤثرة, فالتحدي هو في المعركة الكبري ما بين الظلام والنور, وبين المسميات والأهداف المبنية علي مصالح إقليمية, فجند الله هم الذين يحاربون لنصرة دينه ومنهجه الذي هو السلام والحنكة والتخلي عن المصالح الذاتية لنصرة قضايا وليس قضية وهي الوطنية والإخاء والاتحاد والانتماء والولاء وليس الفرقة المذهبية, سيرة نبوية تنبأت بالسلام علي يدي المهدي عليه السلام في عالم يظن الجميع أنهم علي حق وعلي منهج النبي الأمي صلي الله عليه وسلم وعلي آله, لا وربي فقد أخطأتم في منهجكم لأن الله لن ينصر إلا من ليس في قلبه ذرة نفاق ونيته صافية ملساء بيضاء, وهذه لا توجد للأسف في عالمنا الافتراضي, عالم السلطة, والظهور الإعلامي, والقصد من ورائها التمكن علي الخلائق واحتلال الخرائط, وتوزيع الأدوار, والأفكار الإقليمية الذي بات يستعمل في كل حين لأهدافه الإستراتيجية, وليس لنصرة الدين.
No comments:
Post a Comment