إنني أكتب هذه السطور بقلمي الأسود اليوم معبرا عما يدور بداخلي من ألم عميق لما آلت إليه أحوال شبابنا وبناتنا وجعلتهم في مهب ريح صرصر عاتية، هزات أرضية، براكين ثورية عما عهدناه في أيامنا الخالية ، موضوع كنت مترددة عن كيفية طرحه بما فيه من أمور مخفية، وإجلاء حقيقة واقعية، عن مجتمع تداعت عمدانه من أعماق البحار صعودا إلى أعالي القفار، فالوازع الديني عند مجتمعنا أصبح لسانا بلا فعل، رسالة أكتبها لكل شاب وشابة ، لكل ولي أمر ، لكل مدرسة ومدرس، لكل كلية وجامعة، ومعاهد علمية، فقد استولت المخدرات على عقول أبناء وبنات الوطن بشكل يمثل شرارة نار واشتعلت، وأشعلت معها قواعد وأسسا بناها أبناء هذا الوطن الحبيب، بكد وتعب، وصانها أولياء أمورنا على مدى الأزمان ، فوزارة الداخلية تعمل ليلا ونهارا لمحاربة الإدمان والمتاجرة بالمخدرات ، ولكن لا جهاز ولا حكومة تقدر أن تصفق بيد واحدة لتحمي أبناء وطنها من هذا الوباء الذي استشرى في مجتمعنا بشكل مأساوي، لم أملك أمامه، ولا من القصص التي أسمعها وأقرأها عبر بريدي الالكتروني ، وأعايشها يومياً عبر قصص تروى لي من قبل أولادي ومعارفي من أطباء عن شباب وشابات وحتى من هم في منتصف العمر أصبحوا مدمنين بلا رجعة ولا ضابط ولا حدود، إلا أن أتساءل هنا أين أولياء الأمور؟ أين المعلمون؟ أين الهيئات التعليمية؟ أين الحلول الجذرية؟
أجيال من شبابنا تائه بين كل ما هو يذهب بالعقل ويفني أجسادا خلقها الله لتكون عابدة طائعة وليست تائهة في ظلمات أودية الضياع والأحلام تحت تأثير المخدرات والمسكرات، فأصبحت طوع بنان لكل ما ومن يوصلها حالة النشوة لتدفع بها إلى أعالي السماء ثم تهوي بها إلى ظلمات الأودية المظلمة، أو الموت الذي هو نهاية حتمية لمن يسلك هذا الطريق بدون رقابة أسرية ، ولا رعاية أبوية، ولا حماية اجتماعية، فأين المعاهد المتخصصة، والحملات الميدانية ضد هذا الوباء الذي يدمر أجيالا من أبناء وبنات وطننا .
فأنفلونزا الخنازير فعلنا وتسابقنا وهلعنا، ووضعت الوزارات المعنية خططاً للوقاية والعلاج السريع، واستنفرت الجهات العليا كلها للحماية، والمخدرات والمسكرات تنهش أجساد وعقول أبنائنا، ونحن كالعادة نختبئ تحت ستار الفضيحة والعار ونغض النظر عن التصرفات الشاذة والعادات الهادمة وندرجها تحت غطاء الستر، والمفهوم من المثال «خليها في القلب تدمي ولا عند الناس تروى»، (وأن الله أمر بالستر»، مفاهيم مغلوطة لمشكلة مستعصية وخراب ودمار بيوت وأسر تحت غطاء الظلمات وفي سكون الليل، وهنا لا اقدر أن أسترسل بما لدي من معلومات عما يجري كملحقات وتبعات لهذه العادات المدمرة من شذوذ وخراب لا يستطيع قلمي أن يخطه عبر هذه السطور .
أما الضياع الآخر للعقول وحتميتها اللاحقة للأجساد فهي الكتب التي تسرب إلى كلياتنا الأهلية وجامعاتنا بمعرفة أصحابها ومدرائها ومؤسسيها كتب دراسية لمناهج الفنون والله أعلم ما هي الفنون، فنون عبارة عن أجساد عارية وصور فاضحة، ومناظر منحلة ولكنها تحت اسم الفن الغربي والمناهج المتقدمة، وأنا هنا لا أتكلم عن راوٍ بل هي بحوزتي، وقد حاولت الاتصال بوزير التعليم العالي مراراً ولكن لا صوت لمن تنادي، وحاولت أن أتناقش وأعرف لماذا توزع هذه الكتب لبناتنا من دون رقابة وحذف لهذه الصور البشعة والعلم الذي سيضيع بناتنا وشبابنا ضمن دائرة مغلقة من أطر تاهت فيها العقول والأجساد لتتطوع تحت مسمى الحرية والفنون «الراقية» وهي من أقبح ما يقدم حتى في البلاد الغربية، وكان جواب المسؤول عن الكلية أنها سهوة وجل من لا يسهو، مع أنني شرحت له أنها المرة الثانية التي يقع تحت يدي كتب فيها هذه الصور الفاضحة بعلم من المديرة والهيئة الرقابية التي وعدتني بعدم تكرارها مع أنها كانت في الأيام الأخيرة من نهاية الفصل الدراسي الأول.
وهنا أتساءل هل هي متعمدة؟ وجواب نفسي لنفسي:نعم، لأنها كررت ولا صوت لمن تنادي، وكله باسم الحرية والعلم والعلمانية، والتقدم بدون ضوابط شرعية ولا ضمائر حية، فمن منبري المتواضع هنا أناشد وزير التعليم العالي أن يتقصى الحقائق والطرق التي تدار بها هذه الكليات الأهلية، ومقاصدها ببث هذه التعاليم»الراقية»!، مسببةً ضياع جيل بأكمله من وراء هذه الطرق الملتوية لزرع كل ما هو يضيع شبابنا وعقولهم وأجسادهم ليصبحوا أداة تستعمل بأيدي كل من يستهدف حضارتنا وهويتنا الإسلامية، أناشد الوزراء المعنيين لحماية هذه الأجيال من الضياع الحتمي لعقولهم وأجسادهم الغضة وليقصوا الحقائق بعيداً عن « أنا أعلم « «و»سنعالج الموضوع» ! فلنضع معا حلولا جذرية هم مسؤولون عنها أمام الله ثم الوطن.
يا وطني!
صرخة من أعماقي
شباب العرب يومكم عصيب .. تحيق به المصاعب و الخطوب .. مضى عهد لنا في غير شيء .. و قد وعظ المشيب ولا مجيب .. شباب ضاع في لعب و لهو .. وصوح روضه الأنف الخصيب .. و كم من فرصة سنحت فمرت .. مرور الظبي أجفله الرقيب .. فلم نحفل بها حتى انتحتنا .. من الأهوال سارية تصوب .. لهونا عن نصوب المجد فينا .. فأسلمنا إلى الهلك النضوب .. ومن يغفل عن الأحداث يوما .. تولى أمره الخطب العصيب .. مضى ما كان إن خيرا فخير .. و إن شر فاوزار و حوب .. فأعيدوا يا شباب العرب عهدا .. مضى للعرب ذاكره تطيب
ReplyDelete