Friday, 28 May 2010

ناقصات عقل ودين


من بين المئات من الرسائل التي وردتني عبر بريدي الإلكتروني عقب حواري في جريدة المدينة، استرعى انتباهي رسالة أرسلت إليّ من أكثر من قارئ وأكثر من عشرين موقعا، الرسالة موقعة من ثلاثة نساء فاضلات وعلى الأرجح أنهم عنوان وهمي لرجال أو رجل واحد، لأن اللغة المستخدمة ذكورية بحتة وهذا ما استشفيته بحكم دراستي لعلم النفس، فحواها إنني يجب أن أتذكر دائما أن المرأة ناقصة «عقل ودين»، وبالتالي لا يحق لها أن تبدي أو يؤخذ لها رأي! وهنا رأيت أن من واجبي كمسلمة وقارئة أن أرجع إلى معنى الحديث الشريف من غير اقتطاع واختصار للمعنى بالنص، مع آيات قرآنية وحجج مؤكدة واقعية تاريخية للسيرة النبوية، ولضيق المساحة لن أتطرق إلى المرأة القائدة عبر التاريخ لأنه حديث يطول والأمثلة أكثر من أن تعد أو تحصى، ولكن ما يهمني هنا رواية بعض من قصص النساء في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وتأثيرها في مساره وفيما بعد بالتعاليم الإسلامية التي يعتد بها وتدرس في الفقه والحديث كمرجع متفق عليه، ولكن أولا سأذكر نص الحديث كاملا لإبراز المعنى الحقيقي، ومن ثم سأطرح أسئلة بديهية لكل عقل سليم: «يا معشر النساء! تصدقن وأكثرن الاستغفار. فإني رأيتكن أكثر أهل النار. فقالت امرأة منهن، جزلة -ومعناها ذكية- : وما لنا يا رسول الله أكثر أهل النار قال: تُكثِرن اللعن وتَكفُرن العشير، وما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لُب منكن. قالت: يا رسول الله! وما نقصان العقل والدين؟ قال: أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل فهذا نقصان العقل، وتمكث الليالي ما تصلي وتفطر في رمضان فهذا نقصان الدين.» وهذا الحديث ينسب في روايته إلى عبدالله بن عمر والمحدث مسلم- المصدر المسند الصحيح، خلاصة الدرجة: صحيح، وهو مروي أيضا في البخاري. وهناك قاعدة لأهل الكلام تقول: قال العلماء إذا صح الحديث وجب التصديق به والأخذ به أولا، ثم محاولة فهمه ثانيا: الشرح اللغوي والفهم الديني، أما مناسبة الحديث فهو يوم عيد فطر أو أضحى، وقد مر الرسول صلى الله عليه وسلم ببعض النسوة ممن اشتكى منهن أزواجهن فقال ممازحا، وقد كان خطابا موجها لهن، وباستقراء مناهج الخطاب النبوي وتدبرها في العموم نجدها تدلنا بوضوح على أن النبي كان يعمم الكلام في معرض توجيهه للخاص عند العظة والجزر، فكثيرا ما يرد الحديث النبوي بصيغة «ما بال أقوام» من غير تحديد، رغم وجودهم المادي أمام النبي، كما تؤكد كثير من الروايات. فهذا هو النص كاملا غير منقوص لا كما يُنقل ويُفسر ويُفهم من العامة والخاصة. فإن المعنى العام كما فهمته وكما قرأت لكثير من الأئمة والعلماء في شتى الأطياف المذهبية أن النقص في هذا الحديث لا يمت بصلة إلى المفهوم المهين للمرأة من الرسول الذي من ضمن رسالته تشريف المرأة وتكريمها، لأن التكليف في الإسلام عام للإناث والذكور كما العقاب والثناء، وكما جاء في الآية الكريمة في سورة الحجرات الأية 13 (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير). أين القاسم المشترك في الحديث والآية؟ ألم يقل الله إن ما جاء على لسان النبي إنما هو وحي يوحى؟ فالعاقل منا والعالم يدرك أنه لا يوجد تعارض بين الاثنين، إنما النقص هو في الفهم العام والتفسير، فإن كانت المرأة ناقصة عقل ودين فكيف تُحاسب كما يُحاسب الرجل؟ وأين التناقض؟ لا يوجد! إلا لمن يريد أن يُضل المسلمين ويُهين المرأة، فالنقص هو في الفهم العملي واللغوي لهذا الحديث.
ففي سورة البقرة آية 282 تفسير للشق الأول فقد أخبرنا الله تعالى العلة من المرأتين هي بأن تضل احدهما بمعنى تنسى، فتذكرها الأخرى وهذا هو نقص العقل، أما نقصان الدين فكلنا يعرف أنها في سياق معنى الإحاضة بأنها تفطر ولا تصوم ولا تصلي لأن النقصان في الذاكرة والإعياء هو نتيجة للعملية الهرمونية التي تمر بها المرأة نتيجة مستوى الاستروجين الذي يرتفع فيؤثر على الذاكرة والحالة النفسية. فبهذا نرى أن للحديث معنى ومغزى آخر مشرف ومكرم وعلمي موضح لطبيعة المرأة لقوم وحقبة كان يجهلون فيها العلوم الطبيعية الإلهية التي خُصت بها المرأة، فجاء الإسلام والقرآن على لسان خير الأنام ليكرم المرأة ويرفع عنها الظلم والعدوان وليس العكس، ففي سيرة خديجة الكبرى لنا أسوة: فكيف تكون ناقصة عقل ودين وهي من نصرت وثبتت وصدقت النبي زوجها في كل مراحل الوحي، وكانت أول من اسلم وصلى؟ أين الوصية النبوية من راوية أحاديثه وتفاسيره للقرآن زوجته سيدتنا عائشة، وباستئثارها من بد الصحابة الرجال للرواية، فكيف يوصي بهذا الأمر وهي «ناقصة عقل ودين»؟، ولنا حكمة وبعد نظر في ابنته الزهراء موعظة تاريخية وذات دلالة عندما آثرت عدم الخلاف مع الخليفتين رضي الله عنهما أبو بكر وعمر في قصة إرثها.
آن لنا يا معشر المسلمين قاطبة أن نفهم ونأخذ ديننا بجدية وتعمق وتدبر، وأن لا نُحرف الكلام عن مواضعه، بهدف إرضاء أهواء البعض منا، وأن نترك ما لا ينطق عن الهوى، ونزرع في العقول الفهم للأسلوب النبوي، فهي غسول للقلوب والمفاهيم والتقاليد الموروثة من عصر الجاهلية، ونتمسك بأصولنا الدينية الإسلامية،
فتدبروا واقرؤوا أيتها الأمة المحمدية فالعنف الديني في التفاسير هو اشد وقعا وتأثيرا من كل أشكال العنف الأسري والاجتماعي، فإنما هي حصيلة العنف الديني لأنه يغير المفاهيم العامة التي وصى بها الرحمن ومن ثم النبي كأسلوب تعامل للمرأة خاصة وللمجتمع عامة التي كرمت وغيرت المفاهيم، بالرسالة الأبدية لكل العالمين.

همسة الأسبوع
نصف الحقيقة عادة ما تكون كذبة كبيرة.
«فرانكلين روزفلت الرئيس الأمريكي 1933؟»

Wednesday, 26 May 2010

الأميرة بسمة تشيد بمعرض “أبعاد”


خير الله زربان - جدة
أشادت صاحبة السمو الملكي الأميرة بسمة بنت سعود بن عبدالعزيز بالمعرض الشخصي الأول للفنانة سميرة الأهدل والذي حمل عنوان «أبعاد»، واعتبرت معرضها من المعارض المميزة والإبداعية التي جمعت بين الفن التشكيلي والتصوير الفوتوغرافي، وأكدت أن معرض “أبعاد” رائع واحتوى على العديد من اللوحات الراقية التي تدل على ابداع الفنانة وتميزها.
جاء ذلك بعد افتتاح سموها لمعرض الفنانة سميرة الأهدل بصالة المركز السعودي للفنون التشكيلية بجدة مساء الأحد الماضي. وكان الدكتور عبدالله فدعق قد افتتح المعرض للرجال، حيث تحدث عن الفنانة بقوله: شدني في هذا المعرض الإبداع والتميّز في اللوحات واختيار موضوع رائع في التصوير الفوتوغرافي وهو الخيل العربي وكذلك تميزها في الأعمال التشكيلية التي ركزت فيها على الحرف العربي والموضوعات الإبداعية، وما شدني كذلك هو التزام الفنانة وهو إلتزام لم يمنعها من الإبداع فهي تقدم أعمالاً راقية وتنم عن شخصية راقية. من جانبها قدمت الفنانه سميرة الأهدل شكرها للأميرة بسمة وللدكتور فدعق، وقالت: أنا عاجزة عن شكر سمو الأميرة بسمة التي منحتني رعاية ودعما رائعا وكانت رائعة في حضورها وحديثها عن الأعمال هي وكل من كان معها من أميرات وضيوف، وشكري موصول أيضاَ للدكتور عبدالله فدعق الذي لا يتأخر أبداً عن تقديم كل ما يستطيع من دعم لكل طالب علم أو موهوب وأشكر له إعجابه بالأعمال واقتنائه لها وتشجيعي للاستمرار.

Friday, 21 May 2010

هموم وطن ونقطة تحول

وطننا وطن حديث يئن بهموم لا يستشفّها إلاّ ذو حظ عظيم، فكيف نتناغم مع ‏الوجود الإلهي ونحن نصارع التحديث، ونتنفس العولمة، ونرى أمامنا نقطة تحوّل ‏في المفاهيم وحتى في نظرتنا للدّين.‏
من ارتفاع للمعيشة بشكل فجائي إلى أمراض مستعصية وزلازل، قضايا شائكة ‏اجتماعية، اقتصادية، تركيبية عنكبوتية ينسجها مجتمع يأبى التخلّي عن القبلية.‏
نرى الإنسان يتحوّل وبشكل مفاجئ كما رأينا في برنامج الإعلامي سعود الدوسري ‏‏“نقطة تحول” شيخين موقرين في أعلى المناصب في أبهة جديدة، ومفاهيم جديدة، ‏ونقطة تحول جذرية في المفهوم الدنيوي والديني، ولا أعني هنا النقطة التي ناقشها ‏الأخ سعود في تحوّلهما من معارضين إلى مؤيدين، بل بالمفهوم العام لرجالات ‏الدّين كما تعودنا عليه في كتب السلف وما فيها من توصيات عن تقشف رجالاتها، ‏ووصية الخلفاء الراشدين والصحابة رضوان الله عليهم جميعًا بأن من شروط ‏الرجالات الذين يتولون مناصب حكومية أو مدنية بأن ينأوا بأنفسهم عن الدنيا ‏وزينتها ومغرياتها. فإننا الآن أمام نهج جديد من تركيبة اجتماعية ودينية، فالكل ‏أصبح له لون آخر عمّا عهدناه، والجميع يبحث عن دور يلعبه ضمن هذه التركيبة ‏الجديدة.‏
رائحة العود الوطنية أصبحت مستوردة، سيوفنا أصبحت صينية الصنع، أمّا بشوتنا ‏وغترنا فأصبحت إيطالية أو فرنسية، وبأفضل الاحتمالات بحرينية التطريز، ‏محلياتنا أصبحت نادرة، طعامنا أصبح ملوثًا بشتى أنواع المبيدات، هواؤنا نستنشقه ‏بصعوبة وكأننا أصبحنا ندفع ثمنه.‏
‏ ولنا عبرة في الاقتصاد العالمي بدءًا من أمريكا، ووصولاً إلى الاقتصاد الأوروبي ‏المنهار حاليًّا، مفاهيمنا الاقتصادية هي عبارة عن استيراد ومنع للتصدير، صناعتنا ‏نادرة، أهواؤنا غالبة، مشغولون بالمناصب والمذاهب، وبالأضواء والمسميات ‏الرنانة، نتكالب ونتسابق على الارتقاء من دون استحقاق ولا تعب ولا نصب. ‏
“نقطة تحول إيجابية” وراءها جندي مجهول يعمل من وراء الستار لقلب المفاهيم ‏والأولويات والجذور بكل حنكة وبصيرة للوصول إلى المأمول، فهل الجندي هو ‏الزمن القدر المحتوم؟ أم عالم أصبح يناطح السحاب ويرقى بالأسباب، ويتفانى في ‏العطاء، ونحن نجر أقدامنا للعبور؟ متى نعبر الخطوط، ونستقبل العصر الجديد بنقطة ‏ابتداء من عصور عفا عليها الزمن، ونعبر تاريخ أمجادنا الجغرافية التي ننتظرها ‏كأمة تحول من الجذور؟‏
ليبدأ كل إنسان بنفسه ليغير مفاهيمه، ويواكب التطور المذهل في شتى مجالات ‏الحياة، ولنأخذ بيد الآخر ونعبر الخطوط، فنحن كأمة وضعنا المحظور ولم نفهم ‏أننا في عصر لابد فيه من تغيير جذري للمفاهيم حتى نقدر أن نعيش ونثمر في زمن ‏طغى عليه التسابق لبلوغ أعلى الهرم مهما كان الثمن والفدية، تركيبتنا السفلية ‏والعلوية جامدة، بنيتنا التحتية هشة، قوانيننا جائرة في زمن التطور، والتسابق ‏الاقتصادي والسياسي لبلوغ مواقع الريادة، قراراتنا تنتظر التفعيل، أجهزتنا ‏مرهونة بالأسماء وليس بالقوانين، ننتظر الجندي المجهول الذي بدأ تطوير ‏المفاهيم والقوانين من تحت الستار، ومن خلف الضباب بأن يجعل من تطلعاتنا ‏وآمالنا واقعًا ملموسًا، ونقطة عبور إلى عالم يواكب أجيالنا وآمالنا بأننا نستطيع وضع ‏الحلول وتفعيلها ليصبح كل مواطن فخورًا بأنه ينتمي إلى أشرف بقعة مطهرة وقيادة ‏رشيدة، وأنظمة ثابتة، وقوانين حامية، واقتصاد قوي، وفكر متسامح، لتكتمل ‏الصورة، ونعيش واقعًا وليس حلمًا صعب المنال والوصول.‏
همسة الأسبوع
همومنا لها حلول، ونقطة التحوّل هي العبور، وأبناء وطننا هم الثروة والجذور..

Friday, 14 May 2010

ما لم يكن في «الحسبة»

قد كتبتُ كثيرًا، وحلّلتُ كثيرًا، ولكني لم أكن أتوقع أن مقالي عن الهيئة سيتسبب في هذه الضجة الإعلامية، سواء على الشبكة العنكبوتية، أو الهاتفية، أو عبر المقابلات الشخصية، والصالونات الاجتماعية.
فقد كتبتُ من قبل عن هيئتنا الدينية في مقالي المتواضع: «صرخة رجل مع وافر تحياته» في تاريخ: «09/09/11»، وقد ساندت هيئتنا مع بعض الآراء المتواضعة ومن وجهة نظري وبحق المواطنة، ولم أتلقَ أيّ رد، لا من الهيئة، ولا من القراء الأفاضل، ولا من المنتديات المتعددة التوجهات، وما إن كتبت عن حالة الهيئة في هذه الأيام، وعقب الحوادث الخطيرة في حقبة هيئتنا الدينية، مع توصياتي كمواطنة وكمسلمة تنظر إلى أرض الواقع، وتبدي برأيها، إلاّ وقد قوبلت بهجوم مستميت من البعض الذين استكثروا عليَّ كأميرة وليس ككاتبة وبموضوعية أن أكتب عن موضوع المفروض أن يكون من المحظورات، بما أنني أنتمي إلى المؤسسة، ولم يفكروا ولو للحظة أن حكومتنا الرشيدة الداعمة دائمًا لهيئتنا ومنذ تأسيسها على عهد والدنا الملك سعود -يرحمه الله- كانت ولا تزال السمة والبصمة الناصعة في مجتمعنا، ولكن هذا لا يعني التغاضي عن أخطائها الخطيرة في الآونة الأخيرة، وتوجهاتها المتطرفة في بعض الأحيان من بعض منسوبيها، وعدم توجيه النصح، والرأي الآخر، وسماع وجهة نظر كثير من المواطنين الذين ساندوني سواء عبر الشبكة العنكبوتية، وعبر جهازي المحمول، والإصغاء والتعلّم من الأخطاء، وقراءة التاريخ جيدًا كرجال حسبة، كما سماهم عمر بن الخطاب أمير المؤمنين والصحابي الجليل -رضي الله عنه- ولكن وهنا أقول لكن، أين نحن من فهم هذا المصطلح؟ أين هيئتنا الآن من الهيئة التي أسست في عهد الملك سعود -يرحمه الله-؟ فمعظمهم يتعاملون من غير سماحة، ولا رحمة، ولا إصغاء، ولا تصحيح، ولا دراسة وافية للأحوال الاجتماعية التي يمر بها مجتمعنا على شتّى أطيافه وطبقاته، فالأمور يجب أن تؤخذ بالروية، ودراسات عميقة من قِبل متخصصين في الأمور الاجتماعية عبر جامعاتنا الدينية، وتخصيص شهادة جامعية لتخصص جديد، وهو كيفية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في ظل العولمة وتأثيرها على المجتمع السعودي؛ لتخريج شباب وشابات قادرين على أن يصلحوا ويؤثروا بشكل إيجابي على المجتمع من خلال دور أساسي لنهج جديد للهيئة، نستطيع خلاله أن نبدأ صفحة جديدة من عصر الوسطية الذي عرفنا به عبر الأجيال والقرون، منذ بعثة الرسول الأمي محمد بن عبدالله الذي استطاع بأميته وأخلاقه وتسامحه وحواره أن يستولي على قلوب الكفار والقبائل الوثنية، ويطوعها لتدخل الإسلام بكل حرية، وليس بالغصب والإجبار، بل من رحمة الإسلام فرض الجزية على الكفار، وأصحاب الديانات الأخرى وليس قتلهم، وإلغاءهم من خارطة العالم، لأنه وبكل بساطة لم يؤمر بذلك من رب العالمين، كما لم يؤمر بها الرسل على مر العصور، ومنذ ابتداء الخلق ووصية الرحمن إلى يوم القارعة والبعث والحساب، فالله سبحانه وتعالى هو الحسيب، ولم ينصب على الأرض خلفاء «حاشا وكلا» يحاسبون الناس على ما تُكن سرائرهم وحيتان ضمائرهم، بل تركها الله سبحانه وتعالى له لا شريك له في المحاسبة، والقضاء والعدل، لأنه هو وليس غيره صاحب هذا الحق، وهنا أقول، وبرأيي أن العدالة والحق العام والقضاء يجب أن تكون بيد سلطة واحدة، وأن تكون الهيئة ضمن سلسلة متكاملة تحت لواء هذه السلطة في الأجهزة الحكومية، وهذا اقتراح وليس بفرض، ولا أملك سوى قلمي كمواطنة تحب وطنها ورجالاته، وتخلص لله، ثم لمليكها ولتراب أرضها، وتعتز بتاريخ حافل من البطولات الإسلامية، وتفخر بأنها تنتمي للمؤسسة الأبية، وبانتمائها لأول ملك بعد المؤسس القدوة لنا الملك عبدالعزيز -يرحمه الله- الذي أسس لبنة الوطن من دين ودنيا، وأكملها من بعده والدنا -يرحمه الله- الملك سعود بن عبدالعزيز، وتلاه أبناء عبدالعزيز ليعززوا القرار، ويرسخوا جذور النصيحة في الإسلام بتأسيس نظام الهيئة، وقد كان في حسبانه -الملك سعود- وتوقعاته أن تكون ميزانًا للمجتمع، وسمتها التسامح والرحمة والنصيحة والموعظة الحسنة، وأظن أنه لم يتصوّر يومًا ما أن الهيئة ستكون موضع نصح من ابنته التي تربت ونشأت على قول الحق وإن عز، وأن لا تخاف لومة لائم في إبداء وجهة نظر فقط لا غير، لتضيف ولو بكلمة وجهة نظر كثير من مشايخنا الأفاضل، ومثقفينا، ومواطنينا الذين ينعتون بالعولمة كأنهم حاملون وباء، والعلماء والطبقات العارفين ببواطن الأمور تحت مسمّى المنفتحين، آن لنا أن نخلع المسمّيات بشتى ألوانها، ونرى الإنسان من ورائها لتسطع شمس الحقيقة والحرية التي علمنا إيّاها رسول الأمة الإسلامية، ألم نكن عبيدًا وتحررنا من رق العبودية، فلماذا نعيد تاريخ العصور الجاهلية، ونحيط أعناقنا من جديد بحبال العبودية تحت مسمّيات دينية وغطاء لا يعلم إلاّ الله مدى تعمقه في بطون الجبال والأودية المذهبية.
آن لنا أن نرى الآخر، ونسمع الآخر، ونتقبّل الآخر، بدون هجمات متطرفة، تشفي غليل الأعداء، وتنمي روح التطرف في أجيالنا، ولنكن خير أمة أخرجت للناس بحق يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ولنربِ أبناءنا على الوسطية، والتربية السليمة الإسلامية الخالية من التطرّف كما نراه الآن في بعض شرائح مجتمعنا، فلا نقبل الآخر، ولا نرى إلاّ الظلام والنيران، ونسينا الجنان والشمس المضيئة في تاريخنا، وقرآننا، وسيرة نبينا صلى الله عليه وسلم.
همسة الأسبوع
عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا.

Monday, 10 May 2010

الأميرة بسمة أصغر بنات الملك سعـود: والدي لم يمح من ذاكرة الأمة.. والحالة الدولية وراء تأخير كتابة تاريخه 1-2

الإثنين 10/05/2010م
فهد الشريف

أرجعت الأميرة بسمة بنت سعود تأخّر إعادة صياغة تاريخ الملك سعود بن عبدالعزيز وإدراجه في المقررات الدراسية إلى الأحداث المتتالية التي مرت بالمملكة في تلك الحقبة، ضاربة لذلك مثلاً بأحداث الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي (سابقًا)، وحرب أفغانستان، وغيرها من الأحداث الأخرى، مشيرة إلى أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أولى هذا الأمر اهتمامًا كبيرًا ظهرت بوادره في المعرض الذي أقيم لتاريخ الملك سعود. كذلك أشارت الأميرة بسمة إلى أن فئة الأميرات مظلومات وأن هناك صورة نمطية لدى الشعب يجب أن تعدل، مبينة أن الواقع لا يشير إلى هذه الصورة المخملية المحفوظة في ذواكر الناس. وحول واقع المرأة في المملكة أشارت الأميرة بسمة إلى أن هناك «رق» ممارس على المرأة، منتقدة بشدة «المتشددين» الذي ضيقوا عليها بالفتاوى التي تحجر على المرأة كثيرًا مما هو مباح لها، وإلصاق كل أسباب المشاكل والأزمات بها، مشيرة إلى أن هذه النظرة للمرأة والتعامل بها استعملها الغرب ضد مجتمعنا.. كذلك انتقدت الأميرة بسمة واقع العمل التنفيذي في الوزارات، مبينة أن «الخلل ليس في المؤسسة التشريعية وإنما في المؤسسة التنفيذية.. العديد من المحاور المختلفة طي هذا الحوار مع الأميرة بسمة بنت سعود..

* الفترة الأخيرة شهدت صحوة إعلامية لتاريخ الملك سعود.. فكيف ترين هذا التاريخ، وإعادة هذه الصحوة؟
الملك سعود لم يُمحَ من ذاكرة الأمة أبدًا. كان هناك سوء فهم للحالة السياسية في ذلك الوقت. في حالة الشعوب العربية، فإن مَن يُراد محوه ينسى من كان قبله. لم يكن الوالد حالة استثنائية، بل كان ذلك جزءًا من الجو العام. تعاقب ثلاثة ملوك، وأبناء الملك سعود كانوا يطالبون على الدوام بصورة مباشرة وغير مباشرة، بإعادة صياغة تاريخ الملك سعود، ووضعه في إطاره الصحيح للأجيال القادمة ضمن المقررات الدراسية. وتم وعدنا في مرات كثيرة بأن تتم دراسة الموضوع. ما حدث من تأجيل لم يكن مقصودًا من قبل أيٍّ من الملوك السابقين، إنما كانت هناك أولويات. الأولويات في ذلك الزمن مثل الأمن الداخلي والحالة الدولية التي كان يمر بها العالم مثل الحرب الأمريكية الروسية الباردة، وحرب أفغانستان وتأثيرها. كل هذه الأحداث كان لها تأثير مباشر في عدم إكمال ما كنا نريده، وعندما جاء الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله ورعاه- كان داعمًا رئيسيًّا لهذه الفكرة.

نقطة البداية
* ما هي الخطوات الأولى لإعادة كتابة تاريخ الملك سعود؟
تقدمنا نحن أبناء وبنات الملك سعود بهذا الاقتراح، وكانت نقطة البداية هي افتتاح متحف، ومعرض الملك سعود بالرياض ضمن سلسلة إحياء ذكرى ملوك المملكة العربية السعودية. وكان من أكبر الداعمين لهذا المشروع الأمير سلمان بن عبدالعزيز وهو نابغة في التاريخ والثقافة التراثية وخاصة في سيرة آل سعود. كذلك دعمتنا دار الملك عبدالعزيز، وكان المحرك الرئيسي لكل هذه المحاولات شقيقتي الكبرى الأميرة فهدة بنت سعود رئيسة الجمعية الفيصلية، وكذلك الدكتور سلمان بن سعود بن عبدالعزيز، بجانب كل بنات وأبناء الملك سعود. كلٌّ دعم بحسب قدرته ومعرفته.

تكوين المظلة
* هل هناك مظلة أو مؤسسة تضم هذه الأنشطة؟

لم تكن هناك في البدايات مظلة. وعلى كثرة عدد أبناء وبنات الملك سعود فلا توجد مظلة تجمعهم. كل المظلات كانت ضيقة لتجمع هذا العدد الكبير، ولم يكن هناك مشروع معين لجمعهن أو أن يكون هناك توجه مدعوم من الدولة بعد اتفاق الجميع على المعرض. لكن بعد أن أعطانا الملك عبدالله الضوء الأخضر، ووجدنا الدعم من الأمير سلمان، كما كان الأمير عبدالعزيز بن فهد هو الداعم الرئيسي الذي ساعدنا كثيرًا في جمع المعلومات والدعم المالي، وإعطاء المعرض هذه الصفة الإقليمية حتى إصدار الكتب والكتيبات وجمع المعلومات لأنه من العاشقين لسيرة الملك سعود. في ما بعد، وبعد أن انتقل المعرض من الشرقية إلي البحرين قررنا منذ حوالى سبع شهور باقتراح من الأمير محمد بن سعود والأميرة فهدة بنت سعود أن تكون لنا مظلة نجتمع تحتها كمؤسسة الملك سعود لمتابعة إعطاء الجوائز والدراسات لتاريخ الملك سعود وسيرته وإنجازاته، وفي ما بعد نطمح في المستقبل، لأن يكون هناك كرسي في إحدى الجامعات البريطانية لدراسة تاريخ الملك سعود.

أميرات مظلومات
* ننتقل إلى مجتمع الأميرات الذي يجهله كثير من العامة ويعتبرون أن به جانبًا كبيرًا من الغموض أو الترف.. كيف يمكن أن يكون هناك تواصل بين مجتمع الأميرات وبقية شرائح المجتمع؟
مثل كل المجتمعات في العالم هناك جفوة بين الطبقة المخملية والطبقات الوسطى والعادية. في كل المجتمعات مثل فرنسا تجد أن الطبقة المخملية لا تمت بصلة للطبقات الوسطى والعامة. في بريطانيا كذلك فإن العائلة المالكة لا تجد من أفرادها من يمشون في الشوارع مع الناس العاديين. هناك غموض حول هذه الطبقة. نحن لا نختلف عن أي عائلة مالكة. الحاجز لا يمكن كسره إلاّ بواسطة الطرفين، بأن يتقبل الشعب هذه الطبقة كأميرات وأمراء. في نظري فإن السيدة والرجل هما المجتمع. شخصيًّا لا أميز بين أمير وأميرة أو رجل وامرأة في المجتمع. أتحدّث عن الإنسان كإنسان. الأميرات في بلادنا مظلومات جدًا؛ لأن الفئة كبيرة، وحقيقتها لا تمت للصورة النمطية المطبوعة في أذهان الشعب عنها. معظم الأميرات اللاتي أعرفهن بسيطات، ويأكلن مثل ما يأكل بقية الشعب، ويذهبن إلى السوق، ويتسوقن كالأخريات ويذهبن إلى أعمالهن، ويقمن بكل الأعمال الروتينية التي تقوم بها كل ربة منزل. بالمقابل لا بد أن تبدو أمام المجتمع بصورة معينة وضعها لها المجتمع. عندما تتصرف الأميرة في أي مجتمع فإن تصرفاتها تحسب عليها وليس لمصلحتها.

* ولكنا لا نرى من الأميرات عاملات في مؤسسات الدولة؟
العمل بالنسبة لي متعة في حد ذاته أكثر منه مدخلاً للرزق.
المرأة العربية عامة عندما تضمن مصدر رزقها فإنها لا تحبذ الخروج والعمل، بل تحب السهر والجلسات الاجتماعية والأنشطة التي تؤمها سيدات المجتمع والطبقة الوسطى كالمؤسسات الخيرية. لكني أرى أن هذه الأنشطة صورية وليست حقيقية. وهذا يرجع إلى التنشئة. نشأنا كبقية النساء العربيات اللاتي هن على قناعة أنه ما دام لديك ما يكفيك، فلماذا تذهبين إلى العمل. شخصيًّا أصحو من النوم مع أولادي، وأذهب إلى عملي وكثيرات يسألنني هذه الأسئلة، وينتقدنني. لا توجد حياة للعامة وحياة أخرى لمن نشأن في طبقات مخملية. الحياة متشابهة للجميع. الأميرات لا يختلفن عن البقية، وببساطة ليس كل ما يعرف يُقال.
حرية الرأي والانتخاب

* بصفتك أميرة وناشطة في الشأن الحقوقي.. لماذا نجد أن المرأة مغيّبة عن الانتخابات مثل المجلس البلدي؟ وما هي وجهة نظرك في هذا الأمر؟
عندما ينتخب الرجل ما هي فعاليته؟ لماذا على المرأة أن تدخل في هذا المجال؟ المرأة أذكى من الرجل، وتري أن تطور من مجتمعها، وتريد أن يكون المجتمع أكثر فعالية، وهذا لا يوجد في الانتخابات أو وظيفة الذي ينتخب.
حقيبة وزارية

* متى تتولّى المرأة حقيبة وزارية ونراها في مجلس الوزراء؟
أتمنى من الملك عبدالله أن يعطي المرأة هذه الفرصة في عهده، وأرجو أن يكون ذلك قريبًا. سبق لي أن كتبتُ مقالاً ردًّا على الشيح عائض القرني عندما استشهد بملكة سبأ. أرى أن ملكة سبأ لو كانت رجلاً لقامت الحرب بينها وبين سيدنا سليمان، كذلك لو كانت أمانة مدينة جدة في يد امرأة هل كانت ستتصرف هذا التصرف وتبيع مخططات الموت دون رحمة للعامة؟

محاسبة المسؤول
* كيف ترين ملف الفساد المالي والإداري في جدة بعد أن تم فتحه على مصراعيه؟
أنا سعيدة جدًّا لفتحه، وأدعم هذا التوجه في تسليط الضوء عليه. مدينة جدة منذ أن عرفتها وقرأت تاريخها منذ زمن بعيد لم أكن أنظر لها بمرآة الناقدة، أو المفتشة، أو الكاتبة بل كإنسان يعيش فيها. كنت دائمًا أتساءل عن المسؤول عن هذه التشوهات في مدينة جدة؟ مَن هو المسؤول عن تردّي البنية التحتية في جدة. كل ما أسمع عن الميزانيات الهائلة التي تقدم في الخطط الخمسية للبنية التحتية في جدة كمجارٍ ومياه وكهرباء كنت أتساءل: أين تذهب هذه الأموال؟ خلال العامين الماضيين بدأت أكتب عن الفساد في جدة، كتبت أكثر من عشر مقالات عن هذا الموضوع. قبل يومين من إصدار الملك قرارًا بمحاسبة المسؤول كائنًا مَن كان كتبتُ عن هذا الموضوع في صحيفة المدينة، وفوجئت بأن نفس الجملة مستخدمة من المكتب الإعلامي للملك، «محاسبة المسؤول كائنًا من كان». وهذا بحد ذاته شرف لي، ونقطة تحوّل نستطيع الانطلاق منها. لا أقول إننا انطلقنا أو سنتحصل على نتائج فورية. لا زال الوقت مبكرًا على ظهور هذه النتائج لأن المسؤولية لم تتضح بعد، وليست واضحة للعيان. هناك تساؤلات يومية عن مصير اللجنة التي تم تكليفها، وأين النتائج؟ ومن هو المسؤول؟
أنجح المنتديات
* من واقع حضورك لمنتدى جدة الاقتصادي هذا العام.. كيف ترين هذا المنتدى في جولته الأخيرة؟
قد تستغرب من وجهة نظري لأني أعتبره من أنجح الدورات مع قلة الحضور، وبالذات الحضور النسائي وقلة المشاركين ذوي الأسماء الرنانة الذين تعودنا عليهم وعلى دفع الملايين لهم. أرى أن هذه الدورة من أكثر الدورات نجاحًا. قد تسألني: لماذا؟ وأقول لك لأنه عالج القضايا ببساطة وتناول القضايا الحالية التي يعاني منها العالم بتركيز، وليس بتعميم. وكان المشاركون بسيطين. بالمقابل لم تكن للحضور الثقافة الكافية، واكتفى المشاركون بالمشاركة فقط. الحضور النسائي على وجه الخصوص كان ضعيفًا جدًّا وهذا ما استغربته لأن المحاضرين كانوا مثقفين جدًّا. لكن قناعاتي ازدادت بعد هذا المنتدى بأنه إن لم توجد الأسماء الرنانة لا يمكن أن ينجح مثل هذا المنتدى لأن رجال الأعمال وسيداتها يركزون على الهالة أكثر من المضمون. ذهبت في يوم البيئة لأن لديّ مؤسسة تعنى بالبيئة. هذه المؤسسة لها وكالة مؤسسة عالمية معنية بتصريف المياه والمجاري بتقنية صديقة للبيئة، وليست ضارة وتقوم بتنقية المياه بنسبة 80%. أخذت هذه الوكالة لأني مهتمة بالبيئة والتسمم الإشعاعي، والتربة الخالية من الكيماويات، ولي باع في هذا المجال فقد كان لي في إنجلترا مزرعة من هذا النوع. فقد فوجئت عندما عدت للمملكة في سنة 1998م بالأمراض التي نعاني منها في المملكة نتيجة التلوث البيئي الناتجة، وفي السابق لم نكن نعرف هذه الأمراض.

استرقاق المرأة
* لماذا نجد أن المرأة دائمًا ورقة ضغط يستخدمها العالم الخارجي ضد المملكة؟

لأن المرأة هي نقطة الضعف في مجتمعنا. هؤلاء الناس يركزون على نقطة ضعفنا. استغلوا نقطة ضعف المجتمع السعودي تجاه المرأة، واستخدموها ضده، وصارت منطلق قوة لهم. هناك المتشددون الذين ينادون بأن تبقى المرأة في بيتها، وأن تغطي وجهها، وأنها عورة كلها، وأن تكون المرأة في مكان خاص والرجل في مكان خاص، وأن المرأة هي سبب الغواية، وأنها سبب كل المشكلات وسبب الطلاق، وسبب سيول جدة (ضاحكة). لم يتركوا مشكلة إلاّ وجعلوا المرأة سببًا لها. مَن يناصر المرأة يصفونه بأنه علماني. نقطة ضعفنا صارت المرأة فانشغلنا بقفازاتها، وعباءتها الفرنسية والإيطالية، وهل العباءة ضيّقة أم واسعة، أم أن أكمامها طويلة! من البديهي أن يستخدم الغرب هذه النقطة ضدنا؛ لأنها حلقتنا الأضعف.

سيطرة ذكورية
* كيف ترين الإعلام السعودي في الوقت الحالي؟
الإعلام الذكوري أم الإعلام النسائي؟
* الإعلام بشكل عام؟
الإعلام بشكل عام ليس إعلامًا.

* ما مفهومك للإعلام الذكوري؟
هو المسيطر؛ وحتى المجلات النسائية التي تُعنى بالنساء لا تديرها نساء بل رجال. هذه في حد ذاتها رسالة. الرجل مسيطر تمامًا على الإعلام السعودي، من منطلق أنا أرى وأنت لا ترين، وأنا آمر وأنت تكتبين. أكتب اسمي، وأنت تختفين. لا توجد حقوق للإعلامية مثل الرجل، لا توجد مراعاة لأوقات العمل مثل الرجل. كامرأة مسلمة لا يوجد لها اعتبار، ويستمر عملها في بعض التكليفات الميدانية حتى الحادية عشرة ليلاً، مع أن لها أبناء وزوجًا. لا توجد مراعاة. الناس كلها تعمل نهارًا أمّا الإعلاميات السعوديات فيعملن ليلاً. لديهن دوامان. لا توجد مراعاة لا في الأجر، ولا في الحقوق. المرأة الإعلامية فقدت كل حقوقها في مجتمع الإسلام. الإعلامي الرجل يأخذ حقوقه بالكامل نتيجة لمحسوبية وأمور معينة. كل مَن يقول لك إن الإعلام حر، فهو يتحدث عن خطوط عريضة لا وجود لها على أرض الواقع. لديّ أمل في الدكتور عبدالعزيز خوجة، وأنا أعرفه شخصيًّا لأني كنت أعيش في المغرب، ولمدة سنتين عندما كان سفيرنا هناك. كان لديّ أمل كبير أن يلجأ لتغيير المنظومة المعروفة عن الإعلام بمجرد تسلّمه مقاليد الوزارة. وما زال لديّ آمال كثيرة في جهاز الإعلام وفي وزير الإعلام والثقافة الدكتور عبدالعزيز خوجة، كما أنني متأكدة بنسبة 100% من أن الملك عبدالله -حفظه الله- قد أعطى الضوء الأخضر لكل الجهات لفرض وتنفيذ القرارات التي صدرت من الديوان الملكي، ولم تجد طريقها للتنفيذ. ستظل هذه القرارات لسنوات إن لم يكن للوزراء نقطة تحول.

رفض االمرأة الذكية
* كيف ترين التأخر في تأنيث المناصب العليا، وبعض المناصب كان من المفترض أن تتولّاها نساء؟

من هذه المناصب الإعلام. السيطرة الذكورية لا تعطي المرأة الحق في بعض المناصب التي يتشبثون بها بأيديهم وأرجلهم، ولا يتركون للمرأة الفرصة كي تصل إلى نفس مستوياتهم.

هناك نقطتان أساسيتان:
في المملكة لدينا عقدة المرأة، فهي ليست شريكًا وليست بنفس المستوى الفكري للرجل. هذه هي عقدة الرجل الذي يحب أن يتزوج المرأة الغبية. قليل من الرجال الذين يمكن أن تجلس معه الزوجة، وتتباحث معه كشريك حياة. معظم الرجال في مجتمعنا لا يتقبّل المرأة الذكية، ولا يتقبّل المرأة القائد، ولا يتقبّل المرأة في المناصب.

* هناك مَن يستند إلى الناحية الشرعية؟
اذكر لي آية واحدة في القرآن تمنع المرأة من تولّي المناصب؟ هل هناك آية في القرآن بهذا المعنى؟

* وقرن في بيوتكن؟
هذه الآية خاصة بنساء النبي صلى الله عليه وسلم، وليست عامة. حتى القرار في البيت لا يعني عدم القيادة، أو عدم العمل. لكل زمان دولة ورجال. «ربّوا أبناءكم على القرن الذي بعدكم».

لا توجد آية واحدة واضحة في القرآن تقول إن المرأة لا تتسلّم منصبًا.

لذلك فإن الأزهر كانت به قارئات من النساء. أليسوا مسلمين مثلنا؟ هل أتينا نحن من المريخ، أو من زحل؟

ضد الإفتاء
* هل يمكن أن يكون لدينا إفتاء نسوي؟
أنا لا أؤمن بالإفتاء بصورة عامة. لا توجد في قاموسي الشخصي كلمة إفتاء. الكل أصبح يفتي.

عندما تفتح التلفزيون تجد كل البرامج في الإفتاء، وكل واحد يفتي بما لا يعلم به. هذا تسبب في صراع للإنسان مع نفسه وقيمه ومجتمعه، وحتى في علاقة الإنسان مع نفسه وأهله ومجتمعه وأبنائه. مساحة التحريم صارت متسعة، والحلال أصبح بسيطًا، مع أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «بشّروا ولا تنفّروا»، و «يسّروا ولا تعسّروا» والقرآن يقول: «إن مع العسر يسرًا» وليس إن مع اليسر عسرًا. الله سبحانه وتعالى ذكر الجنة والنار بنفس الطريقة.
هناك تطرّف في فهمنا للدّين الإسلامي؛ لأننا نتبع الآخر ليفتي لنا. ليس لنا منطق، أو عقل، أو رؤية واقعية للأمور لنقارن بين سيرة خير البرية محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام وبين واقعنا.
قرأتُ كتب كل المذاهب الشافعية والحنبلية والمالكية والأحناف.. وليس فيها ما نحن عليه الآن من تشدّد وتطرّف وغلظة.

* على أي مذهب أنت؟
إنني أحترم كل المذاهب، وأقتدي بها، وأتبع ما شرعه الله في القرآن، والسيرة النبوية، وما كان عليه الرسول عليه الصلاة والسلام، وصحابته الكرام، وأتدبر القرآن، وأراجع التفاسير للتأكّد من المعاني.

* هناك رأي متشدّد ضد الرياضة النسائية.. ما رأيك بصفتك مهتمة بهذا الجانب؟
لست مجرد مهتمة بالرياضة النسائية، بل أنا ممارسة لها، ومشجعة لها بالدرجة الأولى. الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «علّموا أولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل»، ولم يقل علموا ذكوركم، أو فتياتكم. كذلك كان صلى الله عليه وسلم يسابق عائشة -رضي الله عنها- وكانت الصحابيات يشاركن في المعارك.
كيف ستشارك الصحابيات في المعركة، إذا لم يكنّ على علم تام بفنون القتال؟ لا بد أنهن مدربات قتاليًا وعلى ركوب الخيل والإبل.
هذه كانت معروفة لديهم كرياضة. نحن أولى في هذا العصر بالرياضة، وذلك لتجنّب كثير من الملهيات التي تهدد شبابنا وفتياتنا.
لا بد أن نصرف نظر الفتيات عن المولات والتلفزيونات، وترهل الأبدان، وضياع القيم الأخلاقية، وملاحقة الأولاد، والبلوتوث، والإنترنت بممارسة الرياضة مثل الرماية وركوب الخيل والسباحة والرياضات المختلفة لإفراغ الطاقات وإشغال الفتيات في المرحلة الانتقالية ما بين سن الطفولة والبلوغ وسن الزواج.

هذه مرحلة خطرة وخلالها يتم الانحراف.
لماذا لا أصرف نظر الفتيات عن هذه الأمور الحرام، وأمنعها من الحلال؟ حرام أن تمنع المرأة من الرياضة. ما يفعله بعض شيوخنا الموقرين من تضييق على الإناث في المملكة يدعو للعجب، ويصرف النظر عن الحلال إلى الحرام. هناك مفهوم خاطئ أو مغلوط لهذه القضية.
الأحاديث المروّية التي لا تتفق مع السيرة النبوية لا آخذ بها بغض النظر عن ضعفها أو قوتها. الرسول عليه الصلاة والسلام يقول «استفتِ قلبك وإن أفتوك»، والقلب هنا هو العقل.

عنف أسري
* العنف الأسري أصبح ظاهرة موجودة بقوة في مشهدنا المحلي.. لماذا ظهرت في هذا الوقت؟
تكشفت بواسطة الانفتاح الإعلامي وهي ظاهرة موجودة منذ قرابة العشرين عامًا. قبل خمسين عامًا، ربما كان العنف الأسري موجودًا لكنه حتما كان حالات فردية، وليس كظاهرة.
أما كظاهرة فنحن نعاني منها من قرابة 20 سنة وكانت مخبأة تحت ستائر الدّين والحرام. زنا المحارم عقوبته معروفة. أشياء بسيطة تخرج من فم الإنسان تجاه أحب الناس إليه وهو يحاسب عليها. هذه كلها تدخل في إطار العنف اللفظي، أو المعنوي، وهو أكثر تأثيرًا على الإنسان من الضرب.
إذا تربى الإنسان على الألفاظ النابية وتحقير النفس، فماذا ستكون حصيلة الأجيال القادمة؟ من الذي سيربي الأجيال القادمة، وكيف سيربيها إذا كان هو نفسه قد تعرض للعنف؟ هناك بعض من الأساتذة جامعات والأكاديميين والشخصيات العامة تجدها تكثر الحديث عن المثل والقيم والأسس التربوية والأخلاق، وبعد ذلك يضرب أسرته، ويعنّف زوجته. هذا واقع في المجتمع.

موقف في الذاكرة
* كنت صغيرة عندما توفي الملك سعود.. لكن ما هي أبرز المواقف التي لا زالت راسخة في ذاكرتك؟
موقف واحد أذكره له، وهو ضبابي في ذاكرتي. كان إنسانًا بسيطًا ولم يكن يدور في بالي أنه ملك لأني لم أكن أدري ما تعنيه كلمة ملك. كذلك كان هو يتعامل بطبيعته. كان يجلس مع أطفاله الصغار، وكنا في أعمار متقاربة.
كنا حوالى 12 طفلاً وطفلة، وكان يجلس على الأرض بدون الغترة، وبيده صحن به أكل، وكان يأخذ الملعقة ويدور علينا فردًا فردًا ويضع الطعام في أفواهنا. لم أنس هذا المنظر، ولن أنساه بثوبه البسيط.
كنت مبهورة من طوله لأنه كان بطول مترين، و12 سم وكان عريض المنكبين. هذا المنظر لا يزال باقيًا في ذاكرتي، ومعه الشعور الذي تسلل إلى أعماقي بجلسته تلك. هذا الرجل الإنسان الحنون الأب الذي أعطانا كل شيء.

* لاحظت على جوالك الشخصي صورة الملك سعود؟
لست من وضعها على الجوال، بل ابنتي هي من فعلت ذلك. أبنائي عاشقون للملك سعود بقلوبهم وعقولهم ويفتخرون به لأنه يلقب «بأبو الخيرين» ولديهم اعتزاز كبير بهذا الاسم. حكيت لهم كثيرًا من المواقف الإنسانية للملك سعود.
إضافة لذلك فإن والدهم من المدينة المنورة، وأهالي المدينة لديهم ذكريات جميلة جدًّا عن الملك سعود.
كان يجلس مع الأشراف في أماكنهم، وكانوا يحبونه. لهم ذكريات جميلة معهم. جدتهم لأبيهم -رحمها الله- روت لهم هذه الذكريات وهي عزيزة عليهم. فكانت سيرته في قلوبهم دائمًا، وأخبرتهم جدتهم أنه كان يأتي بجنيهات الذهب ويوزّعها على الناس في المدينة المنورة.
هذه الذكريات جعلتهم يحبونه بشدة كجد، وهم يفخرون بانتمائهم لهم. وابنتي تعرف أنني أحب هذه الصورة للوالد، وعمره 25 سنة.
عندما وجدتها في أحد الكتب صورتها لي، وأنزلتها في جوالي، فاحتفظت بها رغم أني أكره حفظ الصور على الجوالات. ولكن محبتي لوالدي، وإرضاء الأولاد هما سبب احتفاظي بهذه الصورة على جوالي.

شخصية بوهيمية
* في المجال الشخصي أرى أنك وعلى غير العادة تزوّجت من خارج العائلة المالكة.. فهل هذا موجود بكثرة وسط أميرات العائلة؟
بالتأكيد هنّ قلة. لكن الأمر في الأول والآخر نصيب وقدر من الله سبحانه وتعالى. ربما تقول عني ما قلته عن نفسي من أنني شخصية بوهيمية لا أحب التقاليد، ولا ألتزم بها ولا أتقيّد بالتراث، أو العرف الاجتماعي، أو أي إطار محدد.
ولدت حرة، وسأموت حرة، والإسلام هو من أعطاني الحرية في القبول والرفض، ما دام الأمر شرعيًّا.
ما دام ليس هناك ما يقف ضد هذا الزواج الشرعي، فلماذا لا يكون؟ لا أحب أن أتعامل مع الإنسان كاسم، ولكني أتعامل مع الإنسان كإنسان.
أنا من القلة التي تزوجت من خارج الأسرة بمحض إرادتهم.. في البداية كان من الصعب على إناث الأسرة المالكة أن تتزوج من خارجها. فكنت أنا وبعض من أخواتي من القلة اللاتي فعلن ذلك.
فقد تزوّجت من الأشراف. وقبل خمس سنوات انفصلت عن زوجي بالتراضي، وهذا لم يكن مشكلة أمامي؛ لأني لا أؤمن أن الطلاق عيب أو مذمة، بل هو أمر عادي أحلّه الإسلام. الزواج والطلاق اختيار شخصي كما أنهما قدر.
وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم. البُعد الثاني من الأمر أنه لا بد أن يكون هناك اختلاط بين القبائل: “وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا”.
فجدّي الملك عبدالعزيز -رحمه الله- تزوّج من كل القبائل، وكذلك والدي -رحمه الله-.

أحببت أن أكون واحدة من البادئين بالتغيير كامرأة. كما أنني من المحبين للرسول عليه الصلاة والسلام، ولآل بيته. كذلك أنا دارسة بعمق لتاريخ الأشراف، وتاريخ آل بيت النبوة، وأفتخر بأنني قد تزوّجتُ وأنجبتُ من هذه السلالة الطيبة، وقد أصبح عندي كنز من المعلومات التي لا تُقدّر بثمن لهذه العائلة النبوية ذات الشجرة الطيبة .

مناخ سيئ
* ما هو رأيك في ما تجده سيدات الأعمال من مضايقات في سبيل القيام بأعمالهن التجارية؟
لي تجارب، وليس تجربة واحدة. عشت هذا الواقع. أرى أن المناخ العام في المملكة العربية السعودية لا يناسب الرجل ولا المرأة على السواء، والعواقب تواجه كليهما.

وكانت إحدى العوائق للمرأة هو الوكيل.
ولكن كإجراءات تنفيذية، وقانونية فكلنا (في الهوى سوا). المناخ الاقتصادي والاستثماري في المملكة ملوث ببعض القوانين التي تعيق التقدم الاقتصادي والاستثماري.

* ما هي الأسباب؟
نظام العمل والعمال، ونظام التجارة المعمول به منذ عشرات السنين. كيف تريد من أكبر دولة مصدّرة للبترول في العالم، ودخلت المنظومة العالمية، ولكن أنظمتها تنتمي للعصر ما قبل الحجري التي عفا عليها الزمن، فلم يتم تطويرها، أو تحديثها، ولا تزال عقيمة، ولم تنتج شيئًا؟ عندما تريد أن تصدّر، أو تستورد تجد عوائق لا حدود لها، فقد أصبحنا من الشعوب الكسولة التي لا تريد الاستثمار، ولا التصدير، ولا التطوير، ولكن فقط التقليد بدون وعي للجو العام، فأنظمة العمل الموجودة في المملكة لا تواكب العصر، ولا تناسب طموحاتنا، وسرعة التطور الموجود في العالم.

فلا نملك حتى البنية التحتية المفعّلة لقوانين العمل والعمال في وطننا.

أجهزة متهالكة
* في مقالين مختلفين كتبتُ عن وزير الشؤون الاجتماعية، وقلتُ له مصيبة ألاّ يعلم، وقلت إن الدكتور القصيبي يتحدّث أكثر ممّا يعمل.. كذلك هناك مقالات انتقدت فيها بعض الوزراء، فهل كانت هناك ردود أفعال لما كتبته؟
نعم. هناك ردود أفعال، وجاءتني مكالمات هاتفية من وزراء ومديري مكاتب يناقشونني في هذه المقالات، ويوضحون لي النقاط المغلوطة، ويذكرون لي بعض المعلومات. وللأسف يضعون نقاطًا ضدهم، وليس لمصلحتهم، ويناقضون أنفسهم بأنفسهم. لا أتحدّث عن أشياء مروية لي، فأنا أتعامل مع الناس مباشرة.
المشكلة أنهم يعتبرون ما أكتبه هجومًا، بينما هو في الواقع توضيح. فقد تحاورت مع نائب وزير العمل، وسألته: هل تعلم أنه تتم رشوة كثير ممّن يرتبطون بمنح التأشيرات. فسألني هل تعلمين اسم واحد من هؤلاء المرتشين فقلت له نعم، فسألني عن اسمه، فقلت له ماذا ستفعل؟ وماذا سيكون الناتج؟ إذا تم فصل هذا الموظف سيرتشي غيره.
عندما نتحدّث عن المشكلة ونبحث عن كيفية حلها، يقولون لك كيف عرفت؟ فلا توجد حلول جذرية.
ولكن رحلة الألف ميل تبدأ بميل. فالملك عبدالله -حفظه الله- يريد القضاء على الفساد.
وقد أصدر قرارات وإجراءات سريعة لتقليل حجم الفساد. فلا بد أن نزيل الفاسد، ونستبدل به الصالح، فعندما نزرع نبتة طيبة في تربة فاسدة، فسوف تفسد بدورها. الخلل ليس في المؤسسة التشريعية، وإنّما في المؤسسة التنفيذية؛ لأنها قد أصبحت أجهزة متهالكة.

* تعرّض موقعكِ الإلكتروني لعملية اختراق.. فما تعليقكِ؟
كان اختراقًا كبيرًا، وتم كذلك اختراق بريد القرّاء الذي أراسل فيه الكُتّاب والقرّاء، وأساعد فيه بعض الناس. بعض الحالات تردني، وهذا هو الموقع الذي أتواصل فيه مع مشكلات وهموم الناس.
كثير من مقالاتي كنتُ أدعمها ببيانات من الرسائل التي تردني.
بعض الناس لا يستطيعون أن يبوحوا بما لديهم من معلومات، ولكني أفعل. أقوم بتجميع كل ما يردني، وأصنع منه مقالات.
القرصنة كانت كالماء البارد الذي نزل على رأسي، فجعلني في حالة تجمّد. أحسستُ أنه لا يوجد قانون يحميني. كذلك بقلة أهمية الإنسان، وخصوصياته في مجتمعنا.
أرسلت المقال لوزير الإعلام، وطالبت في خطاب آخر بإصدار قوانين تحمي المواقع، وتحاسب المتطفّلين. ولكن إلى الآن لم يتم أي إجراء حيال هذه القضية المهمة الوطنية.

* كلمة أخيرة إذا كان هناك ما تريدين أن تقوليه، ولم نسألكِ عنه؟
أشكر صحيفة “المدينة” على إتاحة الفرصة لي للكتابة فيها. فالمدينة من الصحف التي أفتخر بكتابتي فيها، وهي من الصحف الصريحة في طرحها للأمور، وأحترم جدًا الكُتَّاب الموجودين فيها.

كذلك أشكر الله تعالى أن وصلنا الآن إلى عصر التغيير بقيادة الملك عبدالله -حفظه الله- وبدأ بصيص الأمل يظهر، وبدأنا نرى أشياء جيدة وجديدة، وهذا لا يعني أن الملوك السابقين كانوا أقل رؤية من الملك عبدالله، ولكن الأجواء المناخية لم تكن ملائمة، وإنني متأكدة أن هذا الفجر بدايات جديدة، وأن ستكون قيادتنا ومجتمعنا على مستوى انبلاج هذا الفجر، وأن سننتقل للعالم الأول؛ لأننا لسنا أقل، بل أكثر تقدمًا من الآخرين، بفضل الله ثم مرجعيتنا للإسلام كدين ودنيا.

Friday, 7 May 2010

حديث الساعة

“وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا” صدق الله العظيم، فقصة الاختلاط في المجتمع السعودي وأقول المجتمع السعودي وليس المسلم هو موضوع جدل وإثارة منذ عقود قريبة وليست بعيدة، فمنذ ما يقارب الأربعين عامًا لم يكن أبدًا هذا الحديث له أهمية، لأنه كان من الطبيعي أن تكون المرأة في الحقل بجانب الرجل، وأن يلعب الأطفال مع بعضهم البعض بدون الشعور بالذنب، أو حتى تفكيرهم بأن يوجد طرف آخر لأنه ببساطة لم تزرع في عقولهم منذ الصغر، الفرق بين الرجل والمرأة، وإن اجتمعوا كان ثالثهم الشيطان، ألم يعلموا في ذلك الوقت أن الشيطان يسري في الإنسان بمجرى الدم في جسم ابن آدم، أم كانوا محصنين بالوازع الديني والتربية السليمة البعيدة عن التهديد والوعيد والتستر وراء الجدران العالية التي لم تكن موجودة بين الجيران، والوسطية في الحياة، فلا اختلاط محرم بين امرأة ورجل نيتهما الفجور، ولا منع من اختلاط العوائل والرجال والنساء أثناء العمل والدراسة، فكنا نرى الصبيان في أروقة الشوارع الضيقة، ولكنها كبيرة في قلوب ساكنيها ومرتاديها والبنات من ورائهم يدرسون جميعًا القرآن والبيان، ويسمعون بانبهار القصص النبوية والسيرة المحمدية بكل حب للمعرفة، متخذين من هذه الساعات فرصة للعب البريء بعيدًا عن أعين الأهل، والمربين الفاضلين الذين زرعوا معاني الحلال والحرام بكل احترام للذات بين طيات هذه القلوب الصغيرة لتصبح فيما بعد معاهد ومدارس يتخرج منها أجيال الوسطية والتفاني في العمل ووضوح الرؤية، والحياة الطيبة بدون تهديد بالنار وعواقب من يتكلم مع ابنة خاله أو عمته من غير رقيب ولا تهديد ولا وعيد.
هل كان الرعيل الأول من جنس غير جنسنا، أم هي عقولنا وفهمنا للحرام والحلال والاختلاط المصطلح الجديد الذي يحارب به بعض المشايخ الأفاضل الذين تجرأوا أن يقولوا لا “لا يوجد” هذا المصطلح أصلاً في الإسلام للعقول المتحجرة التي ترى بعين واحدة، وتسمع بأذن واحدة، وترفض الحوار والنقاش والوسطية، فكل العالم الإسلامي ومشايخه على خطأ ونحن مع بعض مشايخنا على حق، فلماذا نرى أنفسنا دائمًا فوق المحاسبة؟ وأننا الوحيدون الذين نملك مفاتيح الجنان ومفاتيح أبواب جهنم، نزج مَن نريد في جهنم وبئس المصير، وندخل الجنة من نريد بدون حساب؟ أشيخ الأزهر ومشايخنا الذين تجرأوا وقالوا الحق، ومفتو البلاد من الشرق إلى الغرب على خطأ، ومجمعات الفقه الإسلامي على عدم بيّنة، وفي مجتمعنا الذي تربى على النظر إلى المرأة كعورة، وكغواية، وكأداة يلعب بها على أوتار قيثارة الدّين المحرمة، فأين لشبابنا أن ينضجوا إن طبخوا على نار التطرّف الهادئة والفهم الخاطئ للدّين؟ فيصبحوا لينين ومجهزين للأكل من قبل الأطراف الدينية المتطرفة التي بتنا نعرفها كلنا، ومصادرها وأهدافها، وبكل وضوح لتنتج شرخًا عميقًا بين كل شرائح المجتمع، ليصبح بعض منهم تحت تأثير المخدرات، والبعض المسكرات، والبعض وهم الأشد ضراوة، وخطورة المتطرفين دينيًّا لأنهم يُحلّون ما حرّم الله وهي دماء المسلمين.
على ماذا نحن هائجون مائجون كأمواج البحار والمحيطات الأطلسية؟ على ماذا أشغلنا أنفسنا وضمائرنا ودراساتنا وهجومنا؟ إلى متى سننجرف تحت مسمّى الدّين إلى هاوية التطرّف والجهل وعصور الجاهلية ونسمّيها بالعصور الإسلامية الذهبية؟ إلى متى سنظل أسرى أهواء البعض، ليقذفوا بمجتمعنا الذي كان بالأمس يتصف بالوسطية والاعتدال والمنهجية الإسلامية. فبعد أحداث سبتمبر وأحداث أسامة بن لادن، والقاعدة أصبح البعض منا أداة تهتز ذات اليمين وذات الشمال على حسب مزاج القاعدة ومسؤوليها، وتبعا للكاتبين عبر الشبكة العنكبوتية والشبكة التلفزيونية والمعارضة الخارجية مثل الفقيه وأمثاله. ألم نتعلم بعد الدرس، إننا كسعوديين كنا محترمين من الناس أجمعين، وكانت دول العالم قاطبة ترحب بنا بدون شروط ولا استنفار، ولا تدقيق، وبعد أحداث المحارب! الشجاع! المقدام! أسامة بن لادن! وصاحبه المعارض الفقيه، أصبحنا أناسًا غير مرغوب فيهم، ومراقبين في كل مكان ولا تعطي لنا التأشيرة، ولا ندخل أي بلد إلاّ بعد شق الأنفس لماذا؟ لأن البعض تطوع ليخدم مصالح بن لادن وغيره، من تشدد وانغلاق وما لها من أهداف سياسية، لخرق نظامنا واستقرارنا، وأمننا لأنه وبكل بساطة لم يقدروا علينا من قبل، فنشروا الفساد، واستشرى التطرف والأفكار المتشددة، لتوجه أسهمها للداخل وتحدث انشقاقًا بين أبناء وبنات الوطن من غير حروب، ولا معدات، لأنهم أيقنوا أن المتفجرات لن تغير المجتمع، بل ستقلبهم ضدهم، فرأيناهم في الإعلام ينشرون الأفكار الخاطئة والفئات المتطرفة تندس في مجتمعنا، داخل الهيئة الدينية وهي الطريقة الوحيدة والأمثل للحصول على النتيجة النهائية، وهي تدمير المجتمع السعودي من الداخل وتسليطنا على بعضنا البعض، وهذا ما نراه للأسف في حياتنا اليومية، ونسوا أن «من يغلل يأتِ بما غل يوم القيامة».
همسة الأسبوع
إن كان هلال الإسلام في أيدينا، فماذا نرى في النجوم؟ اقبضوا على نعمة الإسلام والأمن في بلادنا قبل فوات الأوان.