قرأت في الصحف هذا الأسبوع من العناوين العريضة ما يوحي أننا نعايش واقعا كله غش وفساد وتلاعب في أسعار الحديد إلى إهدار المال العام، ومن إصدار صكوك مزيفة إلى إيقاف بيع مخططات سكنية غير مزودة بالبنية التحتية، وهل من مزيد. والجواب نعم فكم من الأمور المخفية، والنوايا المزينة ببريق إعلامي خالي الوفاض من القرارات الواقعية، فما نفع التصريحات من الوزارات المعنية بلا قرارات فورية، ووضع خطوط حمراء لا يقدر أن يتعداها ذوي القلوب المريضة والضمائر المنسية؟ أفلا يوجد رادع لهذه الجهات، ولا قضاء يحاكم هذه الفئات؟ ولا أحكام تكبح جماح التجار والاتجار بحياة الناس واقتصاد البلد من مشاريع واتفاقيات دولية جارية تحت التنفيذ معطلة بسبب عدم استقرار السوق المحلية، كيف لنا أن نعمل في أجواء لا تعرف الاستقرار بالأسعار، وكل يوم نحن في شأن ؟ اقتصاد بلدنا مرهون بأهواء التجار، من صعود للأسعار وهبوط للقيم الإنسانية؟ كيف؟ واسأل هنا سؤال تحته خط عريض وعلامة استفهام لا نرى لها فعالية، وكيفية إعطاء الثقة للمستثمر الأجنبي والوكيل المحلي أن يتعامل مع وضع لا يوجد له ضوابط ولا قوانين ثابتة صارمة لا تعطي المجال للتلاعب على أوتار الأهواء والمصالح البشرية ، فالله سبحانه وتعالى خلقنا بقوانين وسيرنا بدقة وتنظيم، وإن اختل احد أعضائنا تداعت له سائر الأعضاء، وهذا حال اقتصادنا، وقوانيننا ، فقد اختل الميزان، وتداعت بعض الأعضاء. وأصبحنا عرضة لتداعي باقي الأعضاء في قوانيننا المحلية والعالمية لنصبح بدون مصداقية، لا في الوعود ولا في استقرار الأسواق المحلية، لا من أسعار حديد، ولا أسهم، ولا حتى الأغذية الإنسانية التي يقتات منها المواطن، وهي من الأساسيات المهمة في حياتنا اليومية، فتارة تقفز أسعار الأرز إلى أرقام وهمية وتارة تشح مادة أساسية كالقمح في أسواقنا المحلية وترتفع الأسعار وكأننا في بلاد منسية، بعيدة عن الإسلام وسنة وفقه خير الأنام، فأين الديمقراطية كقانون لبلادنا الثرية؟ هل سنصبح أداة لكل يد مختلسة محتكرة من التجار بمساعدة بعض من يحملون الصفات اللانسانية والمحاذير الإلهية التي نهانا عنها الرحمن في كتابه وعلى لسان خير البرية، ألم يروي لنا الله سير أقوام أخلوا بالميزان وتلاعبوا على الرحمن فأصبحوا سيرة مروية وعبرة في القرآن لكل معتد أثيم، وأثارهم باقية لمن يريد الصحوة، والتوبة وإعلاء كلمة الله الحق الذي وضع لنا أسس التعامل في حياتنا من الألف إلى الياء ولم يترك لنا الرسول طريقا إلا أكمله، من التعامل التجاري والميزان الإلهي، وقد أتم لنا ديننا وترك لنا سنته لإتباعها فأصبحت قصة منسية ومنهجا لا نسير عليه، إلا عندما يتلائم مع أهوائنا الشيطانية التي أصبحت سمة من سمات قوانيننا المحلية، فنطبقها تارة عندما تلائم أوضاعنا ومكاسبنا التجارية ، ونتركها ونفتي بجواز المحظور ونتلاعب بالكلام لنضع لها قاعدة دينية، ألم يحذرنا الرحمن ثم خير الأنام من التلاعب بالإنسان وقوت يومه، وعدم الإخلال في الميزان، واخذ ولو شبر ارض ليست من حقه، ووعده الحق بأن يحاسبنا أشد حساب على كل مظلمة للعباد، وأنه لن يسامح أو يغفر أبدأ مظلمة العبد للآخر. فتزايد أسعار الحديد الآن تؤخر مشاريع شتى وحيوية في بلادنا وتضع لها مقاييس وميزانيات جديدة، فأصبح الناس في حيرة، من تغير للميزانيات الموضوعة والخطط المحددة بأوقات معلومة، إلى مشاريع لا يعلم إلا الله أخرها، واستكمالها كعادتنا في أمورنا التجارية، فالمشاريع عندنا تبدأ بخطط وأوقات ثم تمتد إلى سنين، تارة لندرة الاسمنت وغلائه، وتارة الحديد، وتارة الله عليم من المواد الأساسية، فكيف لنا أن نتقدم إلى الأمام والجشع يرجعنا إلى الوراء أميال وأميال؟ فلا استقرار في الأسعار ولا ضمانات، فكيف لنا أن نتقدم إلى الأمام ونصبح من الدول المصدرة وندخل بفاعلية مؤكدة لمنظمة التجارة العالمية، وسوقنا المحلية ينقصها القوانين الحازمة الملزمة للجميع ، لنستقر ونزدهر ونتطلع إلى مستقبل مشرق، فلم تتوانى المؤسسة الحاكمة عن إصدار القوانين، ولم يبخل الملك حفظه الله عن إصدار أوامر ملكية لتكفل استقرار السوق المحلية ، فمن المخل في الميزان؟ أين الحلقة المفقودة في الدائرة الكاملة الاستدارة، لابد لوزرائنا المعنيين أن يتابعوا ميدانيا القوانين ويتعاملوا بصرامة، وبحلول جذرية لحالنا المأساوي في بلادنا التي هي مهد الرسالة، وقوانينها مستمدة من القرآن والسنة النبوية وتطبيقها شرعا، وبدون مجاملة لأية جهة سواء كانت محلية أو دولية.
همسة الأسبوع ..
(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) الأحزاب: 72
No comments:
Post a Comment