Friday, 30 April 2010

التاريخ والهيئة والمصداقية

بحثت وبحثت في أروقة صفحات التاريخ، وبين كتب السيرة النبوية وفي سير الصحابة والتابعين، فلم أجد مسمى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولم أجد لها ذكرا إلا في القرآن الكريم عامة للناس أجمعين، «الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر» وهذا مصطلح عام يأمر به الله كافة المسلمين، الأمر بالمعروف وهنا أتوقف عند كلمة المعروف، ما هو تفسير القرآن واللغة العربية للمعروف: هي كلمة تدل على الرقة واللطافة والحوار بشتى أنواع الطرق المعروفة لدى العامة من الأدب الإسلامي النبوي، والآمرة والسائلة من الطرف الآخر المعاملة السوية. أما النهي عن المنكر: فكلمة نهي هي الإنهاء، والصد بالحسنى عن كل ما هو منكر أي ينكره العقل والأخلاق، وما كان حراماً بيناً في القرآن والسيرة النبوية، وأكرر هنا أنها مصطلح عام للمسلمين أجمعين بل للعالم، وفي كل التعاليم السماوية، ولم أجد في خارطة العالم الإسلامي من شرقها لغربها وجنوبها وشمالها، هيئة أو جهة حكومية هيئت للعمل في هذا المجال، بل تركت الحكومات الإسلامية قاطبة هذه المسألة للتربية، والوازع والثقافة الدينية، فكما قال الرسول الأمي صلى الله عليه وسلم: « إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق» ، وليس لفرض الأخلاق «وجادلهم بالتي هي أحسن» وليس اقبض عليهم بالجرم المشهود، والضرب المبرح، والفضائح والحوادث المميتة، أترككم هنا للحظات للتمعن في الكلمات وتأثيرها على الإنسان، فبكلمةٍ خلق الله الدنيا والأكوان، وقال لها : كن فكانت، ومع كل هذه الأسباب والبيانات الإلهية والتوضيحات النبوية وكلمات القرآن الرحيمة والآيات البينات، والتهديد بأشد العقوبات الربانية، لا زال البعض يمارس طقوس الإرهاب الديني، ضاربين بعرض الحائط ما حصل في أفغانستان وحركة طالبان، غاضين النظر عن المؤثرات التي تهدد بأشد العقوبات والنتائج الوخيمة، ماضين في طريق مظلم مع رجال كثير منهم لم يدرسوا الفقه الصحيح ولا السيرة النبوية بإمعان، وتدبر القرآن والسنة المحمدية، فنراهم صغار السن، يريدون وبحسن النية أن يصححوا ما أفسده الإعلام الدولي والعولمة، وطريقة عشوائية، لا تنم عن حسن دراية ولا تنظيم ولا حتى المعاملة الروية، فكل ما يمشي على أرجل من الإناث ويرتدي العباءة السوداء متهم حتى ثبوت العكس، وكل اختلاء شرعي بين العلماء والدارسين وحتى في المؤتمرات فله عندهم معانٍ جنسية ، فهل بهذا التفكير سيستطيعون فرض الأخلاق والنية الحسنة والسوية، أفلا يعرفون أن الشر والإغواء والخطيئة تتم في أروقة المخادع وفي دهاليز البيوت السرية، فمن يريد الفاحشة لن يفعلها في وضح النهار وفي المطاعم وعلى قارعة الطرقات، بل سينزوي وراء الجدران العالية والأسوار المبنية الشاهقة ولن يقدروا أن يصلوا إلى أوكار الخطيئة، ألم يعلموا أن الله إن لم تكن تراه فهو يراك، ألم نتعلم أن الإصلاح والهداية هي بيد رب العالمين، ألم تكفنا قصص التاريخ المروية، عن رجال ونساء كانت حياتهم هي الغواية، ألم يقصص لنا القرآن قصصا تهدينا إلى أن الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء وبيده الخير وهو على كل شيء قدير، أين نحن من هذه الكلمات الرائعة الخالدة؟ أم هي لمن استطاع إليه سبيلا.من الأجدر أن تتعلم هيئتنا أن الفساد يحارب من الداخل، وأن لديهم مهمة أوسع وأشمل في الدوائر الرسمية من أجهزتنا الباطنية، ألا يساعدوا حكومتنا الرشيدة باستئصال الإهمال والسرقة ونهب الأموال العامة، وإرساء العدل، ومساعدة القضاة وإصلاح ذات البين بدل أن يقضي البعض أوقاتهم في الجري ومطاردة النساء والرجال بطريقة همجية لم يأمر بها الرحمن ولا الرسول خير البرية ، أين نحن من إسلامنا يا هيئتنا أين نحن من الوسطية والسنن النبوية والفقه الرباني، الذي أرسل به محمد بن عبدالله وجعله قانونا أبديا، ليحكم العالم بالأخلاق السوية، ولينظر لنا العالم بعين الاحترام والرغبة لدخول الإسلام، وليس العزوف عن كل ما يتعلق بكلمة إسلام نتيجة تصرف بعض ما يجري على الساحة من هيئتنا الدينية.لذا أناشد الرئيس الأعلى للهيئة الدينية أن يصلح ما أفسد الدهر والإعلام المحلي والدولي عن وضعنا المأساوي نتيجة سياسة البعض ممن فهموا الإسلام والتطبيق بطريقة عكسية فصاروا يمارسون أهواءهم ضاربين بعرض الحائط مبادئنا وصورتنا أمام العالم وكأننا لنا إسلام غير، وفوق المسألة بتطبيق العدالة والمحاكمة فهم يختالون وبجرأة أمام حتى الأجهزة العسكرية إلى حد لم نعد نعرف من بيده بسط العدالة في مجتمعنا الذي أصبح ما بين البين، المتشددة والمنحلة، فلا وسطية ولا اعتدال وهذه نتيجة معروفة وحتمية لوضعنا ذي الوجهين والرؤية غير السوية.
همسة الأسبوع
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} النحل 90{فَبِمَا رَحْمَة مِن الله لِنْت لَهُم وَلَو كُنْت فَظا غَلِيْظ الْقَلْب لانْفَضُّوا مِن حَوْلِك فَاعْف عَنْهُم وَاسْتَغْفِر لَهُم} آل عمران 158*

Friday, 23 April 2010

حروب وغروب الخطوط الجوية السعودية

إجازة سعيدة ورحلة موفقة مع خطوط السعودية! هكذا نبدأ الرحلة مع خطوطنا المشهورة والمميزة بخدماتها الراقية ونظامها الدقيق! والنوعية الممتازة من المأكولات! وخدمات مضيفيها المميزة ومعاملتهم الجيدة، من ابتسامة وكلمات ترحيبية! ورحلات في دقة الساعة السويسرية! والمواعيد الإنجليزية! مميزة في كل شيء حتى في رئيسها الذي تنهمر عليه الشكاوى من كل حدب وصوب وبقدرة قادر يتجاهلها بكل مسؤولية ووطنية! ويعتبرها شخصية، من ناس مغرضين، لا هم لهم إلا انتقاده، رغم جهوده الجبارة لإصلاح أهم الشرايين في مملكتنا الحبيبة! فالكل يعتمد في تنقلاته الداخلية على الخطوط السعودية، ويتساءل المسؤولون عن إدارتها «بما أن خطوطنا مرغوبة ورئيسية» فلماذا نهدر المال لتصليحها؟! أو حتى تطويرها، فالأساس أن نظهر للعالم أننا الأولون في إهدار المال العام! وأننا أصبحنا الأولين الذين يجاهرون بالمعصية والعصيان ، فما بذله ولي العهد أطال الله بعمره عبر الأجيال تلو الأجيال بضخ أموال ومليارات لتحديث الخطوط والمطارات لتصبح من أفضل الناقلات الجوية والمطارات العالمية ونواكب التطور والتعداد السكاني المستمر الذي يزداد يوما بعد يوم، ولم يبخل بالإصلاحات، ولا الأموال، ولا الأمراء المساعدين لإعطاء هذه الواجهة المهمة لبلادنا أفضل الصور والإطارات واللوحات الزيتية والمائية لتصبح أفضل الخدمات الجوية، وها أنا أتساءل: أين ذهبت هذه الأموال؟ وأين ذهبت هذه الأوامر؟ أين وكيف ومن يتجرأ يوما بعد يوم بإنشاء حروب ومعارك مع مسافريها وزبائنها ضاربين بعرض الحائط الأوامر السامية والأهداف التي رسمها الأمير سلطان بن عبدالعزيز بروية وإتقان وحب ووطنية، فشوهوا صورة خطوطنا ودمروا واجهتنا واستغلوا الأموال ربما لأغراض شخصية، فحالتنا مأساوية، من إلغاء حجوزات وانتظار لساعات ووصول طائرات في نفس التوقيت إلى موانئها ولندخل طوابير الانتظار غير عابئة بالمسافر الذي ربما ينتظره عمل أو ترانزيت إلى دولة أخرى، أو مواعيد عمل، لا تحتمل الانتظار، هذا عدا الفوضى التي تعم المطارات، والحجوزات وخاصة في وقت الإجازات، فقد أدخلت الخطوط مشكورة نظامها الالكتروني الجديد في أول أيام الإجازة السنوية، لتصبح مثل شركة الجوال السعودية أكبر مثال للفوضى والضرب بعرض الحائط بمصلحة المواطن، وكونه إنسانًا يريد السفر والتأكد من وصوله إلى أحبائه قبل انتهاء الإجازة، فاكتظت المطارات وألغيت الحجوزات بما فيها حجزي الشخصي إلى الرياض، وكنت قد حجزت قبلها بأسبوعين، فبقدرة قادر ألغيت الحجوزات وعمت الفوضى كل المطارات فلا الأحباب وصلوا إلى أحبائهم ولا العاملون وصلوا إلى أعمالهم وشنت حروب وجولات وصولات في المطارات من سباب وشتم ودعوات على من كان السبب في إدخال هذا النظام في هذه الأيام، فكيف يدخل نظام على أهم وسيلة نقل بهذه الطريقة العشوائية، وأي نظام بدائي ينتج عنه كل هذه الفوضى، فإن كانت المليارات دفعت لتحديث النظام، فقد وضحت الصورة بأن هذا النظام لا يسوى حتى الملايين، فأين ذهبت باقي الأموال؟ ومن يتجرأ في هذه الأيام على استكمال حلقة الفساد، ليعلن غروب خطوطنا في جغرافيتنا، فالغروب هو آخر مطاف التسلط والديكتاتورية؟ أفلم يقرأوا التاريخ بأن لكل إنسان فجرا وشروقا وغروبا؟ أصبحت سيرة خطوطنا على كل لسان، وأصبحت خطوطنا رمزا للإهمال والنسيان من قبل القائمين عليها، وحتى الطائرات الجديدة ، أصبحت قديمة نتيجة الإهمال وعدم الصيانة وطائراتنا القديمة أحزن عليها فهي مهملة منسية، فلا أجهزتها تعمل ولا طاقمها يقدر أن يلبي الاحتياجات الأساسية من طلبات، وتساؤلات بأعين المسافرين، وبلسان يسأل عن كيف انحدرت خطوطنا إلى هذه المستويات مع كل ما يضخ ويصرح به في الإعلام من أموال من دولتنا الرشيدة والحكيمة، كيف استطاعوا أن يتجاهلوا كل الإنذارات بهبوب عواصف القضاء على الفساد والإفساد من مليكنا ملك الإنسانية؟فالعاصفة قادمة أيتها الخطوط السعودية، فهي عاصفة قاضية ستلعب بأجنحة الفساد وتكسرها على شواطئ العدل وسنة الاستقامة ويضمحل كل مسؤول عن هذا الاستخفاف بالمواطن وولي الأمر ليصبح ترابا ومن ثم منسيا ، ولكن سيكتب التاريخ أنه في يوم من الأيام انتقم الله من كل المعتدين الآثمين على يد مليكنا وولي عهده وحكومتنا الرشيدة لنضرب بسيف العدالة كل من تسول له نفسه اللعب بأرواح وأرزاق العباد، وسيسطع نجم جديد في سمائنا اسمه الخطوط الجوية السعودية الأبية بإدارة جديدة خالية من بؤر الفساد، وسننظر إلى الأفق البعيد وللأجيال القادمة بفخر واعتزاز بأننا استطعنا في هذا العهد أن نقضي على الفساد من دون نظرة إلى الوراء وننظر إلى الأمام بكل ثقة وثبات.

همسة الأسبوع
أنتظر كل يوم متحدية الأحوال الجوية العاصفة شروق شمس العدالة والعناية الإلهية واثقة أني سأرى شروق شمس رائعة الألوان والوضوح والنقاء تحت راية «لا إله إلا الله محمد رسول الله».

Friday, 16 April 2010

التلاعب على أوتار الحديد والحق العام

‏‏قرأت في الصحف هذا الأسبوع من العناوين العريضة ما يوحي أننا نعايش واقعا ‏كله غش وفساد وتلاعب في أسعار الحديد إلى إهدار المال العام،‎ ‎ومن إصدار ‏صكوك مزيفة إلى إيقاف بيع مخططات سكنية غير مزودة بالبنية التحتية، وهل من ‏مزيد. والجواب نعم فكم من الأمور المخفية، والنوايا المزينة ببريق إعلامي خالي ‏الوفاض من القرارات الواقعية، فما نفع التصريحات من الوزارات المعنية بلا ‏قرارات فورية، ووضع خطوط حمراء لا يقدر أن يتعداها ذوي القلوب المريضة ‏والضمائر المنسية؟ أفلا يوجد رادع لهذه الجهات، ولا قضاء يحاكم هذه الفئات؟ ولا ‏أحكام تكبح جماح التجار والاتجار بحياة الناس واقتصاد البلد من مشاريع واتفاقيات ‏دولية جارية تحت التنفيذ معطلة بسبب عدم استقرار السوق المحلية، كيف لنا أن ‏نعمل في أجواء لا تعرف الاستقرار بالأسعار، وكل يوم نحن في شأن ؟ اقتصاد ‏بلدنا مرهون بأهواء التجار، من صعود للأسعار وهبوط للقيم الإنسانية؟ كيف؟ ‏واسأل هنا سؤال تحته خط عريض وعلامة استفهام لا نرى لها فعالية، وكيفية ‏إعطاء الثقة للمستثمر الأجنبي والوكيل المحلي أن يتعامل مع وضع لا يوجد له ‏ضوابط ولا قوانين ثابتة صارمة لا تعطي المجال للتلاعب على أوتار الأهواء ‏والمصالح البشرية ، فالله سبحانه وتعالى خلقنا بقوانين وسيرنا بدقة وتنظيم، وإن ‏اختل احد أعضائنا تداعت له سائر الأعضاء، وهذا حال اقتصادنا، وقوانيننا ، فقد ‏اختل الميزان، وتداعت بعض الأعضاء. وأصبحنا عرضة لتداعي باقي الأعضاء ‏في قوانيننا المحلية والعالمية لنصبح بدون مصداقية، لا في الوعود ولا في استقرار ‏الأسواق المحلية، لا من أسعار حديد، ولا أسهم، ولا حتى الأغذية الإنسانية التي ‏يقتات منها المواطن، وهي من الأساسيات المهمة في حياتنا اليومية، فتارة تقفز ‏أسعار الأرز إلى أرقام وهمية وتارة تشح مادة أساسية كالقمح في أسواقنا المحلية ‏وترتفع الأسعار وكأننا في بلاد منسية، بعيدة عن الإسلام وسنة وفقه خير الأنام، ‏فأين الديمقراطية كقانون لبلادنا الثرية؟ هل سنصبح أداة لكل يد مختلسة ‏محتكرة من التجار بمساعدة بعض من يحملون الصفات اللانسانية والمحاذير الإلهية ‏التي نهانا عنها الرحمن في كتابه وعلى لسان خير البرية، ألم يروي لنا الله سير ‏أقوام أخلوا بالميزان وتلاعبوا على الرحمن فأصبحوا سيرة مروية وعبرة في القرآن ‏لكل معتد أثيم، وأثارهم باقية لمن يريد الصحوة، والتوبة وإعلاء كلمة الله الحق الذي ‏وضع لنا أسس التعامل في حياتنا من الألف إلى الياء ولم يترك لنا الرسول طريقا ‏إلا أكمله، من التعامل التجاري والميزان الإلهي، وقد أتم لنا ديننا وترك لنا سنته ‏لإتباعها فأصبحت قصة منسية ومنهجا لا نسير عليه، إلا عندما يتلائم مع أهوائنا ‏الشيطانية التي أصبحت سمة من سمات قوانيننا المحلية، فنطبقها تارة عندما تلائم ‏أوضاعنا ومكاسبنا التجارية ، ونتركها ونفتي بجواز المحظور ونتلاعب بالكلام ‏لنضع لها قاعدة دينية، ألم يحذرنا الرحمن ثم خير الأنام من التلاعب بالإنسان ‏وقوت يومه، وعدم الإخلال في الميزان، واخذ ولو شبر ارض ليست من حقه، ‏ووعده الحق بأن يحاسبنا أشد حساب على كل مظلمة للعباد، وأنه لن يسامح أو يغفر ‏أبدأ مظلمة العبد للآخر. فتزايد أسعار الحديد الآن تؤخر مشاريع شتى وحيوية في ‏بلادنا وتضع لها مقاييس وميزانيات جديدة، فأصبح الناس في حيرة، من تغير ‏للميزانيات الموضوعة والخطط المحددة بأوقات معلومة، إلى مشاريع لا يعلم إلا الله ‏أخرها، واستكمالها كعادتنا في أمورنا التجارية، فالمشاريع عندنا تبدأ بخطط وأوقات ‏ثم تمتد إلى سنين، تارة لندرة الاسمنت وغلائه، وتارة الحديد، وتارة الله عليم من ‏المواد الأساسية، فكيف لنا أن نتقدم إلى الأمام والجشع يرجعنا إلى الوراء أميال ‏وأميال؟ فلا استقرار في الأسعار ولا ضمانات، فكيف لنا أن نتقدم إلى الأمام ‏ونصبح من الدول المصدرة وندخل بفاعلية مؤكدة لمنظمة التجارة العالمية، وسوقنا ‏المحلية ينقصها القوانين الحازمة الملزمة للجميع ، لنستقر ونزدهر ونتطلع إلى ‏مستقبل مشرق، فلم تتوانى المؤسسة الحاكمة عن إصدار القوانين، ولم يبخل الملك ‏حفظه الله عن إصدار أوامر ملكية لتكفل استقرار السوق المحلية ، فمن المخل في ‏الميزان؟ أين الحلقة المفقودة في الدائرة الكاملة الاستدارة، لابد لوزرائنا المعنيين أن ‏يتابعوا ميدانيا القوانين ويتعاملوا بصرامة، وبحلول جذرية لحالنا المأساوي في ‏بلادنا التي هي مهد الرسالة، وقوانينها مستمدة من القرآن والسنة النبوية وتطبيقها ‏شرعا، وبدون مجاملة لأية جهة سواء كانت محلية أو دولية.
‏همسة الأسبوع ..
(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ‎ ‎فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا ‏الْإِنْسَانُ‎ ‎إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) ‏‎‎الأحزاب: 72‏‎‎

Friday, 9 April 2010

الإعلام الأحمر والقلوب الميتة

في كل أنحاء المعمورة وشتى وسائل الإعلام المقروء منها والالكتروني لم اسمع بحياتي عن الإعلام الأحمر، فما أعرفه بأنه يوجد الأصفر وهو أسوأ أنواع الإعلام المعروف عالميا بنقله لأبشع أنواع الفضائح والنميمة واختلاق القصص عن المشاهير من السياسيين والممثلين عامة، ولكن أن يكون إعلام أحمر، فماذا يكون؟ صرعة جديدة؟ أم توجه جديد ؟ أم ظاهرة فريدة؟ والجواب عندي.. أنه كل هذا، من أين جاء هذا المسمى ؟ فأقول: انني من ابتكرته، ومنكم من يقول لماذا؟ فأقول إنها قصة السيدة صاحبة الخمسة ملايين التي نشرت خبرها مجلة «رؤى» منذ ما يقارب الشهر ولا زالت التغطية مستمرة ، خبر في الصفحات الأولى ، من المفترض أن يكون مثيرا على غلاف العدد فحواه أن سيدة أعمال تقطن مدينة جدة، ولم تكشف المجلة عن اسمها ، عمرها 33 عاما تبحث عن عريس مقابل إعطائه خمسة ملايين ريال، ولا تبالي إن كان الزواج مسيارا ولكن على حسب شروطها، ومقاييسها، وقد نقلت المجلة عن المرأة بالخط الواضح والعريض احتياجها المثير، وطلبها بالخط الأحمر المعروف لدى العشاق والمتيمين بالليالي الحمراء، بدون وازع ولا رقيب بأنها لن تستطيع الصبر بعد الآن، فليتسابق الرجال والولدان والشباب، والشاذون ، لنجدة هذه المرأة من براثن العازة قبل أن تدخل في براثن المحظور والفسوق والتحريم ، وعندها هرع الرجال والشباب ومن يسمون أنفسهم بشهداء الواجب لنجدة هذه المرأة، والتكالب على هذا المبلغ المهيب، ضاربين عرض الحائط بالمبادئ والقيم، والكرامة، واحترام الذات ، وشيم هذا المجتمع الذي «كان» وأقول «كان» ، يعطي الرجل الوصاية بحكم إنفاقه على نسائه كما أوصانا القرآن وسنها الرحمن، كشرط من شروط التفضيل ، فأين نحن من هذا، فبجرة قلم من مجلة، أضيئت لنا الطرقات وسطعت الكشافات على حال معظم الرجال في هذا الزمان، فسنترال المجلة كاد أن يعلن الانتحار من كثرة ما انهال عليه من مكالمات من كل حدب وصوب ومن مختلف الأعمار وكل الطبقات، وحتى بتوصية من الزوجات بالحث على الاقتران بصاحبة المال ، غير عابئين بالقيم والشيم والأمثال، وحتى بكلمات القرآن وفقه نبينا خير البرية والأحرار.قد وجدت هذه المجلة مصطلحا جديدا سميته بالإعلام الأحمر، يبشر بولادة جديدة لنوع جديد من تجارة الرق، والعنف النسائي ، وإن كان مغلفا بطبقات من الحلل البراقة، واللون الأرجواني ، لتنشأ مدرسة جديدة لم يسبقها إليها حتى المجلات الغربية، فاصطنعت لها لونا عالميا وطابعا محليا للإثارة ، مبطنا لتوصيل المرأة للانحدار وبجدارة، إلى أسفل أودية السفاهة والقذارة ، أفبعد هذا نسأل عن المسؤول عن هذه الجريمة ، عن هذه الخطيئة ، وعن هذه الفضيحة، من المسؤول عن نشرها؟ ومن أخطأ بحق المرأة المسلمة العربية الأبية؟ ومن فضح ستر إناثنا ليتاجر بهن كالرقيق؟ وينثر الرماد ويغشي البصيرة؟ لأرقى وأسمى معنى للأنثى التي خط التاريخ على مر الزمان بصماتها، من شجاعة وإقدام واحترام وأمومة. وهنا أستشهد بكلمة الملك عبدالعزيز رحمه الله «أنا اخو نورة» ، فأين هذه المجلة من هذا الكيان؟ أبفعلها فكرت أن تصبح من أشهر المجلات وتزيد من مبيعاتها على حساب شرف المرأة السعودية وكرامتها؟ لتسلط الضوء على انهزام الرجل في بيئتنا ، وتسلب منا احترام الذات، وتضعنا للإيجار والبيع على حسب أهواء ناشريها، والمسؤولين عنها، ألم يقرأوا عن المرأة الخمسينية التي كانت تعرض مسح السيارات مقابل عشرة ريالات أمام أشهر مركز تجاري بالرياض، بهدف إطعام أطفالها، أم أصبحت قلوبهم ميتة وغلب اللون الأحمر على طباعهم الإنسانية، كم يوجد من الأمهات يشتغلن لإطعام أطفالهن، ولم تسلط الأضواء عليهن ولم نكتب سيرهن لأننا أصبحنا في زمن الإعلام الأحمر ، الذي يمجد الإثارة، ويثير أقبح أنواع القضايا الاجتماعية ، وينسى الأجساد والأرواح المتفانية لتنشئ أجيالا ضائعة بين الفقر والعوز، والانسياق وراء ما تقتضيه الأحوال الآنية، من رق وتشريد، واشتعال ثورة داخلية على المجتمع والإعلام والمسؤول عن ضياعهم ، في مهب ريح عاتية أعطت أولويات للانحلال والنزول من قمم جبالنا الشامخة إلى منحدرات مجهولة الطريق والهوية، وماتت القلوب والضمائر عند بعض أصحاب القرار في الإعلام عن ما سميته الإعلام الأحمر.فالقرار مازال بيدنا يا معالي وزير الإعلام لنغير صفحتنا وألواننا لتصبح ناصعة البياض فهذا هو لوننا، وهذا هو لون إسلامنا أبيض نقي لامع، يجول الآفاق ويطير بجناحين كحمامة سلام بيضاء اللون، هدفها توصيل الرسالة وأداء الأمانة لمن يريد أن يأتيه اليقين بهدوء وسلامة.

همسة الأسبوع
عن عبدالله بن مسعود قال: منهومان لا يشبعان : صاحب العلم وصاحب الدنيا ولا يستويان، فصاحب العلم يزداد رضا الرحمن، وأما صاحب الدنيا فيتمادى بالطغيان.

Friday, 2 April 2010

أمانة الضمائر .. وحرائق الأمانة



قرأت وبحذر خبر احتراق وثائق في أرشيف أمانة جدة عمرها ثلاثون عاما وكان مفاد الخبر أن حريقا قد شب في المبنى التابع لأمانة محافظة جدة ، وأنه قد تم إنقاذ جزء من الموجودات بالأرشيف المشتعل، وأنه قد أحالت سلطة الدفاع المدني ملف الحريق إلى الشرطة للتحري والتحقيق في ظروف إشعال النار، وهنا وفي هذه اللحظة اشتعلت أحاسيس الغضب في نفسي وأنا أرجع بذكرياتي إلى الوراء وأتذكر بالتحديد عام 2005 عند بداية تولي أمين جدة الحالي لأمانة منطقة جدة المشهود لها «بالأمانة» وبدون رتوش إعلامي ولا مجاملات لفظية ، فكم من الشكاوى تلقيت وكم من القصص سمعت ورأيت من القصص الكم الهائل من الفوضى التي تعم هذه الجهة الحيوية الهامة من شريان مدينة جدة.
تذكرت الحريق المتعمد حسب التقارير الجنائية التي لم تكتمل قضيتها بعد ولم تنشر نتائجها حتى الآن منذ سنة 2005 في جزء من مبنى أمانة مدينة جدة والذي أتى على عدد كبير من الوثائق والمستندات التي لها علاقة بقضايا عالقة وأراض وصكوك موثقة لدى مواطنين ترجع تواريخها إلى أكثر من خمسة عقود من الزمن، وكان هذا الموقع قد أحيل له معظم الوثائق والصكوك المعلقة قبل أيام من اندلاع الحريق الشهير في ذاك العام، خاصة أنه لم تكن تلك الوثائق والمستندات والصكوك موثقة الكترونيا ، وبعد وقت قصير من الزمن طمس الموضوع ، وكالعادة أعطيت الوعود بمعرفة الجاني ومعاقبته، والتشهير به، وما إلى ذلك من الأغاني والقصائد المعروفة من قبل الجناة والمتسترين على هذه القضية الكبيرة والتي أتت على حقوق كثير من المواطنين من كل الطبقات، وأضاعت ثمار أعمار وحقوق ورثة، وكأنها لم تكن شيئا، ولا زالت الأمانة «الأمينة» إلى الآن تبحث عن هذه الأمانة الضائعة ولا زال التحقيق مستمرا. ولكن أن يحدث حريق متعمد ومماثل في هذه الأوقات العصيبة، والتحريات المستميتة للبحث عمن تورطوا ببيع مخططات الموت للمواطنين، وجهود مليكنا الدؤوبة للكشف عمن كانوا سببا من بعد الله في موت مئات المواطنين ، وإتلاف آلاف المنازل، والممتلكات، وإهدار الأمانات، وسوء تخطيط المخططات لإرضاء جشع التجار والقائمين من قبل الأمانة على أرواح الناس، أفبعد كل ما بذله مليكنا عبر مختلف القنوات الرسمية والتحقيقات ووضع لجان، وترؤس أمير منطقة مكة المكرمة الحريص على إجلاء الحقيقة، لهيئة كشف المستور ومعاقبة المسؤول، وجهود محافظ منطقة جدة المشهود له بأمانته ووطنيته يُحرق ما تبقى من وثائق ومخططات وتحت أنظار الإعلام ، لطمس ما تبقى من آثار الإجرام والمجرمين؟ ولا أحد يحرك ساكنا ، وتمر الأيام ونعود لنفس الدائرة من الفساد تحت غطاء الحوادث المجهولة المصدر وتغلف القضية ، وتستمر قضية لن يغلقها إلا الله ثم مجهود ولاة أمورنا لتعقب كل من تسول له نفسه باللعب على أوتار الثقة والأمانة والتستر تحت غطاء المسميات والألقاب ، فعبر زاويتي هذه أطالب بحقي كمواطنة كل مسؤول برفع النقاب عن المتسبب لهذه المآسي ، فالمسبب واحد والمستفيد واحد، والبحث واحد، وكبش الفداء واحد، فقد تعودنا الإثارة والإماتة، ولكن لدي ثقة بالله ثم بمليكنا وولاة أمورنا أن لن نعود إلى سيرتنا الأولى ولابد من بصيص أمل في آخر النفق، ونحن الآن في آخر النفق، فآن لنا أن نكشف المستور ونعاقب المسؤول .

همسة الأسبوع
قِيَل:إِن جبْرِيْل عَلَيْه الْسَّلَام أَتَى الْنَّبِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم فَقَال: « يَا مُحَمَّد، عش مَا شِئْت فَإِنَّك مَيِّت، وَأَحْبِب مَن شِئْت فَإِنَّك مُفَارِقه، وَاعْمَل مَا شِئْت فَانَّك مُجَازَى بِه، وَاعْلَم أَن شَرَف الْمُؤْمِن قِيَامُه بِالْلَّيْل وَعِزه اسْتِغْنَاؤُه عَن الْنَّاس «رَوَاه الْطَّبَرَانِي
اعْبُد الْلَّه كَأَنَّك تَرَاه ، فَإِن لَم تَكُن تَرَاه فَإِنَّه يَرَاك
وَبَشِّر الْقَاتِل بِالْقَتْل وَلَو بَعْد حِيْن